رأيتها واقفة عند مغترق الطرق … سمعتها وهى تنادى بصوت عال
رأيتها وهى تجمع العابرين ليمشوا معها على طرقها وبطريقتها.
اوقفتنى وانا عابر فى طريقى، لم يسر قلبى بها … لانها عطلتنى عن مسارى.
سألتنى: من انت؟ من اين اتيت؟ والى اين تذهب؟
قلت فى قلبى : لماذا اجيب على اسئلتها؟!انا لا اجاوبها … فمن هى؟! وما سلطانها؟! … فى داخلى كان صوت يهمس قائلا: اسمعها… اجبها… تعرف عليها واقترب منها
فقلت لها : انت تسألينى من انا؟!… انا عابر مثل كل العابرين على الارض… انت تسالينى من اين اتيت والى اين تذهب؟!… انا اتيت بن بيتى ولا اعرف الى اين اذهب …
لسث ادرى لماذا ترددت ان اسالها نفس الاسئلة التى سالتها لى … لكنى
تشجعت وقلت لها : هل تسمحى لى ان اعرف من انت؟ ومن اين اتيت؟ …
اجابتتى : الله ناطق فى الناموس والانبياء والرسل… وانا كتاب ناطق من عند الله … انا الجامعه سفر مفتوح امام كل عابر …
الله تكلم فى لكى اتكلم معكم … هو يريد ان يجعلنى فى اذهانكم … ويكتبنى على قلوبكم … والمنتهى ان يكون هو الهكم وانتم تكونون له شعبا مبررا …
بكلماتها البسيطة شعرت اننى استيقظت من نوم استغرق اعواماً … واحسست بحسرة ومرأ ان النهار قد مضى منى وفات …
يبدو انها احست بالندم الذى اعانيه فحنت علئ بلطف غير موصوف وقالت لى ان السيد الرب وضعنى فى الطريق لكى اعين ضعف طبيعتك … وكذلك مع كل عابر.
قلت لها : كيف تتعاملين معى بلطف وكل طرقى تستحق العقوبه؟!
تعجبت عندما قالت لى : انت لا تسمع الذى يناديك … ولا تنادى الذى يسمعك انت لا تعرف من انت؟! … انت صورة الله ومثاله … انت المنقوش على كفه …
انت رائحته الذكية … انت رسالته … انت سفيره السماوى على الارض … انتاتيت من التراب … وهناك الى التراب تعود … وان كانت كل طرقك تستحق العقوبة اعرف الذى خلقك هو وحده الذى حول العقوبة لك خلاصاً.
اليوم الذى انتشلتك من الغرق … من الطريق الذى كنت ذاهباً اليه بقدميك … الذى خلقك هو الذى خلصك هو خلقك بكلمته وخلصك بكلمته … المسيح هو كلمة الله الذى خلصك … تعالى واقترب منى تراه فى … فليس آخر سواه يظهر لك نور الاب السماوى وينعم عليك بمعرفة الروح القدس الحقيقيه
قلت لها : كيف انطق … وانا مكبل بالقيود والسلاسل؟… كيف اتحرر من متاعب تسكن فى اعماقى؟ … كيف افلت الخيوط الحريريه التى تهاونت فيها فتحولت الى قيود حديديه؟كيف؟!
قالت : ابنى ان اردت ان تتحرر من كل المتاعب اسمع صوت الرب … فانت لا تريد ان تسمع … وان احببت ان تعرف هذا بنفسك.
قل لى : من ماذا تعانى … وانا سوف اخبرك عن سبب ماتعانيه من الام وهو عدم سماع صوت خالقك.
قلت لها : انامريض بحب الامتلاك وما اشتهته عيناى انالم امسكه عنهما.
اجابتلى : لو سمعت كلامى لكنت خلصت من امراضك… فانا انادي بصوت عال واقول للجميع قبل ان تمرضوا … “العين لاتشبع من النظر … والاذن لا تمتلئ من السمع … ما كان فهو ما يكون، والذى صنع فهو الذى يصنع فليس تحت الشمس جديدا” (جا ١ :٨).
انا انادى كل عابر : من يحب الفضة لايشبع من الفضة … ومن يحب الثروة لايشبع منها .
فتحت قلبى لها وقلت : انا حيران … فبالرغم من ان لى عينين مفتوحتين لكنى دائما اصطدم واسقط… والذى انتظره وارجو ان يقيمنى اراه يسقط هو علئ.
اجابتنى : أكرر لك انك لم تسمع صوت الرب الذى يقول لا تكن حكيماً فى عينى نفسك. فكيف وانت تساير الجهال تريد ان تكون حكيما؟! … الحكمة تأتى لك ان سرت مع الحكماء … انا قلت لك ان للحكمة منفعة اكثر من الجهل كما ان للنور منفعة اكثر من الظلمة … الذى يساير الجهال يمشى فى الظلمة ويسقط حتى لو كانت عيناه مفتوحتان.
هى راتنى قلقا ومضطرباومنزعجا من الذين حولى… فكشفت لى اعماقى
وقالت لى : انت لم ترض الرب فى طرقك … ولم تسمع صوته الذى انا اناديك به … لانه اذا ارضت الرب طرق انسان جعل اعداءه ايضا يسالمونه …
قلت لها : لقد خسرت احبائى ومن هم حولى بسبب غضبى السريع.. ماذا افعل؟
يا ابنى اسمع ما يقوله لك خالقك واعمل به … ان طول الروح خير من تكبر الروح. ولا تسرع بروحك الى الغضب لان الغضب يستقر فى حضن الجهال.
وايضا لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك الى نطق كلام غضب قدام الله … وان لم تسمع الوصية وتماديت فى الطريق الذى تسلك فيه … وجعلت للغضب مقرأ فى اعماقك … وفتحت بيتا للزنا فى قلبك … وتهاونت فى ما هو يفسد جسدك ويستهلكه … وان لم تحفظ ثيابك بيضا اعرف انك تموت فى غير وقتك … لان هذا هو صوت الرب القائل: “لا تكن شريرا كثيرا … ولا تكن جاهلأ لماذا تموت فى غير وقتك”
تشجعت بكلماتى وازداد اشتياقى ان اقوم وانهض واجرى بعيدا هارباً من الموت الذى يحيا فئ …
هى احست بى فامسكتنى بيدها … وقالت لى : انظر… من هؤلاء؟
قلت لها : انهم رؤساء … لانى عرفتهم من ثيابهم وتيجانهم … ثم قالت : من هؤلاء؟
قلت لها: انهم عبيد… لانى عرفتهم ايضا من ثيابهم …
فقالت لى : الم ثر امرأ عجيباً؟… قلت : حقاً … كيف يركب العبيد على الخيول بينما الرؤساء يمشون على الارض كالعبيد؟!… اجابنثى : بالحكمة يجلس العبيد وبالجهل يمشى الرؤساء …
قلت لها : انت صوت الهى … احيطينى بالحكمة… مدى يدك وانتشلينى الحفرة التى وقعت فيها … انقذينى من الحية التى لدغتنى … اصعدينى من الحجارة التى تساقطت على … خلصينى من الخطر.
صدقنى يا ابنى لو سمعت صوته وحفظت كلامه ولم تقس قلبك كنت تنجو من كل هذا … هو ينادى من قبل ان تولد محذرا للكل … “من يحفر هوة يقع فيها ومن ينقض جدارأتلدغه حية … ومن يقلع حجارة يوجع بها … ومن يشق حطباً يكون فى خطر منه”