القي قداسة البابا عظة القداس بكنيسة العذراء دالاس واليكم بعض ما جاء بها…..إنجيل هذا الصباح نسميه إنجيل الراعى الصالح و فى هذا المقطع من الأنجيل فأنه يتكلم عن الراعى الصالح و الراعية الصالحة و يختم هذا الأنجيل بعبارة “رعية وأحدة لراعى واحد”.فى زمن السيد المسيح كانت توجد صور إجتماعية مألوفة للناس و كانت أهم صورة موجودة هى الراعى الذى تتبعه الرعية أى القطيع حتى تأكل و تشرب و بالتالى تنمو و فى آخر الليل يجمع الراعى القطيع فى الحظيرة و فى نفس الوقت هناك رعاة آخرين يأتون بقطيعهم إلى نفس الحظيرة و بالتالى فأن القطيع يتلخبط مع بعضه، فكيف يميز الراعى قطيعه؟ كان فى الصباح يقف على باب الحظيرة و يصفر بشكل معين و صفيره هذا تسمعه خرافه فتجرى نحوه. هنا السيد المسيح يستعير هذه الصورة الأجتماعية و هذا المثل المعروف و يطلقها بصورة روحية على مفهوم الكنيسة.
فى هذا المثل يتكلم المسيح عن الراعى الصالح و عن الأجير و السارق أو الذئب. و حين يقول “أنا هو الراعى الصالح” ففى النهاية يقول ” رعية وأحدة لراعى واحد” و الراعى الواحد هو السيد المسيح هو راعى الكنيسة و مؤسسها و منميها و نحن كلنا نعمل تحت هذه الراعية، أما الرعية فهى الكنيسة و مفهوم الكنيسة أنها ليست مجرد مكان بل لها معانى كثيرة أولها:
1- الكنيسة هى حياة إنجيلية : و هنا لا أقصد الكنيسة كمبنى او شكل بل الوصية و الشريعة التى تعيش بها لذلك نسمى الأنجيل سور الكنيسة “الحماية” و الكنيسة ليست مكان نأتى إليه بل حياة نعيشها حسب وصية الأنجيل كما قال بولس الرسول “أن الأنسان عندما يعيش فى الأنجيل يصير هو إنجيلا مقروء من جميع الناس” و كما قال فى رسالة فيليبى “فقط عيشوا كما يحق لأنجيل المسيح” و نلاحظ هنا إستخدام كلمة “فقط” إذا فالحياة حسب وصايا الأنجيل هى التى تعيد صياغة تفكيرنا و أذهاننا و أروحانا و يعطينا الأستنارة الداخلية.
2- الكنيسة هى حب و كرازة: فالقديس يوحنا ذهبى الفم يقول “أى نفع للمسيحى الذي لا ينفع غيره” فالكنيسة فى مفهومها هى الأنسان الذى يعيش الحب الحقيقى و هو الحب الروحانى الذى يقدم و لا يأخد كما فعل السيد المسيح حين قدم لنا الخلاص عن طريق الصليب و ترك الأنسان حرا فى أن يقبله أو يرفضه. و الحب هنا ليس حب المشاعر و الجسديات و لا المقتنيات فهو حب أسمى من ذلك لا يفنى و يعطى على الدوام و نحن فى الكنيسة نتعلم الحب و الكرازة كما قال الكتاب المقدس “محبة الله أنسكبت فى قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا” و نحن نأخذ هذا الحب و نقدمه لكل أحد بدون تميز بأعتبار كل الخليقة عائلة واحدة خصوصا أن الكتاب المقدس علمنا أن القريب هو كل إنسان خلقه الله و ليس قريبنا فى الجسد.
3- الكنيسة هى سماء أرضية: فالقديس يوحنا ذهبى الفم أيضا له عبارة تقول ” أن الكنيسة أكثر إتساعا من الأرض و أكثر علوا من السماء” فالكنيسة لا تحدها الجدران لأنها حياة سماوية كما نقول “كما فى السماء كذلك على الأرض” فالكنيسة قطعة من السماء. فالقديس يوحنا يريد أن يقول أن الكنيسة سماء أرضية يمكن أن تكون شمسا أو قمرا أو نجما فالمهم أن تكون موجودا فى السماء. و الأشخاص يمكن أن يكون منهم من مثل الشمس كالعذراء مريم و منهم من يكون مثل القمر أصغر قليلا و منهم من يكون مثل النجم ليس ظاهرا و لكن لا يهم غير أن تكون فى السماء. فلنحاول أن نرتبط بالسماء و ليس الأرضيات و الترابيات. فالكنيسة فوقها قبة حتى نبقى عيوننا نحو السماء و نحن نضع صور القديسين فى الصف الأول من حامل الأيقونات حتى نتذكر هؤلاء الذين سبقونا إلى السماء.
خلاصة الأمر هى أن الرعية الواحدة التى يطلبها الراعى الواحد لها مواصفات و هى أن لها حياة إنجيلية و تقدم الحب لكل العالم و أخيرا أنها سماء أرضية تعيش على الأرض و حياتها فى السماء.