بالحقيقة هى مدرسة لاهوتية نادرة تأسست فى تاريخنا المعاصر على أرضنا المصرية من خلال هذه الشخصية العظيمة، والتى صارت فى موقع الصدارة على رأس كنيستنا القبطية الأرثوذكسية لمدة جاوزت الأربعين عاماً.
وسبقها أكثر من أربعين عاماً أخرى يبنى فيها الله بسابق علمه أساسيات هذه المنارة العالية تلميذاً وخادماً وطالباً ومدرساً وشاعراً وراهباً ومتوحداً وكاهناً وأسقفاً عاماً قبل أن يتبوأ السدة المرقسية، تكاملت هذه المدرسة بأركانها الثلاثة القوية.
أولاً : المعلمون :
كان صاحب نهضة عميقة قامت على إعداد وتشجيع المكرسين والمكرسات فى الرهبنة والكهنوت والخدمة من الشباب والشابات، وصاروا أساقفة وقسوساً ورهباناً وراهبات ومكرسات ومكرسين.
وحملوا مسئوليات التعليم والرعاية فى كل المجالات وبين كل القطاعات حيث تتلمذ الآلاف ومئات الآلاف عبر كل الأجيال وبصورة مبهرة داخل مصر وخارجها أدهشت كنائس العالم شرقاً وغرباً.
ثانياً : المناهج :
شملت المدرسة مناهج روحية ولاهوتية ورعوية وتأملية، وقد ظهرت هذه المناهج فى صورة عظات أسبوعية منتظمة فى إجتماع أسبوعى بالقاهرة والإسكندرية.
كذلك فى محاضرات أخرى متنوعة سواء مباشرة أو على النت، وبعد وقت تحولت العظات إلى كتب عديدة جاوزت المائة والخمسين كتاباً، كما تم ترجمتها إلى عدة لغات عالمية، وصارت بمثابة مناهج متكاملة فكراً ولاهوتاً وتاريخاً، حيث لم يترك مجالاً فى المعرفة إلا وطرقه.
وفى ذات المجال تأسست الكليات الإكليريكية والمعاهد البحثية الكنسية كفروع من الإكليريكية الأم سواء فى مصر أو فى عدد من كنائسنا المصرية بالخارج، وقد ساهمت هذه الكليات فى حفظ إستقامة الإيمان الأرثوذكسى وتقوية الحياة الروحية بين الأقباط من خدام ورعية.
ثالثاً : الأبنية :
هى الكنائس والأديرة والمؤسسات… فإنتشرت بين ربوع الوطن وإمتدت إلى الدول العربية والأفريقية ثم فى أوربا وأمريكا وإستراليا… قامت نهضة معمارية كبيرة وأمتدت إلى الأديرة القديمة والمندثرة.
كما أهتم قداسته بمؤسسات الخدمة المتنوعة ربما من أحدثها إقامة المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى كمركز إشعاع روحى ومعرفى وكنسى، وصاحب ذلك كله نهضات فى الفنون القبطية كالأيقونات واللوحات وأشغال الخشب والرخام والمعادن والمنسوجات وغيرها.
كما تأسست فى السنوات الأخيرة لحبريته المباركة قنوات مسيحية ساهمت فى الرعاية الروحية بشكل كبير كان شعار قداسة البابا الذى تعلمناه منه “لازم نتعب علشان الرعية ترتاح”.
وهذه هى صورة القدوة الحقيقية “التعب من أجل كل أحد” أو كما سبق وأعلنها بولس الرسول “من أجلك نُمات كل النهار” (رو8: 36)، وكما قال يوحنا ذهبى الفم “الشهيد يموت مرة واحدة من أجل سيده والراعى يموت كل يوم من أجل قطيع سيده”، حقاً أن ذكرى الصديق تدوم إلى الأبد… وذكرى قداسته حية فى قلوبنا لأن الذين نحبهم لا يموتون…