استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة اليوم الأحد، الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة وبرفقته وفد من برنامج الدبلوماسية الشبابية.
رحب قداسته بضيوفه معربًا عن سعادته بلقائهم، وأثنى على التعاون المثمر بين الكنيسة القبطية ووزارة الشباب والرياضة ومشاركة شباب الكنيسة المتميزين في كافة المحافظات في أنشطة وبرامج الوزارة، مشيدًا باللقاءات التي تنفذها الوزارة للتوعية بالقضايا والتحديات التي تواجه الوطن، وحرصها الدائم على مواجهة الشائعات. مؤكدًا على أهمية أن يكون الشباب سفراء غير رسميين وسط مجتمعاتهم، وينشرون صورة ايجابية في مدارسهم وجامعاتهم وأماكن عملهم وتجمعاتهم كونهم يقدمون صورة إيجابية قوية جدًا تمثل صورة من صورة القوة الناعمة لمصر.
وألقى قداسة على الحضور محاضرة تحدث خلالها عن مصر الوطن والكنيسة المصرية.
حيث أشار إلى عن معنى كلمة “مصر” فى اللغات القديمة، وكيف تميزها في شكلها وحدودها، وأن النهر أهدى للمصريين أربع هدايا وهي المياه والطبيعة وروح العبادة والوحدة الوطنية وهي دعائم جعلت وطن واحد عبر التاريخ لم ينقسم أبدًا.
وأكد أن علم مصر يجمعنا ويوحدنا فاللون الأسود، وهو لون التربة الموجودة بمحازاة نهر النيل، لذا فهو يمثل سكان وادي النيل. واللون الأحمر يعبر عن سكان البحر الأحمر وسيناء. واللون الأبيض يمثل سكان السواحل الشمالية لمصر. بينما يمثل اللون الأصفر (لون النسر) سكان صحاري مصر.
كما أشار إلى اللغة المصرية القديمة ومراحل تطورها ومن بين هذه المراحل اللغة القبطية والتي ما زلنا نستخدم حوالي ٢٠٠٠ كلمة منها في العامية المصرية حتى الآن.
وتحدث قداسة البابا كذلك عن الطبقات السبع التي تختزنها الحضارة المصرية وهي: الفرعونية، المسيحية، الإسلامية، الإفريقية، العربية، حضارة البحر الأبيض المتوسط، اليونانية، الرومانية.
واختتم بأن هذه الأبعاد تكشف عن تميز مصر الوطن، وهو أمر يدعو كل مصري للفخر بوطنه.
وعن تاريخ الكنيسة القبطية التي تأسست مع نشأة المسيحية تكلم قداسته عن السيد المسيح الذي بميلاده قسم التاريخ إلى قبل ميلاد المسيح ، وبعد ميلاد المسيح. وأن السيد المسيح أسس الكنيسة المسيحية حينما اختار تلاميذه، وأرسلهم للكرازة باسمه لكل العالم، فجاء رسوله مار مرقس إلى مصر – والذى يعنى اسمه مطرقة او الطارق – ما بين عامي ٥٠ و ٦٠ ميلادية، ودخل الإسكندرية التى كانت وقتها مدينه عالمية، وبشر فيها بالمسيحية وسط الوثنين وهاج عليه الوثنيون وأماتوه بسحله في شوارع الإسكندرية، وصارت الإسكندرية أول مدينه رويت بدمه واستنارت بالإيمان بالمسيح فى قارة إفريقيا.
وأضاف: “أما باقي القارات فقد أسس فيها رسل السيد المسيح أربعة كراسي رسولية (أي الكراسي التي أسسها أحد رسل السيد المسيح)، وهي أنطاكية وروما وأوروشليم وانضم إليها بعد ذلك كرسي القسطنطينية”
وأشار إلى أن كنيسة الإسكندرية تميزت بأربع علامات رئيسية، وهي:
١- كنيسة شهداء: وهم الشهداء الذين تقدموا للاستشهاد على اسم السيد المسيح حيث تعتبر مصر أكثر البلاد التي قدمت شهداء مسيحيين إلى جانب أرض فلسطين.
٢- كنيسة تعليم: فالكنيسة القبطية كنيسة صاحبة فكر وتعليم لاهوتي، وكلمة “أرثوذكسية” تعني مستقيمة وذلك لأنها مستقيمة في الرأي والفكر والعقيدة.
٣- كنيسة رهبنه ونسك: فكرة ومدرسة الرهبنة بدأت في الكنيسة القبطية من خلال شاب مصري من قرية “قمن العروس” وهي قرية في محافظة بني سويف، وكان هذا الشاب هو “الأنبا أنطونيوس” مؤسس الرهبنة. وأضاف: “الرهبنة في مفهومها تعني ترك كل شئ والالتصاق بالواحد الذي هو الله، وهكذا ومن خلال الأنبا أنطونيوس تأسست الرهبنة في كل العالم، وانتشرت الرهبنة والأديرة في كل مكان حيث يوجد في مصر حوالي ٦٠ ديرًا عامرًا، ولكن أول دير تأسس في العالم هو دير الأنبا أنطونيوس الموجود في الصحراء الشرقية في نطاق محافظة البحر الأحمر.
وعن أدوار الكنيسة قال قداسة البابا: “الكنيسة لها ثلاثة أدوار رئيسية، هي:
١- خدمة المسيحيين: ليكونوا مواطنين سمائيين.
٢- خدمة مجتمعية: مثل المدارس والمستشفيات والخدمات الأخرى التي تقدم للمجتمع كله.
٣- خدمة الوطن: فالكنيسة بشكل عام مشغولة بصيانة الوطن، لذا فهي حاضرة وفاعلة عبر التاريخ في كل المواقف التي يحتاج فيها الوطن إلى أبنائه.
واستكمل بأن الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية صوت لمصر في مجلس الكنائس العالمي، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، ومجلس كنائس مصر.
واختتم: “إننا نفتخر جميعًا كمصريين بأننا أبناء هذا البلد”
وعقب الكلمة أجاب قداسته على الأسئلة التي وجهها له الشباب.
ومن جهته ثمن وزير الشباب والرياضة على الدور الوطنى لقداسة البابا ومواقفه الإيجابية تجاه مختلف القضايا والتحديات التي تواجه الوطن، والتى تؤكد على وحدة الصف، ووحدة نسيج المجتمع، مشيدًا بالأنشطة والمسابقات الثقافية والكشفية التى تنفذها الكنيسة، وتشهد مشاركات كبيرة من الشباب.
وأشار الوزير إلى أن هذا اللقاء يأتي في إطار التوعية وتعزيز الولاء والمواطنة، وتوضيح مواقف كيانات ومؤسسات الدولة المختلفة تجاه مختلف التحديات التي يشهدها الوطن، وآليات التعامل مع تلك التحديات. وأشاد بالملتقيات التي تنفذها الكنيسة المصرية لإظهار عظمة مصر وتاريخها وتراثها وحضارتها وإنجازاتها وحاضرها، علاوة على إظهار أصالة الكنيسة القبطية كونها أقدم كيان شعبي على أرض مصر.