“باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين. تحل علينا نعمته وبركته من الآن وإلى الأبد آمين
كل سنة وانتم طيبين ونحن في اليوم الثالث من هذا الصوم المحبوب في كنيستنا صوم نينوى الذي يسبق بداية الصوم الكبير بأسبوعين ، ونعتبر صوم يونان مع الفصح هو مصغر للصوم الكبير حتى عيد القيامة.
والحقيقة أن قصة يونان هي أيقونة جميلة موجودة في العهد القديم لكن كل ظلالها الموجودة بتقدم لنا العهد الجديد ، ورغم ان الفارق بين حادثة يونان وميلاد وتجسد ربنا يسوع المسيح حوالى ثمان قرون 800 سنة إلا أن حادثة يونان النبي كأنها مأخوذة من العهد الجديد كلها بالرغم من انها حادثة وفيها نينوى عاصمة أشور وفيها وثنيين لكن القصة بكل تفصلها توضح ذلك.
اولاً: ان يونان النبي هو النبي الوحيد اللى المسيح أتشبه به واخذة رمز “كما كان يونان هكذا كان ابن الإنسان” وهذه تعتبر كرامة إلى يونان.
ثانياً: يونان معناه حمامة ودائما الحمامة تحلق إلى فوق والمقصود بها ان دائماً الانسان الذي يعيش مع الله يكون منتمى للسماء، كما أن الحمام رمز النقاوة والبساطة والسلام وجميعهم رموز للإنسان الذي يعيش بروح الله.
وهناك شيء يجب أن نقف عنده وهو يشرح الارتباط المهم بين العهد القديم والعهد الجديد ونتذكر اخر ايه قالها المسيح لتلاميذه قبل الصعود آية (مت 28: 19): فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.20 وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» وهما اخر آيات في انجيل متى، ولكن السؤال كيف نطبقها على يونان؟.
1. فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ
2. وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ
3. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ.
4. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ»
فنجد أربع وصايا في يوم استدعى الله النبي يونان وقال له قم واذهب، ولسان حال يونان” طيب هروح فين يارب” هنا المسيح قال ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم” وهذه الوصية الأولى اترك بنى إسرائيل واذهب لبلد بعيدة وهي نينوى.
فأجاب يونان الله قائلًا :يارب دي بلد وثنية دول أعداء لنا ورغم ان الوصية واضحة اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم لكن يونان للأسف في عدم طاعة ذهب ” ترشيش “بدل نينوي وتكون النتيجة انه يكسر هذه الارسالية رغم وضوح الرسالة ولم يقدم نعمة ربنا للأخرين .
يونان ركب السفن والبحر هاج والامواج تعلى والبحارة وثنيين وهنا تأتى الوصية الثانية “وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ” فتكون قصة يونان كلها في المياه ويبقى يونان أيام بداخل الحوت في الماء مثل طقوس المعمودية لما بنزل الطفل ونغطسه 3 غطاسات.
كما أن يونان ظل لأيام يصلي فيهم مثل ما نصلى صلاة سر المعمودية ونعمد الطفل الصغير، ونبدأ جحد الشيطان ونوال المعمودية وظلالها في العهد القديم هي قصة يونان اللي بقى في بطن الحوت أيام.
والانجيل يعلمنا:”مدفونين معه في المعمودية” ويونان كان مدفون في الحوت وسط المياه لكن تظهر عناية الله الفائقة.
ومثل ما يونان بقى أيام هكذا ابن الانسان في القبر ثلاثة أيام فنربط قصة يونان مع المعمودية مع القيامة ، وهذا الترابط القوى ما بين عهد قديم من 800 سنة وبين ربنا يسوع المسيح وقيامته ومابين ممارسة سر المعمودية ويعيش معنا حتى النهاردة “وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ” .
القصه ليست ان يونان ظل في بطن الحوت 3 أيام ولكن كلها ظلال تروي لنا ما يحدث في العهد الجديد.
الوصية الثالثة “عَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ”
أعلمهم ايه يارب؟ نعلمهم الوصية كل آيات الكتاب المقدس هي وصايا قدمها الله للإنسان، ويونان عندما جاءت له الفرصة الثانية وذهب لأهل نينوى وبدأ ان يقول لهم بعد أربعين يوماً تنقلب المدينة وشرح مين ربنا ونعمل ايه وتابوا توبة حاسمة والمسيح أوصى تلاميذه بتوبة الانسان رغم انه المرة الثانية والنداء الثاني ليونان لكن راح وكانت المفاجأة شعب بأكمله يتوب وكل حد موجود في هذه المدينة العظيمة وهي مدينة فخمة مطلية بالذهب ومزروعة بحدائق بابل المعلقة وكانت بلد مشهورة للغاية كل هذا ويبدأ يونان أن ينادى بالتوبة القوية المحسومة وكل واحد في بيته وفي كنيسته وفي اسرته أزاي أكون مساعد للأخرين للتوبة وصية المسيح وطاعة الوصية في التوبة
وتاب الشعب التوبة الحاسمة الرائعة التي لم نسمع قبلها او بعدها ولو نعطى يونان درجة أعطية 10 من 10 لأنه كارز واكرز في نينوى ويطلع الأول لان كرازته أتت بثمر كثير جميع الشعب تاب حتى الحيوانات جعلوها تصوم وبقوا في تقشف وصوم وصلاة لربنا لذلك قبل الله هذه التوبة.
اجمل شيء نجده في سفر يونان هو عناية الله بكل أحد وربنا هو الكسبان العظيم في هذا السفر الجميع كسب يونان وكسب بحارة السفينة واهل نينوى وكسبنا احنا النهاردة اللى عبر الأجيال بنصوم ونعيش 3 أيام وننتظر فصح يونان اللى هو رمز قيامة ربنا يسوع المسيح
” وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ “.
من أيام يونان 800 سنه والمسيح 2000 سنة ها أنا معكم النهاردة 2800 سنة كل يوم مش بالمعنى الرمزي لكن بالمعنى الواقعي العملي، كل يوم انا معكم وهذه العناية هي الى نفرح بها “عيني عليك من اول السنة لآخرها من اليوم لأخره”، وكل هذا يعطينا نوع من أنواع الطمأنينة.
قصة يونان قصة مش محصورة على يونان وشعب نينوى لكن هي قصة لكل الكرازة وليس في أيام يونان فقط بل في أيامنا وايام السيد المسيح وهي ووصية حلوه اذهبوا وتلمذوا.
أيام بركة وايام الصوم اللى نتعلم فيها مخافة وطاعة وتوبة الانسان اللى هي الركائز الثلاثة التي تكون مع الإنسان في مسيرته الروحية.
ربنا يحفظكم ويبارك في أصوامكم وصلواتكم فرحانين بوجود أصحاب النيافة الأحباء نيافة الانبا كيرلس ونيافة الأنبا بافلي و الأنبا ايلاريون والاباء الكهنة .
وصوم يونان صوم استعداد، بنشكر ربنا لعطيته لينا هذه الأيام البركة ويعطينا ويقبل هذه الاصوام والصلوات ومن اجل كل الذين ليس لهم أحد ان يذكرهم مثل شعب نينوى يوجد الله في قلوبنا من نسأل عليهم ومن نبشرهم ومن يعطيهم نعمة الرجاء والخلاص.