وصل قداسة البابا تواضروس الثاني، مساء اليوم، إلى مسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية للمشاركة في احتفالية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمرور مئة عام على تأسيس مدارس الأحد على يد القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس عام 1918.
هذا وقد امتلأ المسرح بالمشاركين في الاحتفالية من أحبار الكنيسة والشخصيات العامة.
بدأت احتفالية مئوية مدارس الأحد التي تجري فعالياتها حاليًا بمسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بأوبريت عن مدارس الأحد، واختتم الأوبريت بهذه الكلمات:
مدارس الأحد يا مدارس الأحد بأطلب من الرب يزيدك للأبد.
جاءت أولى كلمات احتفالية مئوية مدارس الأحد لنيافة الأنبا دانيال أسقف المعادي ومقرر لجنة الاحتفالية لتقدم كشف حساب عن الاحتفالية.
استعرض نيافته نشاط عمل اللجنة التي انبثق عنها عدة لجان داخلية تولت جوانب الاحتفال ككل مثل التوثيق وتطوير المناهج والمؤتمر الأكاديمي المقرر إقامته في نوفمبر المقبل.
وطالب نيافته في نهاية كلمته بإعادة تشكيل اللجنة العليا لمدارس الأحد، وبمزيد من التطوير في أدوات مدارس الأحد لتواكب احتياجات أبناء الكنيسة.
كما ألقى نيافة الأنبا سوريال أسقف ملبورن كلمة في احتفالية مئوية مدارس الأحد، وركز نيافته في كلمته على دور القديس حبيب جرجس في التعليم الكنسي. وأشار أن حبيب جرجس كان هو النور الذي أضاء أرجاء الكنيسة القبطية بتعليمه من خلال تأسيس مدارس الأحد.
ونيافة الأنبا سوريال حاصل على درجة الدكتوراه في دور حبيب جرجس في التعليم الكنسي، وقد صدرت رسالة الدكتوراه في كتاب بعنوان “حبيب جرجس: المعلم القبطي الأرثوذكسي ونور في وسط الظلام”.
وتحدث القمص يوحنا باقي كاهن كنيسة مار مرقس الرسول بمصر الجديدة، وهو من الرعيل الأول من خدام مدارس الأحد.
وقال القمص يوحنا: “حبيب جرجس إنسان عظيم له فضل في فكرة مدارس الاحد وأعاد إلينا فكرة التلمذه الروحية التي عملها السيد المسيح مع تلاميذه وأهتم بخدمة الأطفال وامتدت للفتيان والشبان وأعطاه الله نعمة في أعين البابا كيرلس واستخدم خريجي الإكليركية لنشر مدارس الأحد ثم انتشرت الخدمة في المحافظات جميعها”
وفي دقائق معدودة استغرقتها النائبة البرلمانية ماريان عازر لتلقي كلمتها في احتفالية مئوية مدارس الأحد، وسردت النائبة بعض الذكريات عن مدارس الأحد ضمنت خلالها فضل مدارس الأحد وفوائدها.
وألقى المفكر والكاتب الأستاذ طارق حجي، كلمة في احتفالية مئوية مدارس الأحد التي أقيمت مساء اليوم بمسرح الأنبا رويس بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية.
قداسة البابا تواضروس الثاني المعظم أصحاب النيافة الأساقفة والمطارنة
سمعتم كثيرًا عن مدارس الأحد الليلة فاسمحوا أن أضعها في إطار مسيرة التعليم خلال ١٥٠ سنة.
عندما ينظر المؤرخ خلال مسيرة التعليم في السنوات الماضية يرى أربع محطات والغريبة أن المحطات الأربع تنتمي إلى بابوات يحملون الاسم ذاته: “كيرلس”
المحطة الأولى : محطة البابا كيرلس الرابع
اشتهر البابا كيرلس الرابع بأنه جلب إلى مصر ثاني مطبعة بعد المطبعة الأميرية وقد يسأل الإنسان نفسه هل أتى البابا بالمطبعة مسايرة للعصر أم هنالك أبعاد أخرى؟ ونتذكر كلماته عندما جلب المطبعة “لولا هيبة المنصب لرقصت أمام المطبعة كما رقص داود أمام تابوت عهد الرب” وهذا ما يثبت أن المطبعة كانت النقطة الفارقة في التعليم في أوربا فلم يكن فقط يساير العصر، والدليل على ذلك أن أول أعماله كان إنشاء مكتبة، وهو أول من أنشأ مدارس للبنات قبل قاسم أمين بـ ٥٠ سنة، وخلال دراستي للمدارس التي أنشأها للبنين لاحظت شيئًا في غاية الأهمية -مع العلم أنه خدم ٧ سنوات فقط- لاحظت أن مدرسته خرجت أربع وزراء اثنين منهم أقباط واثنين مسلمين، هم بطرس غالي رئيس وزراء ١٩٠٨ وحسين رشدى ١٩١٤ رئيس الوزراء ويوسف وهبه ١٩١٩ وعبد الخالق ثروت ١٩٢٠ هذه المحطة الأولى.
المحطة الثانية: محطة البابا كيرلس الخامس
سمعتم عن هذه المحطة من البعض اليوم وأهمها إنشاء الكلية الإكليركية في عهد البابا كيرلس الخامس ربما لا يعرف البعض أن البابا كيرلس الخامس عاصر خمسة من حكام مصر هم الخديوى إسماعيل، والخديوى توفيق، والخديوى عباس حلمي، والخديوى حسين كامل، والملك فؤاد.
وكان مدرسًا وهو طالب عام ١٨٩٧ كان مدرس الدين في الكلية الإكليركية، وأسمي المحطة الأولى مرحلة “العلم” والثانية “المعلم “
المحطة الثالثة، والتي تحتفلون بها اليوم تركز على المتعلم إذ أن هناك رؤية واهتمام بالعلم. الأمر لم يكن مصادفة اهتمام بالعلم والمعلم واليوم بالمتعلم، والمحطة الثالثة هي الأكبر لأنها تجني ثمار ماسبق وكانت في عهد البابا كيرلس الخامس وكان وفيًّا وهو الناسخ “حنا الناسخ” (اسمه قبل البطريركية حيث كان راهبًا ناسخًا ينسخ الكتب والمخطوطات).
واليوم أضيف المحطة الرابعة للبابا كيرلس السادس ١٩٦٢ م وهي ” إنشاء أسقفية التعليم، وهذا معناه أن لدينا محطة العلم، ومحطة المعلم، ومحطة المتعلم، وأخيرًا محطة الفكر الاستراتيجي الذى يحكم منظومة التعليم، وعهد بهذه المهمة للأنبا شنودة قبل يرسم بابا بسبع سنوات.
هذه المسيرة في غاية الأهمية وأحب أن أنهي كلماتي بما قد يظهر غريبًا للبعض، طه حسين كتب في “مستقبل الثقافة في مصر” باستفاضة عن مدارس الأحد، عن الفكرة والتجربة ربما لم يتصور أحد أن طه حسين كتب عن مدارس الأحد وضرب المثل لمنظومة التعليم الجيدة عام ١٩٣٨ م بعد أن كان عددها وصل إلى ٨٥ فصلًا وأعطى مثالًا لتجربة يجب أن ينظر إليها ويهتم بها.
ومن أهم مخرجات مدارس الأحد هو إخراج أن “جميعنا مصريون” وهذا التوازى غير مستحيل أن تكون مسيحيًّا ومصريًّا وأن تقبل وأن تحترم الآخر، وهذا النموذج الذي قدمته مدارس الأحد أن كينونتى لا تنفي احترامى للآخر .
خلال الاحتفال قام الأطفال بإجراء حوار مع قداسة البابا تواضروس الثاني.
قال قداسة البابا إن الأبوة هي التي حفظت الكنيسة، فالكنيسة حية بأبوتها.
وأضاف: نحن نخاطب الله بالأب في الصلاة الربانية. والكاهن نطلق عليه “أبونا” وكل واحد بيحمل إسم أبوه لأن الأبوة غالية جدًا. وهي الرباط الذي يربطنا معًا.
جاء ذلك خلال حواره مع الطفلين يوسف وچوليا ضمن فقرات احتفالية مئوية مدارس الأحد.
ودارت أسئلة الأطفال مع قداسة البابا حول ذكريات قداسته وخبراته مع مدارس الأحد كمخدوم وكخادم وأمين خدمة.
في ختام احتفالية مئوية مدارس الأحد أنشد قداسة البابا مع الحضور نشيد مدارس الأحد وهم يحملون شموع أعدت خصيصًا لهذا الغرض.
هذا وقدم قداسة البابا الشكر للحضور جميعًا، وقال قداسته معلقًا على الحفل: ١٠٠ سنة في ٥ ساعات ..!
وأضاف: كل سنة وانتو طيبين شكرًا لكل الآباء والأراخنة والوزراء والنواب والسفراء والأنبا دانيال ومجموعات العمل الكبيرة ولجريدة الأهرام التي نشرت صفحة كاملة عن مدارس الأحد.
كما شكر مخرج فيلم “مدارس الحياة” الذي يتناول مسيرة مدارس الأحد بمصر خلال مئة سنة، والذي أخرجه المخرج سمير سيف.