تسخير بنى إسرائيل فى مصر وقتل الذكور
(1) نمو بنى إسرائيل (ع1-7):
1وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى مِصْرَ. مَعَ يَعْقُوبَ جَاءَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَبَيْتُهُ. 2رَأُوبَيْنُ وَشَمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا 3وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ وَبِنْيَامِينُ 4وَدَانُ وَنَفْتَالِي وَجَادُ وَأَشِيرُ. 5وَكَانَتْ جَمِيعُ نُفُوسِ الْخَارِجِينَ مِنْ صُلْبِ يَعْقُوبَ سَبْعِينَ نَفْساً. (وَلَكِنْ يُوسُفُ كَانَ فِي مِصْرَ). 6وَمَاتَ يُوسُفُ وَكُلُّ إِخْوَتِهِ وَجَمِيعُ ذَلِكَ الْجِيلِ. 7وَأَمَّا بَنُو إِسْرَائِيلَ فَأَثْمَرُوا وَتَوَالَدُوا وَنَمُوا وَكَثُرُوا كَثِيراً جِدّاً وَامْتَلأَتِ الأَرْضُ مِنْهُمْ.
ع1-5: يذكر بداية سفر الخروج ما ذكره سفر التكوين فى نهايته (ص46) الذين دخلوا أرض مصر من بنى إسرائيل وعددهم سبعون نفسًا ويشملون يعقوب وأولاده وأحفاده الآتين من كنعان بالإضافة إلى يوسف وابنيه أفرايم ومنسى (أنظر تفسير تك 46: 26).
ويلاحظ أن عددهم قليل، فهم مجرد عائلة ولكن الله باركها فصارت أمة عظيمة.
ع6، 7: مات يوسف وإخوته، وكان يوسف يمثل السلطة التى تحمى وتعول عائلته ولكن الحقيقة أن الله هو الذى استخدم يوسف، فرغم موته بارك الله فى هذه العائلة فتوالدوا بكثرة وصاروا شعبًا كبيرًا وصل إلى حوالى 2 مليون نفس، فى الوقت الذى كان تعداد سكان مصر كلها حوالى 8 مليون، أى صاروا نحو ربع سكان مصر.
ويرمز يوسف للمسيح، فبعد موت يوسف زاد عدد بنى إسرائيل وبموت المسيح قدَّم خلاصًا للكثيرين فى العالم كله الذين آمنوا به.
? ثق فى بركة الله لحياتك مهما كانت ظروفك صعبة وأساء إليك من حولك، فهو يقويك وينميك حتى يخشاك من يعاديك ويعطيك نعمة ومهابة فى أعين من حولك.
(2) تسخير وإذلال بنى إسرائيل (ع8-14):
8ثُمَّ قَامَ مَلِكٌ جَدِيدٌ عَلَى مِصْرَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. 9فَقَالَ لِشَعْبِهِ: «هُوَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ شَعْبٌ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا. 10هَلُمَّ نَحْتَالُ لَهُمْ لِئَلاَّ يَنْمُوا فَيَكُونَ إِذَا حَدَثَتْ حَرْبٌ أَنَّهُمْ يَنْضَمُّونَ إِلَى أَعْدَائِنَا وَيُحَارِبُونَنَا وَيَصْعَدُونَ مِنَ الأَرْضِ». 11فَجَعَلُوا عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ تَسْخِيرٍ لِكَيْ يُذِلُّوهُمْ بِأَثْقَالِهِمْ فَبَنُوا لِفِرْعَوْنَ مَدِينَتَيْ مَخَازِنَ: فِيثُومَ وَرَعَمْسِيسَ. 12وَلَكِنْ بِحَسْبِمَا أَذَلُّوهُمْ هَكَذَا نَمُوا وَامْتَدُّوا. فَاخْتَشُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 13فَاسْتَعْبَدَ الْمِصْرِيُّونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِعُنْفٍ 14وَمَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي الطِّينِ وَاللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عَمَلٍ فِي الْحَقْلِ. كُلِّ عَمَلِهِمِ الَّذِي عَمِلُوهُ بِوَاسِطَتِهِمْ عُنْفاً.
ع8: مرَّت سنوات كثيرة على موت يوسف نسى فيها المصريون خدماته أو تناسوها لأجل ضيقهم من الهكسوس الذين حكموهم أيام يوسف بالإضافة إلى طبيعة البشر التى لا تحفظ الجميل لمن خدمهم مدة طويلة. وقام ملك جديد لا يُهمه يوسف وبالتالى لا يهتم أن يكرم جنسه أى بنى إسرائيل.
ع9، 10: نحتال لهم : نضطهدهم بمكر.
يصعدون من الأرض : يتركون مصر ويرجعون إلى كنعان فيخسر المصريون هذه القوة العاملة فى خدمتهم.
إذ لاحظ هذا الملك الزيادة الهائلة لبنى إسرائيل، فكر مع مشيريه أن يوقف نموهم ويضعفهم خوفًا من أمرين :
- إزدياد عددهم يجعلهم قوة تخيف المصريين إذا هجم عليهم أعداء من الشرق، فينضم بنو إسرائيل إليهم ويحاربوا مصر ويحتلونها.
- إزديادهم يجعلهم قوة لا يمكن السيطرة عليها فيخسر المصريون خبرة بنى إسرائيل لهم إذا تركوهم وصعدوا إلى أرض كنعان التى كانوا يعيشون فيها.
ع11: فيثوم ورعمسيس : مدينتان تقعان بجوار تانيس أى صوعن عاصمة مصر وقتذاك ومكانها الآن فى محافظة الشرقية.
رؤساء تسخير : رؤساء مصريين لقيادة بنى إسرائيل فى العمل.
كانت أول محاولة لإضعاف بنى إسرائيل وتقليل عددهم هى إرهاقهم فى إقامة مدن لتخزين الغلال والأسلحة والذخيرة بجوار العاصمة. وكانوا يعملون بالسخرة أى لا يأخذون أجرة بل مجرد طعامهم وقد يكون طعامًا قليلاً لعل بعضهم يموت من كثرة الإرهاق.
ع12: اختشوا : خافوا.
رغم قسوة المعاملة لبنى إسرائيل أعطاهم الله قوة واحتملوا التعب بل على العكس تناسلوا وأنجبوا كثيرًا فازدادت قوتهم.
? إن الله أقوى من كل مقاوميك ويستهزئ بهم فيسمح لهم أن يظهروا كل شرهم نحوك لكن فى نفس الوقت يباركك فى وقت الضيقة فتصير أقوى من ذى قبل ويمتلئ قلبك سلامًا يرعب أعداءك منك.
ع13، 14: لخوف المصريين من بنى إسرائيل إزدادوا قسوة فى معاملتهم واستغلوهم فى أعمال مرهقة كثيرة أهمها :
- بناء المدن.
- الزراعة.
(3) قتل الذكور (ع15-22):
15وَكَلَّمَ مَلِكُ مِصْرَ قَابِلَتَيِ الْعِبْرَانِيَّاتِ اللَّتَيْنِ اسْمُ إِحْدَاهُمَا شِفْرَةُ وَاسْمُ الأُخْرَى فُوعَةُ 16وَقَالَ: «حِينَمَا تُوَلِّدَانِ الْعِبْرَانِيَّاتِ وَتَنْظُرَانِهِنَّ عَلَى الْكَرَاسِيِّ – إِنْ كَانَ ابْناً فَاقْتُلاَهُ وَإِنْ كَانَ بِنْتاً فَتَحْيَا». 17وَلَكِنَّ الْقَابِلَتَيْنِ خَافَتَا اللهَ وَلَمْ تَفْعَلاَ كَمَا كَلَّمَهُمَا مَلِكُ مِصْرَ بَلِ اسْتَحْيَتَا الأَوْلاَدَ. 18فَدَعَا مَلِكُ مِصْرَ الْقَابِلَتَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: «لِمَاذَا فَعَلْتُمَا هَذَا الأَمْرَ وَاسْتَحْيَيْتُمَا الأَوْلاَدَ؟» 19فَقَالَتِ الْقَابِلَتَانِ لِفِرْعَوْنَ: «إِنَّ النِّسَاءَ الْعِبْرَانِيَّاتِ لَسْنَ كَالْمِصْرِيَّاتِ فَإِنَّهُنَّ قَوِيَّاتٌ يَلِدْنَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَهُنَّ الْقَابِلَةُ». 20فَأَحْسَنَ اللهُ إِلَى الْقَابِلَتَيْنِ وَنَمَا الشَّعْبُ وَكَثُرَ جِدّاً. 21وَكَانَ إِذْ خَافَتِ الْقَابِلَتَانِ اللهَ أَنَّهُ صَنَعَ لَهُمَا بُيُوتاً. 22ثُمَّ أَمَرَ فِرْعَوْنُ جَمِيعَ شَعْبِهِ قَائِلاً: «كُلُّ ابْنٍ يُولَدُ تَطْرَحُونَهُ فِي النَّهْرِ لَكِنَّ كُلَّ بِنْتٍ تَسْتَحْيُونَهَا».
ع15: العبرانيات : نسل عابر وهو أحد جدود إبراهيم (تك11: 15) كما أن إبراهيم جد بنى إسرائيل قد عبر نهر الفرات إلى كنعان فيسمى نسله بالعبرانيين.
كان عدد نساء العبرانيات اللاتى تلدن يُقَدَّر بعشرات بل مئات الآلاف، بعضهن يلدن بدون مساعدة أحد والبعض الآخر يحتاج لمساعدة القابلة (الداية). وكانت هناك قابلتان مشهورتان تعتبران رئيستين للقابلات اللاتى يقمن بتوليد العبرانيات، هاتان دعاهما فرعون إليه.
ع16: الكراسى : كانت النساء قديمًا تلدن بالجلوس على كراسى خاصة يساعد وضعها على الولادة.
أمر الملك القابلتين مع كل من يتبعنهما من القابلات أنه عند توليدهن للعبرانيات إذا كان المولود ذكرًا يقتلنه وإن كانت أنثى يتركنها تعيش، وبهذا يقل عدد الرجال فى بنى إسرائيل فتضعف قوتهم تدريجيًا.
ع17: رغم أن الأمر كان من الملك ومعرفتهما أنه يطلق جواسيس للتأكد من تنفيذ أوامره، لكنهما خافتا الله أكثر من الناس من أجل عشرتهما لبنى إسرائيل فتعلمتا منهم مخافة الله، فلم تقتلا أى مولود ذكر.
? إن كثرت الضغوط والإغراءات عليك لتكسر وصايا الله، فتذكر أنه أهم شخص فى حياتك فلا تغضبه وثق أنك عندما تخافه سينزع من قلبك أى خوف نحو البشر جميعًا بل يباركك ويحميك.
ع18: غضب الملك جدًا عندما علم من جواسيسه أن الأطفال الذكور المولودين حديثًا لم يقتلوا واستدعى القابلتين ووبخهما على ما حدث ولعله كان ينوى قتلهما.
ع19: أجابت القابلتان على الملك وقدمتا له سببًا منطقيًا لوجود أطفال عبرانيين ذكور حديثى الولادة وهو أن العبرانيات قويات فى صحتهن ويلدن قبل وصول القابلة، وهذا سليم فى كثير من الحالات ولكن بالطبع ليس فى كل الحالات فيعتبر هذا كذبًا جزئيًا.
ع20، 21: صنع لهما بيوتًا : أعطاهما بيوتًا ملآنة بالخيرات وإن لم يكن قد تزوجن وهبهما الزواج وبيوتًا سعيدة.
رغم أن القابلتين قد كذبتا جزئيًا لكن الله سامحهما وباركهما لأنهما خافتاه وبارك بيتيهما. فى نفس الوقت استمر ازدياد ونمو شعب بنى إسرائيل.
ع22: إذ فشلت محاولة الملك بقتل الذكور عند ولادتهم بواسطة القابلتين، ولعله شك فى كلامهما ولكن ليس عنده دليل على ذلك، لجأ إلى حيلة أخرى لإضعاف بنى إسرائيل إذ أمر أمرًا فى غاية القسوة وهو إلقاء الأطفال الذكور المولودين حديثًا فى نهر النيل. وبهذا يحقق أمرين :
- تقليل عدد الرجال من بنى إسرائيل تدريجيًا فيضعف الشعب.
- إرضاء النيل الذى يعبدونه كإله بتقديم تقدمات بشرية له.
ولكن الله القادر على كل شئ يستطيع أن يحفظ شعبه فيجعل الطفل الذى يريده أن يحيا وهو موسى يُنتَشَل من الماء ويتربى فى بيت فرعون نفسه ليقود شعبه ويخرجهم بقوة الله رغمًا عن أنف الملك.
ملاحظة : كلمة النيل قديمًا كانت تعنى نهر النيل وكل فروعه الخارجة منه والمنتشرة بكل أرض مصر.