بدأ قداسة البابا تواضروس الثانى محاضرته الاسبوعية بتقديم التهنئة لنيافة الانبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الغربية بعيد تجليس نيافته وعيد تأسيس الايبارشية وأيضا بعيد ميلاد نيافته قائلا “نفرح معا اليوم بالعيد ال 44 لتأسيس ايبارشية البحيرة التى أسسها المتنيح البابا شنودة الثالث وهو نفس عيد تجليس نيافة أنبا باخوميوس أسقفا للايبارشية. كما نحتفل بالعيد ال 25 لترقية نيافة الأنبا باخوميوس لرتبة المطران وأيضا نحتفل بعيد ميلاد نيافته ال 80 . قررت عقد الاجتماع الاسبوعى هنا معكم كتهنئة رمزية لنيافة أنبا باخوميوس بكل هذه الأعياد، وباسم كل الاساقفة والكهنة والشمامسه الحاضرين نقدم لنيافته هدية تعبيرا عن محبتنا الرب يديم حياته لنا”.
من جانبه قال نيافة الانبا باخوميوس “نشكر إلهنا الصالح الذى أتى بنا لهذه الساعة ونشكر قداسة البابا تواضروس الثانى على محبته وحضوره وهى لمسة وفاء لن ننساها. نحن فخورين به لأنه أعطى الكنيسة مكانة مميزة وسط شعوب العالم، حافظ على الإيمان ويشهد له فى كل مكان يذهب إليه وفى نفس الوقت يكسب محبة كل شعوب العالم. لا يعطى راحة لنفسه أو نعاسا لأجفانه، يرعى شعبه، يفتقد، يكتب، يعلم. وأشياء كثيرة لا يسعنا الوقت لذكرها. نقدر له محبته وتعبه بكل تقدير.. إلى منتهى الأعوام يا سيدنا”.
محاضرة قداسة البابا الاسبوعية من ايبارشية البحيرة
القي قداسة البابا محاضرته الاسبوعية يوم الاربعاء 16 ديسمبر في ايبارشية البحيرة بعنوان الوفاء
اليوم أحدثكم عن الفضيلة الثالثة التى نتعلمها من قصة الميلاد وهى فضيلة “الوفاء” وهى فضيلة انسانية راقية. هى صفة انسانية يجب أن يتحلى بها الإنسان ونراها فى بعض الكائنات الأخرى. لكنها فى الإنسان تكشف أصل الإنسان الذى هو على صورة الله ومثاله.
فى بشارة الملاك للعذراء نجد العذراء اهتمت بآخر معلومة قالها الملاك لها وهى أن أليصابات حبلى بابن فى شيخوختها، نست العذراء كل العظمة التى نالتها بميلاد المسيح منها وقامت مسرعة دون الاهتمام حتى بمشقة الطريق أو غيره وذهبت لاليصابات لتخدمها فى شهور حملها الأخيرة ومكثت عندها ثلاثة أشهر… إلخ وقدمت لنا وفاء إنسانى راقى
قصة وفاة أخرى نلمسها فى القديس يوحنا الحبيب الذى كان يتكئ على صدر المسيح يكاد يسمع دقات قلبه، كان ممتلئ وفاءا حتى عهد إليه المسيح برعاية أمه أثناء صلبه
على النقيض نجد يهوذا التلميذ الخائن الذى انتهى به الحال بشنق نفسه جزاء خيانته
فى الوصايا العشر وصية “اذكر يوم الرب لتقدسه” وهى صورة وفاء للرب إلهك خالقك
وبها أيضا وصية “أكرم أباك وأمك”.. فهل أنت وفى لإلهك ووفى لوالديك وأسرتك؟
من هو الإنسان الوفى؟
1 – هو إنسان أصيل تربى التربية الروحية على الضمير الحى وكيف يحفظ الجميل
2 – هو إنسان ملتزم فى حياته بوعوده، كلمته التى يقولها سواء مع الرب أو مع البشر
3 – هو انسان ايجابى متفاعل فى المجتمع مع الكنيسة والآخرين. يتميز بالعطاء وهى صفة أصيلة فى الإنسان الوفى ليس فقط العطاء المادى وإنما أيضا العطاء النفسى المعنوى
4 – هو إنسان يفضل المصلحة العامة على مصلحته الشخصية
5 – هو إنسان واعى مدرك ما يفعله، يقدم كل أعماله من قلبه بدون رياء أو مظهرية
6 – هو إنسان يدرك قيمة الآخرين
يوجد الإنسان الوفى للكنيسة، للإيمان، للوطن، للعلم، لأقاربه وللمبادئ والقيم.
رحلة فى مواقف ومشاهد للوفاء فى الكتاب المقدس
1 – وفاء للأقارب فى وصية ” أكرم أباك وأمك”
– نلمسها فى قصة راعوث الوفية التى تغربت عن أرضها ومات زوجها وحماها وشقيق زوجها وعاشت مع نعمى حماتها. لكن ظهر وفاء راعوث الجميلة لحماتها فلم تتركها وفضلت أن تعيش معها فى بلاد غريبة. وقالت لها: “لا تلحى علي أن اتركك… الموت يفصلنى عنك” لذا استحقت أن يخرج من نسلها المسيح مخلص العالم. لأن الله يقدر هذه الفضيلة لأبعد حد لأنها تحوى داخلها الإخلاص، الأمانة والشعور بالآخرين.
– صورة يوسف الصديق الذى عاش وصية “أكرم أباك وأمك” قبل أن توجد. احتفظ لآخر بلحظة بوفائه لأبيه وأخوته ف “كان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا” وصار نموذج للعفة والطهارة أيضا.
3 – الوفاء للأصدقاء فى قصة داود ويوناثان. رغم عداء شاول لداود ، لكن ظل داود وفيا لدرجة أنه كان يبحث عن أى أقارب ليوناثان ليكرمه فى صورة أولئك الأقارب. فاستحق أن يأتى المسيح من نسله.
4 – الوفاء للوعد
ونحن فى نهاية سنة وبداية عام جديد نجلس مع أنفسنا ومع أباء اعترافنا ونراجع وعودنا ونجدد عهودنا مع الرب
الرب أعطى وعد لأدم وحواء بعدما سقطا فى الخطية ونفذ وعده فى مجئ السيد المسيح وفداؤه لنا على الصليب
يعلمنا الكتاب المقدس “أن لا تنذر خيرا لك من ان تنذر ولا تفى” وهى صورة ايضا من صور الوفاء.
5 – الوفاء لأيماننا
بدأ مع بداية إيمان مصر بالمسيحية ويعيش الإيمان نقيا فى الكنيسة الارثوذكسية نسلمه من جيل إلى جيل كوديعة ثمينة. يظهر فى كل الأجيال الهراطقة وهم أشخاص غير أوفياء لإيمانهم أو لكنيستهم مثل أريوس ونسطور… إلخ حيث حملوا افكار غير مناسبة تعتدى على الإيمان. فعقدت الكنيسة المجامع للتصدى لأولئك الهراطقة وكانت مجامع على مستوى عالمى يحضرها أباء الكنيسة فى كل العالم.
6 – الوفاء فى سير العديد من القديسين مثل:
– القديس الانبا انطونيوس أبو كل الرهبان الذى خرج من عزلته وكسر وحدته مرتين منهم لمساندة البابا اثناسيوس فى بدعة أريوس. هنا فضل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة . وكان بنزوله للعالم بمظهره الناسك سبب فى عودة الكثيرين للإيمان الصحيح.
– القديس الأنبا بولا أول السواح عندما تقابل قبل نياحته مع الأنبا انطونيوس أبو الرهبان. تحدثا فى نقطتين الأولى عندما سأله عن كفاح البابا أثناسيوس ضد الأريوسية. والثانية عندما سأله عن فيضان النيل وهنا ظهر اهتمام الأنبا بولا ووفاؤه لكنيسته ولوطنه.
– فى زماننا المعاصر نجد صورة من صور الوفاء للدكتور مجدى يعقوب الذى عاد للوطن واهتم بإنشاء مركز لعلاج أمراض قلب الأطفال. هنا يظهر وفاؤه للوطن وأبناؤه. ويستمر فى أبحاثه فى هذا المجال الذى يمثل وفاؤه للعلم أيضا.
7 – الوفاء للوطن
فى مشهد نحميا الذى تعرض مع شعبه للأسر فى بلاد بعيدة وعمل ساقى لدى الملك. وجاءته أخبار محزنة عن حرق وطنه وهدم أسوار أورشليم، بكى وناح وصلى وصام. وانتهز الفرصة واستأذن من الملك وعاد لوطنه وأعاد بناء الأسواء المتهدمة ونقرأ فى سفره الآيه المشهور “إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى” وأنجز بناء السور فى 52 يوم. نحميا كان وفيا لوطنه فتحمل المشقة من أجل إعادة بناؤه.
هل أنت وفى على مستوى مجتمعك الصغير حيث أسرتك وأقاربك؟ هل تعلم ان أهمالك لأسرتك هو خطية عليك؟. هل الأب والأم يربيا أولادهما على غرس صفة الوفاء فى أطفالهما منذ الصغر. هل أنت وفى للكنيسة، للخدمة، للمجتمع ولعملك؟ هل أنت وفى لمبادئك؟
أيها الحبيب ابحث عن هذه الفضيلة فى حياتك وضعها أمامك فى شبابك وشيخوختك وكل مراحل حياتك. لأن وفائك يعنى إنسانيتك.
ربنا يحافظ عليكم ويعطينا هذه الفضيلة فى حياتنا على الدوام. لإلهنا المجد الدائم أمين.