في أجواء مُفرحة، قام قداسة البابا تواضروس الثاني بزيارة المؤتمر السنوي الثاني عشر لمدرسة القديس أثناسيوس الرسولي للشمامسة بمدينة نصر وكان موضوع المؤتمر هو (صلاة المسيح لأجلنا )
قدمت خلال المؤتمر دراسة شاملة لصلوات السيد المسيح التى نطق بها في العهد الجديد ، تم تناولها بتحليل ودراسة النصوص الكتابية المختلفة ودراسة البعد اللاهوتي والخلاصي لمحتواها والوعي بالخلفية اليهودية لتلك الصلوات وقراءة في نصوص الآباء حول هذه الصلوات ولا سيّما آباء مدرسة الاسكندرية (القديس أثناسيوس الرسولي والقديس كيرلس السكندري)، والبحث في الترابط العميق بين هذه الصلوات وبين صلوات الليتورجية القبطية ومن ثَمَّ معرفة تطبيقها الروحي في حياتنا اليومية، حتى تكون حياتنا اليومية متناغمة ومشابهة لحياة المسيح أثناء فترة تجسده.
و تم دراسة أربعة محاضرات حول:
1- يسوع المسيح له المجد مثل الصلاة
2- لماذا صلي الرب يسوع ولمن كان يُصلي؟
3- صلاتنا في المسيح له المجد
4- الصلاة والتجلي والتغيير Metamorphosis
وتم دراسة كل مشاهد الصلوات التي نطق بها المسيح له المجد (اكثر من 18 حدث) ودراسة الأمثال التي قالها المسيح عن الصلاة
وقد حاضر في هذا المؤتمر قداسة البابا تواضروس الثاني والآباء كهنة الكنيسة و45 خادم وخادمة من مدرسة الشمامسة، وقد شارك في المؤتمر 265 شخص من الأولاد والبنات وهم من الدارسين بالمدرسة من كافة المراحل العمرية (من ابتدائي حتى أولياء الأمور والشعب)
هذا وقد تم نشر كتاب بعنوان (صلاة المسيح لأجلنا) وهو يحتوي على كل ما تم تدريسه في المؤتمر من محاضرات ومجموعات عمل ولغة قبطية.
وفور وصوله قام قداسته بإلتقاط الصورة التذكارية مع كل أعضاء المؤتمر ، وأثناء اللقاء تقابل مع كل الموهوبين فردياً في كافة المجالات وشاهد مواهبهم في الموسيقى والرسم والتأليف وكتابة الشعر وشجعهم ، وتقابل مع خدام وخادمات مدرسة الشمامسة وشكرهم على مجهودهم الرائع في الإهتمام بالتعليم اللاهوتي الأرثوذكسي وقدم ايقونة التجلى هدية لكل مشترك بعد أن ألقى قداسته مُحاضرة حول موضوع (ثلاثيات في حدث التجلِّي)
وإلى نص كلمة قداسته:
نقرأ معاً قصة التجلٍّي كما وردت في بشارة معلمنا متى 17:
إن التجلي يشمل 3 عناصر رئيسية:
1) جبل 2) صعود 3) نور
بعدما رأي التلاميذ معجزات المسيح وسمعوا تعاليمه، أخذهم المسيح في نواحي قيصيرية فيلبس وأراد أن يمتحنهم وكان الامتحان مكون من سؤالين:
السؤال الأول: مَنْ يَقُولُ ٱلنَّاسُ إِنِّي أَنَا؟
» فَأَجَابُوا: “يُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانُ. وَآخَرُونَ: إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ: وَاحِدٌ مِنَ ٱلْأَنْبِيَاءِ”
السؤال الثاني: “وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟”
فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: “أَنْتَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللهِ ٱلْحَيِّ.!”
فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: طُوبَى لَكَ يا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لَكِنَّ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هَذِهِ ٱلصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ ٱلْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.
ثم اختار المسيح 3 تلاميذ: بطرس ويعقوب ويوحنا من أجل أن يصعدوا معه إلى الجبل
الجبل يعني 3 حاجات: الثبات والعلو والشموخ (أي العظمة)
وصعود الجبل يتطلب منا الجهاد وعندما نصل إلى قمة الجبل نجد النور الذي هو المسيح ذاته، ولاحظ معي أن التجلي حدث في النهار، فكان نور المسيح أقوى من نور الشمس!
-الجبل يُمثِّل لنا : الإيمان
-صعود الجبل: يحتاج منا الجهاد والتعب
-رؤية النور تحتاج منا : المحبة، حتى نستطيع أن نرى مجد المسيح لابد أن يكون قلبنا مملوء بالمحبة
انت كشماس في كل مرة تقف لتصلي، أنت في مرحلة صعود هذا الجبل حتى تُعاين نور المسيح.
– لماذا اختار المسيح أن يتجلَّى في نور؟ لأن شعاع النور يسير في طريق ومسارات مستقيمة، فعندما قال لنا المسيح أن نكون نوراً للعالم، فهو يريدنا أن نشرق في العالم وننيره باستقامة السلوك.
-حينما نسلك باستقامة، فهذا يدل على استنارتنا، فيصبح عندك قلب يشعر ويحيا بالروحيات وتكون حياتك ممتدة نحو السماء ..
في كل وقفة صلاة نحن نقف في استعداد لاستقبال نور ونعمة المسيح.
ويوجد أربع مصادر لأخد نور المسيح هم :
1- الكتاب المقدس : المسيح يطل بنور وجهه عليك .
2- الأجبية : المسيح أيضاً يُطل بنور وجهه عليك، مثلما نقول فيها (بنورك يارب نعاين النور)
3- الأبصلمودية : من خلال التسبيح والألحان ،نأخد نور المسيح .
4- السنكسار : الذي هو سيَر القديسين .
فى كل مرة نأخد نور المسيح من هذه الأربعة مصادر وهم مثل الأربعة أطراف لعلامة الصليب
وكل ما يشرق نور المسيح على وجهك، تتشكل فيك ملامح وجه المسيح و هذه هي قوة الصلاة وعظمتها .
سؤال : لماذا اخترت يا يسوع الثلاثة تلاميذ (بطرس ويعقوب ويوحنا) دون غيرهم؟
في هؤلاء الثلاثة بالذات، توجد معانٍ رمزية تشرح طبيعة علاقتنا بالمسيح.
بطرس :: يُمثِّل الايمان فهو الذي اعترف بالإيمان وقال”أنت هو المسيح ابن الله الحى” .
يعقوب : يُمثِّل الجهاد، فهو من أول التلاميذ الذين نالوا الاستشهاد.
يوحنا : : يُمثِّل المحبة، ندعوه يوحنا الحبيب
إختار المسيح أن يأخد معه : الايمان والجهاد والمحبة، في كل مرة نقف لنصلي نحن نحتاج ان نقتني هذه الصفات الثلاثة.
وقفة الصلاة والتسبحة والأصوام ممكن تكون متعبة لكنها بتكون التعب الحلو.
4- فى التجلى نأخذ 3 إمتيازات :
1)معاينة الله فى النور :
فى كل مرة نقف لنصلى، نحن نقف في مشهد التجلى، وفى كل مرة ننال من نور المسيح الذي يملأ قلبنا.
2)الفرح :
مثلما قال التلاميذ عندما شاهدوا مشهد التجلي (جيد يارب أن نكون ههنا)، وقد سمع التلاميذ هذا الصوت قائلاً: “هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت، له اسمعوا “
نحن نسمع صوت المسيح في الانجيل، فنفرح!
يجب أن يكون الانجيل واضحاً في كل يوم في حياتنا، “هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا ٱلْكِتَاب”
(رُؤْيَا يُوحَنَّا ٢٢/ ٧)
أنا أنصح الخدام بأنهم يجب أن يدخلوا فصول مدارس الأحد في كل مرة وهم ممسكين بإنجيلهم الورقي.
فرح التجلى نستمده من خلال مواظبتنا على كلمة الإنجيل “ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب “
كلمة الإنجيل في حلاوتها مثل الشهد والعسل وهي غالية مثل الذهب ومثل نور الشمس.
3- مقابلة المسيح وحده :
وهذا نُسميه اختبار معاينة المسيح وحده، ما يُميِّز الخادم أو الراهب الناجح من غير الناجح هو ان هذا الأول عيناه على المسيح فقط، أما الغير الناجح فهو مشغول بأمور كثيرة تشغل عينيه.
فى صلواتك ركز واجعل عينيك على المسيح فقط، اطلب وجه المسيح فقط، لأن فى هذه الصلوات ستشعر بوجود المسيح فى قلبك، تشعر بمَعيِّة المسيح.
ونلاحظ معاً أن أخر عيد سيدي في السنة القبطية هو عيد التجلى يوم ١٣ مسرى، وأول معجزة صنعها المسيح هى معجزة عرس قانا الجليل ١٣ بابه.
النقطة الأخيرة هي أننا نعيش عيد التجلى فى الكنيسة من خلال:
1- التونية البيضاء : رمز للثياب البيض ← رمز للسماء .
2- انوار الشموع : إضاءة الشمعة تفكرنا بنور التجلى .
3- رفع اليد فى الصلاة : تذكرنا بجبل التجلي والصعود والإرتفاع وإنتظار عطايا الله وأن يصبغ نعمته عليًّ، ورفع اليد يشير للتعب والجهاد، فالتجلي يحتاج للإيمان والجهاد والمحبة كما قلنا في البداية
لاحظ معي أن قصة التجلى وردت في البشائر الثلاثة الأولى ذكرتها بالتفصيل، أما فى انجيل يوحنا فاختصرها يوحنا البشير فى كلمتين حينما كتب “والكلمة صار جسداً ورأينا مجده” .
التجلي ليس هو فقط يوم واحد نُعيِّد فيه لهذا الحدث، لكنه حياة جميلة ممتدة نحياها في كل مرة نقف فيها للصلاة ونقرأ ونسمع فيها كلمة الله، تشعر وقتها بنور في داخلك وهو ما ندعوه “الإستنارة”
التجلي جعل الكنيسة التي على الأرض متصلة بكنيسة السماء من خلال شخص المسيح ذاته، وهذا هو مشهد التجلي، موسى وإيليا والمسيح حاضراً وسطهم في وجود الثلاثة تلاميذ.
ربنا يحافظ عليكم، أرجو لكم كل فرح في مؤتمركم، وأن تأخذوا شحنة روحية حلوة لحياتكم من خلال صلواتكم وتسابيحكم ودراساتكم الروحية وأن تحيوا بمفاهيم روحية جميلة، تستطيعوا بها فهم الكنيسة وترتيبها الجميل، وتستمتعوا بعشرة المسيح في كل يوم.