كتبت لكم فى مقدمة العدد الماضى من المجلة عرضاً مختصراً لما سوف نقوم به بنعمة المسيح لعمل الميرون المقدس، وأريد أن أستكمل الموضوع توضيحاً لبعض التساؤلات….
كانت الجلسة الإستثنائية للمجمع المقدس يوم 20/2/2014 فى نهاية سيمينار الآباء الأساقفة الذى إستمر لمدة ثلاثة أيام، حيث تم الإعلان عن عمل الميرون هذا العام نظراً لقرب نفاذ الكميات المتبقية منه.
وتمت مناقشات أولية حول الأسلوب الجديد فى التحضير والذى يسبق صلوات التقديس بطقسها، وفى جلسة المجمع المقدس والتى كانت أساساً لمناقشة موضوعين أولهما عمل الميرون للمرة 38 فى تاريخ كنيستنا، وثانيهما إقرار لائحة إنتخاب البابا.
وبخصوص الموضوع الأول عرض القمص جوارجيوس عطا الله الكاهن بإيبارشية لوس أنجيلوس بأمريكا (وهو دارس متخصص فى الكمياء، وقد أستعان به المتنيح البابا شنودة الثالث فى كل المرات التى تم عمل الميرون فيها وهى سبع مرات من 1981-2008 م).
عرض الموضوع بإستخدام الأسلوب الجديد، وأجاب على الأسئلة التى طرحها المجتمعون، ودارت مناقشات، ولم يفرض رأى معين، وأخذت الموافقة برفع الأيدى والأتفاق على تحديد أيام 8،9،21 أبريل 2014 لهذا العمل المقدس بدير الأنبا بيشوى العامر.
وتقوم فكرة عمل الميرون على إستخلاص الزيوت العطرية الموجودة فى 27 مادة نباتية صلبة بعمليات “كيميائية” من طحن ونقع وتسخين وتقليب وتبريد وتصفية التفل، ثم غسل التفل بزيت الزيتون (لعمل الغاليلاون)، ثم إلقاء التفل المتبقى.
وهذه العمليات نسميها “طبخ الميرون” وهى تسمية شعبية تماماً (كما نسمى سهرات كيهك: سبعة وأربعة) وهى فى الحقيقة عمليات كيميائية –لمن لا يدرى– بهدف إستخلاص العطور الموجودة فى المواد النباتية الصلبة حيث تُضاف إلى زيت الزيتون.
وأساليب الإستخلاص تتطور بتطور العلم، مثلاً قديماً أستخدموا “الرحاية” فى الطحن، ثم تطور الأمر إلى الدق بالهاون، وحالياً يستخدمون الخلاط الكهربائى والذى ينجز نفس العمل فى وقت أقصر بكثير وبكفاءة عالية ونتائج أفضل.
الميرون= عطور تضاف لزيت الزيتون، وتُقدس بالصلوات والقراءات. ليس فى مسيحيتنا -والمسترشدة بالروح القدس العامل فينا- ما يمنع من إستخدام نتاجات العقل والعلم والتطور والتقدم فى تسيير أمور كنيستنا، دون المساس بعقائدنا وأساسيات إيماننا المستقيم، وليس من الحكمة مثلاً إستخدام “الهاون” فى الطحن ونحن نملك “الخلاط الكهربائى” القوى، فهذا بالتأكيد عبث وإضاعة للوقت الذى هو أثمن عطية. هذا تطوير فى الوسيلة وليس تغيير فى جوهر العمل كله.
على نفس المنوال نستخدم حالياً السيارات بدلاً من الدواب والجمال فى السفر، ونستخدم الميكروفون بدلاً من الحنجرة الطبيعية بمفردها، ونستخدم المصابيح الكهربائية مع الشموع، ونستخدم الأيقونات المصورة أحياناً بدلاً من الأيقونات المرسومة، ونستخدم “الأيباد” I pad بدلاً من الخولاجى الورقى.
ونستخدم ماكينات عمل الزخارف الخشبية فى عمل حامل الأيقونات بدلاً من الأسلوب اليدوى والأويمه ونستخدم العجانات الكهربائية بدلاً من العجن باليد فى صنع القربان وتستخدم الأفران الحديثة بالطاقة (غاز أو كهرباء أو حتى الطاقة الشمسية) بدلاً من أفران الحطب والخشب والأمثلة عديدة جداً.
كانوا قديماً يستخدمون مواد عمل الميرون بالدرهم حالياً نستخدمها بالجرام. الأسلوب الجديد يتيح لنا أستخدام الزيوت العطرية الطبيعية، والمستخلصة بكفاءة تامة وبنقاوة كاملة بإمكانيات غير موجودة لدينا، هى فقط فى المصانع الكبرى والتى تحتكر إستخلاص العطور فقط فى ست أو سبع شركات متخصصة موجودة فى الأسواق العالمية.
كما أن هذا الأسلوب الجديد يتم بدون سمات تبقى التفل التى تُلقى وتطرح خارجاً بلا فائدة. نحن لدينا غيرة كبيرة على كنيستنا الأرثوذكسية، ولا ننتظر أن يعلمها لنا آخرون مهما كانت التسميات التى يطلقونها على أنفسهم والتى توحى للعامة أنهم فقط الذين يعرفون.
وأدعوهم إلى الأفصاح عن أسمائهم بدلاً من النشر على النت والتستر وراء عبارات تهدم أكثر مما تبنى وتسبب بلبلة نحن فى غنى عنها من أجل سلامة حياتنا وكنيستنا وكل الشعب فيها.
بنعمة المسيح سوف نتمم هذا العمل والذى يتقدس بالقراءات الكتابية فى خطوات الأعداد الأولى وتستغرق اليوم الأول 8/4/2014، ثم بقداس التقديس فى اليوم الثانى 9/4/2014، ثم قداس إضافة الخميرة المقدسة صباح يوم أثنين القيامة (شم النسيم)، ثم يحضر الميرون قداسات الخماسين المقدسة ليبدأ بعدها توزيعه على الإيبارشيات والكنائس.