عقد قداسة البابا اجتماعه والمقرر يوم الأربعاء من كل أسبوع بكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل ببيت الكرمة بكنج مريوط.
استكمل قداسة البابا في عظة هذا الأسبوع حديثه في الإصحاح الخامس من رسالة القديس بولس الرسول الأولى لأهل تسالونيكي. حيث ركز على الآية 14 “شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ.”
حضر الاجتماع كهنة قطاع كينج مريوط، وألقى القمص يسطس كاهن كنيسة السيدة العذراء ببرج العرب كلمة قصيرة هنأ خلالها قداسة البابا بمناسبة مرور 20 سنة على سيامة قداسته في درجة الأسقفية. كما ألقى الشاعر الشاب رامي قشوع وهو من أبناء قداسة البابا، بعض الأبيات الشعرية.
أعيد على مسامعكم الجزء الذي قرأناه في الأسابيع الماضية من رسالة بولس الرسول الأولى لأهل تسالونيكي، آخر الإصحاح الخامس:
“ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيرًا جِدًّا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ.” (12 – 22).
ذكرت أمامكم أن الرسول بولس كثيرًا ما تكلم عن وصايا قصيرة، الوصية كلمتين أو ثلاثة، وهذه الوصايا قصيرة في عدد الكلمات لكنها ثمينة في معناها. مثل اللآلئ، فاللؤلؤة قد تكون صغيرة حجمًا لكنها غالية ثمنًا.
والقديس بولس في هذا الإصحاح الأخير جمع مجموعة من هذه اللآلئ وقدمها لنا كعقد ملئ بالوصايا الصغيرة.
وسنتكلم اليوم عن “شجعوا صغار النفوس”.
التشجيع فضيلة سامية يمكن أن تكون موجودة في بعض البشر، بينما هناك من لا يعرفون عنها شيئًا. بعض البشر عيونهم تلتقط الحاجة الجيدة وتشجع، أو النصف جيدة وتشجع أو الربع جيدة وتشجع. والبعض مهما شاهد من أمور جيدة لا يعرف التشجيع ..!!.
والإنسان بصفة عامة عنده مجموعة من الاحتياجات، أي واحد فينا له احتياجات جسدية، لازم يأكل ويشرب ………إلخ. وله أيضًا احتياجات نفسية، الحب ، التقدير ، الحرية ، الأمان ، التشجيع ..
كما نحتاج إلى احتياجات عقلية ، التعلم والمعرفة الاستطلاع.
ونحتاج إلى احتياجات روحية، نحتاج إلى الله الخالق، أحيانًا كتب الفلسفة تسميه “المطلق”.
ويحتاج الإنسان أيضًا إلى من يغفر خطيته. وإلى الحياة الأخرى أو الحياة الأبدية.
ومن أهم الاحتياجات الإنسانية الحاجة التشجيع ..
البعض يظن أن التشجيع للصغار فقط، لكن مهما كبر الإنسان فهو يحتاج إلى التشجيع. في البيت الواحد يحتاج الزوج إلى تشجيع زوجته، والزوجة نحتاج إلى تشجيع زوجها، ثم يشجعوا أولادهم. هكذا في الخدمة والكنيسة والدراسة والمجتمع بصفة عامة. وهكذا في الإنسانية ..
التشجيع من أجمل الموضوعات في الكتاب المقدس. وآية النهاردة “شجعوا صغار النفوس”، فمن هم صغار النفوس ؟ ..
1- صغار السن الأطفال:
لذلك تشجيعهم في وعلى الحاجات البسيطة. وتشجيع الأطفال الصغار احتياج يساوي احتياج الطعام والشراب.
القصة البسيطة خالص، لما الطفل يبدأ يصلي ويقول أبانا الذي …. ويغلط انت ككبير لما تقوله اللي بتقوله ده غلط .. أو تقوله تعالى نقولها تاني وتيجي عند الكلمة وتروح تقولها، مجرد أنك تقولها تاني أنت بتشجعه على النطق السليم.
صغار السن هم نوع من أنواع “صغار النفوس”.
2- صغار المكانة:
يسمونهم علماء الاجتماع الذين بلا صوت أو المهمشين، كالفقراء أو لفظ بيتكتب في كتب الأمم المتحدة وهو “الذين يعيشون على حافة الحياة”.
3- صغار القامة النفسية:
ممكن تكون طويل القامة أو قصير مش ده المهم، المهم القامة النفسية بتاعتك .. ودي تعرفها إزاي ؟ .. القامة النفسية هي لما تلاقي واحد كتير بيزعل او يغضب أو يتضايق …
صغار القامة النفسية اللي بيتقال عنهم أنهم لهم نفسية هشَّة.
4- صغار القامة الجسدية:
ليس المقصود قصار القامة .. يعني اللي صحتهم الجسدية ليست في قمتها زي إخوتنا أصحاب الاحتياجات الخاصة، هو إنسان وعنده مشاعر لكن قامته الجسدية بها شكل من أشكال القصور والصغر.
يحكى عن إنسانة معاقة تمامًا بدأت تمشي بمساعدة أجهزة ، فمشت 3 أو 4 خطوات، فقام من حولها بتشجيعها بالتصفيق الشديد فما كان منها إلا أن رفعت يدها وبدأت تشير لهم ..!.
5- صغار الروح:
يعني إيه واحد روحه صغيرة ؟! .. يعني إنسان ضعيف، صغار الروح أو اللي إيمانه ضعيف أو اللي بيعيش حياته مهزوز.
لا يثق كثيرًا أن الله هو المدبر لهذه الحياة، وينسى إن ربنا هو صاحب الكون وينسى كثيرًا أن الله ضابط الكل.
وهذا الاهتزاز النفسي يصل إلى حد الترك الإلهي.
6- صغار العزيمة:
اللي بنقول عنهم أحيانًا إنهم قليلي الحيلة. وبيندرج تحت النوع ده الإنسان الواقع تحت نير الخطية، يسقط ولا يقوم. حتى لو جاء واحد يساعد لا يقدر أن يقوم. صغار العزيمة بيحتاجوا باستمرار نوع من التقوية، صغار العزيمة الخطاة، الساقطين، وبنقول (في الطلبة في القداس): “الساقطون أقمهم والقيام ثبتهم” .. الإنسان الخاطي لا يحتاج إلى إدانة. لم آت لأدعو أبرارًا بل خطاة… وفي سفر إشعياء النبي يقول إنه مازالت يده ممدودة .. وهذه تعتبر نبوة عن الصليب. أن يده مازالت ممدودة على الصليب لتضم الساقطين.
7- صغار الإمكانيات:
واحد بلا إمكانيات، لا إمكانية عقلية ولا مادية ولا علمية ولا نفسية هؤلاء هم ما تسميهم الآية صغار النفوس. وهم موجودين في كل مجتمع وممكن يكون منهم إنسان يعيش معك، زوجة أخ، ابن، ابنة، وعايزة تبقى انت قريب منه وتعيش الوصية شجعوا صغار النفوس.
تعالوا ندخل في بعض أحداث الكتاب المقدس اللي بتقرب لنا الفكرة.
في سفر الأمثال الموت والحياة في يد اللسان. يعني كلمة ترفع بيها الإنسان فوق خالص ، وكلمة أخرى تقتل الإنسان. وده فرق كبير خالص. تعالوا نتذكر بعض المشاهد في الكتاب المقدس، نرجع للعهد القديم، نحميا عندما ظهر وهو مصلح في زمنه وقائد سمع الاخبار في السبي في نواحي بابا وآشور وسمع إن بلده أسوارها متهدمة وأبوابها محروقة بالنار، أما نحميا لما ابتدى يجمع هذه البقايا قال يلا بينا نبني أسوار أورشليم وقال هذا التعبير المشجع: “هَلُمَّ فَنَبْنِيَ سُورَ أُورُشَلِيمَ وَلاَ نَكُونُ بَعْدُ عَارًا”. (نح 4 : 14). بما إن دي بلدي ومدينتي ووطني مش عايز وطنه عار محدش يسيب مكانه مهمل.
ويقول العبارة الجميلة: “إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي” (نح 2 : 20).
” نرى التدرج فى الآية البداية ان اله السماء يعطينا النجاح اخذنا المكافأة وهى النجاح .. ثم نحن عبيده نقوم ونبنى .. وقال أيضًا: وَأَعْطِ النَّجَاحَ الْيَوْمَ لِعَبْدِكَ (نح 1 : 11).
مثال آخر: موسى كان ثقيل الفم واللسان فلما يدعوه الله لكي يقود شعبه يقول له يارب أنت نسيت أنا مين ؟! لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ”. ١١فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: “مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟ (خر 4 : 10 – 11).
مثال آخر:
يشوع فى حربه أمام أريحا عندما قابله الملاك وشجعه ..
أما فى العهد الجديد فى مقابلات السيد المسيح:
قال: “وهذه الارض أعطت ثمراً ثلاثون وستون ومئة”
وأيضًا قال: “قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يُطفئ”.
كما أنه فى مثل من البيئة المصرية وهو “النواية تسند الزير” بالرغم من حجمها الصغير جدًا مقارنةً بالزير بل النواية شجعت الزير كي لا يسقط.
من صور التشجيع التي صنعها السيد المسيح عندما ذهب إليه الأطفال الصغار قال “لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار” وأيضًا قال “دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ” (مت 19 : 14). وهنا السيد المسيح يوضح لنا أهمية خدمة الطفولة ..
فى خدمة الأطفال، الأطفال هم الذين يخدموننا .. لأنهم يقدموا لنا صورة عن البراءة وبساطة القلب والفرحة… في الطفولة تعاليم كثيرة جدًا.
موقف آخر عندما أتوا إليه بالمرأة التي سقطت في الفعل لكي يفضحوها وينتقموا منها .. أراد المسيح أن يكسب هؤلاء الرجال وأيضًا يكسب المرأة الخاطئة فصمت وهدأ وجلس على الأرض وكتب على الأرض فعندما يرى الرجال المكتوب على الأرض يتذكر كل واحد منهم خطيته فيهدأ.
إذا وبخها المسيح توبيخًا شديدًا أو أغلق أمامها جميع أبواب الرجاء أو النجاة .. كان من الممكن أن تنتحر .. أو أن يرجمها هؤلاء الرجال .. ولكن المسيح له طريقة فى التشجيع.
حتى الله عندما كشف خطاياهم كشفها بالستر ..
السيد المسيح عندما تكلم عن ضعفات فى الكتاب المقدس لم يذكر أسمائهم. مثل المرأة السامرية. فعندما قابلها قال لها “حسنًا قلتِ” بالرغم من خطاياها الكثيرة لكنه شجعها.
يجب أن تلتقط عينك الأشياء الإيجابية فى الآخر ..
يجب أن تكون عينك إيجابية .. وهذا يحتاج إلى جهاد مع النفس.
يمكن أن نعتبر السيد المسيح هو المشجع الأول .. لقد شجع تلاميذه ونيقوديموس وزكا وبطرس الرسول.
عشرة نقاط تساعدك على تشجيع الآخرين:
1- الابتسامة .. وهى رخيصة وسهلة وبسيطة وممكنة فى أي وقت .. فهى لغة عالمية .. الابتسامة والبشاشة وروح الفرح هى الوسيلة الأولى للتشجيع.
2- كلمات المديح .. عندما تقال وأنت سعيد ومبتسم ويكون لها وقع على الشخص الآخر.
3- كتابة عبارات صغيرة .. ومهم جدًا ذكر الاسم عند كتابة العبارة لأن أغلى شىء عند الإنسان اسمه.
4- التصفيق .. فهو يشجع الكبار والصغار ..
5- تقديم شهادة .. مثل شهادة التقدير ..
6- حضن الابن وتقبيله (خاصة الآباء والأمهات) .. هذه إحدى وسائل التشجيع القوية جدًا كما أنها توضح للابن أنه مقبول تمامًا .. فهذه الوسيلة لها فاعلية كبيرة حتى مع الكبار.
7- تقديم هدية .. ولكن يجب أن تكون الهدية مناسبة للشخص والمناسبة ..
8- المكافأة .. قد تكون مادية أو عينية ..
9- المرافق .. وجود مرافق للإنسان هو أحد وسائل التشجيع القوية جدًا .. فعندما أرسل المسيح تلاميذه أرسلهم ثنائيات .. كما يقول الكتاب “اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ، لأَنَّ لَهُمَا أُجْرَةً لِتَعَبِهِمَا صَالِحَةً. لأَنَّهُ إِنْ وَقَعَ أَحَدُهُمَا يُقِيمُهُ رَفِيقُهُ.” (جا 4 : 9 – 10) أي يشجعه ويسنده .. المرافق قد يكون من البشر أو من السمائيين مثل القديسين ..
10- التحدث عن إنسان في غيبته بإعجاب .. عندما تتحدث بإعجاب عن أحد فى عدم حضوره سيجد ذلك صدى جيد جدًا عند ذلك الشخص..
ولنلاحظ أن الآية بها علامتان : شجعوا:
• صيغة الجمع
• صيغة الأمر
أحيانًا يحتاج الإنسان أن يشجع نفسه .. قد تكون أنت من صغار النفوس فلا تحبط نفسك وتصيب نفسك باليأس .. ولكن شجع نفسك بمواقف النجاح السابقة وبعملية التحدي لأي عقبة تكون أمامك ..
التشجيع يسهم في احساس الإنسان بالرضا ويساعد الإنسان أن يكون لديه ثقة فى نفسه وأن يواجه الحياة ..
ابحث في دائرة مجتمعك على صغار النفوس وشجعهم .. واسعى أن يكون اتجاهك وعملك إيجابيًّا ..
التشجيع أحد لوازم الحياة الإنسانية الناجحة.
في ختام كلمته باجتماع الأربعاء الذي عقده أمس، قدم قداسة البابا تواضروس التهنئة للمسلمين المصريين في مصر وسائر بلاد العالم بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك،
وقال قداسة البابا: ننتهز الفرصة اليوم ونهنئ أخواتنا المسلمين بانتهاء شهر رمضان والاحتفال بعيد الفطر المبارك.
واحتفال كل المصريين المسلمين سواء فى بلادنا العزيزة مصر أو فى سائر البلاد نهنئ كل اخواتنا .. نصلي أن تكون دائماً كل الأيام أعياد وأن تضفي هذه الأعياد بفرحتها على كل قلب وكل مكان. ونصلى أن يعطى الله دائمًا سلام وهدوء ومحبة لبلادنا العزيزة.