عندما كُنّا أطفالا فى المرحلة الابتدائيّة كان شِّعار (العمل حق .. العمل واجب .. العمل شرف) مكتوبًا على غلاف الكتب الدراسية والكرّاسات المدرسية، وهو من المبادئ التى ترسخت فى وجداننا منذ نعومة أظفارنا، ولا يمكن أن ننساها أبدا، وهو شعار جميل يحمل تقديراً لقيمة العمل، وتشجيعًا كبيرًا عليه، على أساس أنه حق وواجب وشرف للإنسان أن يعمل بجد واجتهاد وإتقان، وأن تقدم الشعوب والأمم لا يأتى إلا بالعمل الجاد والدءوب، لأن العمل والجهد والإنتاج هى مفاتيح الازدهار والتنمية والتقدم.
قيمة العـمل: منذ أن خلق الله الإنسان الأول كلفه الله – تبارك اسمه – بأعمال ومهام ليعملها (التكوين 1 : 26 – 30)، وعندما جاءت العائلة المقدسة إلى أرض مصر كان لها برنامج عمل فى أرض مصر، تنتقل وتتجول من مكان إلى مكان لتبارك ارضها وشعبها ونيلها، والكتاب المقدس يوضِّح لنا قيمة العمل وأهميته لحياة الإنسان وتقدم الشعوب، بأنّ (الذى يزرعه الإنسان إيّاه يحصد أيضًا) (غلاطية 6: 7)، ويؤكِّد هذا المعنى مرارًا كثيرة :(لا نفشل فى عمل الخير، لأننا سنحصد فى وقته إن كُنَّا لا نكلّ) (غلاطية 6: 9)، (مَن يزرع بالشُّح فبالشُّح أيضاً يحصد، ومَن يزرع بالبركات فبالبركات أيضًا يحصد) (2كورنثوس 9: 6)، (إن كان أحد لا يريد أن يشتغل (يعمل) فليس له أن يأكل أيضا) (2تسالونيكي3: 10).
وبلا شك فأنّ العمل هو الذى يعـطى لحياة الإنسان قيمتها، وليست المناصِب أو الممتلكات هى التى تعطيه هذه القيمة. بمعنى أننا عندما نعمل عملا له قيمة، تصير لحياتنا قيمة أكبر، وعندما نضيِّع الوقت فى أعمال ليس لها قيمة أو فائدة حينئذ تصير حياتنا ضئيلة القـيمة.أيضًا العمل ينمِّى مواهِب الأنسان، وعلى عكس ذلك بالكسل تزول وتتضاءل مواهبه، فمَن يعـمل باستمرار ترتقى إمكانيّاته، وتُصقَل مواهبه، بخلاف الإنسان الكسول الذى يدفن وزنته ولا يتاجر بها ولا يربح (متى 25 : 14 – 30).
إرادة الشعـب : المصريون القدماء منذ أقدم العصور حققوا إنجازاتهم التى بهرت العالم بإعلاء قيمة العمل، بل وحققوا اكتفاءهم الذاتى من الزراعة والصناعة إلى حد كبير، كما نجحوا فى بناء حضارتهم العظيمة، بما تشمله من الأهرامات والمعابد والمسلات والمدن والمقابر وغيرها، وهى خير شاهد على مهاراتهم وتقدمهم، فقد تعددت المهن والحرف والفنون والصناعات والأعمال، وبفضل هؤلاء المهرة من الصُناع والعمال والفنانين والمثالين والنحاتين شيدت وقامت روائع الأعمال المعمارية الدينية والمدنية والتى تُعد من أهم خصائص الحضارة المصرية القديمة. وفى كل عصر وفى كل جيل تتقدم الأمم للأمام بالعمل والجهد، ومن مشروعات مصر فى عهد الوالى محمد على بناء مصر الحديثة وبناء الجيش وتطوير الصناعة وإنشاء شبكات الرى. وخلال القرن التاسع عشر شهدت مصر حفر قناة السويس، وإنشاء السكك الحديدية، ودخول الكهرباء إلى مصر، ودخول خطوط الترام للقاهرة والإسكندرية .. وشهدت مصر فى القرن العشرين: إنشاء السد العالى، وتأميم قناة السويس، وإنشاء مدن صناعية جديدة وغيرها من المشروعات.. وبإرادة الشعب المصرى لم تكن إنجازاته فقط فى سجلات التاريخ بل امتدت إنجازاته ومشروعاته إلى أرض الواقع أيضا.
النهضة المعاصرة: النهضة المعاصرة التى تشهدها بلادنا حاليا فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى حصاد سبع سنوات (يونيو 2014- يونيو 2021) تمثل ثورة، أو طفرة، أو قفزة غير مسبوقة فى المشروعات العملاقة، ومنها الشبكة القومية للطرق، واستصلاح الأراضى والزراعة والاستزراع السمكى، والصناعات والمدن الصناعية، والتعليم والتعليم العالى، والصحة والإسكان والبنية الأساسية، وجيل جديد من المدن الجديدة، والعاصمة الإدارية الجديدة، وقناة السويس الجديدة، وأنفاق قناة السويس، ومحور قناة السويس، ومشروع تنمية سيناء، وكثير غيرها .. وهذه المشروعات العملاقة الجديدة التى تغير جغرافية مصر وترسم لها خريطة جديدة لم تأت من فراغ ، ولكنها جاءت بجهود مبذولة، وإرادة سياسية واعية، رؤية قائد وإرادة شعب، وعمل متواصل نهارا وليلا لاستكمال مسيرة التنمية والبناء والإنتاج.
رؤية القائد: يؤكد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى دائما : أن الإنجازات المتلاحقة والمشروعات العملاقة التى تحققت فى مصر شاهدة على صلابة إرادة الشعب، وتؤكّد للجميع سلامة المسار التنموى وصدق التوجهات والسعى الجاد لتحقيق الحياة الكريمة لكل مواطن، وأنه يجب أيضا إطلاق إرادة الإصلاح والتحديث فى نفوسنا، لنصبح قادرين على تطوير قدراتنا الكامنة نحو الأفضل، والتأثير بالإيجاب فى ركب الحضارة الإنسانية.وأن جهود المصريين جميعا عندما تتكاتف معا تساعد فى تعزيز مسيرة التنمية والإنتاج كركيزة أساسية فى بناء حاضر ومستقبل وطننا العزيز مصر. وأن الإنسان المصرى هو ثروة الوطن الحقيقية ومحرك التنمية وقاعدة الانطلاق نحو واقع ومستقبل أفضل. وأن الوطن كله دائما ما ينظر بعين الاعتبار والفخر إلى جهود كل المصريين المثمرة وعملهم الدءوب، وقد ضرب المصريون المثل فى إعلاء قيمة العمل، من منطلق حرصهم على بناء وطن طابعه العـزة والكرامة.
تهنئة للشعـب والقائد: وبمناسبة الذكرى الثامنة لثورة 30 يونيو 2013 نتقدم بالتحية والتهنئة لشعب مصر العظيم ولقائد هذه الثورة سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس كل المصريين، ولجيش مصر الساهر، وشرطته الباسلة، ولكل الرجال الآمناء الشرفاء المخلصين الذين يعملون لأجل بناء الوطن وازدهاره ورخائه، والتحية لشباب مصر والمرأة المصرية وقد كان لهما دور كبير ومشاركة بارزة فى أحداث ثورة 30 يونيو، ونتذكر شهداءنا الأبرار شهداء الوطن وشهداء الواجب،وشهداء الجيش والشرطة وشهداء الكنيسة، ونطلب عزاء لذويهم وأسرهم.
وستظل هذه الذكرى الوطنية الغالية على قلوب كل المصريين مدرسة لحب الوطن وللقيم الوطنية النبيلة: الإرادة والانتماء والوطنية، ونستمد منها معانى الانتماء لهذه الأرض الطيبة الأم التى تحتضن كل ابناء الوطن، وستبقى مصر دائما هى هبة المصريين وهى هبة النيل، ونيلها الخالد هو بمثابة الأب لكل المصريين، ونهر النيل يحمل بركات متعددة لأرض مصر، منها أنه يحمل المياه إليها كشريان للحياة، وأيضاً المصريون يقطنون حيث يوجد النهر، فالمناطق الآهلة بالسكان هى المناطق التى حول نهر النيل ودلتا النيل، والمصريون القدماء كانوا يحترمون ويقدسون نهر النيل بدرجة كبيرة، والنيل يحمل لمصر معنى الاتحاد والوحدة الوطنية، حيث يجمع حوله كل ابناء الوطن بمختلف اطيافهم، يجمعهم فى عائلة مصرية كبيرة، الأب فيها هو نهر النيل، والأم هى أرض مصر الطيبة. وستظل مصر بأرضها ونيلها وشعـبها وقيادتها، هى واحة للأمان والسلام والاستقرار، وبوتقة للعمل والتنمية والإنتاج، من أجل مزيد من الازدهار والرخاء والتقدم، وليحفظ الرب مصر الوطن الغالى. وإذا كان العالم كله محفوظا فى كف الله ، فإن مصر تحيا محفوظة فى قلب الله، وأيضا تحيا مصر دائماً فى قلوب كل المصريين.