شخصيات لم يتم ذكرها كثيرا – شخصية سيلا
القراءة :أعمال الرسل 22
فى البداية نحب نعزى أنفسنا كمصريين فى شهدائنا الذين يقدمون أنفسهم من أجل الوطن نعزى مصر كلها فى المستشار الجليل هشام بركات النائب العام والذي كان بالحقيقة صوت مصر كما وصفه الرئيس عبد الفتاح السيسي نعزى أسرته الفاضلة و نعزى كل أحبائه ونعزى كل مصر و نعزى أيضا أنفسنا فى شهداء القوات المسلحة وشهداء الشرطة الوطنية أبطال مصر وندعو للمصابين بالشفاء والصحة ، وندعوكم جميعا للصلاة من أجل هؤلاء الذين يتسببون فى كل هذه الآلام للوطن ولا يدركون عظمة مصر و تاريخها المجيد و شعبها العظيم وكيف أن هامة مصر لمن يقرأ فى التاريخ ظلت مرفوعة دوما بفضل ايمانها و صبرها واتكالها على المعونة الإلهية ونحن نثق أن يد الله هى التى تحرس بلدنا. تعازينا باسم كل الكنيسة لكل أحبائنا.
نرحب أيضا بكل أحبائنا من كنائسنا فى نورث كاليفورنيا و نيو جيرسي و تكساس مع بعض الآباء كهنة هذه الكنائس. اهلا بكم.
فى الأساييع الماضية تحدثنا عن شخصيات فى الكتاب المقدس لم يكن لها المساحة الواسعة فى الانجيل و اخترنا بعض الأسماء فى العهد للقديم مثل يوناثان ومردخاي وأيضا فى العهد الجديد فتحدثنا فى الأسبوع الماضي عن برنابا الرسول والليلة نختار سيلا….
سيلا التلميذ الذى يمكن أن نسميه الرفيق الامين. سيلا اسمه لم يأتي كثيرا فى الأسفار. وكلمة سيلا تنطق أحيانا سلوانس و هى نفس النطق العبري لشاول ، فسيلا أو سلوانس ياللغة اليونانية وشاول باللغة العبرية.
فى الحقيقة لو قارننا سيلا بين بولس فسنجد أن بولس نجم كبير ، بينما سيلا يكاد يكون ليس له ذكر ، رغم ذلك كان مثالا للرفيق الأمين المخلص وظهر اخلاصه فى الموقف الذي قرئ عليكم الآن ، حيث وضع اسمه إلى جوار معلمنا بولس الرسول بالسوية ، رغم أن بولس الرسول كتب رسائل كثيرة وزار بلادا كثيرة. وسيلا لم يفعل شئ من هذا ولكنه أخذ نفس الكرامة. فهو ينطبق عليه المثل الرفيق قبل الطريق ، وأيضا الصديق عند الضيق ، وهذين المثالين أمثال عربية وإن كان لهم مقابل فى اللغات الأجنبية لكن هى أمثلة محددة جدا.
الحقيقة سأختار بعض المواقف التي ظهر فيها هذا القديس وتبين عظمة هذا الإنسان الذى لم يأت ذكره كثيرا فى الكتاب المقدس.
1- الرفيق المتقدم:
عنده الحماس للعمل ، فى بداية الكنيسة المسيحية عقد مجمع اورشليم وهو أول مجمع فى تاريخ الكنيسة ويسمى مجمع الآباء الرسل لمناقشة مشكلة التهود واجتمع الرسل بروح المحبة وناقشوا الموضوع وتوصلوا فى النهاية إلى قرار بمؤازرة الروح وقالوا: “لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلاً أَكْثَرَ، غَيْرَ هذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا، الَّتِي إِنْ حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ مِنْهَا فَنِعِمَّا تَفْعَلُونَ.” (أع 15 28 ، 29)
كان هذا قرار المجمع .. واختاروا بعض الرسل ليقوموا بإبلاغ القرار للكنائس ، وكان سيلا من بين الذين اختاروهم “حِينَئِذٍ رَأَى الرُّسُلُ وَالْمَشَايِخُ مَعَ كُلِّ الْكَنِيسَةِ أَنْ يَخْتَارُوا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ، فَيُرْسِلُوهُمَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ مَعَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا: يَهُوذَا الْمُلَقَّبَ بَرْسَابَا، وَسِيلاَ، رَجُلَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الإِخْوَةِ.” (أع 15 : 22)
سيلا يذكر هنا بأنه يحمل قرار مجمع الرسل إلى سوريا وأنطاكية وكيليكية وهو مايكشف عن مدى الثقة في هذا القديس كرفيق متقدم و مستعد للعمل هائنذا يارب فارسلنى. انه كان متقدما في الخدمة الروحية. واحد بيشتغل بقلبه فهناك إنسان يعمل العمل لمجرد ألا يكون في موضع اللوم وهناك من يعمل وهو فى قمة النشاط الداخل أو في قمة الالتهاب الداخلى أو ما نسميه أحيانا الاخلاص القلبي لا توجد في حياته هذه الضعفات .. الرتابة و الجمود …إلخ. يتحرك من داخله و كأن روح الله هو الذي يحركه و كانت الصورة الحلوة له انه متقدم فى الخدمة الروحية.
أيضا مشهد آخر إنه متقدم فى الشهادة المسيحية فهو انسان شاهد صحيح عن المسيح وكلمة صحيح هنا نقصد بها أنه ليس عنده أمراض روحية معندوش كده شخصيتين قدام الناس بوش وورا الناس بوش تاني ..!! .. والدليل على هذا انه كان مشهودا له من كل المحيطين به ، يقول: ” رَجُلَيْنِ قَدْ بَذَلاَ نَفْسَيْهِمَا لأَجْلِ اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. (أع 15 : 26)
واحد مشهود له من الكنيسة وهذه علامة من علامات الطريق وهو شاهد فى شهادته المسيحية صورة يتمثل بمسيحه و هو يقدمه فى خدمته.
مشهد ثالت للقديس سيلا أنه كان متقدما فى المكانة الاجتماعية فلقد كان مواطنا رومانيا مثل بولس الرسول ، وكان لعائلته مكانة سامية وكان له ثقل وكانت هذه الواجهة الاجتماعية. الخلاصه فى هذه النقطة أن سيلا كان يعيش وصية المسيح: “مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا” (مت 20 : 26 ، 27)
من هذه الصورة كانت ثقة التلاميذ كي يختاروه لينقل قرارات المجمع.
2- الرفيق المعلم
فلم يكتفي بوجود بولس معه وتركه يتولى أمر توصيل القرارات وإنما قام بدوره على أكمل وجه وهو بالتأكيد كان يمتلك من اللباقة والفصاحة وروح الإقناع والتشجيع مايؤهله لأن يختاروه لهذه المهمة ، فكثيرون نجدهم يتكلمون بالإنجيل ولكن بروح محبطة للسامعين ولكن هناك من يقدم الانجيل بروح تشجيع والإنجيل بالأساس لغته مشجعة.
مثال: فى التريية الطفل فى الامتحان ممكن ميجبش درجة كويسة بس تلاقى الاب و الام يشجعوه بطريقة ايجابية يقولوا صحيح الدرجة دي مش حلوة فاكر الدرجة اللى فى الامتحانات قبل كدة جبت فيها كام فيغرسوا فى الطفل تشجيع محبة للانطلاق.
سيلا كان يجمع فى حياته ثلاث جوانب للتعليم:
اولا: كانت حياته وسلوكياته فيها تدقيق ، كان إنسانا ملتزما بالوصية
ثانيا: عظاته ودراسته كان فيها نوع من العمق.
ثالثا: أسلوبه فى الشرح كان أسلوبا مشجعا يقدم لنا مثال للخادم الناجح أنه يكون بهذه الصورة يقدم حياته كنموذج ، سلوكياته ، كلماته ، ولكن ايضا أسلوبه ايضا اسلوب التشجيع الروحى وهو عمل مهم جدا فى الخدمة الروحية.
3- الرفيق المتالم
كان ايضا يعانى من الألم فلم تكن حياته تمضي بسلام فكما قلت لكم الاسبوع الماضي في قصة برنابا وبولس أنهما اختلفا وانقسما إلى مجموعتين: برنابا أخذ مرقس وبولس أخذ سيلا ، وبدأت الرحلة التبشيرية الثانية و ابتدأ مع بولس الرسول يزور بلاد كثيرة وتعرض لألم شديد وفى فيلبي و هى أول بلد فى أوروبا تعرف المسيح وهي بلد ليديا بائعة الارجوان والجارية التي بها روح العرافة وفيها أيضا السجن اللى سجنا فيه حيث صارت الصلوات والتسابيح تصعد من زنزانة السجن وطبعا السجون فى ذلك الزمان لم تكن أماكن مريحة والسجن بصفة عامة مكان غير مريح . وتعرضا لآلامات جعلتهما يثبتا أكثر فى الإيمان و حولا السجن إلى كنيسة وحدثت المعجزة و بسبب الصلوات المرفوعة انفتحت أبواب السجن ونقرا هذه القصة الجميلة فى سفر الاعمال اصحاح 16 و كيف آمن حافظ السجن هو وأهل بيته.
بولس و سيلا لم يهربا من السجن وهو مانتمنى أن يتحلى به كل المؤمنين أن تكون العبادة ممتزجه بالسلوك. المسيحية ليست مجرد عبادات ، المسيحية حياة ..!! .. فالعبادة يجب أن تترجم إلى سلوك ، وبحسب السلوك يكون التأثير في الآخرين. فبولس وسيلا فى السجن امتزجت عبادتهم بالسلوك والأمانة ، فلم نسمع أن سيلا كان مترددا أو خائفا أو متشككا ولم يفكر في أن يتخلى عن بولس الرسول.
4- الرفيق الايجابي
خدم سيلا مع أكثر من شخصية من الآباء الرسل ، خدم مع بولس الرسول العظيم ومع بولس وتيموثاوس في كنيسة كورنثوس ومع بطرس الرسول (وربما يكون هو الذي حمل رسالة بطرس الرسول) ،الخلاصة انه كان متفاعل وتفاعله جعله خادما ناجحا وايجابيا ، فبولس اللاهوتي المقتدر فى قمة السلم التعليمي وبطرس الرسول كان صيادا فى آخر السلم التعليمي و سيلا نجح مع هذا وذاك ..!! .. لأن خدمته كانت للمسيح أولا وأخيرا.
اخدم مع بولس ايوة ، اخدم مع بطرس ايوة ، اخدم مع تيموثاوس الذي ربما يكون اصغر منه سنا لكن النتيجة أنه كان شخصا ايجابيا متعاونا.
هناك من لا يستطيع أن يخدم إلا بمفرده واذا شاركه آخر تتعطل الخدمة ، والخدمة لا تكبر إلا إذا خدم بمفرده. لكن فى من يخدم مع أي احد لأن هدفه هو شخص المسيح عشان كدة يخدم ويا واحد و اتنين و ثلاثة كل واحد باسلوبه.
كان سيلا رفيق فى الخدمة ولكنه رفيقا ايجابيا متعاونا ، لم يهمه من يكون الأول ومن التاني مين عمل ايه و مين عمل ايه . المهم انه كان انسان متعاونا. و ده السبب اللى جعل السيد المسيح يطلب من التلاميذ ان يكرزوا اتنين اتنين . حتى يتعلموا التعاون .
فى مثل جميل يقول أن أصابع البيانو أبيض وأسود و مع ذلك لا يمكن الاستغناء عن أي منهما لكن نستعمل كليهما فيحدث هارمونى وانسجام جميل ومتعة للأذن.
كان سيلا نموذجا جميلا للتبعية الأمينة والرفيق الأمين ، كان هدفه أن يخدم المسيح بغض النظر عن شخص من يخدم معه وعن وضعه وترتيبه داخل الخدمة. كان هدفه مجد الله أولا وأخيرا. هو رفيق متقدم فى خدمته الروحية وفى شهادته للمسيح و فى مكانته الاجتماعية وهو رفيق معلم ورفيق متالم وهي طبيعة الحياة مع المسيح واخيرا هو الرفيق المتعاون. النماذج التي تحدثنا عنها الأسابيع الماضية نقصد بها أنه لا يهم أن تكون إنسانا مشهورا ومعروف عند الناس لكن المهم أن تكون معروفا عند المسيح. المهم أن اسمك يشهد له المسيح .بغض النظر عن دورك أو طبيعة عملك فى الحياة و لكن المهم أن تكون موثرا للغاية .
وهذا ما عرفناه في يوناثان وداود ، وفي مردخاى واستير ، وفي برنابا والتلاميذ ، واليوم في حياة سيلا.