فى هذا الصباح المبارك و نحن نحتفل بعيد النيروز” الشهداء ” ففى مثل هذا اليوم نحتفل بتذكار البابا ديسقورس البابا ال 25 و نسميه بطل الأرثوذكسية و ايضا القديسة رفقة و اولادها الخمسة و هم اسرة مصرية ،فالقداسة ليست محصورة على فئة معينة و هنا ياتى السؤال : كيف تكون إنساناً شاهداً للمسيح ؟
هناك الشهادة بسفك الدم و هذا ما نسميه الشهداء و هؤلاء تاريخهم كثير فى تاريخ الكنيسة .
و لكن اذا لم نكن الان فى عصر استشهاد فكيف يكون الانسان شاهدا للمسيح ؟
و هذا السؤال يزداد اهميته عندما نعرف ان السيد المسيح قال لتلاميذه قبل الصعود تكونون لى شهوداً و عندما سألوه اين تكون لك شهود يا رب ؟
قال : تكونون لي شهوداً فى أورشليم ،السامرة، اليهودية و أقصي الارض .
أورشليم : بمعنى المنطقة او البلد التى ولدت فيها و تعيش فيها ثم اكبر ثم اكبر ثم الى كل العالم .
احب ان اضع امامك اليوم ثلاث علامات فى متناول أيدينا جميعاً يكون الانسان شاهدا لمسيحه و يعيش الوصية ” تكونون لى شهوداً ” .
الصورة الأولى ” الشهادة للمسيح بالإيمان ” : الايمان المستقيم الذى تعيش به و تعلن عنه و تمارسه ، فالايمان ليس شيئاً ملموس و لكننا نعيشه فى قلبنا. فالايمان اول شعور داخلى يقينى للانسان بوجود الله و انه ليس غائباً عنا.
• الله قادر : يسميه سفر الرؤيا ” الله القادر على كل شيء” وربنا يسوع لمسيح يقول : ” بدونى لا تقدروا ان تفعلوا شيء” .
• الله العامل : الله يعمل فى كل ساعة و احيانا نسميها على مستوانا الشخصي ان الله عمل معى معجزة .
“فالله حاضر و قادر و عامل”
فالله يعمل فى حياتى و حياتك لذلك نسميه ضابط الكل و نسميه ايضاً صانع الخيرات و محب البشر فهو يحب كل البشر يحب الابرار و الاشرار و المشرق شمسه على الجميع و يعمل من اجل الكل و يا بخت الانسان الذى يسلم حياته فى يد الله و يسمونها ” حياة التسليم ” .
الصورة الثانية : ” الشهادة للمسيح بالتوبة ” : و التوبة تعنى نقاوة القلب و الحياة فانت تشهد للمسيح عندما تحرص ان يكون قلبك نقياً وهناك شخص يعيش فى الخطية و تصبح جزءاً منه.
مثال : يحدث فى بعض البلاد الفقيرة عندما يعيش الاشخاص بجوار ابار الصرف الصحي و الرائحة الكريهة و لكن لانهم اعتادوا على العيش هناك فاصبحوا ذلك شيء عادى .
فهناك الاشخاص الذين اعتادواعلى الخطية و ان يكون لسانه ليس نقياً و قلبه ليس نقياً و نيته ليست نقية و اعتادوا على ذلك و لا احب ان اسميها اصبحت طبع و هناك اشخاص مهما كانت درجة نقاوتهم يحرصون ان يصيروا اكثر نقاوة لانه بدون النقاوة لايستطيع احد ان يعاين الله ، فكيف يشهد له ؟
فالكتاب المقدس يقول ” بكلامك تتبرر و بكلامك تدان ” لذلك نسمع عن فلسفة أباء الصحراء فاختاروا الصمت اكثر من الكلام و نسمع كثيراً عن هذه العبارة ” كثيراً ما تكلمت و ندمت اما عن السكوت لم اندم قط “.
لذلك فنحن نعظم فى كنيستنا قديسين التوبة مثل القديس اغسطينوس والقديسة مريم المصرية و القديس موسي الاسود و التوبة من عظمتها جعلت القديس مار اسحاق يقول عنها :”طوباكى ايها التوبة يا من تحوليين الزناة الى بتولين ” .
الصورة الثالثة : الشهادة للمسيح بالخدمة : الخدمة التى تقوم على ارضية المحبة ، فاعمال الرحمة و الخدمة والمحبة تجعل الانسان شاهداً لله و تتعلم كيف يتسع قلبك لكل العالم و خادم للكل و تقدم المحبة للكل فالعالم اليوم جائع للحب وسط عالم التكنولوجيا و الماديات . فاذا اردت ان تكون شاهد للمسيح فاملاء قلبك بمحبة بالمسيح و قدمها لكل العالم .
قصة جانبية : كانت هناك بعثة تبشيرية لاحد البلدان فى افريقيا و كانوت يرعوهم من الناحية الطبية و بعد فترة من الوقت و التقدم اقامت حكومة البلد مستشفى لاهل القرية هناك لتقدم لهم الرعاية الطبية و ظنت ادارة البلد ان اهل القرية لن يذهبون مرة اخرى الى هذه البعثة التبشيرية فى هذا المكان البعيد و لكن كانت المفاجاة للجميع ان اهل القرية لازالوا يذهبون الى هذه البعثة فى المكان البعيد . ثم سألوا رجل شيخ : لماذا تذهبوا الى هذه الخدمة البعيدة و نحن اقمنا لكم مستشفى بجواركم؟
فرد الشيخ : صحيح انه نفس الدواء و لكن اليد التى تقدم الدواء فى البعثة فى المكان البعيد تقدمه بمحبة اولاً و ليست كوظيفة .
كل اشكال الخدمة متاحة لكل انسان فى كل مكان , اذاً يا اخوتى نستطيع ان نكون شهداء للمسيح بدون سفك دم ، نستطيع ان نكون شهود و شهداء بايماننا و توبتنا و خدمتنا .
ارفع قلبك اليوم و انت تصلى فى القداس ان اكون شاهدا لك فى هذا المكان الذى فيه فى عملك فى اسرتك و وسط اولادك .