اقرأ بعمة المسيح جزء من رسالة العبرانيين الاصحاح 13
اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إِلَى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ. يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ. لاَ تُسَاقُوا بِتَعَالِيمَ مُتَنَوِّعَةٍ وَغَرِيبَةٍ،
أَطِيعُوا مُرْشِدِيكُمْ وَاخْضَعُوا، لأَنَّهُمْ يَسْهَرُونَ لأَجْلِ نُفُوسِكُمْ كَأَنَّهُمْ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا، لِكَيْ يَفْعَلُوا ذلِكَ بِفَرَحٍ، لاَ آنِّينَ، لأَنَّ هذَا غَيْرُ نَافِعٍ لَكُمْ.
نعمة الله الاب تكون مع جميعنا امين
يوحنا ذهبى الفم الوحيد الذى حمل هذا اللقب (ذهبى الفم) لان عظاته كانت بسيطة جدا وعميقة جدا ومتنوعة جدا، ويوحنا ذهبى الفم له مأثورات وعبارات كثيرة قوية، اذكر لكم بعض عباراته الجميلة:
• قال “أى نفع للمسيحى الذى لا يفيد غيره”،
• “لا شئ يقسم الكنيسة الا حب الرئاسات، ولا شئ يضايق الله مثل تمزيق وحدة الكنيسة”،
• قال ايضا “ان غاب عنا عون الله لا نقدر ان نقاوم أتفه اغراء”،
• قال ايضا “ليس للشيطان ان يهاجمك الا عندما يراك قد نلت كرامة عظيمة وتكاسلت”،
• قال ايضا “ليس لنا عدو الا واحد وهو الخطية التى تفسد سلامنا”
• قال ايضا عبارة قوية “ان تسقط هذا امر بشرى، لكن ان تصر على الخطية فهذا عمل شيطانى”
له ايضا عبارات كثيرة سوف اذكر بعضها خلال حديثنا عنه.
ولد القديس يوحنا ذهبى الفم فى عام 347م، والده كان قائدا فى الجيش الرومانى فى سوريا، وامه كان اسمها انثوسا، كانت فتاة جميلة، وبعد اربعة سنوات توفى زوجها (والد القديس يوحنا) وتركها شابة غنية وجميلة، وتوفيت ابنتها (اخت القديس يوحنا) بعد وفاة الوالد، فى سنوات قليلة بقيت زوجة ارملة مع أبن يتيم، وعاشت الزوجة الارملة تربى هذا الابن اليتيم يوحنا، وكانت مخلصة فى هذه التربية، وعندما دعيت لزواج اخر رفضت وقالت انها تعيش من اجل ابنها،
بدأ يوحنا ينبغ فى دراسة المحاماه، وتعرف على العالم الى ان صار له صديق اسمه باسيليوس، احب الاثنين الله وعاشا فى مخافته وابتدءا يكرسا حياتهما وساعدا بعضهما ان يحيا حياة التعبد لله، وكرسا حياتهما للكتاب المقدس وكانت حياتهما مباركة، ودعيا الاثنين للكهنوت لكن عندما جاء وقت الرسامة هرب يوحنا من الرسامة وتمت رسامة باسيليوس، وكانت حجة القديس يوحنا ان له ميول للحياة بالدير،
وكتب القديس يوحنا كتاب كبير عن سر الكهنوت، وهو من احد الكتب القوية جدا التى تشرح ماهو سر الكهنوت،
وابتدأ يحيا الممارسات الرهبانية وتدريباتها الروحية الى ان انتقلت والدته واتجه للدير وصار راهبا، وبعد قليل اختير لكى ما يخدم كراهب كاهن وفى النهاية عاش فى الدير حياة طيبة جدا
وعمل فى الدير كتاب هام جدا قارن فيه بين حياة الملك وحياة الراهب،
• الملك يتحكم فى امم وشعوب ومدن وجيوش، اما الراهب فيتحكم فى شهواته،
• الملك يحارب برابرة لكى يوسع اراضيه، اما الراهب فهو يحارب شياطين ويهدى نفوسا
• الملك نهاره وليله مملوءان الام ومشكلات، الراهب نهاره وليلة مملوءان فرح وسلام
• الملك يهدى ذهبا، الراهب يقدم نعمة وتعزيات
• الملك يصعب عليه ان يستعيد جزءا فقد من اراضيه، اما الراهب فيسهل ان يقوم من سقطته
• الملك يرتعب خوفا من الموت والراهب الجميع يطمئن على مصيره
وكانت المقارنة بين الملك وبين الراهب من احد المقالات المشهورة جدا له،
وفى زمنه نشطت الحياة الرهبانية جدا، لكن فى زمنه، عندما زار مصر رأى البرية بكل سكانها وكل نساكها وكل رهبانها، كان كل راهب فى قلايته والاديرة لم يكن بها اسوار، فكانت القلالى متناثرة فى الصحراء يخرج منها نور بسيط لشمعة او قنديل وكان المنظر فى الليل جميل (النجوم فى السماء والقلالى منيرة فى البرية) فقال عبارة مشهورة “السماء بكل نجومها ليست فى جمال برية مصر بكل نساكها”، وكان يقول للرهبان والاباء فى انطاكية “هلموا الى برية مصر لتروها افضل من اى فردوس”
فى حياته وهو راهب، احد الاباء الرهبان سقط فى خطية كبيرة، والخطية جعلته يترك حياته ويترك رهبنته ويشعر بيأس شديد، فكتب له مقالة اسماها “ستعود بقوة اعظم” وهى من احد المقالات المشهورة، وعندما قرأها الانسان الذى سقط بدأ يستعيد شجاعته وعاد وتاب واستكمل حياته النسكية باكثر نسكا،
كتب مقالات عديدة ومقالاته متنوعة، وكانت له بلاغة متناهيه،
سيم بعد هذا أسقفا وبعدها بطريركا، وفى فترة وجوده ككاهن كتب ايضا عن سر الزيحة وعن المفهوم الكتابى والكنسي لسر الزواج وكيف ان الزواج هو وحده يباركه حضور المسيح
مقالاته كثيرة ونشكر الله ان مقالات عديده له مترجمة باللغة العربية
ومن احد المواقف المشهورة فى حياته: عظات التماثيل، ان الشعب عاج بسبب الضرائب وحطم تماثيل الامبراطور وكانت النتيجة ان الامبراطور اراد ان يعاقب هذه المدينة ووضع فى قلبه ان يصنع بالمدينة عقاب شديد، وبدأ الشعب يلجأ للكنيسة وعاشوا فيها ايام فى حالة خوف وفزع، وكان فى زمن هذا القديس حق اللجوء الكنسي -حسب قانون الامبراطورية الرومانية- القديس يوحنا استغل هذه الفرصة وبدأ يكلمهم عن التوبة، فكان القديس يكلم الشعب عن التوبة وفى نفس الوقت يتشاور مع الملك لاجل ان يعفو عن هذه المدينة، وبعد عظات كثيرة (21 عظة) تكلم فيها بمناسبة تحطيم التماثيل فسميت عظات التماثيل، وكانت النتيجة ان الملك رفع حكمه عن المدينة وافرج عنهم وسامحهم وحققت هذه العظات توبة مدينة كاملة ومع الصلوات حققت عفو من الملك وكانت النتيجة مفرحة للجميع.
عاش القديس يوحنا ذهبى الفم فى علاقات طيبة مع مجتمعه كله، ولكن الامر لا يخلو من المشكلات، وكانت احد المشكلات انه لا ياكل مع الاخرين، وكانت الناس تفكر انه بسبب كبرياءه وترفعه لا ياكل مع الشعب، ولكن الحقيقة انه كان يعانى من الام شديدة فى معدته
هكذا الانسان، ان كان قلبه اسود يرى الامور سوداء وان كان قلبه نقى يرى الامور على حقيقتها، بحسب داخله يرى.
عاش القديس يوحنا ذهبى الفم وعلم كثيرين ولكن كان له مشكلة كبيرة مع الامبراطورة افدوكسية، وهى اغتصبت ارض يملكها انسان عادى فى الامبراطورية الرومانية، فمنعها القديس من دخول الكنيسة واغلق الابواب فى وجهها، وايده الله بنعمة فكان اثناء دخول موكب الامبراطورة الى الكنيسة اغلق القديس الباب فقالت للجنود اكسروا الابواب، وشلت يد الجنود الذين حاولوا كسر الابواب، فكان صوت الله واضحا جدا، وصلى القديس يوحنا ذهبى الفم على ماء ومسح بها يد هذا الجندى وعادت سليمة، اما الامبراطورة اضمرت شرا كبيرا للقديس يوحنا لانه كان صاحب حق، وتسببت الامبراطورة فى اصدار قرار بأن ينفى القديس يوحنا لاخر حدود الامبراطورية الرومانية، وكان مع طول الرحلة وجسد القديس يوحنا المريض كان هدف الامبراطورة خبيث ان يموت القديس يوحنا اثناء سفره للمنفى فى الطريق،
وتنيح القديس فى المنفى، ولكنه كان يرسل رسائل من منفاه مع شماسه تدعى اولومبياس وكانت هذه الشماسة الفاضلة تنقل رسائله للاكليروس وكل الشعب،
تنيح القديس يوحنا ذهبى الفم ليس عن عمر كبير عام 407 م،
عاش فى مناهج تعليمية قوية وكان يقول “لا اعيش الا من اجلكم ومن اجل خلاصكم”
وعلى الرغم من عمره الا ان خدمته مستمرة فى اليوم، كل العالم يستخدم عبارات القديس يوحنا ذهبى الفم،
لم يكن رجل سياسة ولا فليسوف مسيحى ولا لاهوتيا لكن اهم شئ عنده أنه كان يسهر على رعاية شعبه، وكان من كثرة قراءته للكتاب المقدس صار هو انجيلاً ويحكى تلميذه انه عندما كان يدخل للقديس فى قلايته ويساله عن اى شئ يجده يتكلم مع احد، وبعد تكرار هذا المشهد عرف ان الشخص الذى يحدثه هو القديس بولس الرسول، يقف فى صلاته ويقرأ عبارات رسائله ويسأله ماذا يقصد بكل عبارة من الرسائل، ويقول لنا التاريخ ان القديس بولس الرسول كان يظهر له ويشرح ويفسر له، لهذا افضل تفاسير تشرح رسائل القديس بولس الرسول هى تفاسير القديس يوحنا ذهبى الفم
هو قديس فى عباراته القوية فهو يقول “الدير اكاديميه تحتضن تفسير الكتاب المقدس”، ويقول ايضا “الكنيسة اعلى من السماء واكثر اتساعا من الارض” وايضا “ان لم نربح خلاص اخواتنا هنا فلن نحصل على خلاص نفوسنا هناك” لهذا امتاز القديس بهواية خلاص النفوس وكان يبحث باستمرار عن خلاص النفوس
عباراته كثيرة ومتعددة، فى مرة سألوه لماذا نسقط؟ فاجاب “ليس الشيطان هو السبب الشيطان فقط مخادع ومضلل اما السبب فهو عدم الجهاد وضعف الارادة”، له عبارة اخرى قوية “السيرة الطاهرة تسد فم الشيطان وتبكمه”
بهذه الصورة نتذكر هذا القديس الذى عاش فى القرن الرابع الميلادى ولكن سيرته مستمره معنا وكتاباته موجوده ومتوفرة باللغة العربية، وعلاقته بالانجيل وخلاص كل نفس هى هدفه فى الحياة
يوحنا ذهبى الفم من (احد الاقمار) كما تسميه الكنيسة اليونانية، وتسمى ايضا القديس باسيليوس الكبير والقديس غريغوريوس الاهوتى تسميهم الاقمار الثلاثة
لالهنا كل مجد وكرامة من الان والى الابد امين