بإسم الأب والأب والروح القدس إله واحد أمين
(إخرستوس أنستى…أليثوس أنستى)
(المسيح قام… بالحقيقة قام)
“وادين بعضكم بعضاً بالمحبة الأخوية مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة” (رومية:12:10)
إلى قداسة البابا المعظم / البابا فرانسيس – بابا الفاتيكان وأسقف مدينة روما
سلام المسيح مع قداستكم،
نبعث إلى قداستكم بتحية بلادنا كنيسةً وشعباً ونود أن نؤكد لقداستكم أننا نتابع عن كثب و بفرحة عارمة نشاطكم وزياراتكم الرعوية الرائعة بل وعظاتكم الروحية الممتعمة والمفعمة ببركات ربنا يسوع المسيح ونفرح أن إسم السيد المسيح يتمجد على يد شخص قداستكم.
وإذ نكتب إليكم للمرة الثانية عقب زيارتنا لقداستكم خلال مايو الماضى والتى كانت وكما تمنينا آولى زيارتنا عقب تجليسنا كبطريرك للكرازة المرقسية وبابا مدينة الإسكندرية فى نوفمبر 2012، كإمتدادا لجسور الوحدة بين الكنيستين، نذكركم برغبتنا فى أن يتم إقرار يوم 10 مايو من كل عام وهو ذكرى أول زيارة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية لكنيسة روما قام بها مثلث الرحمات/ قداسة البابا شنودة الثالث للبابا بولس السادس عام 1973 ، ثم تلتها زيارتنا لقداستكم عام 2013.
وهنا لابد وأن نؤكد على ما كان لهذه الزيارة من عظيم الآثر فى نفوسنا حيث الحفاوة وحسن الضيافة من جانبكم قد أثلجت صدورنا بل وقد كان لها عظيم الأثر فى دعم آواصر المحبة والصداقة بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وهنا نود الإشادة بدور بل والتقدم بالشكر لسفير الفاتيكان في مصر نيافة الكاردينال / جان بول جوبل، على حسن تعاونه فى تنظيم هذه الزيارة التاريخية بل وعلى لقاءاته المثمرة والتى تتميز بالود والمحبة حيث نتبادل الزيارات واللقاءات بشكل مستمر.
وإنطلاقًا من الوصول إلى الوحدة المنشودة بين كنائسنا نتمنى، يا قداسة البابا، أن يإتى اليوم الذى نحتفل فيه سوياً بالأعياد المسيحية فى نفس التوقيت مترفعين عن الإختلافات التاريخية وليست اللاهوتية، ساعيين بعقول منفتحة وبقلوب متسعة نحو فكرة توحيد الأعياد كمثال عملى بل وملموس على إتحاد أعضاء كنائسنا فى جسد ربنا يسوع المسيح الواحد نقصد الكنيسة شرقاً وغرباً.
وبما أننا نعيش فى شكل مجموعات متناثرة فى مجتمعات وإن كنا نمثل أقلية عددية فى الشرق بوجه عام، فإننا فى حاجة إلى وجود صوت مسيحى واحد الأمر الذى سيساعدنا و يزيد من قوتنا معنوياً، كما أنه يقدم أصدق شهادة على مسيحنا الواحد.
لذا نرجو من اللجان المعنية للكنستين الكاثوليكية والقبطية الأرثوذكسية المضى قدماً فى دراسة توحيد بعض الأعياد لنحتفل بها سوياً كمسيحيين فى وقت واحد وليكن على سبيل المثال لا الحصر عيد القيامة المجيد، أسوةً بما حدث هذا العام، الأمر الذى سيمثل فرحة عارمة لمسيحى العالم شرقاً وغرباً.
هذا وقد تابعنا خلال شهر يونيو الماضى زيارتنا الرعوية فى أوروبا من خلال زيارة النمسا والتى حظينا فيها بلقاء كاردينال فيينا، ثم تلتها جولتنا الثلاثية خلال شهر ديسمبر للنمسا وسويسرا والمانيا حيث إلتقينا كاردينال برلين.
وكما تعلم، يا قداسة البابا، أنه قد مضى عاماً على تجليسنا على السدة المرقسية وقد كان عاماً فارقاً بكل المقاييس فى حياة بلادنا المحبوبة مصر بالرغم مما عاناه الشعب المصرى بوجه عام والشعب المسيحى بوجه خاص حيث تعرض وللأسف للنصيب الأكبر من عمليات التدمير والتخريب والسلب والنهب، فقد تم حرق أكثر من مائة مبنى بين كنيسة و مدرسة ومركز خدمات إجتماعية تابع للكنائس المصرية علاوة على ممتلكات الأقباط التى وصلت إلى 1000 منازل و محلات تجارية فى أماكن متفرقة من جمهورية مصر العربية، ولكن كل هذا لا شىء فى سبيل حرية الشعوب بل ونقدمه ليشتمه الله كرائحة بخوراً تصعد إلى حضرته الآلهية لكيما نسترد حريتنا.
فنحن نعلم أن الحرية لا تقدر بثمن حتى وإن زهقت دماء آبرياء كثيرين، فهذه هى مسيحيتنا “فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنى قد غلبت العالم” (يوحنا: 16-33).
ومن ثم فقد حظينا بشرف المشاركة كممثل عن مؤسسة عريقة كالكنيسة القبطية الوطنية الأرثوذكسية فى صياغة بيان 3 يوليو 2013 وذلك بمشاركة الأزهر و مؤسسات الدولة وممثلى الأحزاب و أطياف المجتمع المصرى والخاص بإنهاء عهد من الظلم والفاشية إستمر لعام كامل 2013 ومن ثم إعلان بداية عهداً جديد من خلال خارطة الطريق والتى تم تنفيذ بنود كثير منها آحدثها هى صياغة دستور مصرالجديد وذلك بمشاركة بل وبالتنسيق بين كنيستنا والكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الإنجيلية، كخطوة فاعلة وحقيقية (فارقة) نحو الديمقراطية.
ونتمنى أن من بدء هذه الخطوة يكملها أقصد ربنا وإلهنا يسوع المسيح مردداً مع بولس الرسول الآية “سلمنا فصرنا نحمل” (أعمال :27:15)
ومن ثم وبالرغم من كل هذه الأحداث العضال والمعقدة، فقد شاركت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى إسبوع الصلاة العالمى و قد قمنا بالإحتفال بمرور عام على تأسيس مجلس الكنائس فى مصر.
كما إحتفلنا بتأسيس ديريين للراهبات و أخرين للرهبان بمصر علاوة على دير للرهبان بجنوب أفريقيا.
كما قام المجمع المقدس لكنيستنا القبطية الأرثوذكسية فى شهر يونيو 2013 بالإعتراف بقداسة كل من: مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس (1902-1971) و الأرشيدياكون / حبيب جرجس (1876-1951) وهنا وفى هذا الصدد والأصالة عن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مجمعاً مقدساً وشعباً نود أن نتقدم إلي قداستكم وإلى الكنيسة الكاثوليكية بخالص التهاني على إعتراف الكنيسة الكاثوليكية بقداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين والبابا يوحنا الثاني وذلك فى ال27 من أبريل الماضى.
هذا وقد شاركت الكنيسة المصرية أيضاً فى يوم الصلاة من أجل المرأة المصرية المنعقد فى 7 مارس الماضى.
هنا يجدر بنا أن نؤكد لقداستكم على عمل الله العجيب معنا بالرغم من ضيق الإمكانيات وتلاحق الأحداث وتعقدها ونأمل فى أن يكون هناك المزيد من آفاق التعاون المثمر بين كنيستينا من آجل نشر السلام المسيحى فى العالم أجمع بل و تحقيق الوحدة المنشودة و الوصول بالمؤمنين إلى ميناء الخلاص.
وهنا نود الإشادة أيضاً بدور السفارة الإيطالية بمصر والتى قدمت للكنيسة القبطية الأرثوذكسية منحة لأحد الباحثين في مجال الآثار فى إطار برنامج التدريب”Scienza per la Diplomazia” فى مجال تنشيط والحفاظ على التراث الثقافى والمقدمة من المجلس القومى للترميم بروما علاوة على منحتين داخليتين لدراسة اللغة الإيطالية بالمعهد الثقافى الإيطالى بالقاهرة بشكل يساعد الطلبة والباحثين الراغبين فى إستكمال دراستهم بالجامعات والمراكز الأبحاث العلمية الإيطالية.
ونأمل فى أن يكون هناك برنامج لتبادل البعثات بين الفاتيكان والكنيسة القبطية الأرثوذكسية للدارسة فى بعض المجالات الكنسية: كالفن والتاريخ و التراث.
كما يشرفنا خلال شهر نوفمبر المقبل حضور الإحتفال باليبويل الذهبى على تأسيس هيئة “Pro Orienta” بفيينا حيث وجه لنا ممثلى هذه الهيئ الدعوة الشخصية ة خلال مقابلتنا العام الماضى.
وتأكيداً على مد جسور الصداقة والمحبة الأخوية بين الكنائس أجمع، شرفنا أيضاً بإستقبال كل من:
-الأمين العام لمجلس الكنائس العالمى OLAV
-رئيس أساقفة Counter Berry .
– رئيس الكنيسة الإنجيلية فى مصر
– مطران الكنيسة الأسقفية فى مصر
إذ نتقدم لقداستكم بخالص التهانى على مرور العام الأول لقداستكم على السدة البطرسية عقب الإنتخابات البابوية بالفاتيكان فى مارس 2013، نرجو من إلهنا ومخلصنا يسوع المسيح أن يسدد خطاكم وأن يعينكم على إستكمال رسالتكم الرعوية المقدسة، كما نتمنى أن نرى قداستكم فى زيارة قريبة لبلادنا المحبوبة مصر، بلد النيل الخالد والرهبنة والقديسين، كما نتقدم إليكم بالشكر لما تقدموه من دعم وتعضيد لأبناء كنيستنا القبطية الأرثوذكسية على الأراضى الإيطالية.
ولا يسعنا هنا أيضاً سوى أن نبعث بأرق تحياتنا وأسمى معانى التقدير للكاردينالات بالمجلس الكنسى بالفاتيكان متمنين لهم كل النجاح والتوفيق فى مهمتهم الرعوية.
إإذن لنا يا قداسة البابا بأن نختتم خطابنا هذا بكلمات من كتاب حياتنا اليومية الكتاب المقدس “سلموا على بعضكم بعضاً بقبلة مقدسة، كنائس المسيح تسلم عليكم” (رومية 16-16).
نرفق طيه ببعض النسخ الخاصة بالعدد الذى صدر من المجلة الرسمية للكنيسة القبطية الأرثوذكسية “مجلة الكرازة” حول زيارتنا التاريخية للفاتيكان خلال مايو 2013.
القاهرة فى 10 مايو 2014
البابا تواضروس الثانى
بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية
القاهرة(مصر)
This page is also available in: English