يقـــول األســـتاذ الدكتـــور طـــه حســـين أحـــد عظمـــاء مصـــر فـــي تاريخهـــا الحديـــث: «مـــا نعـــرف شـــيئاً يحقـــق للإنســـان تفكيـــره وتعبيـــره ومدنيتـــه كالقـــراءة.. »، كمـــا يقـــول الجاحـــظ: «يذهـــب الحكيـــم وتبقـــى كتبـــه، ويذهـــب العقـــل ويبقى أثره»، ويعبر الشـــاعر أحمد شـــوقي عن ذلـــك: « أنـــا من بدل بالكتب الصحابا ∴ لم أجد لـــي وفياً إلا الكتابـــا».. ومن هـــذا المنطلق كان إصـــدار الكتب بصفة عامة، والكتب المرجعية بصفـــة خاصـــة، عمــلا إنســـانياً رفيعاً يصـــب فـــي وعـــاء المعرفـــة الإنســـانية المفتـــوح أمـــام كل الأجيـــال التـــي تســـاهم فـــي بنـــاء الحضـــارة الإنســـانية، وتمجـــد الله الخالـــق الـــذي أعطـــى نعمـــة العقـــل بـــكل مواهبـــه وإمكانياتـــه الهائلـــة
التـــي نعرفهـــا والتـــي لم نعرفها بعـــد في اإلبداع وفتـــح العقول والتواصـــل والتحضر، بعيدا عن التشـــدد والانغـلاق والـــرؤى المحـــدودة.
ويســـرني فـــي هـــذا المقــــــــــــال أن أضـــع أمـــام القارئ العزيــــــــــز ثــــــــلاث إصـــــــدارات مرجعية صـــــــــــــــدرت خـــــــــــلال الأشـــهر القليلـــة الماضية، ويقف وراء هذه الاصـــــــــدارات هيئات مسئولة تشـــارك فـــي النهضـــة التعليميـــة الكنســـية بتقديـــم هـــذه «المراجـــع الثمينـــة» والتـــي قـــام الباحثـــون والدارسون ، كل ّ في تخصصه، بإصدارها بعد سنوات من الجهد الشـــــاق في البحث والدراسة والقـــراءة والتدقيـــق العلمي وإلأدبـــي، مصحوباً بالصلـــوات والتضرعـــات والعـــرق والدموع.
أولاً : الكتــــــــاب المقــــــــــدس بالخلفيــــــات التوضيحيـــة: صـــدر عـــن دار الكتـــاب المقدس بمصر في يوليو 2021 ،حاوياً النص العربي حســـب ترجمـــة فان دايـــك المعروفة والموجودة بيـــن أيدينـــا، وقـــد طِبـــع فـــي الصين، واســـتغرق إعـــداده أكثـــر مـــن عشـــرين عاماً مـــن البحـــث والتدقيـــق والمراجعة.
وهو يحــــــــــــوي بجـــــــــــوار النــــــــــص مجموعة مـــــــــــــــن الخلفيــــــــــــــــات الاجتماعيــــــــــــــة والثقافيــــــــــة والتجاريـــــــــة والجغرافيــــــــــة والسياســـية والدينيـــة واللغوية واللاهوتيـــــــــــــة والبيئيــــــــــــة والتعليميــــــــــة والتاريخيـــة وغيرهـــا.
وهذه الخلفيات ليســــــــت شـــرحا ولا تفسيراً، ولكنهـــا وســـائل مُعينة علـــى فهم النص، ســـواء كان كلمة أو عبارة في سياقها التاريخي، حيث أزمنة كتابـــــــة الأسفار المقدسة. وباإلضافة لما ســـبق توجد مجموعة من الملحقات التوضيحية والتي تهم الدارس والقارئ للأســـفار المقدســـة، مثـــل أهـــم نبـــوات العهـــد القديـــم التـــي تحققـــت فـــي حيـــاة المسيـــــــح، ومختصـــر تاريـــخ العهدين ومـــا بيـــن العهديـــــــن، وجداول القضـــاة والملوك والأنبياء الكبــــــــــار والصغـــــــــــار، وموضوعــــــات البشـــائر الأربـــع، وأحـــــــــــداث أسبـــــــــــــوع الآلام، وأهـــم أحـــداث ســـفر الأعمـــال ورحــلات بولـــس الرســـول، مـــع خطـــة قراءة الكتـــاب المقدس في ســـنة، وتُختتم الملاحـــق بمجموعة من الخرائط الملونـــة والتـــي توضـــح الكثيـــر مـــن الأحـــداث الكتابيـــة والتاريخية.
ثانياً: قامـــوس يوناني انجليـــزي عربي لكلمـــات الكتـــاب المقدس بعهديـــه والكلمات المســـتخدمة فـــي النصـــوص الآبائيـــة، مـــن إعـــداد الراهـــب أندريـــاس المقـــاري، ويقـــع فـــي 1055 صفحـــة مـــن القطع الكبيـــر، مطبوع في مطبعـــة ديـــر القديـــس الأنبـــا مقـــار. وهـــو عمـــل موســـوعي ضخـــم بـــدأ إعداده منـــذ عام 1994 ،وهـــو ثلاثـــي اللغـــات وموجود اللغـــة اإلنجليزية واللغـــة العربيـــة أمـــام الكلمـــات اليونانيـــة، إنمـــا يهــــــــــــدف إلى زيـــــــــادة وضـــوح المعنى وغزارة كل مفرداتـــه.
ويُعتبــــــــــر اصــــــــــــدار هـــــــــــذا القاموس إنجازاً أكاديمياً قيماً سوف يفيد كـــل القُراء والدارسين والباحثيـــن فـــي النصوص الكتابيـــة والنصوص الآبائيـــة، ممـــا يضفـــي عمقاً واتســـاعاً فـــي الفهم والإدراك والبحث والمعرفة. وقد ســـبق أن قام الأب الراهـــب أندريـــاس المقـــاري بتقديـــم عـــدة دراســـات فـــي قواعـــد اللغـــة القبطيـــة وقامـــوس قبطـــي عربـــي مـــع تحليـــل كتـــاب الابصلموديـــة المقـــدس وكتـــاب الخولاجـــي المقـــدس بالاضافة تحليـــل ألحـــان ومـــردات الأعيـــاد والأصوام. ثالثا: دليل الأديرة القبطية الأرثوذكســـية العامـــرة فـــي مصـــر وخارجهـــا للرهبـــان – الراهبـــات: صـــدر هـــــــذا الدليــــــــل فـــي يوليـــو 2020م مـــن اللجنـــــــــــــــــة المجمعيــــــــــــة للإعـــلام والمعلومـــات بالمجمع المقدس للكنيســـة القبطية الأرثوذكســـية، ومقررهـــا نيافــــــــة الأنبـــــــــــا أبرآم مطـــران الفيـــوم وتوابعهـــا، وتــــــــــــم الطبـــــــــــع فـــي مطبعة دير الشهيد العظيــم مار مينـــــا العجائبي بمريـــوط. وهـــذا الدليل من القطـــــــع الكبير ويقع فـــي 456 صفحـــة ومطبـــوع ومـــزود بمئـــات الصـــور الملونة.
لقـــد نشـــأت الرهبنـــة علـــى أرض مصـــر في القرنيـــن الثانـــي والثالـــث الميلادييـــن، وامتـــدت
الحيـــاة الديريـــة إلى ســـائر بـــلاد العالم بعد ذلك، حيـــث تأسســـت آلاف الأديـــرة فـــي الكنائـــس المســـيحية التقليديـــة والرســـولية شـــرقاً وغرباً .ويعتبـــر المصـــري القديـــس الأنبـــا أنطونيـــوس هـــو أول راهـــب فـــي التاريخ المســـيحي، وبعده صارت آلاف الأديرة في مصر عبر التاريخ، وقـــد اندثـــر الكثيـــر منهـــا بفعل عوامـــل متعددة.
ودليـــل الأديـــرة يعتبـــــــــر مرجعاً رهبانياً يصـــدر لأول مـــرة عـــن الأديــــــــــــرة القبطيـــة المعتـــرف بهـــا كنســـياً ســـواء للرهبــــــــــان أو الراهبـــات فـــي مصـــر وفـــي خارج مصـــر. وقد صدر هذا الدليل حاوياً تاريخياً موجزاً عن كل دير مع وصف معاصر عن كنائســـه ومنشـــآته وأهـــم الشـــخصيات التـــي تخرجت منه. وهذا لا يمنـــع أن هنـــاك بعـــض ألاديـــرة تحت التأســـيس داخـــل وخــــــــــــارج مصـــر وتنتظر الاعتــــــــــــــراف الكنســـي بعـــد أن يكتمـــل وضعهـــا الرهبانـــي