فى إنجيل هذا الصباح يستعير أحد الأمثال الشعبية التى كانت موجودة فى زمن المسيح و يتحدث عن خمس عصافير و واحدة منها غير منسية أمام الله و يتحدث الأنجيل عن أهمية و عناية الله بالأنسان حتى أن “شعر رؤؤسنا محصى أمام الله” و فى مثل العصافير: فالعصفور لا يكون طائرا بدون جناحين و نحن مثل العصفور نحتاج جناحين و هما العهد القديم و العهد الجديد حتى نستطيع أن نرتفع إلى السماء. و على المستوى الروحانى نحتاج إلى جناح التوبة أى البحث عن نقاوة القلب و جناح التناول و فى التناول المهم عدم ممارستها كنوع من العادة بل ممارستها بنوع من الأشتياق كما قال الكتاب “فرحت بالقائلين إلى بيت الرب نذهب”. أيضا فى حياتنا الروحية نحتاج إلى جناح الخلوة أو المخدع و هو وقتك الخاص الذى تختلى فيه بالمسيح و تتدرب على اليوم الذى سوف تقف فيه أمام المسيح و هل فى خلوتك تخرج ما فى قلبك إلى المسيح و تكشف ذاتك كاملا بدون تجميل للذات لأن الرياء هو عدونا الأول فى الخلوة، إذا هل خلوتنا متقطعة متباعدة أم فى أوقات ثابتة و الجناح الاخر هو الخدمة فهل ايها الأنسان تخدم خدمة تكليف، تشريف أو خدمة من الله هدفها تمجيد الله الذى أمتلىء قلبك بحبه فصرت تحول هذه المحبة إلى عمل خدمة حقيقى أو هى خدمة شكلية لتمجيد الذات. فلنتذكر جيدا أن جناح الخلوة يسند جناح الخدمة و العكس صحيح بهم تنطلق بهم فى حياتك.
و فى حياة الصلاة هناك جناحين يسندها و الصلاة نبدأ فى تعلمها منذ صغرنا من تعلم رشم الصليب حتى ترتيب عبارات و آيات الكتاب المقدس و هى عمل سهل لأننا يمكن أن نصلى فى أى وقت سواء كنا جالسين أو واقفين أو على الفراش. و الجناح الأول للصلاة هو الصوم و الصوم هنا ليس الصوم النظامى من أربع و جمعة و الأصوام الكنسية أو تغير فى الأكل بل الصوم عن أشياء كثيرة فى العالم من أجل محبة الله و مثال لذلك الشهداء الذين كانوا متعلقين بالله و ليس الأرض فأستطاعوا أن يبذلوا حياتهم دون أهتمام بالأرضيات. إذن الصوم هو الحياة التى لا ترتبط بالأرض. الجناح الاخر و هو الصدقات أى عدم الأرتباط بما هو على الأرض و الصدقات هى الشعور بالآخر. و الصدقة تأتى قبل الصوم و الصلاة لأن الصدقة تعنى الشعور و الأحساس بالآخر فالأنسان عبر الزمان يعرف بالأنانية و من هنا يأتى مفهوم الصدقة ليس بالمفهوم الضيق بل بالأحساس بالآخر حتى و أن كنت لا تراه.
هكذا أنت أيها الحبيب فى إتجاهك إلى السماء أصلح جناحيك حتى يسندوك فى حياتك الروحية و تستطيع أن تشعر، تستلذ، تقترب من السماء حتى تقول مع داود النبى “ليت لى جناحا كالحمامة فأطير و أستريح”.