نستمتع عندما نرى أصدقاء من القديسين ، وقد عاصرنا صداقة البابا كيرلس بالقديس مارمينا ، وقرأنا عن صداقة القديس أبيب مع القديس أبوللو ،وعن الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس ، والكتاب المقدس بعهدية يشهد بصداقات مثل داود ويوناثان والقديسة العذراء مريم ويوحنا الحبيب ، وهى صداقات روحية خالصة هدفها المحبة الروحية ، وما أمتع أن نعيش على الارض ونسير برفقة القديسين وندعهم يصبحون أصدقاء لنا ، و هى صدقات راسخة على صخرة” المحبة لا تسقط أبدًا ” ، والله هو محورها، ونسير فى هذة الصداقة حتى كما كنّا أصدقاء على هذه الأرض، نكون أصدقاء في السّماء”.
نتحدث اليوم عن شفيعين لاكبر الكراسي الرسولية فى العالم وهم القديس بطرس الرسول والقديس مرقس الرسول ، وقد كانوا أقرباء ، فزوجة القديس بطرس هيَ ابنة عم أرسطوبولوس والد القديس مرقس، ، وقد تكوَّنت صداقة بين الرسولين بطرس ومرقس رغم فرق السن بينهم ، وقد ذهب القديس مرقس مع بطرس الرسول للكرازة في بيت عنيا واليهودية بمدنها وقراها، ثم انطلق معه إلى بنتس وغلاطية وكبدوكية وآسيا وبثينيه،وخلال هذة الخدمة عرف القديس مرقس الكثير من الاحداث الخاصة بالمسيح التى لم يحضرها ، فبطرس الرسول هو الذي أخبر مرقس الرسول أنه في لحظات التجلي: ” لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِذْ كَانُوا مُرْتَعِبِينَ” (مر 9: 6)، وهو الذي حكى له عن تفاصيل إقامة ابنة يايرس (مر 5: 21 – 43)، وشجرة التين (مر 11: 11 – 14، 20 – 24)، والسؤال عن نهاية العالم (مر 13: 3، 4)، وصلاة البستان وعتاب المسيح له (مر 14: 32 – 42)، وقصة الأنكار قبل أن يصيح الديك مرتين (مر 14: 66 – 72).
هذة الصداقة النافعة للكنيسة والخدمة بين القديسين تتوارث عبر الاجيال ، ونرى اليوم البابا تواضروس الثانى حفيد مارمرقس يلتقى بالبابا فرانسيس حفيد القديس بطرس الرسول يستكملون مسيرة القديسين فى الكنيسة والكرازة بأسم السيد المسيح ، يرفعون شعار من المحبة الاخوية أسسها جدودنا الرسل الأوائل ، وما أجمل أن يجتمع الاخوة معاً .
ونتذكر عام 2013 وتحديداً فى 10 مايو عندما قام قداسة البابا تواضروس بأول زيارة له بعد توليه مسؤلية الكنيسة القبطية الى الفاتيكان ليتقابل مع البابا فرانسيس الذى كان قد تسلم الكنيسة انذاك منذ شهور قليلة . وقد قبل البابا تواضروس دعوة الفاتيكان بالزيارة بشرط أن تكون يوم 10 مايو من أى عام فكانت لفتة طيبة من الفاتيكان أن يرسلوا الدعوة فى نفس العام ، وهذة كانت بداية المحبة بين البابوين ، وهذة الزيارة تعد الزيارة الثانية للبابا القبطى بعد مرور 40 عام على زيارة البابا شنودة الثالث للفاتيكان .
بدأت الزيارة بوفد قبطى مع قداسة البابا وهم نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة وتوابعها، الأنبا هدرا مطران أسوان وتوابعها، ونيافة الأنبا كيرلس أسقف ميلانو، ونيافة الأنبا سيرابيون أسقف لوس أنجيلوس، ونيافة الأنبا أثناسيوس أسقف مارسيليا وطولون للأقباط الفرنسيين، ونيافة الانبا برنابا أسقف تورينو وروما، ونيافة الأنبا روفائيل أسقف عام وسط القاهرة وسكرتير المجمع المقدس، ونيافة الانبا أنجيلوس أسقف عام أستيفنج المملكة المتحدة، ونيافة الأنبا أبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار، والراهب القمص سيرافيم السريانى، والقس أنجيلوس أسحق، وقد كان فى أستقبال البابا لدى وصوله معالى السفير عمرو حلمى ووفد من السفارة وقد أرسل البابا فرانسيس نيافة الأسقف براين فارلل سكرتير مكتب وحدة الكنائس ووفد من الفاتيكان .
ولدى وصول قداسة البابا إلى مقر إقامته وجد قداسة البابا فرانسيس فى إستقباله وكانت هذة لفته كريمة منه ، وكانت زيارة البابا تواضروس تتضمن الكثير من الأماكن فى الفاتيكان فقد زار فى الفترة من 9 مايو الى 13 مايو كنيسة القديس بطرس، والكوليسيوم، ومكتب وحدة الكنائس، والمكتب البابوى للكنائس الشرقية، وعمدة مدينة روما، ومتحف الفاتيكان وكابلا سيستنا وهو المكان الذى يتم فيه الأقتراع على البابا الجديد، وكنيسة القديس بولس الرسول وكنيسة الثلاث نوافير ودير الحبساء، وكنيسة مارجرجس بروما وأقام عشية وإجتماع للشعب، وزار مطرانية الأقباط الأرثوذكس بروما وصلى بها قداس، وأيضا كنيسة التجلى وصلى بها قداس، كما زار السفارة المصرية وأقام معالى السفير حفل خاص لاستقباله
أما بالنسبة لإيبارشية ميلانو فبدأت الزيارة يوم 13 مايو إلى يوم الخميس 16 مايو 2013 بإستقبال الآلاف من الأقباط لقداسة البابا فى منطقة vigeveno
وقد زار قداسة البابا كاتدرائية القديس مارمرقس فى فينيسيا وهى تحت الإنشاء ، وقام بزيارة الكاردينال SCOLA رئيس أساقفة ميلانو والمونسينيور فرانسيسكو موراليا بطريرك فينيسيا فى كاتدرائية سان مارك ، وأيضا دير بمنطقة بوذا للرهبان ، وصلى قداسة البابا على المذبح المدفون تحته مارمرقس الرسول لأول مرة كما دشن قداسة البابا مذبح الأنبا شنودة رئيس المتوحدين فى ديره بميلانو ، وأقام أجتماع للأباء الرهبان والأباء الكهنه ثم ثلاث إجتماعات متتالية للآلاف من الشعب القبطى الذى جاء خصيصاً للدير، ثم غادر قداسة البابا ميلانو عائداً إلى مصر
قضى قداسة البابا فى هذة الزيارة حوالى 7 أيام:
صلى فيها 4 قداسات – دشن مذابح دير – 3 عشيات – 9 أجتماع للشعب القبطى – 2 أجتماع للكهنه فى الإيبارشيتين – زيارتين لسفارتنا فى الإيبارشيتين ، إلى جانب الأجتماعات والزيارات الرسمية للفاتيكان وروما وميلانو وفينيسيا .
وهذة الأرقام البسيطة تعبر عن إستكمال المسيرة فى الارض التى يسكنها مارمرقس ، وكرز فيها بطرس وبولس الرسولين.
أن إحتياجنا لأن نرى المحبة الأخوية ليس بيننا داخليًا فقط بل لكى ننشرها فى العالم، فهذا هو الهدف الأهم ، وهذا لا يلغى أى أختلافات أو فروق تتحدث وتتحاور فيها الكنيستين ، لكن البناء على أرضية من المحبة المتبادلة هو أساس هذا الحوار .وحين تحتفل كنيستين أساسهم كراسي رسولية بيوم المحبة الأخوية من كل عام فهذا دليل على الروح المسيحية التى أستلموها من أجدادنا الرسل ، وترسل رسالة للعالم أجمع أن مسيحيتنا أقوى من أى خلاف ، كلا من الكنيستين لهما تاريخ طويل ، فكنيستنا كنيسة أصيلة لم تتأثر بأي مؤثر خارجى عبر الزمان ، وهى أيضا كنيسة شبابية فشبابها هم أساس بنائها ، وعندما تجتمع كنيستنا مع أى كنائس أخرى فهى تشهد بتاريخها وشهدائها وطقسها وثباتها على الايمان بأنها كنيسة قوية .
أننا جميعا فى قلب الله وتجمعنا محبته وهدفنا الابدية ، ووصية المحبة لا تسقط أبدا هى صخرتنا وشعار يحمله المسيحيون فى كل العالم .