خمس محطات في تسبحة الكنيسة تقود حياتنا مع المسيح ..
كانت عقارب الساعة قد تجاوزت الواحدة من فجر اليوم الجمعة بدقائق قليلة حين أنهى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته التي ألقاها في السهرة الكيهكية الشبابية .. جاءت العظة عميقة مفعمة بخبرة روحية كنسية حية ، حيث انسابت كلماته متدفقة محملة برسالة قوية لكل نفس حاضرة سواء الحشود التي كانت تملأ الكاتدرائية أو الجالسين أمام أجهزة التلفاز في البيوت أو المتابعين للسهرة الكيهكية على المواقع الإليكترونية ..
إلتقط قداسة البابا ثلاث كلمات ترددها الكنيسة بشكل متواتر في تسبحتها اليومية عموما ، وهذه الكلمات هي: “أمين ، الليلويا ، كيريى ليسون” ، وهي أيضا نفس كلمات المرد الذي تصلي به عند الانتقال بين الهوسات (ومعناها تسبيح) ، مؤكدا على أن في هذه الكلمات الثلاثة خلاصة الحياة مع الله ، سواء على الأرض أو في السماء وهذا هو المغزى والمعنى الذي تصبو الكنيسة لأن يصل إلى شعبها ..
وإلى تلخيص ما جاء بالعظة:
كل سنة وأنتم طيبين .. احنا سعداء إننا نكون مع بعض في الكنيسة بأساقفتها وكهنتها وشمامستها وخدامها وشعبها وشبابها ..
واحنا بنسبح ، نجد أن شخصية العذراء مريم هي الشخصية المحورية في كل التسابيح .. بنيجي نسأل سؤال ونقول ازاي تكون حياتنا روحية ؟! .. ازاي تكون حياتنا كنسية ؟! .. ازاي تكون حياتنا صح أمام مسيحنا واحنا في حضن الكنيسة ؟! .. وعايز أذكر أمامكم دلوقتي “لمحة” من لمحات كنيستنا الجميلة وهي ترسم أمام كل واحد منا “خريطة طريق” لحياته .. احنا كلنا كشباب وشابات عايزين نعيش لربنا .. وعايزين نخلي قلبنا حلو قدام مسيحنا .. بتلاحظوا في 3 كلمات بيتكرروا كتير في كل تسابيحنا وكل مدايحنا كلمة:كيريى ليسون ..
وكلمة: الليلويا ..
وكلمة: أمين ..
والكنيسة في إبداعاتها في تسبحة نصف الليل حين تنتقل من هوس لهوس تردد باللحن نفس هذه الكلمات: “أمين الليلويا .. كيريى ليسون كيريى ليسون كيريى ليسون ….” .. فيرد الشعب قائلا: كيريى ليسون .. كيريى ليسون ،
وبهذا يكون امامنا 5 محطات وهي: آمين .. الليلويا .. كيريى ليسون .. كيريى ليسون .. كيريى ليسون ..!!..
اوعى تفكر إن ده مجرد مرد أو نقلة من هوس لهوس أو مجرد فقرة .. ابدا .. فالكنيسة بهذا تضع أمامنا “خريطة طريق” ..!!.. خطة لحياتك الروحية السليمة .. والخطة دي مكونة من الخمس درجات دول: آمين ..
الليلويا ..
كيريى ليسون ..
كيريى ليسون ..
كيريى ليسون ..
ايه السر ؟! .. تخيل لو هرم ..فقاعدة الهرم هي “كيريي ليسون” وفي كل مرة من المرات الثلاث هناك معني مختلف لكلمة كيريى ليسون:
1- كيريي ليسون الأولى: “دعوة للتوبة ونقاوة القلب”:
والتوبة هي قاعدة الحياة الروحية في المسيح ، يجب أن نبدأ بالتوبة أي نقاوة القلب: “طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ” (مت 5 : .. أي انني اقول لله: “ساعدني أن يكون قلبي نقيا ، أعطني قوة ، أعطني نعمة أن انتصر على الخطية” .. تخيل لو قابلك السيد المسيح على الباب وأنت خارج النهاردة هتقوله ايه؟! بالتأكيد ستطلب أن ينقي قلبك ستقول له: “يارب ارحمني ، توبني ، ساعدني أن قلبي يكون نقيا فالعالم به أشياء سيئة كثيرة ولاسيما في فترة الشباب نتعرض فيها لخطايا كثيرة ، ساعدني يارب في كل يوم اني قلبي يكون نقيا” .. أذهب وأعترف .. أمارس سر التوبة في الكنيسة ، ولما أبونا يضع الصليب على رأسي أثق أنك ترفع خطيتي في صليبك لاني أعلم أن “دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ.” (1يو 1 : 7).
2- كيريي ليسون الثانية: قلبا رحيما .. لينا:
اجعل قلبي رحيما .. فالخطية تقسي القلب … وتجعل الإنسان يتمرد على كل شيء حوله .. فلا يعجبه البيت .. الكنيسة .. البلد .. ولا أي شيء في حياته .. لذا ينبغي أن نطلب من الله: إجعل قلبي لينا .. مثال: حين تسقط أشعة الشمس على قطعة شمع وعلى بقعة طينية ، فالشمع يلين ، والطين يجف ويصبح قاسيا .. أيضا مثل فرعون كان قلبه مليء بالخطية لا يعرف التوبة لذا تقسي.
3- كيريي ليسون الثالثة: صنع الرحمة مع الآخرين:
نقولها وتكون طلبتنا: علمني أن اصنع رحمة مع كل أحد .. ترى نحن كشباب هل نتدرب على صنع الرحمة ؟! .. بمعنى هل نحن ننفتح على الآخرين ونقدم لهم عمل محبة ورحمة ؟! .. أم أننا ننحصر في أنفسنا فقط ؟! .. مشكلة زمننا الحالي أن كثيرين تستشري فيهم روح الأنانية بينما هناك كثيرون يحتاجون أن نقدم لهم عمل رحمة ومحبة.. ففي الخارج تنتشر ثقافة التطوع وأيضا لها وجود في مجتمعنا ، مثل خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة ، المسنين ، المهمشين ،…إلخ .. والسيد المسيح نبهنا في متي 25 قائلا: “لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. ٣٦ عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ.”
كل هذا يضاف لنا في رصيدنا من أعمال المحبة .. فهل فتحت حساب من هذا النوع ؟! هناك شباب افتتحوا هذا الحساب .. ولاحظ أن الكلمة الحلوة … الإبتسامة .. الوقت ..الجهد .. كل هذا يعتبر عمل رحمة ومحبة حاول أن تقدم مما لديك وأخدم من هم حولك بالخبرة .. بخدمة منتظمة…..إلخ .. ولا تقع في فخ الأنانية.
4- الليلويا: حياة الفرح:
وهي ثمرة طبيعة للخطوات الثلاثة السابقة .. فحينما أصنع رحمة أجد نفسي تلقائيا مملوء بالفرح .. والكنيسة التي تصنع هذا هي كنيسة الليلويا ..!! ..والخدمة التي تصنع هذا هي خدمة الليلويا..!! .. خدمة الفرح والتهليل .. والإنسان دوما يبحث عن السعادة التي يرى أنها تساوي حياته نفسها .. وهذا مانراه في برامج التلفاز فهي تهتم كثيرا بالبحث عن السعادة للإنسان .. والسعادة لا تأتي بمجرد الماديات أو المنصب أو الأسرة .. السعادة لاتأتي إلا بالخطوات السابقة ، فنشعر بـ “فَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ” (1 بط 1 : .. هنا فقط تشعرون بقيمة وطعم ما بين أيديكم .. يوجد كثيرون يملكون الكثير من الأموال والوضع الاجتماعي والإمكانيات والمهارات…. إلخ .. ولكنهم لا يشعرون بسعادة … السعادة لا تأتي إلا بالتوبة والرحمة وتقديم أعمال المحبة ..
5- أمين: حياة الأمانة:
وهي قمة الهرم ، والمقصود بها الحياة بأمانة .. ولنتذكر الآية: “كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ.” (رؤ 2 : 10) … ونلاحظ أن نصفها ينطبق على حياتنا على الأرض (إلى الموت) ، ونصفها الآخر يتحقق في الأبدية (إكليل الحياة) ، وإكليل الحياة هو قمة الهرم .. وأيضا فالآية توجه رسالة شخصية لكل نفس: “كن أمينا” .. أنت .. لأن كل منا له نفس واحدة إن خسرها خسر كل شئ .. هي موجهة لك بغض النظر عن دراستك ، وظيفتك ، جنسك ، عمرك ، خدمتك ؛ مكانك ، زمانك .. كن أمينا في دراستك ، عملك ، بيتك ، وطنك ، خدمتك ، في حياتك الشخصية….إلخ
الرب في اليوم الاخير سيسألك سؤالا واحدا وهو: ماذا كانت درجة الأمانة في حياتك ..!! .. لذا يجب أن تكون أمينا ايضا في حواسك ، في عينيك ، واللي بتكتبه ع الشات ع النت ، في مكالماتك ، في علاقاتك ، في نظرك ، في يدك ، في قدمك وتنتبه إلى أين تسير بك ؟!.
هذه لمحة من الكنيسة .. دعوة للتوبة .. للقلب الرحيم الذي يصنع رحمة ..لأن تعيش الفرح وتنقله للآخرين ، فالمسيحية هي ديانة الفرح .. ثم أخيرا أسلك بالأمانة .. امتلك الأمانة ..
أما اجتماعا اليوم معا للتسبيح يجعلنا نعيش يوما من أيام الابدية فالتسبيح هو عملنا الدائم في الأبدية.