سِفْرُ الْمُلُوكِ الأَوَّلُ
سِفْرُ الْمُلُوكِ الأَوَّلُ
أولا : كاتب السفر :
يجمع اليهود على أن كاتب سفرى الملوك هو أرميا النبى بدليل :
أ – تشابه الأحداث المذكورة فى (2مل25، أر39، 52) وهى الخاصة بالهجوم البابلى على أورشليم.
ب – فى أخبار ملوك يهوذا الذين حكموا قبل السبى والذين عاصرهم أرميا لم يذكر أرميا نفسه رغم أهمية دوره وذلك من أجل اتضاعه.
قد ساعد فى كتابة بعض أجزاء من هذين السفرين جاد وناثان النبيان بدليل ما ذكر فى (1أى 29 : 29).
هناك آراء بأنه قد اشترك فى كتابة هذه الأسفار عزرا الكاهن وسليمان الملك وحزقيا الملك.
غالباً قرأ أرميا الكتب المسجلة قبله وأرشده الروح القدس أن يأخذ منها ما يناسب، وأهم هذه الكتب والتى أشير إليها فى الكتاب المقدس هى :
أ – سفر أمور سليمان (1مل11: 41).
ب – سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل (1مل14: 19).
ج – سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا (1مل14: 29).
د – أخبار شمعيا النبى وعدو الرائى (2أى12: 15).
ثانيًا : تسميته :
كان سفرا الملوك الأول والثانى سفرًا واحدًا، كما كان سفرا صموئيل سفرًا واحدًا وفى الترجمة السبعينية تم تقسيمهما إلى أربعة اسفار وسمى سفرا صموئيل ملوك الأول وملوك الثانى أما سفرا الملوك فسميا ملوك الثالث وملوك الرابع، إذا اعتبرت الترجمة السبعينية الأربعة أسفار هى تاريخ الملوك. وفى القرن الرابع عشر فى الترجمة العبرية، دعيت هذه الأسفار الأربعة بالأسماء الحالية الموجودة بالنسخة التى بين أيدينا أى صموئيل الأول والثانى، ثم ملوك الأول والثانى.
ثالثًا : زمن كتابته :
يشمل سفرا الملوك فترة من الزمن تبلغ 455 عامًا منذ عام 1015 إلى 560 ق.م وكان الهيكل لا يزال قائمًا فى معظم هذه الفترة إذ أُحرِقَ حوالى عام 584 ق.م. وهذا يعنى أن إتمام كتابة هذين السفرين على يد أرميا كان عام 560 ق.م.
ويغطى سفر ملوك الأول فترة تبلغ حوالى 126 عامًا منذ عام 1015 إلى 889 ق.م، أى منذ شيخوخة داود، ثم تولى سليمان الملك، حتى موت يهوشافاط ملك يهوذا وآخاب ملك إسرائيل.
رابعًا : مكان كتابته :
فى أورشليم وبعض بلاد اليهودية وربما يكون الأجزاء الأخيرة منه قد أكملت فى مصر، حيث استشهد أرميا.
خامسًا : سمات العصر :
يشمل هذا السفر جزءً من تاريخ مملكة اليهود المتحدة فى نهاية حكم داود، ثم فى عصر سليمان. ويحدثنا أيضًا عن انقسام المملكة إلى المملكة الجنوبية وهى مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم وتشمل سبطى يهوذا وبنيامين، والمملكة الشمالية وهى مملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة وتشمل العشرة أسباط الباقية. ويلاحظ فى هذه الفترة ما يلى :
– قوة سلطان سليمان وحكمته التى جعلت المملكة تتسع إلى أقصى مداها، كما وعد الله، فتمتد من نهر مصر إلى الفرات وتخضع الأمم لها وتعظمها.
– التهاون مع العبادات الوثنية وإدخال الآلهة الغريبة إلى حياة اليهود وأيضًا فى أورشليم.
– مخالفة الشريعة بالتهاون فى الزيجة مع الأجنبيات، مما أبعد شعب الله عنه وآثار غضبه عليهم.
– ضعف الملوك وابتعادهم عن الله خاصة بعد الانقسام وبالأكثر فى مملكة إسرائيل، مما أظهر الحاجة إلى أنبياء الله، فكان لهم دورهم القوى، الذى يعلو مكانة الملك وذلك مثل إيليا وإليشع.
سادسًا : أغراضه :
– الحكمة الإلهية : هى عطية من الله يعطيها لمن يطلبها ويهتم بها قبل الماديات، كما فى حالة سليمان.
– المشورة : تظهر أهمية المشورة الصالحة وخطورة المشورة الشريرة كما فى حالة رحبعام (ص12) وإيزابل زوجة آخاب.
– الهيكل : وأهميته كمصدر قوة لشعب الله فاهتم سليمان ببنائه بمجد عظيم، فباركه الله.
– حفظ الوصية : فمن يتمسك بالوصايا والشريعة يحفظه الله، وعلى العكس من يتهاون فى حفظها عبادة الأوثان يتخلى عنه الله ويغضب عليه.
– وعود الله : كما وعد داود العظيم بتملك نسله إلى الأبد ويظهر ذلك فى نسب المسيح ومجيئه من سلسلة ملوك يهوذا وتملكه إلى الأبد فى ملكوت السموات.
– الدعوة للتوبـة : كما منع إيليا نزول المطر حتى يرجع الملك والشعب لله بالتوبة بسبب الضيقة، وكما تاب آخاب جزئيًا عندما سمع بقضاء الله (ص17: 1).
– التمسك بالإيمان: كما فى غيرة إيليا على مجد الله وقتل أنبياء البعل (ص18: 40).
سابعًا : رموزه :
سليمان : يرمز للمسيح فى سلطانه ومجده وحكمته وغناه وخضوع الشعوب له والسلام الذى ساد أيامه واستخدامه للأمثال.
الهيكل : يرمز فى عظمته إلى الكنيسة فى العهد الجديد والكنيسة فى الأبدية، أى ملكوت السموات.
انقسام المملكة : يرمز إلى الضعف الروحى فى النفس أو الكنيسة ككل، بسبب الكبرياء والشهوات وعدم الخضوع للمشورة الصالحة والإرشاد الروحى.
إيليا : يرمز للمسيح فى أمور كثيرة مثل فى مباركة الزيت والدقيق عند الأرملة (ص17: 8-16) كما بارك المسيح السمكتين والخمس خبزات (مت15: 32-39)، وصوم كل منهما 40 يومًا (ص19: 8، مت4: 2)، وإقامة إيليا لابن الأرملة، مثل إقامة المسيح لابن أرملة نايين (ص17: 17-23، لو7: 11-17) (أنظر تفاصيل إيليا كرمز للمسيح فى نهاية الكتاب).
ثامنًا : أقسامه :
القسم الأول (ص1-11) : ويشمل شيخوخة داود وثبات مملكة سليمان وبناء الهيكل وقصور الملك ومجد سليمان، ثم ضعفه وموته.
القسم الثانى (ص12-14) : ويشمل مُلك رحبعام وانقسام المملكة ومُلك يربعام.
القسم الثالث (ص15-22) : ويشمل سلسلة ملوك يهوذا حتى يهوشافاط وهو رابع ملك بعد الانقسام، وسلسلة ملوك إسرائيل حتى آخاب وهو الثامن بعد الانقسام وكذلك حياة الأنبياء وهم ثمانية وأهمهم إيليا (ص17-21).