وصل بطريرك إثيوبيا ابونا ماتياس الأول الي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية في أولي جولاته لأول زيارة له في مصر بعد تنصيبه بطريرك
قداسة البابا عن زيارة بطريرك إثيوبيا: إنها زيارة ليست فقط لكنيستنا ولكنها أيضا إلى قلوبنا
في استقباله لغبطة أبونا متياس الأول بطريرك إثيوبيا عبر قداسة البابا تواضروس الثاني في كلمته عن سعادته والمجمع المقدس بهذه الزيارة مشيرا إلى العلاقات التاريخية التي تربط الكنيستين:
أريد أن أعبر عن سعادتنا في استقبال أبونا ماتياس الأول بطريرك إثيوبيا
باسم المجمع المقدس للكنيسة القبطية ، لقد كانت الزيارة الأولى في ١٩٨٢م ،
تكلم الكتاب المقدس عن مصر في العهد القديم في سفر إشعياء عن قدوم السيد المسيح إلى أرض مصر حيث بارك أماكن كثيرة فيها ، هناك علاقات تاريخية وطيدة تجمع بين الكنيستين تبدأ منذ أيام البابا اثناسيوس حين سام الأنبا سلامة لإثيوبيا ، وكنيسة إثيوبيا تضم كنائس وأديرة أثرية كثيرة وبها العديد من القديسين ومنهم القديس تكلا هيمانوت الذي لنا كنيسة باسمه في الإسكندرية ، إن الكنيستان ترتبطان بعلاقة جغرافية حيث يربطهم نهر النيل ، لنا أيضا علاقات وطيدة في السنوات الأخيرة ، ومن الأساقفة الأقباط الأنبا بيمن هو منسق العلاقات بين الكنيستين ، إنها زيارة ليست فقط لكنيستنا ولكنها أيضا إلي قلوبنا ، نرحب بقداسته مرة أخري في مصر.
أبونا ماتياس الاول: أتمنى ان تستمر علاقات كنيستينا العريقة إلى الأبد ..
بكلمات مليئة بالود والرغبة الصادقة في العمل المشترك توطيدا للعلاقات بين الكنيستين العريقتين جاءت كلمة أبونا ماتياس الأول بطريرك إثيوبيا خلال استقبال قداسة البابا تواضروس الثاني له والوفد المرافق له حيث أكد قداسته على ضرورة استمرار وتنمية العلاقات بين الكنيستين القبطية والإثيوبية وبل جميع الكنائس الأخرى ولاسيما في إفريقيا لتوصيل رسالة الله وكذلك التواصل مع كافة الأديان لتقليل المشكلات ، كما قدم غبطته الشكر لقداسة البابا تواضروس الثاني وأعضاء المجمع المقدس على دعوتهم … وإلى الكلمة:
كيف حالكم
احنا كلنا أخوة …
كل سنة وأنتم طيبين .. ونحن نحتفل بأعياد الميلاد مع كنيستنا الشقيقة
مبارك اسم الله الذي جعل وحدتنا في الايمان تستمر لقرون طويلة
وكما أشير في الكتاب المقدس أن المسيحية في إثيوبيا بدأت وانتشرت عن طريق أحد المسئولين الذين زاروا القدس بعد المسيح بأربعة اعوام ، ولكن تمت سيامة أبونا سلامة من قبل البابا اثناسيوس في القرن الرابع ، والبابا اثناسيوس أبا جليلا لدينا جميعا ..استمرت العلاقة بين الكنيستين دون انقطاع منذ ذلك الحين ، إن العلاقة لم تبدأ منذ المسيح ولكنها سبقت ذلك التاريخ بكثير ولذلك ذكر الكتاب المقدس مصر إثيوبيا عدة مرات ، ونحن نشرب من مياه واحدة هي مياه نهر النيل ، مما جعلنا نعيش في وئام وتماسك ، وأتمنى أن هذه العلاقات العريقة تستمر إلى الأبد.
قداسة البابا الأساقفة الاباء الأجلاء ..
لا نستطيع أن ننكر الفتور الذي حدث في العلاقة بين الكنيستين بسبب الحكم الشيوعي في إثيوبيا ١٩٧٤ ، ولكن بدعم من الله ذابت الشوائب والخلافات إلى الأبد ، بل وأقول دون رجعة بسبب التماسك والروابط العميقة علي الرغم من الصعوبات التي واجهت البلدين ولكن تمسكنا بالإيمان استمر وهكذا سنستمر إلى الأبد ، وكل مايحدث من سوء تفاهم هو وقتي ولكن ما يبقي للأبد هو مصر إثيوبيا ، مما يذكر أن الكنيستان اجتمعتا عام ١٩٦٥ في المفوضية الإفريقية للتنمية بإثيوبيا وبدعم من الكنيسة الأرثوذكسية الواحدة وفي هذا الاجتماع تم التزاوج في مصالحنا المشتركة وإنهاء الخلافات للقيام بواجبنا في نشر رسالة الله في جميع أنحاء العالم وكذا نشر رسالة السلام والمحبة للجميع ، وأعتقد أن هذا الموضوع من الأهمية لجميعنا ، ولمواجهة التحديات علينا أن نكثف جهودنا ..
قداسة البابا أعضاء المجمع المقدس..
إن عالمنا يتحول إلى قرية صغيرة إذ تلعب التكنولوجيا دورا في تقريب الأمم ولكن الدور التكنولوجي له جوانب مضرة ونحن علينا أن نبحث عن العلاج وعلينا أن نملا الفراغ الذي يتركه هذا التطور ، نحن المسيحين الأخوة يجب أن نقترب من بعض أكثر فاكثر لمواجهة التحديات وقبول التحديث بما لا يؤثر علي إيماننا كما يجب مواجهة خلافتنا ، إن المشاكل التي تواجهنا عديدة وكثيرة اجتماعية واقتصادية ودينية … إلخ ، وكل هذه المشاكل لا يستطيع الإنسان ولا التكنولوجيا حلها..
نحن المؤمنين بالله وخاصة الكنيستين المرتبطين بعلاقات عريقة بإمكاننا ان نحل المشاكل التي تواجهنا ، كما تعلمون جميعا لدينا حاليا فرصة سانحة حيث أن الآباء يتم دعوتهم الآن من قبل الحكومات والمؤسسات والمؤتمرات الدولية للمساهمة في كل الفعاليات والبحث عن حلول للمشكلات التي تواجه العالم ، وبتعزيز وحدتنا نكون مستعدين لهذه التحديات بالصلوات والإيمان وتجهيز أتباعنا لحل المشاكل ليس بالسلاح ولكن بالمبادئ والأخلاق العالية التي هي سمات المسيحية..
أعضاء المجمع المقدس .. يجب علينا أن نقرر لهذه العلاقة التي بيننا لكي لا تنساها الأجيال القادمة وكما ربطنا النيل .. وسد النهضة بإثيوبيا يجمعنا مرة ثانية كي نتناقش عن الفوائد التي يجلبها السد ، إن الخبراء أظهروا لنا والدراسات ايضا أن هذا السد له فوائد وليس أضرار تضر بمصر والسودان ، ونحن يجب أن نكون مستريحين لما يقوم به أخواتنا من تطور لأننا متمسكون بقول الرب: “كل ما تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ” (مت 7 :12) وايضا “تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (مت 22 :39) ، علينا أن نصلي لحل المشاكل لكي يعامل الجميع بسواسية وهذه مسئوليتنا التي تقبلناها من الله وأعتقد أن هذا ما يشاركني به أخي قداسة البابا وأعضاء المجمع للكنيسة الشقيقة.
ان علاقتنا علاقة حب يجمعنا بها التاريخ والطبيعة والإيمان الراسخ والتفاهم المشترك. وقد رسخ هذا المفهوم زيارة الوفد الشعبي لمصر والتي تمثلت في فئات كثيرة من الشعب وعلمت أن هذا الاجتماع اجتماعا تاريخيا وكان من ضمن الوفد أعضاء من كنيستنا وأبلغونا أنه قد تمت مناقشات إيجابية رسخت التفاهم المشترك والجانب الاثيوبي مرتاح لدعم الجانب المصري والكنيسة القبطية والشعب المصري. وأستطيع أن أقول هذه حقبة تاريخية هامة ترتقي بعلاقتنا العريقة إلى مستوي أعلي.
الآن اقترح أن تكون جميع الكنائس الأخوة وخاصة الكنائس الأرثوذكسية ألا تكون اجتماعاتنا عابرة فقط تسير وتذهب مع الوقت، علينا أن نجعلها اجتماعات رسمية، مما تجمع المؤسسات فيما بينها كشكل مؤسسي وهذا يسهل استمرارية لقاءاتنا لكي نقوم بمسئوليتنا تجاه الله والشعب.
أولي الكنائس في إفريقيا يمكننا من نشر رسالة الله مع الكنائس الإفريقية والمسيحين جميعا كهدف واحد وعمل واحد لنشر رسالة الإنجيل ونشر السلام ، ونبدأ الحوارات بين الكنائس مما يجعلنا أقرب أكثر ونعزز العلاقات بين أتباع الديانات المختلفة الذين يؤمنون بإله واحد لحل ليس فقط المشاكل الإفريقية ولكن أيضا مشاكل العالم.
وبإمكاننا لكي نعزز العلاقات بين كنيستينا تأسيس المؤسسات اللاهوتية والتعليم العالي وتبادل البرامج بين الطلبة والجمعيات المسيحية ، وفي الكنيستين القديمتين أعتقد أننا تأخرنا في القيام بهذا الواجب ولكننا لسنا متأخرين بل نقوم بواجبنا تجاه العالم ، ونري بعض الكنائس الأخرى تقيم مؤسسات عملاقة تعليمية وصحية وطبية وغيرها … وعلينا في الكنيستين أن نكون روادا في هذا المجال بالرغم من أننا ضحايا لمشاكل وعواصف كثيرة واجهت بلدينا وشعبينا عبر التاريخ ، قد يبدو هذا أمر صعب المنال ولكن بدعم من الله يمكننا جعله واقعا علي الأرض لأننا لدينا أعضاء منتشرون في العالم كله وفوق هذا كله يساندنا السيد المسيح..
أخيرا وليس آخرا، أود أن اشكر قداسة البابا تواضروس والكنيسة القبطية لدعوتهم لنا لهذه الزيارة، اشكركم وأود أن أنهي حديثي بدعوة الكنيسة القبطية وأعضائها وكذلك الكنائس الشقيقة، ولاسيما أنني أعتقد أنهم يأخذون بعين الاعتبار العمل المشترك. وألا تتأخر لقاءاتنا بل ندعمها باجتماعات متتالية كلما وجدنا الفرصة لذلك، ويجب أن نقوم بربط المؤسسات كما كان سابقا ونبدأ الحوار بين الكنائس وإصدار بيانا مشتركا للقيام بواجباتنا والقيام برسالتنا.
أؤمن أن هذا الاجتماع يحظى ببركة السيد المسيح والذي سينتج عنه الكثير من النتائج..
بارك الله بلدينا وكنيستينا شكرا لكم
البابا تواضروس: يدعو لاجتماع يضم بطاركة الكنائس الشرقية والبيزنطية بالإسكندرية
بعد كلمة البطريرك ابونا متياس قدم قداسة البابا تواضروس الثاني اقتراحين تفعيلا للتواصل والتقارب وتبادل الخبرات ، الأول يخص التعاون بين الكنيستين القبطية والإثيوبية في المجالات اللاهوتية والاجتماعية والاقتصادية والرهبانية ، والثاني يخص التواصل بين الكنائس الشرقية القديمة الستة والكنائس البيزنطية الخمسة عشر حيث دعا قداسته إلى عقد اجتماع يضم هذه الكنائس بمدينة الاسكندرية في أقرب وقت ، وإلى نص ما قاله قداسة البابا:
هناك جوانب أربعة يمكننا أن نتعاون فيها ومنها جانب لاهوتي وجانب اجتماعي وجانب اقتصادي وجانب رهباني .. لذلك يمكننا تكوين لجنة مشتركة بين الكنيستين لهذا التعاون ..
من جهتنا نختار نيافة الأنبا بيمن مسئولا عن هذه اللجنة وسنختار ثلاثة أعضاء معه ،
وأتمني أن تبدأ هذه اللجنة مباشرة ، كما قال قداسة أبونا ماتياس ، وعامل الوقت مهم بالنسبة لنا
أما الاقتراح الثاني حسب وصية المسيح نحن نحمل المحبة للجميع وقد خلقنا لكي نحب كل أحد بدون أي حواجز .. وإذا أردنا الكنيسة المسيحية الواحدة علي مستوي العالم كوصية المسيح ليكون الجميع واحدا فيجب علينا نحن ككنائس شرقية قديمة: القبطية والإثيوبية والسريانية والإرمنية والهندية والإيرترية ، فهذه التي نسميها الشرقية مع الجانب الآخر من الكنائس الأرثوذكسية البيزنطية ، واقتراحي أن نعمل اجتماعا موحدا لبطاركة الكنائس الشرقية الستة وللخمسة عشر بطريرك للكنائس البيزنطية
وعلي سبيل المثال تقابلت مع البطريرك كيريل في روسيا والكاثوليكوس برثولماوس وبطريرك فنلندا والبطريرك ليو ، وقد عبرت عن هذه الرغبة أن الكنائس الأرثوذكسية في العالم تجتمع معا في محبة المسيح الواحد وأتطلع ان يكون هذا خلال عام واحد بإعداد جيد وأرشح مدينة الاسكندرية مكانا لهذا الاجتماع حيث لها خصوصية أن بها بطريركين اثنين واحد من الكنائس الشرقية وواحد من البيزنطية ، حيث لم يحدث هذا الاجتماع منذ قرون ، لكي نعبر عن محبتنا وكنائسنا القديمة التي تستطيع أن تقف في مواجهة التحديات التي يعاني منها العالم مثل سلبيات التكنولوجيا والعنف والإباحية ورفض الدين وغيرها
أطلب صلوات قداستكم لكي يحقق لنا الله هذه الأحلام وشكراً
انتهى منذ قليل حفل الاستقبال الرسمي الذي أقامه قداسة البابا تواضروس الثاني لغبطة أبونا ماتياس الأول بطريرك إثيوبيا والوفد المرافق له بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث تبادل الطرفان في ختام الحفل الهدايا التذكارية التي تعبر عن التراث الذي يميز كل من الكنيستين..
هذا وقد غادر أبونا ماتياس والوفد الإثيوبي الكاتدرائية متوجها إلى منطقة مصر القديمة لزيارة الكنيسة المعلقة والكنائس والمعالم الأثرية بالمنطقة.