صلى قداسة البابا تواضروس الثاني صباح اليوم قداس عيد الختان المجيد في كنيسة القديس الأنبا أنطونيوس بالمقر البابوي بالقاهرة.
وألقى قداسته عظة القداس متأملًا في معاني العيد الذي يعد أحد الأعياد السيدية الصغرى.
ويتمتع قداسة البابا بحالة صحية طيبة، مع استمراره في فترة الراحة، لبضعة أيام أخرى، بناءًا على نصيحة الأطباء.
عظة عيد الختان
كل سنة وحضراتكم طيبين بمناسبة عيد الختان المجيد. بداية من عيد الميلاد المجيد نحتفل بخمسة أعياد سيدية لمدة 40 يوم نسميها أعياد الظهور الإلهي. أول عيد هو عيد الميلاد يوم 29 كيهك، ثم عيد الختان يوم 6 طوبة، ثم عيد الغطاس 11 طوبة/ ثم عيد عرس قانا الجليل اول معجزة صنعها المسيح يوم 13 طوبة ثم عيد دخول المسيح الهيكل يأتي يوم 8 أمشير.
كل عيد من هذه الأعياد يرمز إلي رمزية معينة في حياتنا. عيد الميلاد يمثل البدايات الجديدة في حياتنا، و عيد الختان يمثل السمة الجديدة أو الاسم الجديد. بحسب شريعة اليهود، الختان هو للذكور فقط و ليس للإناث و الكتاب المقدس خالي من اي ذكر عن ختان الإناث، أما في شريعة اليهود فكانت علامة في الجسد، وفي العهد الجديد يأخذ الإنسان اسم جديد. في عيد الغطاس نرمز له بالولادة الجديدة من الماء و الروح، فيصير الإنسان كائناً ينتمي للسماء. عرس قانا الجليل نسميه عيد الاسرة الجديدة و هي أسرة ملكوت السماء، و مهم أن يحافظ الإنسان على مكانه في هذه الأسرة … يحافظ على مكانه في السماء. العيد الخامس عيد دخول المسيح الهيكل يرمز إلى الحياة الجديدة في الأبدية، عندما يصير الإنسان له مسكن و مكان في السماء.
هذه الأعياد متصلة و مرتبطة ببعض حتى ان انجيل عيد الختان هو نفسه الذي نقرأه في انجيل عيد دخول المسيح للهيكل. عندما نذكر للقديسين الذين كانوا موجودين في هذه الأعياد ،نضع أمامنا مجموعة منهم ….
فقرة الإنجيل التي قرأناها اليوم نقرأ جزء منها في صلاة النوم، و بعد اوشية الانجيل و في تسبحة نصف الليل .. هذا الجزء يقول على لسان سمعان الشيخ:” الآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلاَمٍ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلاَصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلاَنٍ لِلأُمَمِ، وَمَجْدًا لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ.” عيون قلبه رأت خلاص المسيح الذي هو أتي لأجله.. العالم في ذلك الزمان كان منقسم لأمم وإسرائيليين، لذلك يقول ان نور أعلم للعالم كله و أعلن انتهاء اسرائيل الحرفي و بدأ اسرائيل الروحي متمثلة في شخص السيد المسيح.
أريد أن أقف معكم أمام ثلاث علامات مهمة:
1- العذراء مريم:
طهارة أمنا العذراء مريم جعلتها تحمل المسيح في أحشائها، و أحشائها تعني في القلب. بسبب طهارتها سماها الملاك بـ “الممتلئة نعمة” ، فبطهارة القلب يحمل الإنسان في داخله المسيح. هناك عبارة قالها القديس أغسطينوس :” نحن لا نطوب أمنا العذراء مريم لأنها حملت المسيح في بطنها. نحن نطوب أمنا العذراء مريم لأنها قبل أن تحمل المسيح في بطنها حملته في قلبها.” و حمل العذراء مريم للمسيح في أحشائها يشير إلي نقاوة القلب أو وداعة القلب. عندما تكلمت العذراء مع الملاك و انهت حديثها بعبارة – تعتبر نبراس في حياة الانسان – تقول فيها: “هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك.” .. علامة اتضاع و علامة تواضع وعلامة ايمان وعلامة تسليم وعلامة يقين فقط في هذه الكلمات القليلة. لذلك يقول لها سمعان الشيخ :” وَأَنْتِ أَيْضًا يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ.” و السيف هو سيف الألم الذي ستراه في وقت الصلب.
2- سمعان الشيخ:
حمل المسيح علي ذراعيه، و دائماً كلمة يد أو ذراع في الكتاب المقدس ترمز للعمل. فالإنسان الذي يحمل الله في عمله من خدمات أو مسؤوليات باختلاف حجمها، يشبه سمعان الشيخ الحامل للمسيح على ذراعيه. هل المسيح على ذراعك؟ هل تحمل المسيح في عملك؟ هل المسيح أمامك؟ كما قال داود النبي:”جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ.” الذي يقع أمامه المسيح يجب ان الله يعطيه هذه المكافأة الكبيرة.
أثناء ترجمة سفر أشعياء وقف سمعان الشيخ أمام كلمة “هوذا العذراء تحبل” و كتب هوذا فتاه، فظهر له ملاك و اخبره انه سيعيش حتى يرى بنفسه. و قد كان، عاش لمدة 300 سنة تقريباً حتى رأي بنفسه، ثم قال الآن تطلق عبدك بسلام حسب قولك.
3- حنة بنت فنوئيل:
هي انسانة تزوجت مبكراً وعاشت حوالي 7 سنين مع زوج، ثم رحل عنها دون أن ينجبوا، فصارت ارملة لزمن 84 سنة. عاشت هذه السيدة تخدم في الهيكل و حملت المسيح، ليست في يدها بل في تسبحتها. مكتوب عنها:” كَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لاَ تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطَلِبَاتٍ لَيْلًا وَنَهَارًا. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ.” حملت المسيح تسبيحها و صلواتها و بشكرها. هذا هو النموذج الثالث من البشر الذين أحاطوا المسيح في زمن الختان.
هؤلاء النماذج الطيبة نضعها أمامنا لنرى ما يمكننا أن نأخذه منهم التطبيق الحياتي.
نشكر الله انه يعطينا ان نحتفل بهذه الأعياد المقدسة. و نشكر الله على عطاياه و نعمه الكثيرة التي يحيطنا بها.
This page is also available in:
English