أحد أهم محطات التاريخ المسيحي العالمي هو عام 325م واجتماع مجمع نيقيه المسكوني الأول حيث اجتمع لأول مرة 318 أسقفًا وكاهنًا لمدة حوالي شهر لمناقشة ودراسة أخطر هرطقات ذلك العصر والتي هددت سلام الكنيسة وأيضًا سلام الإمبراطورية الرومانية.
ولنا ثلاث ملاحظات رئيسية
في هذا الحدث:
أولاً: قيمة التلمذة
إذ اصطحب البابا ألكسندروس البطريرك 19 تلميذه الشاب النابغ أثناسيوس، والذي رآه طفلاً يلعب ويقود مجموعة من الصغار في اللعب، ورأى فيه بروح النبوة إنسانًا نابغًا، ويمكنه بالرعاية والاهتمام أن يصير ذا شأن كبير مستقبلاً، ولذا اصطحبه معه إلى المجمع كسكرتير وشماس ومعين وتلميذ، ويقال أنه رسمه كاهنًا إذ اعترض البعض على حضوره وهو شماس فقط.
ومن ترتيب العناية الإلهية في كنيسة الله المقدسة أن يصير هذا الشماس هو البطريرك العشرين خلفًا للبابا ألكسندروس وبعد انتهاء مجمع نيقيه المسكوني بوقت قصير.
ثانيًا: فكرة المجمعية
وهي فكرة كتابية منذ اجتماع الآباء الرسل لمناقشة قضية التهود (أعمال 15)، ولكن أن يجتمع الآباء شرقًا وغربًا حول موضوع كبير، هو هرطقة آريوس بجوار مناقشة عدة موضوعات أخرى وإصدارها في صورة قوانين مُلزمة لتدبير حياة الكنيسة ومن أهمها تحديد موعد عيد القيامة بواسطة بابا الإسكندرية نظرًا لانفرادها بحساب الأبقطي ومن خلاله يتم تحديد العيد وإعلانه لجميع كنائس العالم لتحتفل في يوم واحد بالقيامة المجيدة، وهكذا فإن فكرة المجمعية هي السبيل إلى الوحدة المبنية على الإيمان.
ثالثًا: عظمة الأرثوذكسية
والإيمان المستقيم الذي صاغه آباء نيقيه في صورة قانون محدد النص واللفظ تتلوه جميع الكنائس بروح الصلاة حيث نصليه ونحن وقوف، وبه مختصر قانوني مبني على آيات الكتاب المقدس وشروحات الآباء القديسين وباتفاق الجميع ليصير علامة الإيمان بالمسيح إيمانًا مستقيمًا أرثوذكسيًا بلا أدنى ريبة أو شك.
وهذه العظمة الإيمانية هي التي هزمت آريوس ومن على شاكلته كما نصلي دائمًا: “حل تعاظم أهل البدع ونحن كلنا احسبنا في وحدانية التقوى”.
وقد انتهى المجمع إلى وضع القانون التالي:
لاهوت الآب
بالحقيقة نؤمن بإله واحد: “لأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ” (1 تي 2: 5).
الله الآب: “إِلهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ” (أف 4: 6).
ضابط الكل: “أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ؟ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ فَلاَ تَخَافُوا أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ” (مت 10: 29-31).
خالق السموات والأرض ما يرى وما لا يرى: “لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا” (خر 20: 11).
لاهوت المسيح
نؤمن برب واحد: “لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَسُوعُ رَبٌّ» إِلاَّ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ، فَأَنْوَاعُ مَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ، وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرَّبَّ وَاحِدٌ، وَأَنْوَاعُ أَعْمَال مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ، الَّذِي يَعْمَلُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ” (1 كو 12: 3-6).
يسوع المسيح: “يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ” (عب 13: 8).
ابن الله الوحيد: “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (يو 3: 16).
المولود من الآب قبل كل الدهور: “أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ، مُنْذُ أَيَّامِ الأَزَلِ” (مي 5: 2).
نور من نور: “الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ” (عب 1 :3).
إله حق: “وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ” (1يو 5: 20).
من إله حق: “أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ” (يو 7: 29).
مولود غير مخلوق: “لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ” (يو 5: 26).
واحد مع الآب في الجوهر: “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ” (يو 10: 30).
الذي به كان كل شيء: “الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ” (عب 1: 3).
هذا الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا: “فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ، هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللهِ، كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ” (يو 1: 1-3).
تجسد المسيح
نزل من السماء: “لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ” (يو 6: 38).
وتجسد: “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا” (يو 1: 14).
من الروح القدس ومن مريم العذراء: قال الملاك لمريم “اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ” (لو 1: 35).
“يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ، لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (مت 1: 20).
تأنس: “الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ، لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ، وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ” (في 2: 6-8).
الصليب
وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي: “إِنَّ إِلهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، إِلهَ آبَائِنَا، مَجَّدَ فَتَاهُ يَسُوعَ، الَّذِي أَسْلَمْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَأَنْكَرْتُمُوهُ أَمَامَ وَجْهِ بِيلاَطُسَ، وَهُوَ حَاكِمٌ بِإِطْلاَقِهِ” (أع 3: 13).
تألم: “لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ” (عب 13: 12).
وقبر: “فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَرًا كَبِيرًا عَلَى بَاب الْقَبْرِ وَمَضَى” (مت 27: 59-60).
وقام من الأموات في اليوم الثالث كما في الكتب: “وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ” (1 كو 15: 4).
وصعد إلى السموات: “وفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ، انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ” (لو 24: 51).
وجلس عن يمين أبيه: “ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ” (مر 16: 19).
وأيضًا يجيئ في مجده: “وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ” (مت 25-31).
ليدين الأحياء والأموات: “وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ، وَنَشْهَدَ بِأَنَّ هذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ مِنَ اللهِ دَيَّانًا لِلأَحْيَاءِ وَالأَمْوَاتِ” (أع 10: 42).
الذي ليس لملكه انقضاء: “وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ” (لو 1: 33).
This page is also available in:
English