القي قداسة البابا محاضرته الاسبوعية في الكنيسة البطرسية بالعباسية ودارت العظة حول القراءات من أمثال 6:6-19واليكم ماجاء بالعظة
تحدثنا فى الأسبوع الماضي من سفر الأمثال وقلنا أن هذا السفر يجمع خبرات الشعوب وخبرات حياة الأنسان وقلنا أن هذا السفر يصلح أن تقرأه و تتعلم من عباراته فيقدم لنا سفر الأمثال الخبرات الحياتية للإنسان مركزة وليست في زمن واحد ولكن عبر أجيال وأجيال واخترت أن أتأمل معكم خلال الأسابيع القادمة و تحدثت معكم فى الاسبوع الماضي عن اصحاب العيون المتعالية و ذكرت معكم فى الأسبوع الماضي أن العيون هي نافذة الروح و يمكن وصف الإنسان من خلال عيونه بمعنى أننا ممكن أن نقول أن هذا الإنسان عينيه بريئة أو خبيثة وتكلمت معك عن أصحاب العيون المتعالية وقلت لك هناك نوعان من العيون
النوع الأول : العيون المتعالية أي المتكبرة و هو الشخص الذي لا يري إلا نفسه .
النوع الثانى : العين المرفوعة و هي المرفوعة الى الله دائماً بالصلوات أو العين المتضعة وهى التى تنظر الرب فى كل حين وهى التى عبر عنها داود النبي ” جعلت الرب أمامي في كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع “.
تحدثنا فى الأسبوع الماضي كيف يرى هذا الإنسان صاحب هذه العيون نفسه ؟
واليوم نجيب عن السؤالين الآخرين
1- كيف يري الآخرون أصحاب العيون المتعالية ؟
2- كيف يري الله أصحاب العيون المتعالية ؟
– كيف يري الآخرون أصحاب العيون المتعالية ؟
عندما نرى هذا الإنسان تظهر لنا عدة صفات و تكون واضحة فيه أن شخص متعجرف تظهر فيه دائماً أنه مقاوح وليس سلس فى التعامل ولأنه كذلك تظهر فيه دائماً صفة التكبر وكذلك فهو دائم التحدث عن نفسه وتبرير ذاته .
مثال لذلك من الكتاب المقدس فى العهد القديم : نرى شاول الملك فى إحدى المرات تأخر صموئيل النبي وكانوا مجتمعين لرفع الذبيحة و رأى شاول فى نفسه أنه يقوم بهذا الدور فقام برفع الذبيحة ثم جاء صموئيل وخرج له شاول بعد أن انتهى من رفع الذبيحة فقال له صموئيل ماذا فعلت ؟ نرى شاول فى كبريائه أنه لم يعتذر بل يبدأ فى إلقاء اللوم على صموئيل . فلم يستطيع أن يقول شاول أخطيت أو يعتذر ولهذا السبب وصفه صموئيل بأنه أحمق و كاسر لوصايا الله . وكانت النتيجة أن الله أنهي حكم شاول ونزعه منه بعد أربعين عام وأعطاه إلى داود النبي .
– كيف نتعامل مع هذا الإنسان ؟
عندما نرى صاحب هذه العيون تجده دائما غير مريح وغير محبوب وغير مفرح بل الأكثر من ذلك أن هذا الإنسان لا يهوى إلا مديح الأخرين له . و لن يمدحه إلا المنافقين والعيون المتعالية هي خطية مركبة .
مثال لذلك من الكتاب المقدس فى العهد القديم هيرودس الملك عندما لبس الحلة الملكية بدأ من حوله من المنافقين عندما تحدث إلى الشعب بدأوا يقولون له أنه صوت الإله و ليس صوت إنسان وصدق هيرودس هذا الكلام وكانت نتيجة هذا التعالى أنه صدق نفسه ومات وأكله الدود وهو على عرشه.
الخلاصة يا أخوتي أن صاحب العيون المتعالية غالباً تراه إنسان سطحي وعندما تتحدث معه لا تنتقده لأنك عندما تفعل ذلك تصبح عدو له وإن كان هناك تعامل معه خليك دائما فى جانب الحق و لا تنافق وإن قدمت الحق قدمه بألفاظ متواضعة فلا يهزم العيون المتعالية إلا القلوب المتواضعة.
– كيف يري الله أصحاب العيون المتعالية ؟
فى سفر المزامير يقول الرب عال ويرى المتواضع أما المتكبر فيعرفه من بعيد وفى سفر الأمثال يقول ” قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح ” فالله يري الإنسان المتعالي أنه منحدر ساقط إلى أسفل مثل الشيطان الذي سقط بسبب كبريائه وتعاليه وكما تقول أمنا العدرا فى تسبحتها الذى أنزل الأعزاء من على الكراسي .
مثال أخر من الكتاب المقدس : داود وجليات وكيف أن تعالى جليات كان يخيف كل الشعب وهنا يقول داود الآية الشهيرة ” أنت تأتى إلى بسيف ورمح وترس أما أنا فآتى إليك بقوة رب الجنود “
فالذي أسقط جليات ليس الحجرة الصغيرة التى كانت في يد داود إنما كبرياء جليات هو من أسقطه .
– كيف يتعامل الله مع أصحاب العيون المتعالية ؟
الله يهمه جداً سلامة كل أولاده من الكبرياء و التعالي لذلك أحيانا يسمح الله ببعض التجارب والضيقات حتي يحمي نفوسهم من الكبرياء وأحيانًا نسأل أنفسنا هو ليه يا رب بتسمح ببعض الضيقات التى يدخل فيها الأنسان .
مثال لذلك من الكتاب المقدس فى العهد القديم : أيوب الصديق الذي وقف متاعلياً أنه يقدم الذبائح والمحرقات ويقدم عن نفسه وعن أولاده وعايش حياة رغداء ولكن كان دائما يبرر ذاته وكانت ذاته متعالية فحب الله أن ينقيه من هذا التعالي فسمح الله له بالفقر والمرض حتى لا يكون بار فى عيني نفسه وفى آخر السفر يقول : ” بسمع الأذن سمعت عنك والآن رأتك عيناى ” . فالعيون المتعالية لا ترى الله.
الخلاصة
كيف يستطيع الإنسان أن يتخلص من هذا الضعف ؟
1 – النظر إلى فوق : أى أن تكون دائم النظر إلى الله كي ما تستمد منه القوة
” جعلت الرب أمامي فى كل حين لأنه عن يميني فلا أتزعزع “
النظر إلى أسفل : أى النظر إلى التراب الذي نسير عليه كان فى يوم من الأيام أناس لأن الإنسان من التراب وإلى التراب يعود.
من العادات الديرية العظيمة أنه بالرغم من ارتفاع الأديرة نجد أبوابها منخفضة حتى تخفض رأسك وأنت داخل إلى الدير ونرى التراب .
الرب يحافظ عليكم وعلى قلوبكم وأن تكون قلوبنا خالية من خطية العيون المتعالية .
لإلهنا المجد دائماً .
أمين .