عقد قداسة البابا تواضروس الثاني مساء اليوم اجتماع قداسته المقرر الأربعاء من كل أسبوع بكنيسة السيدة العذراء والأنبا بيشوي بمنطقة الأنبا رويس بالعباسية.
استكمل قداسة البابا خلال عظة هذا الأسبوع سلسلة اللآلئ الـ 15 التي يقدمها عبر عظاته بالاجتماع ذاته، من خلال الوصايا السلوكية التي أوردها القديس بولس الرسول في رسالته الأولى لتسالونيكي الإصحاح الخامس من آية 13 إلى آية 22 ونصها:
“سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ. اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُواكُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. امْتَنِعُواعَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ.”
حملت العظة عنوان “اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ” وهي اللؤلؤة السابعة من لآلئ رسالة تسالونيكي.
اللؤلؤة السابعة: اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ
(عظة يوم الاربعاء 26 يوليو لقداسة البابا تواضروس الثاني)
نهاية رساله القديس بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي الإصحاح الخامس من العدد (12)
ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَعْرِفُوا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ بَيْنَكُمْ وَيُدَبِّرُونَكُمْ فِي الرَّبِّ وَيُنْذِرُونَكُمْ، وَأَنْ تَعْتَبِرُوهُمْ كَثِيرًا جِدًّا فِي الْمَحَبَّةِ مِنْ أَجْلِ عَمَلِهِمْ. سَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ. انْظُرُوا أَنْ لاَ يُجَازِيَ أَحَدٌ أَحَدًا عَنْ شَرّ بِشَرّ، بَلْ كُلَّ حِينٍ اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ. افْرَحُوا كُلَّ حِينٍ. صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ. لاَ تُطْفِئُوا الرُّوحَ. لاَ تَحْتَقِرُوا النُّبُوَّاتِ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ. امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ .وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ عِنْدَ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. أَمِينٌ هُوَ الَّذِي يَدْعُوكُمُ الَّذِي سَيَفْعَلُ أَيْضًا. أَيُّهَا الإِخْوَةُ صَلُّوا لأَجْلِنَا. سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ جَمِيعًا بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. أُنَاشِدُكُمْ بِالرَّبِّ أَنْ تُقْرَأَ هذِهِ الرِّسَالَةُ عَلَى جَمِيعِ الإِخْوَةِ الْقِدِّيسِينَ. نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ مَعَكُمْ. آمِينَ.
بدأنا نتأمل في هذا الجزء من الإنجيل من عدة اسابيع مضت وقلنا أن القديس بولس الرسول قدم لنا عقد من اللؤلؤ من الوصايا التي ترسم حياة الإنسان المسيحي.
فالإنسان المسيحي ليس اسمًا فقط ولكنه اسم وفعل. لازم يكون بداخله فعل.
وفعل الإنسان المسيحي نسميه الوصايا الكتابية. والوصايا الكتابية كتبت ليس بجمال اللغة ولا بجمال الكلمات فقط، ولكن كتبت لجمال الحياة. لكي ما يعيش الإنسان حياته وتكون حياة جميلة، سعيدة.
تكلمنا في المرات السابقة عن 6 من هذه اللآلئ وقلنا أن العقد يتكون من حوالي (15 ) لؤلؤة. ونسمي الوصية لؤلؤة لأن الوصية لامعة ولها قيمتها. اللآلئ لا تفقد قيمتها أبدًا.
النهاردة هنتكلم عن اللؤلؤة رقم 7 والتي تقول “اتَّبِعُوا الْخَيْرَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ وَلِلْجَمِيعِ”
اتبعوا الخير .. وكلمة اتبعوا الخير كلمة جميلة يمكن تفكرنا كلنا لما القديس لاوي الذى صار فيما بعد متى الرسول جاله المسيح لغاية المائدة اللى واقف عليها لأنه كان عشارًا وقال له كلمة واحدة “اتْبَعْنِي” (لو 5: 27) follow me .. وهو هنا يتكلم بصيغة جميلة. بيقول اتبعوا الخير لأن الخير هو الله علشان كده استقر فى وجدان العالم كله أن الناس لما تصحى الصبح يصبحوا على بعض ويقولوا صباح الخير كلمة صباح الخير كلمة جميلة لأن الخير هو الله فكان هذا الصباح، لما أقول لك صباح الخير يعني أقول لك أن هذا الصباح الذي منحه الله لك (اللى هو الخير يعني) منحه لك علشان تتبعه وتعمل فيه الخير.
يعني هي كلمة بنحيي بيها بعضنا في أول النهار علشان يعطي الإنسان احساس أن هذا النهار هو للخير. فصباح الخير يعني صباح يوم جديد لتصنع فيه خير لأنه هذا الصباح هو ملك لله ومنحه لك لكي ما تتبع خطواته وتصنع الخير زى ما بتقول الوصية اتبعوا الخير.
وكلمة الخير كلمة جميلة جدًا لدرجة أن هناك من يسمون اولادهم بكلمة “خير”.
ومن الكلمات المشهورة التي نستخدمها لما واحد يعمل معك معروف تقول له “كتر خيرك” وهي كلمة جميل أن نعلمها لأولادنا باستمرار ..
كتر خيرك تجعل احساس الإنسان بالآخر وبما يصنعه انه خير.
والحقيقه الكلمة نفسها كلمة جميلة ولها معانٍ كتيرة حتى أن مؤسسات فى العالم تتخذها عنوانًا لها. فمثلا نسمع عن الجمعيات الخيرية، الجمعيات التي تصنع خير أو المؤسسات الخيرية أو نسمع عن منظمات فى العالم كله تعمل الخير مثل منظمة الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر. أو نسمع عن المستشفيات الخيرية. وهكذا مؤسسات وجمعيات كثيرة وهيئات في العالم وظيفتها فقط أن تصنع الخير.
لكن ما هو الخير؟
الخير هو الله. كلمة الخير تساوي كلمة الله علشان كده احنا كل يوم لما نصلي بنقول فلنشكر صانع الخيرات ومن هو صانع الخيرات الا الخير نفسه فهو صانع الخيرات ومن الآيات الجميلة فى مزمور 104 “تَفْتَحُ يَدَكَ فَتَشْبَعُ خَيْرًا” ع 28. يعنى ربنا يمد ايده كده يشبع البشر خيرًا. والسيد المسيح فى انجيل معلمنا متى البشير بيقول: “فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ! ” (مت 7: 11).
فعمل الخير أو صنع الخير هو من يد الله أولًا وأخيرًا لأنه إله الخير نفسه . ولكن لا تنسي أن هناك من يكرهون الخير. هؤلاء الذين يعيشون فى الخطية يكرهون الخير. فهم لا يحبون الخير لا لأنفسهم ولا للآخرين. بل على العكس لو حصل خير للآخرين يشعر هؤلاء بغضب شديد. ولعلكم تتذكرون قصة نحميا في العهد القديم الذى كان يعمل ساقيًا عند الملك. ولما دخل يقدم المشروبات التى يشربها الملك ووجد وجهه متضايق سأله عن السبب، فابتدأ نحميا يحكي له بعد ما صلى فى قلبه وابتدأ يقول له إن أنا سمعت أخبار غير طيبه عن أولادي .. وأورشليم مهدومة وأبوابها محروقة بالنار. فسمح له بالرجوع لأورشليم ومعه أناسًا من شعبه لبناء الأسوار وترميم الأبواب.
ولكن المهمة لم تكن سهلة. طيب دا أنت رايح في خير، رايح تبني سور وتصلح أبواب وتحصن المدينة. لكن وقف له بعض الناس الذين يكرهون الخير، وبدأوا يكسرون في مجاديفهم ويحبطونهم. ولكن نحميا كان عنده إصرار أنه لازم يتمم العمل وأشرك فيه كل أهل أورشليم ويقول لنا الآية المشهوره اللى كلكم حافظينها “إِلهَ السَّمَاءِ يُعْطِينَا النَّجَاحَ، وَنَحْنُ عَبِيدُهُ نَقُومُ وَنَبْنِي” (نح 2 : 20).
وبهذا الإصرار بنوا السور في حوالي 52 يومًا.
هناك مبدأ مهم لازم يكون واضح قدامنا أن قانون عمل الخير هو: “كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ” (رو 8 : 28).
كل الأشياء يبقى الحكاية تبدأ من عندك أنت. طالما أنت إنسان تحب الله يجب أن تثق تمامًا أن كل اللى حواليك هيحوله ربنا للخير. طيب هيحوله للخير إزاي ؟. طيب أنا مش شايف خير فيها لكن الله هي دى طريقته. والأمثلة في الكتاب المقدس كثيرة. لكن من أجمل الأمثلة، قصة يوسف الصديق والتي في ختامها قال لإخوته: “أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا” (تك 50 : 20). معادلة بسيطة جدًا. أنتم قصدتم لي شرًا وأما الله فقصد لي خيرًا. شيء واضح جدًا أن يظل البشر يرتبون الشر. لكن لأن الإنسان يحب الله فالله يحول هذا الشر إلى خير. فيوسف باعه إخوته .. وألقي في البئر وأتهم اتهامات صعبة ولما راح يشتغل فى بيت فوطيفار وضع في السجن. ولكن النتيجة النهائية كانت أن يرتقي يوسف وأن يصير الرجل الثاني لفرعون مصر ، وينقذ البلاد من مجاعات ونجمه يلمع ايه يا يوسف ايه الحكايه بتاعتك قال السر حاجة واحدة قال قلبى بيحب ربنا وخلاص انا مستخبي فى قلب ربنا أنا محمي في قلب الله. وقلب الله هو الذي يدبر كل شيء وعلشان كده أنا مش خايف وقال العبارة الجميلة بتاعته انتم قصدتم بي شرًا أما الله فقصد به خيرًا.
طبعا الآيات الكثيرة التى كتبت فى الإنجيل عن الخير أو عمل الخير عديدة جدًا، أحب أن اقول لكم بعضها. يعنى مثلا القديس بطرس الرسول بيقول عن السيد المسيح “الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ” (أع 10 : 38). جال يعني عمال يلف ويروح في كل مكان لا يعرف إلا أن يصنع الخير مع ده يشفيه ومع ده يقول له كلمة تعزية ومع ده يوضح له الطريق ومع ده يرشده ومع الصياد اللى طول الليل مش عارف مكان السمك ..!!. فتكون النتيجة: جال يصنع خيرًا سواء في الأرض أو في البحر ومعظم وكل أعمال السيد المسيح التي عملها والتي كان بيعملها ومقابلاته كلها كانت من أجل الخير لأنك عندما تصنع خيرًا فأنت تسعد الآخر. بتفرحه بهذا الخير. وزي ما قلتلكم احنا بنبتدي يومنا بكلمة صباح الخير، معناها أن هذا الذي اعطانا الله لي اعطاه مخصوص علشان اصنع الخير مع اللي هقابله سواء في نطاق الأسرة أو في نطاق العمل في نطاق المجتمع.
ولذلك من يصنع شرًا فهو يعتدي على حق من حقوق الله.
مثال: تصور أن الله أعطاك يوم جديد علشان تستغله استغلال حسن فيقوم ياخده الإنسان ويستغله في الشر ففي هذا اعتداء على عطية الله.
قبل الصليب لما وقف السيد المسيح أمام بيلاطس للمحاكمات وبيلاطس كانت معرفته على قده وهو مش فاهم حاجه من الكلام اللى بيقولوه اليهود فأهمل الحكاية اياها بعد المحاكمات دخل غسل ايديه وطلع بايديه اللى فيها الميه وقال عن هذا الإنسان إني برئ من دم هذا البار واتحكم عليه بالصليب . إني برئ من دم هذا البار هذا البار الذى يصنع خيرًا اللى هو الخير طبيعة حياته باستمرار.
طيب ليه الخير بيقف ؟ ليه فيه ناس الخير بيقف عندها أو بسببها السبب الوحيد الخطية . وهناك آيات واضحة جدًا فى الإنجيل مثلًا فى سفر إرميا: “خَطَايَاكُمْ مَنَعَتِ الْخَيْرَ عَنْكُمْ” (إر 5: 25).
أحيانًا تجد أحد البيوت فيه أمور كده مش مظبوطة لأن أحيانًا تقولوها بطريقة بسيطة (فلان ده حظه قليل ) مش الحكايه حظ قليل ولا حظ كبير وإن كانت الكلمة دى يعنى ملهاش تواجد فى مسيحيتنا لكن دايما الخطية تمنع الخير عن الإنسان أو عن البيت.
فى العهد القديم، إيليا النبي وأخاب الملك.
كان أخاب الملك وزوجته أشرارًا طيب شرهم ده عمل ايه منع نزول المطر. وعدم نزول المطر معناه إنه مفيش نبات يطلع وهذا يعني إنه مفيش أعمال زراعة وهو ما يؤدي إلى حدوث مجاعة. وكذلك مفيش أعمال الرعي. والحيوانات ستموت فالمطر ده هو الخير حتى إننا في مصر لما الدنيا تمطر نقول “خير”. وفعلًا هو خير في بلاد تعاني من الجفاف وعدم المطر.
انغمس شعب بني إسرائيل في الخطية ومنع عنهم الخير ومنع عنهم المطر لمدة 3 سنين. خطاياكم منعت الخير عنكم وكان الجوع شديدًا فى الأرض 3 سنين مفيش نبات بيطلع مفيش حصاد بيجى وبعدين إيليا لما قال لأخاب انت هو مكدر اسرائيل بل قال له أنت وبيت أبيك بترككم وصايا الرب وبسيرك وراء العليم. طيب وبعدين شوف الخير يأتي بصلاة ايليا النبي ويأتي الخير ويأتي المطر. وكان مطر عظيم وكان معه كل الخير.
فأربط دائمًا ما بين الخير الخطية. وجود الخطية يمنع الخير عن الإنسان يعمل حاجزًا أن الإنسان لا يتمتع بخيرات الله أو بعمل الله اللى بيصنعه باستمرار للإنسان.
طبعا الخير فيه درجات كبيرة خالص درجات كتيره لكن من أشهر قصص التاريخ قصة المعلم إبراهيم الجوهري. والقصة دى مر عليها حوالي 200 سنة وهنا على أرض مصر مصر القديمة. القصة باختصار أن هذا الرجل كان في عمله رئيس كتاب القطر المصرى اللقب بتاع وظيفته واللقب ده يساوى رئاسة الوزارء النهاردة. رئيس كتاب واسمه لامع وخادم ومعروف جدًا بمحبته لمسيحيته ولكنيسته ولوطنه. لكن أخوه المعلم جرجس كان يعاني من إساءات إنسان ما يسبه كلما ما عليه. فكانت النتيجة أن المعلم ابراهيم قال لأخيه: “أنا هقطع لك لسانه ..!!” فظن المعلم جرجس أن أخاه سيستخدم سلطانه وسلطته. ولكن المعلم ابراهيم الجوهري ذهب وقدم عطايا كثيرة لهولاء الناس ويبدوا أنهم كانوا فقراء أو محتاجين. وهكذا استخدم المعلم إبراهيم عمل الخير كوسيلة طيبة لقطع لسان الشر.
قصة أخرى:
لورد من اللوردات في إنجلترا كان عنده مساحة كبيرة من الأرض وأولاده بيلعبوا فيها.
وأثناء لعب أحدهم ذهب إلى منطقة بعيدة في الأرض وانزلقت فب الطين فوقع فى حفرة ولم يستطع الخروج فبدأ يستغيث فسمعه الفلاح الذي كان يزرع الأرض المجاورة، فأسرع ليساعد هذا الطفل فأخرجه وأنقذه. ورجع الولد إلى بيته وقص لأهله ما حدث معه وما فعله الفلاح معه. وفي اليوم التالي اصطحب الأب طفله إلى بيت الفلاح ليشكره وسأله الأب كم تريد من المال ؟ كمكافأة فأجابه الفلاح بأنه لا يريد منه شيئًا، وتصادف دخول ابن الفلاح إلى الحجرة التي كانوا يجلسون فيها، فعرض الرجل الغني أن يتولى تعليم ابن الفلاح فوافق. واجتهد هذا الابن ودخل كلية الطب وعمل أبحاثًا وصار مخترعًا وهو الذي توصل إلى تصنيع مادة دواء من الأدوية المعروفة وهو البنسلين وهذا الشاب اسمه أليكساندر فليمنج.
وفي نفس الوقت صار الطفل الذي وقع في الذين، رئيسًا لوزراء إنجلترا أيام الحرب العالمية الثانية وهو ونستون تشرشل.
الرجل عمل الخير والله رد له هذا الخير. وأنت أيضًا لا تمنع الخير عن أهله. عليك أن تعمل الخير ولا تنتظر رد. لكن الله سيرسل استجابات أكثر وأكثر امام عمل الخير الذي تعمله.
أظنكم تفتكروا قصة الطفل الذي رأى والده يميك بخشبة صغيرة وينحت فيها فسأله يا بابا انت بتعمل ايه ؟قاله يا ابنى جدك بياكل فى الطبق وبيقع منه وبيتكسر علشان الطبق زجاج، أنا بعمل له طبق خشب. طبعا الطبق الخشب للأسف بتبقى به رائحة الأكل ومبيتغسلش كويس. مرت أيام ورجع الأب من عمله وجد ابنه ممسكًا بقطعة من الخشب وينحتها ليصنع منها طبق خشب وحين سأله أبوه عما يصنع أجابه إني اصنع لك طبق خشب لتأكل فيه حين تصير عجوزًا كجدي ..!!.
كيف يصنع الإنسان خيرًا ؟
الوصية تقول: كل حين اتبعوا الخير بعضكم لبعض وللجميع يعني الخير ده مش محدود لا زمانًا ولا مكانًا. الخير ده كل حين كل الزمن اتبعوا الخير بعضكم لبعض اي الخير لا يقتصر على حدود أسرتي مثلًا أو حدود خدمتي أو كنيستي، لا بعضكم لبعض وللجميع مفتوحة فى أي مكان في أي زمان زي وصية السيد المسيح كل من سألك فأعطه. الوصية بهذه الصورة طبعًا علشان الزمان بتاعنا ده دخل فيه ناس بتحب الخداع والكذب. فبالتالى الأمر محتاج حكمة في كل عمل.
املأ قلبك بالمحبة الحقيقية، المحبة التي تكلم عنها الإنجيل والتي دعاها إليها السيد المسيح وليست محبة العالم التي نأخذها منه على الصليب اي ليست المحبة الاجتماعية أو الدبلوماسية أو الشكلية وإنما الحقيقية. لا تنظروا كل واحد إلى ما هو لنفسه ولكن للآخرين أيضًا.
تفتكروا زمان في القرن الثالث في الجيش المصري حين كان خارجًا لإحدى المعارك الحربية فعسكر بالقرب من مدينة إسنا. فخرج أهلها وقدموا طعامًا للجنود. ولفت هذا السلوك أحد الجنود فسأل عن أهل المدينة وعرف أنهم مسيحيين وأن وصيتهم تدعوهم لضيافة الغرباء فوضع في قلبه أنه لو عاد سالمًا من الحرب سيصير مسيحيًا. وبالفعل صار هذا الشاب الصغير القديس العظيم الأنبا باخوميوس أب الشركة، مؤسس رهبنة حياة الشركة. ربما من صنعوا الطعام لم يكونوا يتخيلون الأثر الجميل الذي سيتركه في نفوس الجنود. ولأنه عمل خير جذب هذا الإنسان وصار رئيس ومؤسس في التاريخ الرهبان.
علم نفسك المحبة اصنع المحبة. محبة على غرار محبة المسيح املأ قلبك بالمحبة لتتعلم تصنع الخير خليك إنسان خير من صفاتك أنك إنسان خير.
2- علشان تصنع الخير تعلم روح العطاء وعلمها لاولادك اتعلمها انت وتعلمها لأولادك وبناتك روح العطاء. يجب أن أعلم ابني ضرورة أن يعطي ولو شئ صغير. في عيد ميلاد أخيه أو اخته. لكي تصبح يده سخية في العطاء للحياة بصفة عامة.
انا فاكر مرة من المرات إنسان جاء ليقدم تبرع وكان يصطحب ابنه الصغير. فقلت له في نهاية الجلسة يا عم فلان المرة اللى جاية تقدم فيها تبرع تعمل زى ما الانجيل بيقول تقدمه في الخفاء فقال لي ما أنا بقدمه في الخفاء فقلت له وابنك اللى وياك ؟! قال لي ازاى يا سيدنا ده أبويا كان معلمني كده وأنا صغير كان أبويا بياخدني ونروح لأبونا الكاهن في الكنيسة ونقدم العطاء فأنا اتعلمت الحكاية دي منه، فلازم اعلمها لابني.
لازم تعلم ولادك الموضوع ده موضوع إن إزاي ابنك يكون خير إزاي يقدم في العطاء.
والعطاء ليس عطاءً ماديًا فقط إنما ممكن تقدم الجهد، ممكن تقدم الوقت، ممكن تقدم الفكر.
ثقافة التطوع واحدة من الثقافات الكبيرة الموجودة في الخارج بصورة واسعة. التطوع مثل التبرع تمامًا. واحد بيتطوع بمجهوده وواحد بيتبرع بنقوده. وواحد بيطوع بالوقت والوقت أغلى من النقود.
وادينا الصناديق التي تحتاج للتبرع في مصر مثل صندوق تحيا مصر، أو المساهمة في المستشفيات الكبيرة التي تقدم خدمات متعددة فى مجالات كثيرة في العالم قائمة على تبرعات الناس مش عندنا في مصر بس.
وهكذا هذه المشاركة المجتمعية هى عمل للخير ولما الإنسان يعمل الخير زى ما يقولكم
كتر خيرك ولما انا اصنع خير يبقى انا بتبع الخير بتبع الله.
الحاجه الثالثة: تعلم المحبة املأ قلبك بالمحبة، تعلم العطاء ومارس هذا العطاء. ثم احفظ الوصية، وصايا الله مثلا يقول في سفر إشعياء: تَعَلَّمُوا فَعْلَ الْخَيْرِ. اطْلُبُوا الْحَقَّ. انْصِفُوا الْمَظْلُومَ. اقْضُوا لِلْيَتِيمِ. حَامُوا عَنِ الأَرْمَلَةِ. (أش 1 : 17).
والوصية واضحة تعلموا فعل الخير دى حاجه بنتعلمها زي ما بنتعلم القراءة والكتابة بعلم ابني كيف يصنع خيرًا والسيد المسيح قدمها لنا بشكل آخر حين قال جعت فاطعمتمونى عطشت فسقيتمونى الطعام والماء وكل ما نقدمه كلها أفعال خير، أفعال الخير التى يصنعها الإنسان جعت فاطعمتمونى عطشت فسقيتمونى كنت غريبا فآويتموني عريانًا فكسوتموني مريضًا فزرتموني محبوسًا فأتيتم إليَّ كل دى صور من فعل الخير.
في النهاية زي ما ذكر القديس يعقوب الرسول وهو يتكلم عن الديانة الطاهرة النقية عند الله هى هذه افتقاد اليتامى والأرامل فى ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس في هذا العالم.
فعل الخير وصية جميلة ترتقى بالإنسان والإنسانية.
فعل الخير عمل يحتاجه الإنسان باستمرار واحنا فى كل يوم لما بنصلى بنقول: فلنشكر صانع الخيرات بنضع سبعة أسباب لهذا الشكر، فنقول: نشكرك لأنك
سترتنا وأعنتنا وحفظتنا وقبلتنا إليك وأشفقت علينا وعضدتنا وأتيت بنا إلى هذه الساعة.
هذه السبعة أفعال يصنعها الله معنا وهى كلها للخير بنشكره عليها.
الوصية كل حين مش مشروطة بزمن مش مشروطة بعمر ولا سن.
اتبعوا الخير، اتبع الله اللى هو محبة الخير ومحبه الله بعضكم لبعض وللجميع كل إنسان يحتاج هذا الخير وبكده يتكافل المجتمع، كل المجتمع. لا أقصد مجتمع مصر ولكن المجتمع العالمي كله من أجل أن تكون حياة الإنسان حياة ملؤها السعادة والخير.
ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.