زرت كندا من المحيط إلى المحيط (من فانكوفر غرباً إلى سان جونز شرقاً) فى جولة أمتدت حوالى الشهر مكثفة للغاية ولكنها أيضاً مفيدة للغاية… كانت أول مرة أزور بلاد كندا الجميلة والتى عرفت أن معناها “نقطة إلتقاء” point meeting وهو واقع معاش، إن هذه البلاد تضم عشرات الجنسيات يحيون فى تناغم وإنسجام وبكل إحترام لأى جنسية مهما صغر عددها….
كانت زيارتى رعوية بالمقام الأول أفتقد فيها الكنائس والرعية وأحتفل معهم بمرور خمسين عاماً على بدء خدمة الأقباط فى أمريكا الشمالية من خلال سيامة القمص مرقس مرقس عام 1964 م بتكليف من قداسة البابا كيرلس السادس ونمت الخدمة فى هذه البلاد بسبب الأعداد التى توافدت عبر السنين بحثاً عن عمل أو تعليم أو إقامة أو حتى مجرد زيارة أوسياحة.
وإزداد عدد الأباء الكهنة كما إزدادت أعداد الكنائس فى مواضع كثيرة، وكذلك إزدادت الأنشطة من مدارس ومتاحف وبيوت خلوة.
وأيضاً كانت فرصة لوضع حجر الأساس لأول دير قبطى أرثوذكسى على أرض كندا باسم القديس الأنبا أنطونيوس أب جميع الرهبان وبتعب نيافة الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا وأبو قرقاص ومعه الراهب القمص باخوميوس البرموسى.
ومع زيارتى ومقابلاتى ومشاهداتى فى كندا تكونت عندى أفكار وإشتياقات عديدة أسجل بعضها كملاحظات للمناقشة والحوار.
1) نحتاج أن تكون كنائسنا هناك بسيطة متوسطة فى الحجم يخدمها كاهنان فقط، يتاعونان كما أرسلهم المسيح أثنين أثنين، أما الكنائس الكبيرة الضخمة أو الكاتدرائيات فيكفى واحدة فى كل إيبارشية كمركز لها.
وتوجد الكنائس متوسطة الحجم والتى شاهدت الكثير منها فى أثناء الزيارة يفيد فى خدمة الذين على بعد مسافات طويلة فبدلاً من التركيز فى مكان واحد يفضل التواجد فى أكثر من مكان بالكنائس المتوسطة.
2) الزيارات التى يقوم بها الأباء الأساقفة والكهنة والشمامسة والأساتذة من معاهد اللاهوت من مصر مفيدة جداً لربط الأجيال بأرض الوطن وبالكنيسة الأم فى مصر والواجب أن يقوم هؤلاء الأباء والأخوة بدعوة أبنائنا فى مجموعات صغيرة أو متوسطة لزيارتهم فى مصر فى الإيبارشيات والكنائس والأديرة.
لأن هذا سوف يسهم بلا شك فى تجديد إرتباطهم بالأصول ومعرفة الكنيسة الأم التى نشأت على أرض مصر وتصحيح أية صورة خاطئة فى أذهانهم بسبب الأعلام أو الميديا العالمية.
3) خدمة الشباب ركن أساسى وحيوى وضرورى من خلال لغتهم وتقديم إيماننا الأرثوذكسى بأسلوب يتناسب مع الثقافة culture والمجتمع فى بلاد جديدة…
وهذه مهمة صعبة للغاية وتحتاج إلى عمل مكثف وخبرات متبادلة وتطوير للأفكار بإستمرار والتوافق مع العصر… وإعداد خدام شباب بإسلوب متناسب مع أفكارهم وزمانهم.
4) المطبوعات والوسائل التعليمية والإصدارات الجديدة الرقمية والتى تستخدم التكنولوجيا يجب أن تأخذ إهتماماً كافياً من الأباء والخدام ويجب أن نرصد لها ميزانيات مناسبة لتنشيط حركة التأليف والترجمة.
ويجب أن تسند كنائسنا هذه المجهودات الضرورية حتى نشجع أبناءنا بفكر سليم ولا نترك عقولهم لأفكار مغايرة تختلف معنا، بل وأحياناً تهاجمنا فى معقداتنا.
5) تأسيس إيبارشيات… فى مارس 2013 م قمنا بتجليس نيافة الأنبا مينا أسقفاً لغرب كندا من مسيسوجا إلى فانكوفر… وصارت أول إيبارشية على أرض كندا.
والآن هناك حاجة ملحة إلى إيبارشية فى شرق كندا وآخرى فى الوسط تكون بمثابة مقر لرئاسة الكنيسة بكندا… ونصلى أن يرسل المسيح فعلة لحصاده.
6) المدارس القبطية وهى مدارس مسيحية تساهم إلى حد كبير فى تربية النشء بطريقة قوية تحفظ إيمانهم وثقافتهم المسيحية بصورة أرثوذكسية مستقيمة وسط عالم مفتوح وقد زرت بعض المدارس وتقابلت مع التلاميذ والطلبة والمدرسين والمهتمين ووجدت إهتماماً يجب أن يقابله تشجيع الأسر المسيحية على إلحاق أبنائهم بهذه المدارس التى أثبتت بالفعل إهميتها ودورها الفعال فى التربية وغرس المبادئ الروحية التى تبنى الكيان الإنسانى السليم.
7) المعاهد اللاهوتية : مثل الكلية الإكليريكية ومعاهد دراسة الكتاب المقدس أو الليتروجيات القبطية وغيرها وهذه المعاهد هى لإعداد الخدام والخادمات، وإعداد الكهنة والشمامسة بما يتناسب مع نمو الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى مجتمعات جديدة.
وقد سبقتنا عدة كنائس فى هذا المضمار إذ لها تاريخ أسبق عنا فى التواجد بالمجتمع الجديد. إننا نشجع مثل هذه المعاهد ويجب أن تسندها الكنائس ومجالسها وشعبها وتزودها بالإمكانيات اللازمة لكى تؤدى دورها بصورة فعالة ومثمرة.
هذه سبع ملاحظات عابرة أطرحها للدراسة والحوار وسأكون سعيداً لتلقى أيه إقتراحات أو خبرات عملية تثرى رؤيتنا ونحن نضع ملامح خدمة المهجر خلال الخمس والعشرين سنة القادمة (2015- 2040).