بمناسبة الاحتفال بالعيد العاشر لتنصيب صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني خليفة للقديس مارمرقس الإنجيلي، نشكر الله الذي وهب للكنيسة عطية السماء قداسة البابا، لتواصل كنيستنا القبطية الأرثوذكسية ريادتها وقيادتها للعالم المسيحي على المستوى المسكوني.
كنيستنا التي كان لها الصدارة في المجامع المسكونية، ولُقِّب بابا الإسكندرية بمعلم المسكونة، ما زالت تتبوأ هذه المكانة. فلقد كان الاحتفال بتنصيب قداسة البابا تواضروس الثاني في الثامن عشر من نوفمبر 2012م احتفالًا مسكونيًا، حضره ستة من الآباء البطاركة يتقدمهم مثلث الرحمات قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، وممثل عن قداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية ومعه ثلاثة من الآباء البطاركة بالشرق، إلى جانب رؤساء وممثلي ستين كنيسة ومؤسسة مسكونية من مختلف أنحاء العالم. ولأول مرة يحضر بطريرك الإسكندرية وسائر أفريقيا للروم الأرثوذكس تتويجًا لبابا الإسكندرية.
وبعد حفل التنصيب بيوم، حضر للتهنئة بالمقر البابوي قداسة الكاثوليكوس “آرام الأول” كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس بأنطلياس بلبنان.
في أول تعبير عن روح المحبة المسكونية، يزور قداسة البابا تواضروس في الخامس والعشرين من ديسمبر 2012م الآباء البطاركة بمصر: قداسة بطريرك الروم الأرثوذكس ثيودوروس الثاني، وغبطة بطريرك الروم الكاثوليك الملكانيين غريغوريوس الثالث لحام، وبطريركية الأقباط الكاثوليك وكان في استقبال قداسته المدبر البطريركي نيافة المطران كيرلس وليم مطران أسيوط.
يخطو قداسته خطوة كبيرة في العمل المسكوني فوافق على تأسيس مجلس كنائس مصر الذي كان مثلث الرحمات قداسة البابا شنوده الثالث قد أعطى الموافقة على وضع دستوره. وفعلًا يعلن عن تأسيس هذا المجلس في الثامن عشر من فبراير 2013م، في ضيافة قداسة البابا تواضروس الثاني بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي.
ويأتي تنصيب غبطة البطريرك الأنبا إبراهيم إسحاق بطريركًا للأقباط الكاثوليك، ويحضر بابا الإسكندرية هذا الاحتفال لأول مرة، وكانت فرحة في الكنيسة الكاثوليكية بهذا الحضور.
ثم تأتي الزيارة التاريخية للفاتيكان، لتهنئة قداسة البابا فرنسيس الأول بتنصيبه بابا للكنيسة الكاثوليكية، وكان ذلك في العاشر من مايو 2013م، ويتوافق مع مرور أربعين عامًا على زيارة قداسة البابا شنوده الثالث إلى للفاتيكان عام 1973م.وكان لقاءً تاريخيًا، فهي الزيارة الثانية لأحد باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية للفاتيكان بعد الانقسام عام 451م.
وقد طلب قداسة البابا تواضروس الثاني من قداسة البابا فرنسيس الأول أن يُحتفل في العاشر من مايو من كل عام بهذه المناسبة علامةً على العلاقة الحبية بين هذين الكرسيين الرسوليين، وسوف نحتفل العام القادم 2023م بمرور خمسين عامًا على العلاقة الحبية. مع استمرار الحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والعائلة الأرثوذكسية الشرقية.
ثم كانت زيارة غبطة رئيس أساقفة كانتربري لقداسة البابا تواضروس الثاني مع وفد في يونيو 2013م دعمًا للعمل المسكوني.
وقد شاركت كنيستنا القبطية الأرثوذكسية بوفد رفيع في الجمعية العامة لمجلس الكنائس العالمي بكوريا في نوفمبر2013م، كما شاركت كنيستنا بالجمعية العامة الحادية عشر بمدينة كارلسرويه بألمانيا سبتمبر 2022م. وكان لكنيستنا مكانة رفيعة في هذين اللقاءين العالميين.
زار قداسته مقر مجلس الكنائس العالمي بجنيف سبتمبر 2014م، وقد اُحتُفل بقداسته احتفالا مميزًا.
وفي زيارة قداسته إلى لبنان، في مارس 2014م، للمشاركة في الصلاة ووداع مثلث الرحمات قداسة البطريرك مار إغناطيوس زكا الأول عيواص، التقي قداسته مع رؤساء الكنائس بلبنان وسوريا: قداسة الكاثوليكوس آرام الأول، وغبطة البطريرك يوحنا العاشر، وغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وغبطة البطريرك يوسف يونان، ومثلث الرحمات غبطة البطريرك نرسيس السادس عشر، والقس د. سليم صهيوني رئيس الطائفة الإنجيلية بسوريا ولبنان.
كما شاركت كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في مؤتمر الأساقفة الكاثوليك للأسرة في أكتوبر 2014.
وفي أكتوبر 2014م تم ايضا توقيع اتفاقية الكريستولوجي بين العائلة الأرثوذكسية الشرقية والكنيسة الأنجليكانية.
وتبرز مكانة قداسة البابا تواضروس في مساعيه لدعم العمل المسكوني إذ يعبر ببلاغة: “يجب أن تكون المحبة سابقة للحوار اللاهوتي. هذا إلى جانب التعاون في مجالات كثيرة وأنشطة متعددة مع الكنائس الأخرى”.
وفي زيارته التاريخية إلى الكنيسة الأرثوذكسية بروسيا، تبدأ خطوات كبيرة في مجال العمل المسكوني بتعاون بين الكنيستين في مجال الحياة الرهبانية والتعليم والمشروعات التنموية. ولقد رحب قداسة البطريرك “كيريل” بقداسة البابا كزعيم للكنائس المسيحية في الشرق، وخليفة للقديس مرقس الإنجيلي، وأحد باباوات الكراسي الرسولية القديمة. هذا إلى جانب الحوار اللاهوتي الذي يستمر بين العائلتين الأرثوذكسيتين.
ثم تأتي زيارة قداسته للنمسا 2014م، لحضور الاحتفال بمرور خمسين عامًا على مؤسسة “برو-أورينتا”، حيث التقي بقداسة البطريرك المسكوني البطريرك برثلماوس الثاني، ورؤساء وممثلين للعديد من الكنائس.
وفي يناير 2015م زار قداسته في المقر البابوي قداسة أبونا متياس الأول بطريرك إثيوبيا في زيارة تاريخية استغرقت ستة أيام زار خلالها الأديرة المصرية والمقر البابوي بالإسكندرية ومزار القديس مارمرقس الرسول بالكنيسة المرقسية. كما التقى بفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية. وكانت زيارة مفعمة بالمحبة وتوطيد العلاقات بين الكنيستين والدولتين، وترسيخ للمحبة بين صاحبي القداسة.
وقد زار قداسة البابا تواضروس في سبتمبر 2015م إثيوبيا على رأس وفد كبير، وحضر الاحتفال بعيد الصليب وهو من أكبر الاحتفالات الدينية بالكنيسة الإثيوبية. وأكد قداسته خلال الزيارة أن العلاقات بين الكنيستين تاريخية، وأن هذه الزيارة سبقتها زيارات قداسة البابا شنودة الثالث وآخرها عام 2008م، وزيارة قداسة البابا كيرلس السادس لهذه الكنيسة الشقيقة.
وفي 19 مارس 2015م عُقد الاجتماع الحادي عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية في الشرق الأوسط: قداسة البابا تواضروس الثاني، وقداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، وقداسة الكاثوليكوس آرام الأول. وكان للاجتماع بيان مشترك شامل لكل اللقاءات المسكونية والحوارات اللاهوتية للثلاثة كنائس مع الكنائس الأخرى. وكان هذا الاجتماع استمرارًا لهذا اللقاء الذي تأسس في عام 1998م.
كما عُقِد الاجتماع الثاني عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في يونية عام 2018م. وبمناسبة هذا اللقاء أهدى قداسة البابا تواضروس الثاني جزءًا من رفات القديس مار ساويرس الأنطاكي للكنيسة السريانية بناءً على طلب قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، ووُضِع في كنيسة مار ساويرس بالمقر البطريركي بالعطشانة. ثم في اليوم الثاني صلى أصحاب القداسة الآباء البطاركة الثلاثة القداس الإلهي وتم تدشين كنيسة السيدة العذراء مريم بالعطشانة.
كما عُقِد اللقاء الثالث عشر لرؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الاوسط بمركز لوجوس للمؤتمرات بالمقر البابوي بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون – مصر من 18-20 اكتوبر 2022م، وكان لقاء تاريخيًا فريدًا.
وفي أبريل 2015م قام قداسته بزيارة أرمينيا في زيارة تاريخية بمناسبة الذكرى المئوية الأولى لمذابح الأرمن، وقد التقى بقداسة الكاثوليكوس كاراكين الثاني كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس بأرمينيا، وكذلك العديد من أصحاب القداسة والغبطة بطاركة عائلتنا الأرثوذكسية الشرقية وبطاركة الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية، وقد ألقى قداسته كلمة قوية في هذه المناسبة.
وفي شهر يوليو 2015م ما بين 17–20، قام قداسته بزيارة لبنان بدعوة من قداسة الكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس بأنطلياس، وذلك لحضور صلوات طقس صنع الميرون المقدس بكنيسة الأرمن الشقيقة. وكانت فرصة للقاء أصحاب القداسة والغبطة الآباء البطاركة: غبطة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، وغبطة البطريرك مار إغناطيوس يوسف يونان بطريرك السريان الكاثوليك، وقداسة أبونا متياس الأول بطريرك إثيوبيا، وغبطة البطريرك ثيودوروس الثاني بطريرك الإسكندرية للروم الأرثوذكس، وغبطة رئيس أساقفة قبرص خريزوستومس الثاني، وغبطة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية بالهند. وكان لقاءً مسكونيًا، زار خلاله قداسة البابا المقر الصيفي لبطريركية الموارنة بالديمان بلبنان.
وتكريمًا لمكانة قداسة البابا تواضروس ومكانة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط اجتماعها في نوفمبر 2015م بالقاهرة، والتقت بقداسته في لقاء مسكوني شعبي باجتماعه الأسبوعي بكنيسة مار جرجس بهليوبوليس، وألقى أصحاب القداسة والغبطة رؤساء المجلس والأمين العام كلمات عن المحبة والسعي نحو الوحدة في هذه المناسبة التي وافقت 4 نوفمبر 2015م، أي الذكرى الثالثة للقرعة الهيكلية وإعلان اختيار الله لقداسة البابا تواضروس الثاني عطية الله الذي يقود الكنيسة بحكمة في هذه الفترة.
وعلى هامش هذا اللقاء زار غبطة البطريرك ثاؤفيلس الثاني بطريرك القدس للروم الأرثوذكس قداسة البابا تواضروس في المقر البابوي بالأنبا رويس، وهي الزيارة التاريخية الأولى لبطريرك المدينة المقدسة لمقر الكرسي السكندري للكنيسة القبطية.
وفي شهر ديسمبر 2015م ما بين 15–20، زار مصر غبطة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، والذي التقى بقداسة البابا لعدة مرات خلال هذه الزيارة: في المقر البابوي بالأنبا رويس، وفي اللوغوس بدير الأنبا بيشوي، وفي تكريس كنيسة مار مارون بمصر الجديدة. وقد أكدا على المحبة التي تربط الكنيستين، وكذلك بين صاحب القداسة البابا تواضروس وصاحب الغبطة الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي.
وفي ريادة قداسة البابا تواضروس للعمل المسكوني والسعي نحو وحدة الكنائس، حضر قداسته اجتماع الجمعية العامة الحادية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط بالأردن خلال الفترة من 6–8 سبتمبر 2016م، وقد التقى بأصحاب القداسة والغبطة رؤساء الكنائس بالشرق الأوسط، فقد حضر الاجتماع رؤساء كنائس عائلتنا الأرثوذكسية الشرقية الثلاث، وأربعة بطاركة رؤساء كنائس الروم الأرثوذكس بالشرق الأوسط، وخمسة بطاركة من رؤساء الكنائس الكاثوليكية بالشرق الأوسط، ورؤساء الكنائس الإنجيلية بالشرق الأوسط. وكان لقداسته مكان الصدارة كبابا لهذا الكرسي الرسولي كرسي مارمرقس الرسول، وألقى كلمة في افتتاح الجمعية العامة وكلمة التأمل خلال صلاة عائلتنا الأرثوذكسية الشرقية.
ومن الأحداث المسكونية البارزة دعوة قداسته لأن تُعقد الجمعية العامة الثانية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط بمركز لوجوس للمؤتمرات بالمقر البابوي بدير القديس الانبا بيشوي بوادي النطرون خلال الفترة من 16-20 مايو2022م. كانت هذه الجمعية تاريخية في تاريخ المجلس حضرها 16بطريركًا ورئيس كنيسة بالشرق الأوسط، وهي الجمعية العامة الأولى التي تُعقد بمصر. وقد التقى أصحاب القداسة والغبطة والسيادة بالسيد رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي بالقصر الجمهوري.
هذا جزء يسير من العمل المسكوني والسعي نحو الوحدة الذي يسعى جاهدًا أبونا الحبيب قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثالث لتحقيقه. لتعود الكنيسة عروس السيد المسيح لوحدتها ومحبتها كما كانت قبل الانقسام في عام 451م.
عشت يا قداسة البابا المعظم سنين كثيرة وأزمنة سالمة هادئة مديدة، وليحقق الرب على يديك وحدة الكنيسة، وتهنئة قلبية صادقة بمناسبة العيد العاشر لجلوس قداستكم على كرسي مار مرقس الرسولي.