بدأ العام الجديد 2024م
حيث نستقبل زمنًا جديدًا في حياتنا نتمنى فيه الخير والسعادة لبعضنا
ونقول “هابي نيو يير”
أي سنة جديدة سعيدة…
ودائمًا البداية تمثل فرحًا
وإحساسًا بالأمل والرجاء
وأن الأيام القادمة أفضل مما مضى..
ونحن نصلي في صلاة باكر كل يوم:
فلنبدأ بدءًا حسنًا..
تعبيرًا عن إشراقة الشمس
في يوم جديد.
ونلاحظ أن “عطية الوقت” متساوية لجميع البشر دون أي استثناء، فالله يمنحنا كل يوم 24 ساعة مهما كانت أعمارنا أو أحوالنا أو مناصبنا.. ونصرف منها حوالي 8 ساعات في النوم، و8 ساعات أخرى في الدراسة أو العمل، وتتبقى 8 ساعات تتوزع ما بين الأسرة والعبادة والهواية والعناية بالصحة والقراءة والمشاهدة والرياضة إلى آخر هذه الأنشطة اليومية…
وتعتبر الأرقام أحد مجالات التأمل حيث يمتلئ الكتاب المقدس بأرقام عديدة لكل منها معنى ودلالة وإشارة مفيدة في حياتنا. ويعتبر رقم “24” من الأعداد المحبوبة لنا جميعًا، فهو ساعات كل يوم، وهو مقياس الأرض لأن الفدان (4200م2) 24 قيراط، وهو عيار للذهب الخالص 24. وفي التاريخ المسيحي يحمل البابا كيرلس الأول عمود الدين رقم 24 في تاريخ بابوات الأسكندرية، كما أن تاريخ 24 في الشهر القبطي له تذكارات جميلة فمثلاً: 24 هاتور تذكار 24 قسيسًا الروحانيين، 24 كيهك ميلاد القديس تكلاهيمانوت الحبشي ونياحته في 24 مسرى، 24 برمهات تذكار ظهور العذراء في الزيتون، 24 بشنس عيد دخول المسيح أرض مصر، 24 أبيب استشهاد القديس أبانوب النهيسي، و24 بؤونه استشهاد القديس موسى القوي (الأسود)…
ومن أشهر القديسين الذين لهم تأملات في الأرقام القديس أغسطينوس الذي وضع رمزية كتابية وروحية لكل رقم. فالرقم “2” يرمز دائمًا للمحبة بين الله والإنسان، الخالق والمخلوق ومدلوله الشركة والاتحاد والاقتران، فالكتاب المقدس مكون من عهدين، وخشبة الصليب من عارضتين، واتحاد الطبيعتين اللاهوت والناسوت في شخص السيد المسيح الأقنوم الثاني، وأيضًا يشير الرقم “2” إلى التعاون ومكتوب “اِثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ” (جامعة 4: 9). والثنائيات في الكتاب المقدس كثيرة جدًا وعلى سبيل المثال: الوصايا العشر كانت مكتوبة على لوحين، وفي هيكل سليمان عمودان، وجميع الكائنات الحية جنسين: ذكر وأنثى، والأرض يابس وماء، واليوم نهار وليل، والسيد المسيح امتدح المرأة التي قدمت فلسين، والسامري الصالح قدم درهمين إلى صاحب الفندق، والناموس كله يتلخص في وصيتين وهما محبة الله ومحبة القريب، والمسيح أرسل تلاميذه اثنين اثنين.
أما الرقم “4” فهو رقم العمومية والشمول، يرمز إلى جهات الأرض الأربع: الشمال والجنوب والشرق والغرب، وفصول السنة الأربعة، واليوم يتكون من 4 فترات زمنية هي باكر والظهر والعشية والليل، وإنجيل حياة السيد المسيح مكتوب في أربع بشائر، والمسيح تجسد في الشهر القبطي الرابع أي شهر كيهك، وهناك الأربعة الحيوانات غير المتجسدين (رؤيا 4: 6)، والسفر الرابع في الكتاب المقدس هو سفر العدد الذي له تركيبة عددية خاصة بتاريخ البرية وتاريخ الشعب اليهودي. وفي قصة الفتية الثلاثة كان الرابع شبيه بابن الآلهة، وفي العهد الجديد كان الأصدقاء الأربعة الذين قدموا صديقهم المفلوج ودلوه من السقف ليشفيه المسيح.
هكذا حيثما يذكر الرقم “4” فهناك الله يكون موجودًا…
وهكذا فإن باب التأمل مفتوح ومن خلال الأرقام نجد المعاني والإشارات العديدة التي تزيدنا فهمًا لحياتنا.
وفي هذا المجال نجد السفر رقم 24 في الكتاب المقدس هو سفر أرميا النبي وقد اشتهر بأنه النبي المصلي بدموع أو النبي الباكي، وعندما نقرأ في الأصحاح 24 من هذا السفر نجد مجموعة من الوعود المطمئنة وفيها: “وَأَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْهِمْ لِلْخَيْرِ… وَأَبْنِيهِمْ وَلاَ أَهْدِمُهُمْ، وَأَغْرِسُهُمْ وَلاَ أَقْلَعُهُمْ” (أرميا 24: 6).
ونجد في هذا الوعد ثلاثة ملامح:
الأول: الحماية.. أَجْعَلُ عَيْنَيَّ.. فالله ساهر على حماية الإنسان من شرور وأتعاب عديدة، كما إنه مانح عطاياه الجديدة في كل صباح، فهو الذي يرزق الإنسان والحيوان والنبات بالطعام والماء والهواء والشمس والنعم العظيمة.. ومكتوب عيني عليك من أول السنة إلى آخرها…
الثاني: الطمأنينة.. أَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْهِمْ.. فالله يمنحك سلامًا وسكينة في قلبك وحياتك.. فأنت لست بمفردك.. إنه يقودك ويرشدك ويحفظك وأنت موضع اهتمامه وعنايته فحتى “إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي..” (مزمور 23).
الثالث: الخير.. هو صانع الخيرات دائمًا في حياتك وأسرتك وعملك أو دراستك وفي خدمتك…
حتى نقول كل يوم: صباح الخير بمعنى أن هذا الصباح الجديد هو ملك لله صانع الخير لكل خليقته وعلى قمتها الإنسان. فاطمئن أيها الإنسان ولا تحمل همًا أو قلقًا فهو سلامك وفرحك وكل حياتك..
سنة جديدة سعيدة للجميع…