سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ
سِفْرُ أَخْبَارِ الأَيَّامِ الأَوَّلُ
أولا : كاتب السفر :
عزرا الكاهن والكاتب وذلك لما يلى :
– أن ختام سفر أخبار الأيام الثانى (أى36: 22-23) هو نفس بداية سفر عزرا (عز1: 1-3)، وهو يتكلم عن تملك كورش وأمره بإرجاع اليهود من السبى.
– التشابه فى أسلوب كتابة سفرى الأخبار وسفر عزرا.
– كتابة سفرى أخبار الأيام وسفر عزرا باللغة العبرية المختلطة بالكلدانية وهذا حدث مع اليهود الراجعين من السبى، وذلك لتأثرهم بلغة الكلدانيين التى تكلموا بها فى السبى، أى أن التعبيرات الكلدانية لم تعرف بين شعب الله إلا بعد السبى ولكنها تظهر فى سفرى الأخبار وهذا يؤكد أن عزرا هو كاتب السفرين، بعد الرجوع من السبى.
ثانيًا : تسميته :
كانا سفرا الأخبار فى الأصل العبرى سفراً واحداً، وكان يسمى “كلمات الأيام”، أو “حوادث الأيام”. وكان هذا السفر يوضع فى نهاية التوراة؛ لأنه يشمل تاريخ البشرية من أول آدم حتى الرجوع من السبى عام 536 ق.م. ويرجع تسميته الحالية إلى القديس جيروم، الذى قام بترجمة الكتاب المقدس، التى تسمى الفولجاتا عام 383-405 ميلادية.
وفى الترجمة السبعينية – أى فى القرن الثالث ق.م – تم فصل هذان السفران وسميا “الأشياء المتروكة تجاه ملوك يهوذا” ويعنى أن هناك إضافات لأحداث لم تذكر فى سفرى الملوك وذكرت فى سفرى الأخبار؛ لإظهار داود وسليمان رمزاً للمسيح الآتى ليملك على شعبه.
وهذان السفران غير سفرا أخبار أيام ملوك يهوذا وإسرائيل، فهذه الأخيرة مجرد كتب تاريخية، يعرفنا بها أسفار الملوك ونحميا وأستير.
ثالثًا : لمن كتب :
للملوك والقادة الروحيين، أى الكهنة والخدام فى كل جيل ليتعلموا الخضوع لله؛ لأنه هو القائد الحقيقى الوحيد لحياتنا، ولا يتكبروا، أو يخالفوا وصاياه.
للشعب فى كل جيل؛ ليطيعوا الله أكثر من القادة، إذا انحرف القادة.
رابعًا : زمن كتابته :
بعد رجوع عزرا من السبى، أى الرجوع الثانى؛ لأن الرجوع الأول كان على يد زربابل. والدليل على ذلك أن السفر قد كتب فى النصف الثانى من القرن الخامس قبل الميلاد، حيث كان عزرا ونحميا فى أورشليم.
وسفر أخبار الأيام الأول يحدد الأحداث التى حدثت بين عامى 1050 ق.م حتى عام 960 ق.م. وهى تشمل حكم داود وسليمان.
خامسًا : مكان كتابته :
فى أورشليم واليهودية، حيث كان يقيم عزرا بعد الرجوع من السبى.
سادسًا : أغراضه :
– اهتمام الله بالإنسان، بتاريخه وميراثه، بل اهتمامه بالأبرار والصالحين من أولاده وعدم إهماله لأتعابهم وقداستهم، حتى لو كانوا غير مشهورين، مثل “يعبيص” وتقواه (ص4: 10) “وشيره” التى بنت ثلاث مدن (ص7: 24).
– سر النصرة فى حياة الإنسان هو علاقته بالله.
– الاهتمام بأنساب شعب الله لأجل عدة أمور :
أ – امتلاك كل إنسان نصيبه فى أرض الميعاد.
ب – خدمة الكهنوت فيمارسها كل من له نسب كهنوتى.
جـ- التمهيد لميلاد المسيح الذى من سبط يهوذا.
– الله هو الملك الحقيقى الذى يثبت ويبارك الملوك الصالحين، مثل داود. وفيه نجد الأبوة والملك والكهنوت وإذا ارتبطنا به نصير كهنة له ونحمل روح الأبوة للكل ونضبط نفوسنا فلا يملك علينا إبليس ونقدم ذواتنا ذبيحة حية لله.
– استكمال للأحداث التى لم تذكر فى سفر الملوك الأول.
– مساندة الذين فى ضيقة وهم اليهود المسبيين وتوضيح سبيل الرجوع إلى بلادهم والتخلص من العبودية عن طريق الرجوع إلى الله.
– إظهار عظمة القديسين، فيركز على إبراهيم أب الآباء، وموسى قائد شعب الله، وداود الملك، الذى من نسله يأتى المسيا، فتظهر نعمة الله العاملة فيهم، وبالتالى نجد كاتب السفر يهمل أخطاء داود، مثل سقوطه فى الزنا ولكن يذكر سقطته فى إحصاء الشعب، لأن من خلالها تجلت نعمة الله التى أوقفت الوباء.
– الرجاء، فرغم سقوط آدم ظهرت أمثلة للبر، مثل يعبيص ويوسف وداود، فتعلن إمكانية العودة إلى الله والحياة معه، بل والتميز فى البر والنجاح.
– أهمية الحياة مع المسيح الملك الذى معه تظهر مواهبنا وقوتنا، كما ظهر الأبطال الكثيرين مع داود الملك رمز المسيح.
– الخلاص من خلال دم المسيح رئيس الكهنة، الذى قدم ذاته ذبيحة على الصليب عنا ويظهر هذا فى الاهتمام بالعبادة داخل بيت الرب.
– إظهار التعاليم الروحية من خلال صلاة يعبيص وبركة الله له وذلك وسط سرد الأحداث التاريخية التى اهتم بها السفر (1 أى4: 9).
– يظهر أهمية الروحانية فقد بدأ السفر بالنسب الجسدى ولكنه يشير إلى أهمية النسب الروحى، بانتقال النعمة إلى سبط يهوذا من رأوبين البكر، الذى اضطجع مع امرأة أبيه، ثم انتقال البكورية إلى يوسف. وبعد ذلك يركز من الأصحاح الحادى عشر على أهمية الروحانية فى داود ونسله الآتى بعده، الذى هو رمز للمسيح المخلص ومثال للإنسان الروحى، الذى يحبه الله.
– أهمية الصلاة التى تجعل النعمة الإلهية تعمل مع الجهاد الإنسانى، كما يظهر فى صلاة يعبيص (ص4: 9، 10) واستجابة الله للرأوبينيين فى حربهم ضد الهاجريين (ص5: 19، 20).
سابعًا : سماته :
يتكلم فى ثلاثة محاور :
أ – تاريخ شعب الله.
ب – تاريخ ملوك بنى إسرائيل.
جـ- تاريخ الكهنوت فى العهد القديم.
– أهم شخصية ركز عليها السفر هى داود النبى.
– التركيز على الإيجابيات من خلال حياة أولاد الله القديسين، مثل داود واختصار السلبيات، مثل حياة شاول وكذلك سلبيات داود؛ لأن الله غفرها له.
– ركز على العبادة المقدسة والهيكل أكثر من كلامه عن الحروب.
فأسفار صموئيل الأول والثانى والملوك الأول والثانى تتكلم من الناحية السياسية ويظهر فيها دور الملك والنبى واضحاً، أما سفرى الأخبار، فيظهر أهمية الكهنوت والعبادة المقدمة لله. فسفرى الأخبار لهما نظرة روحية تكمل المعانى المذكورة فى سفرى الملوك. وقد حرص عزرا على إظهار أهمية الكهنوت والمذبح فى حياة شعب الله، أى أن الله هو القائد الحقيقى لشعبه وليس الملوك، خاصة وأنه بعد الرجوع من السبى لم يكن لهم ملوك، بل كانوا خاضعين كولاية تابعة للإمبراطورية الفارسية ولكن ظلت قوميتهم واضحة من خلال عبادتهم لله فى الهيكل، أى أن الله استمر قائداً روحياً لشعبه؛ حتى ولد المسيح فى ملء الزمان ليفدى شعبه.
ثامنًا : أقسامه :
يسرد لنا الكاتب تاريخ البشرية من آدم حتى القرن الخامس قبل الميلاد ويعرضه هكذا فى أصحاحات السفر :
– أنساب الآباء والملوك والكهنة (ص1-9)
وهذه الأصحاحات تبدو جافة لكثرة الأسماء ولكنها تظهر ارتباط سقوط آدم بالمذبح والهيكل الذى هو رمز للصليب ويوضح أيضاً أهمية أسباط يهوذا، الذى منه داود ولاوى، الذى منه الكهنوت وبنيامين الذى ارتبط بسبط يهوذا والهيكل فى أورشليم.
– شاول مثالاً للشر وهلاكه هو ونسله (ص10).
– داود الملك واهتمامه بتابوت عهد الله وترتيب العبادة والتسبيح له وانتصاره على أعدائه، فهو ملك ينفذ وصايا الله ويهتم بإقامة العبادة له.
– الإستعداد لبناء هيكل الله بإعداد المال ومواد البناء والعاملين والمغنيين والبوابين وإعداد سـليمان وتوصيته لبناء البيت، فهذا يظهر مدى تعلق قلب داود بعبادة الله (ص22: 19).