قام قداسة البابا تواضروس الثانى اليوم الاربعاء 20 نوفمبر 2013 بالقاء عظته الاسبوعية والتي كانت بعنوان “سماع صوت الله”
اولا: ماذا سيسمع ؟
-يسمع صوت الله…. يقول السيد المسيح “هانذا واقف على الباب واقرع ” و هذه الافعال فيها صورة الاستمرار، (ان سمع احد صوتى) و هنا عنصر الارادة
-الكتاب المقدس يمتلئ بفعل السمع او الاستماع : فى سفر التثنية 30: 20 “اذ تحب الرب الهك و تسمع لصوته و تلتصق به لانه هو حياتك و الذى يطيل ايامك”
و فى العهد الجديد “اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم”
خلاصة هذه الايات انه يوجد صوت لله ، الله يتكلم ، و لكن من يسمعه ؟!
فى العهد القديم أشعياء 55 يقول “اميلوا أذانكم و هلموا الي اسمعوا فتحيا نفوسكم و اقطع لكم عهدا ابديا”
– كلمة اسمعوا او فعل السمع بصفة عامة فعل تكرر كثيرا فى الكتاب المقدس و السمع مرادف للطاعة و لان هذا الفعل تكرر كثيرا فى الكتاب المقدس تكون الطاعة هو من اولويات حياة الانسان المسيحى – طاعة صوت الله ، و الاصغاء لصوت الله
ثانيا : ماذا نعنى بسماع صوت الله :
الانسان يسمع صوت الله في ثلاث نقاط :
1-يستجيب لصوت الله له فى داخله ايمانيا :
برغم من صعوبة الاحداث المحيطة به
مثال : كيف استمع ابراهيم ابو الاباء لصوت الله (تكوين 12) قال الله لابراهيم اترك ارضك عشيرتك و اهل بيتك و اذهب الى الارض التى أريك،
هل كان ابراهيم يعرف المكان الذى طلب منه الله ان يذهب اليه او عنده فكره عنه او كلمه احد عن امكانيات المكان .
هل فكر ابراهيم انه سيذهب الى المجهول ! و لكن ابراهيم كان يقول فى نفسه انه ذاهب الى المجهول عند البشر و لكنه معلوم عند الله .
و يذهب ابراهيم فى رحلة طويله فى دروب الصحراء و كان من الممكن ان يفقد الامل و الرجاء، و لكنه استمر الى ان وصل الى الارض الموعوده له . استجابه او طاعة ايمانيه .
2- يفتح الانسان قلبه : من الامثله الواضحة جدا مثل ليديا بائعة الارجوان ، و هى كانت امرأة من قمة السلم الاجتماعى فى مدينة فيلبي ، عندما حدثها بولس الرسول او استمعت اليه بدأت تفتح قلبها ، فعل فتح القب او غلقه فعل ارادى من ارادة الانسان .
فتحت قلبها و قبلت ما تعلمته من القديس بولس الرسول فصارت اول مؤمنة فى مدينة فيلبي .
3- العمل بما استمعت اليه :
لان الحياة المسيحية ليست مجرد نظريات و لا هى فلسفات و لا هى كلام حلو ، الحياة المسيحية حياة عمل حياة فعل ، فالسيد المسيح علمنا العمل ، تعمل بما استجبت له ايمانيا و فتحت له قلبك و تبدأ تعمل لهذا الصوت، مثل الانسان الذى بنى بيته على ارض صلبه و من بنى بيته على ارض رمل ، ارض صلبه تحملت الصدمات ارض الرمل جاء السيل اخذ كل البناء .
ثالثا: ماهو صوت الله
– صوت الله فى العهد القديم كان دائما و مستمرا من اجل الارشاد و التوجيه، و كان صوت الله من خلال الشريعة المكتوبه مثل الوصايا العشر او من خلال الانبياء المرسلين الذين اتوا عبر التاريخ اليهودى مثال أرمياء النبى المسمى بالنبى الباكى و كان بكاءه لانه ياتى و ينقل رسائل الله و الناس لا تسمع بل احيانا كانوا يهزاءوا بالكلام ،
كانت وسيلة صوت الله فى العهد القديم الشريعة المكتوبة و اصوات الانبياء.
-فى العهد الجديد استمر صوت الله يصل للبشر و لكن من خلال روح الله من خلال الروح القدس . فالاسفار المقدسة هى صوت الله و من حظ الانسان انه يجد صوت الله مسجلا كتابة و سجل فى مخطوطات او على جلد الحيوانات او اى وسيلة الى ان وصل لنا مطبوعا بعد اختراع الطباعة
– يصل صوت الله لنا من خلال الاسفار المقدسة ومن خلال الكنيسة و اباءها لان روح الله يعمل كل يوم . و لكم بعض الامثلة :
مثلا فى العهد القديم موسى النبى استمع الى صوت الله “كان الله يتكلم من عليقة و النيران تشتعل فيها و صوت الله يسمعه و اميل لانظر هذا المنظر العظيم” و سمع صوت الله فى البرية
مرة اخرى فى تاريخ الكنيسة الشاب انطونيوس استمع الى صوت الله من خلال قراءات الشماس ، حتى القديس اغسطينوس و هو انسان كان بعيدا و عاش فى الشر زمانا استمع الى صوت الله بقوة عندما قرأ سيرة القديس الانبا انطونيوس التى كتبها القديس اثناسيوس الرسولى اثناء نفيه و صار صوت الله له و بناءا عليه ابتدأ يرجع عن خطيته و يقدم توبه و يصير قديس و يتخلص من كل ماهو شر و يبدا حياة توبة قوية حتى ان الكنيسة تختاره و يصير اسقفا و صار ذائع الصيت فى التاريخ المسيحى. رابعا: ماهى مواصفات صوت الله:
1- صوت الله قريب جدا : قد يتكلم اليك الله من اقرب انسان اليك ، او من طفل صغير و ربما من الشريك او من الصديق …هو فعلا على الباب يقرع و الباب هو باب القلب و القلب هو من كيان الانسان، قريب جدا. يقرع و ينتظر الاستجابة .
و مثال لقرب صوت الله هى كلماته القليلة و هو على الصليب عندما كان يقول لجالديه و لصالبيه ياأبتاه اغفر لهم لانهم لا يعرفون و لا يعلمون ماذا يفعلون ، و سمع اللص اليمين هذا الكلام و تعجب و ابتدأ حوار قصير بينه و بين اللص الاخر و كانت نتيجة الحوار انه قال العبارة الجليلة اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك فاستمع مباشرة الى صوت الله اليوم تكون معى فى الفردوس لذلك عندما تكون حاضر فى القداس او اجتماع استمع منتبه يقظا . كن فى غاية الاصغاء فقد تاتى لك كلمات الله لك فى رساله . لماذا نقول ان صوت الله قريب، لان الله نفسه عندما وجد الانسان فى حالة خطية قال انزل و اكون بجانب الانسان لا ابقى فى السماء و اتكلم عن بعد بل آتى الى الانسان و اتكلم معه ، قريب للغاية. صوت الله ممكن يرسل من خلال اشخاص انقياء اتقياء و دائما الطفولة فى براءتها و نقاوتها معبر جيد لصوت الله.
2- الله مشتاق للانسان :
بمعنى ان الله لا يرسل رسالئه فقط للانسان انما يرسل رساله و هو يشتاق ان تستمع اليه هو يشتاق ان تكون هناك استجابه، يقول فى سفر النشيد “صوت حبيبى قارعا افتحى لى ياأختى ياحبيبتى ياحمامتى ياكاملتى لان رأسى قد امتلء من الطل و قصصى من ندى الليل” يشتاق الى من يستجيب
الله طويل الاناه ، و يكون السؤال كم مرة قرع الله على باب قلبك ؟ ان قرعات الله تختلف هناك قرعات رقيقة: مثلا عندما تفتح الانجيل تجد بعض الآيات و كانها تلمع امامك او فى عظة او قراءات روحية متعددة او فى البركات الزمنية كالصحة و النجاح . و له ايضا قرعات شديدة كالتجارب او احيانا المرض او احيانا المشاكل و المتاعب فى قرعة قد تكون شديدة و لكنها لخير الانسان . كلها طرق لصوت الله المشتاق اليك.
3-صوت الله مستعد ان يعمل معك جدا :
لن يعاتبك لتاخرك او معرفتك له فى اخر سنين عمرك او بعد ان عشت الحياة طولا و عرضا .. لن يعاتبك بل من حلاوة صوت الله انه لا ينظر الى الماضى هو يبدأ صفحة جديدة كما نصلى كل يوم “فلنبدأ بدءا حسنا” بل بمجرد ان قال لزكا اسرع و انزل اليوم قد حصل خلاص لهذا البيت و يتحرك زكا و يتخلى عن عبادته لماله يتخلى عن كل هذا و يبدأ من جديد و يعمل الله معه و يدخل بيته . الله ينتظر من يسمع قرعاته فيدخل اليه و يتعشى معه .
فيقول هانذا واقف على الباب اقرع (استمرارية) ان سمع احد صوتى و فتح (افعال استجابة الانسان) ادخل اتعشى معه (هذا ما يصنعه الله و استعداده للعمل) و كلمة ادخل و اتعشى معه تعبرعن الاقامة معه. تبدأ العشرة الروحية و الحياة الاصيلة.
خامسا : اسباب عدم سماع صوت الله:
1- غلظة القلب :
و المثال القريب هو مثال الشاب الغنى ذهب الى المسيح و جثا امامه و اظهر ادب و اخلاق (ماذا اعمل لأرث الحياة الابدية) سؤال رائع و جاوبه المسيح بلطف بطلب واحد هو بع كل مالك و اعط الفقراء احمل الصليب و تعال اتبعنى، شعر الشاب ان الوصية ثقيلة ليست على رغبته او ارادته لم يجد الكلام صدى عنده فيقول عنه الكتاب انه مضى حزينا و لا نعرف كيف انتهت حياة هذا الشاب!
2- الكبرياء :
الانسان لا يرى الا ذاته و لا يسمع الا ذاته انسان يعتبر ان عقله او فكره هو افضل فكر فى العالم و اقرب مثال هم الكتبة و الفريسيون يروا حقائق كما فى قصة المولود اعمى و المسيح شفاه و الفريسيون بدأوا يحققوا معه فسالوه و سالوا اسرته و جيرانه و احضروا الشخص نفسه مرة اخرى و لم يعجبهم كلامه اما هو اجابهم اننى كنت اعمى و الان ابصر و السبب فى هذا انى استمعت الى صوت الله . الكبرياء يمنع الانسان من ان يستمع او يرى او حتى يفهم .
3- العناد :
العناد امر مدمر كما فى قصة استفانوس اول الشمامسة و هو راكع فى الوسط و حوله راجميه قادة اليهود هو اعطاهم درس فى تاريخ الخلاص و اظهرلهم مقدار الحاجة الى المسيح الذى يخلص و لكن هذا زادهم اشتعالا و غضبا و السبب عنادهم
4- الخوف :
مثال بيلاطس الذى عرضت عليه القضية و هو لم يستطع ان يحكم هو متهم او غير متهم مذنب او غير مذنب و غسل يديه و قال انى برئ من دم هذا لبار و سلمه لليهود خوف، حتى امراءته حذرته اياك و هذا البار و لكنه لم يستمع لها بسبب الخوف . الخلاصة ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم فصوت الله ياتيك بحب ياتيك بشوق ياتيك باستعداد للعمل معك، فلا تهمل صوت الله، و اعط فرصه لصوت الله ان يتكلم.
نحن فى الكنيسة احيانا نصلى مرابعة خورس قبلى و خورس بحرى فترات الصمت فى التقليد المسيحى هى فترات لاستماع صوت الله
و لذلك تدرب و انت تصلى ان تجعل فى صلواتك فترات صمت لكى ما تعطى فرصة ان يتحدث اليك الله . وصية الكتاب وصية لتسمعها لتنفذها لتعيش بها .
احب اعزى كل ابناءنا الذين راحوا ضحية حادث دهشور و كما قرأنا فى الصحف هذا الحادث نتيجة اهمال …نعزى أسرهم و نعزى احباءنا ضحايا هذا الحادث المؤلم و ايضا نصلى من اجل المصابين ان يتمم الله شفاءهم و يعطيهم الصحة و العافية ، ايضا ننعى و نعزى كل الاحباء الذين سقطوا شهداء الوطن سواء فى الشرطة او فى القوات المسلحة خلال الايام القليلة الماضية و نصلى ان تنتهى هذه الاحداث المؤلمة و التى تستنزف شباب مصر بصورة عامة و نصلى ان يعطى الله حكمة و نعمة و هدوء و استقرار و يعطى ايضا بصيرة لاصحاب هذه الاعمال و ان يتمجد الله على ارض مصر و يحرسها من كل شر و من كل شبه شر .