تسمى الكنيسة بأسماء كثيرة منها بيت الملائكة وبيت الله، وجماعة المؤمنين، ولكن نجد أن الكنيسة هى مصنع القديسين الموجودين فى ملكوت السموات، وقد قدمت قديسين صاروا علماء مثل القديس أثناسيوس الرسولى والقديس كيرلس عمود الدين.
وأيضاً قدمت الشهداء مثل الشهيد مارجرجس والشهيدة مارينا، وأيضاً قدمت نساكاً مثل القديس الأنبا أنطونيوس وآباء البرية والحياة الرهبانية عبر التاريخ. والقداسة ليست حكراً على أحد، فيوجد أمهات وأباء قديسون، والتاريخ ممتلئ وحافل.
القديس يوحنا ذهبى الفم يقول إن “الكنيسة هى أعلى من السماء، وأكثر إرتفاعاً من الأرض”، ويقول أيضاً “عندما يدخل الأب الكاهن الكنيسة ويفتح ستر الهيكل، إنما يفتح باب السماء”. وليس مهماً أن تكون شمساً أو قمراً أو حتى نجم لتكون فى السماء، ولكن المهم أن تكون فى السماء.
كيف تكون الكنيسة بيتى وأمى وفرح حياتى؟
أولاً: الكنيسة بيتى :
1) لأنها مصدر فرح وراحة، وكلمة بيت ترمز إلى وجود الأب والأم، والكنيسة تتمتع بالأبوة من خلال سر الكهنوت من خلال الكنيسة نجد الأبوة الروحية من خلال الأب الكاهن، وهذا اللقب يترك لنا إنطباعاً أننا فى البيت.
2) هى بيتى لأن فيها سر الراحة والشفاء، من خلال سر مسحة المرضى، فالإنسان يمكن أن يتألم فى هذه الحياة ولكنه لا يرتاح إلا فى بيته، فالكنيسة موضع شفاء، لشفاء نفوسنا وأجسادنا وأرواحنا.
ثانياً : الكنيسة هى أمى :
وكلمة أم هى كلمة محبوبة لنا جميعاً، فكل أسرة وُلدت بداخل الكنيسة من خلال سر الزيجة المقدس، ولذلك تُسمى الكنيسة “أم”، بل وأمنا كلنا. وعندما تقوم الكنيسة بتزويج إنسان وإنسانة تضعهما أمام الهيكل فى نفس الموضع الذى يوجد فيه رسامة الآباء والشمامسة.
وآخر خطوة فى كل أكليل أن يركع العريس والعروس أمام الهيكل ويتسلمون الوصايا. والكنيسة أيضاً أم لأنها تلد كل إنسان من خلال سر الميرون الذى يجعل الإنسان مدشناً ومخصصاً ويحمل أسم المسيح ويسكن فيه، ويصبح جزءاً من هذه الكنيسة، أى عضواً حياً، ومن هذه الأعضاء يتشكل جسد المسيح.
ثالثاً: الكنيسة سر فرحى :
يأتى الفرح من خلال سر التوبة والإعتراف، فعندما يتنقى قلب الإنسان يمتلئ فرحاً، والتوبة هى يومية وليس هناك وقت محدد لها، ومن التقاليد الكنسية أن كل إنسان له أب أعتراف يتابعه، ومن خلال هذا السر أجلس أمامه وأطرح خطاياى، وأنال حلاً عن خطاياى وأمتلئ فرحاً.
السر الثانى من حياة الفرح هو سر الأفخارستيا أى سر التناول، وهو نور ونار، نور ينير الطريق ونار تحرق الخطية. وفى هذا السر ننال الغفران والحياة الأبدية، فيقول الكاهن فى نهاية القداس: “يُعطى عنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه”. أى فرح أعظم من هذا!!!
الكنيسة تصنع القديسين كل يوم، وهى بيت لأنها بها سر الكهنوت وسر مسحة المرضى، وهى أم لأن بها سر الأكليل وسر المعمودية وسر الميرون، وهى فرح لأن بها التوبة والأعتراف وسر الأفخارستيا؛ فهى بيت وأم وفرح.
ومازالت الكنيسة تصنع قديسين، فلا تظنوا أن هؤلاء القديسين أعلى مرتبة، هم مثلنا ولكنهم عزموا أن يعيشوا حياة القداسة، وعزموا على أن يعيشوا حياة كنسية، فهذه الوسائط الروحية والممارسات الروحية يجب أن تُمارس بوعى حتى يعيش الإنسان حياة الفرح.
فكل القديسين الذين نحتفل بهم هم عبارة عن نماذج لطريق القداسة، ومثال حى فى حياتنا، ينيرون حياتنا فى طريق القداسة والله يعطينا فرحاً دائماً أن نعيش فى فرح حقيقى بصلوات القديسين.