نحن الأطفال الذين فرحوا بدخول السيد المسيح أورشليم كملك. نحن الذين خلعنا ثيابنا وفرشناها على الأرض، وحملنا الأغصان، ورقصنا مع قلوبنا، وهتفنا له من أعماقنا، لم يقدر أحد أن يطفئ مشاعر ومشاعل قلوبنا تجاه منقذنا من الفساد ومكللنا بالمراحم والرأفات.
وما أخفاه الله عن الحكماء أعلنه لنا نحن الأطفال، لذا نحن نعرفه جيدًا ونعاينه، لأن صورته مطبوعة في قلوبنا النقية.
وإن كنا لا نقدر أن نعبر عن فرحتنا بالكلام، فنحن نعبر بالأعمال، نحن حملان صغيرة تتبع المسيح الحمل حيثما يذهب، وليس لنا آخر سواه، ولنا غلاوة خاصة عند الله خالقنا.
حذر الرب وأنذر كل من يتسبب في أي عثرة لنا قائلا: “وَمَنْ أَعْثَرَ أحَدَ هؤلاءِ الصَّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ … وَيْلٌ لِذلِكَ الإنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!”. نحن الأطفال نحب، ونحن للمسيح الذي نراه في قلوبنا وفي قلوب محبيه.
ها هو بيننا الطفل الذي يسوع احتضنه بحبه وحنانه وقال: «دَعُوا الأَوْلادَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلا تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ”. وأطفال بيت لحم اليهودية إخوتنا، ونحن نفتخر بهم، هم كانوا حملانا صغيرة على أذرع رعاتهم ومرتييهم، كانوا سعداء ولا زالوا، لأن في جيلهم جاء بينهم يسوع الحمل الوديع، رافع وحامل خطية العالم.
العالم المضطرب الشرير لم يحتمل أن يسمع عن البشارة المفرحة بقدوم المخلص ملك السلام، فسخّر كل قوته ليمزق إخوتنا الأطفال ويصنع بهم شرا. ومع أن أذان العالم القاتل سمعت صراخهم، وعيونه رأت دموعهم وشاهدت قتلهم إلا أنه لم يقدر أن يمنع رسالتهم وكرازتهم.
فالسيد المسيح الحمل والراعي بدأ خدمة الرعاية وهو طفل، مرسلًا إخوتنا الحملان الناطقة الملطخة بدماء الاستشهاد إلى الراقدين في الجحيم على رجاء القيامة، فانطلقت أرواحهم مبشرة الموتى باقتراب مجيء ذاك الحمل المولود الذي سيصعدهم من ذلك السبي.
بيننا نحن الأطفال يوجد من له أب لا يهتم ولا يشعر به، ويوجد آخر رحل أبوه، وثالث انفصل أبواه… لأجل الكل جاء السيد المسيح، ولأجلنا صار أبا حنونا رحيما غافرًا رقيقًا لطيفًا، معلمًا صالحًا، ملكا على قلوبنا، مشبعا لكل احتياجاتنا.
نحن الأطفال الذين هتفوا في أورشليم نقول مع أطفال بيت لحم، بفم مملوء صدقًا، إن إخوتنا في كل جيل من الذين فقدوا آباءهم وعرفوا المسيح هم ليسوا بعد أيتاما، وكل من له أب يعتني به، ولكنه لم يعرف شخص المسيح هو يتيم بالحقيقة.
ويا آباءنا ويا أولياء أمورنا، كما أن مستقبلنا في أياديكم، هكذا أيضًا أبديتكم في أيدينا، بحسب ما تصنعوه بنا وتغرسوه فينا، مما يريده الرب منكم من تعاليم وأعمال صالحة.
فلنسرع جميعًا ونفتح قلوبنا، ونقبل المسيح الرب ملكا عليها، لتكون هي أورشليم مدينة إلهنا.