يعطينا الله فى كل يوم أن نبدأ بداية جديدة، ولذلك تعلمنا الكنيسة فى كل صلاة باكر أن نقول “أحفظنا ولنبدأ بدءاً حسناً”. وفكرة البداية بصفة عامة نضعها فى ثلاثة خطوات أساسية :
أولاً : أن يبدأ الإنسان ويبدأ الله معه :
وهنا تجد النعمة حاضرة ويد الله عاملة بمجرد البداية وهذه الخطوة نسميها خطوة المعونة أو النعمة، فكما تبدأ بإخلاص وجدية أعلم أن الله يبدأ معك، ومثل الكلمات الجميلة فى هذا للمتنيح البابا شنوده “عندما توجد النية الله يعطى الإمكانية”.
ثانياً : أن تبدأ وتكون صاحب مبادئ :
وكلمة مبادئ تأتى من “بدأ”، والمبادئ هى النقط التى يبدأ منها الإنسان تفكيره فى العمل أو الدراسة أو الخدمة…ألخ، وبالتالى لكيما تكون مسيرتك الحياتية سليمة فلابد أن يكون لديك المبادئ هذه هى خطوة الجهاد.
ولا تتخل عن مبادئك لكيما يصلح الله طريقك والمصدر الرئيسى لمبادئنا وحياتنا هو الكتاب المقدس، وإن عشت بالمبادئ تجد حياتك تتقدم من خطوة إلى خطوة فيكتمل طريقك.
ثالثاً : أن الذى بدأ معنا الأمر يكمل معنا حتى نهاية الأمر :
فتكون نهاية الأمر خيراً من بدايته، هذه هى خطوة الكمال.
ومن هنا أحب أن أذكر نوعيات من البدايات :
هناك البداية الكاملة أو الحسنة أو الصالحة أو ما نسميه “بداية الأبرار” أو عزم الصديقين، فيقول القديس بولس فى رسالة فيليبى: “الذى إبتدأ فيكم عملاً صالحاً يكمل إلى يوم يسوع المسيح” (فى1: 6).
لكن توجد نوعيات أخرى من البدايات تُسمى “بدايات الأغبياء” أو البداية الخاطئة، يقول القديس بولس الرسول إلى أهل غلاطية “أهكذا أنتم أغبياء! أبعدما إبتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد؟” (غلا3: 3).
النوع الثالث من البدايات هو البداية الناقصة، أو البدايات المؤقته أو الهوائية، مثل الشخص السطحى فى معاملاته، أو بسبب فكر طارئ يكرس حياته بدون أساس ونسميها بداية المستهزئين الذين يقول عنهم الكتاب “فيبتدئ جميع الناظرين يهزأون به” (لو14: 29).
أضع أمامكم ثلاثة مبادئ رئيسية تجعل طريقك بداياته ونهاياته، ترضى الله :
المبدأ الأول الأمانة :
إخلاصك ووقارك والأمانة الحياتية مع كل نفس، مثل القديس يوسف الصديق وهو فى السجن وفى بيت فوطيفار وأثناء ما كان يسرد أحلامه، حتى وهو يفتقد أخوته والأمانة الكبرى هى فى الوقت، يقول الكتاب “كنت أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة” (رؤ2: 10).
المبدأ الثانى النظام أو التدقيق :
يقول الكتاب “فإنظروا كيف تسلكون بالتدقيق، لا كجهلاء بل كحكماء، مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة” (أف5: 15-16)، وهذا هو النظام الشخصى أى أن تسلك فى حياتك بخطة منظمة، والنظام ليس هو التزمت، وإلهنا إله نظام وليس إله تشويش، نرى كنيستنا فى الأجبية تغرس فينا مبدأ النظام فى حياتنا الروحية والتعبدية.
المبدأ الثالث الهمة أو الحماسية :
أو إن شئتم سموها “الإجتهاد” يقول الكتاب “ملعون من يعمل عمل الرب برخاء (رخاوة)” (أر48: 10)، الهمة تجعل الإنسان عنده دائماً نوع من التشجيع الداخلى، فهناك شخص يتحطم من أبسط كلمة، وغيره لديه هدف يريد أن يصل إليه.
فالإنسان الذى يرى هدفه، يجتهد إليه ويتحمس إليه حتى لو كان فى وقت من الأوقات أصيب ببعض الفتور. يعطينا مسيحنا إن تكون حياتنا فى هذه البداية، ويعطينا المسيح إلهنا أن يرافقنا فى الطريق، ويكمل عملنا ونقصنا، وأن يرى الإنسان أمامه هدفاً يحاول أن يصل إليه، ومن هدف إلى هدف ومن نجاح إلى نجاح آمين.