فى ليلة سبت الفرح تصعد الكنيسة بنا إلى السماء بكل ما فيها من جمال وكأننا فى حلم جميل، فهذه الليلة هى العبور من الموت إلى الحياة. الألحان تنتقل من النغمة الحزاينى إلى الفرايحى، فيُقال اللحن نصفه بالنغمة الحزاينى والنصف الأخر بالفرايحى.
كذلك نجد القراءات عبر هذه الليلة تنتقل من الموت إلى الحياة: تسبحة موسى – صلاة حبقوق النبى – صلاة يونان فى بطن الحوت – صلاة حزقيا الملك – تسبحة الثلاثة فتية فى أتون النار – قصة سوسنة العفيفة.
وتنتقل بنا الكنيسة إلى فرح القيامة حينما تُختم الليلة فى فجر السبت مع “أبوغالمسيس”، وهى كلمة يونانية أصلها أبوكاليسيس أى رؤيا، وفيها نقرأ سفر الرؤيا بأكمله…
وبذلك نقضى فجر السبت مع هذا السفر العميق لنفتح أعيننا، ليس على أسرار القيامة فحسب بل على أسرار ما بعد القيامة أيضاً. والكلام عن هذه الليلة يطول جداً، ولكن أجملها هو الحديث عن القيامة.
ما هى القيامة؟
القيامة كلمة جديدة ظهرت فى العهد الجديد عندما قال السيد المسيح لمريم ومرثا أمام قبر لعازر “أنا هو القيامة والحياة من آمن بى ولو مات فسيحيا” (يو11: 25). إذا القيامة قوة… ومعجزة المعجزات، فالسيد المسيح ذهب للصليب بإرادته وقام بسلطان لاهوته.
أنواع القيامة :
القيامة نوعان قيامة أولى، أى ترك الخطية وحمل الصليب والجهاد ضد الشيطان، حتى توضع الأكاليل فى القيامة الثانية.
“تأتى ساعة وهى الآن حين يسمع الأموات (أموات الخطية) صوت ابن الله والسامعون يحيون” (يو5: 25) “وتأتى ساعة (فى المجئ الثانى) فيها يسمع جميع الذين فى القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة” (يو5: 28).
قيامة السيد المسيح فتحت أمام البشرية باب الحياة بالإيمان بدمه لغفران الخطايا، وبالجهاد حتى النفس الأخير لكى نحيا معه كل حين.
فالقيامة أعطت البشرية باباً مفتوحاً لحياة السماء بلا موت، “بالموت داس الموت والذين فى القبور أنعم عليهم بالحياة الأبدية” (تسبحة القيامة).
“والموت لا يكون فيما بعد” (رؤ21: 4)… بل “من آمن بى (الرب يسوع) ولو مات فسيحيا” (يو11: 25) “مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى، هؤلاء ليس للموت الثانى سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح” (رؤ20: 6).
القيامة مع المسيح :
إن الإنسان لا يستفيد من القيامة إلا إذا إستيقظ من نومه وقام من رقاده، أى يقوم من بين الأموات، وكل أنظارنا متجهة نحو ملكوت السموات “فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق، حيث المسيح جالس” (كو3: 1).
فما أجمل أن نكون سمائيين بالفكر والمشاعر والإتجاهات. لا تكن مثل هيرودس وحنانيا وقيافا الذين لم يستفيدوا من قيامة المسيح بل أنكروها، ولا تكن مثل الحراس الذين شاهدوا القيامة وأنكروها نظير رشوة مال.
بل كن مثل التلاميذ الذين بشروا مجاهدين بقيامة المسيح وإحتملوا فى سبيل ذلك الآلام والعذاب، كل ذلك من أجل محبتهم فى المسيح وإيمانهم القوى بالقيامة، لأنهم أيقنوا أنه لا قيامة بدون صليب ولا صليب بدون قيامة.
عش هذه الأيام بالرجاء والفرح… فكل صليب بعده قيامة… وكل مشكلة بعدها حل، وكما علمنا قداسة البابا شنودة الثالث “ربنا موجود، كله للخير، مسيرها تنتهى”.
وكل عام وأنتم بخير….