إعلان ضربة الأبكار
(1) الضربة العاشرة وسلب المصريين (ع1-3):
1ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَيْضاً أَجْلِبُ عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى مِصْرَ. بَعْدَ ذَلِكَ يُطْلِقُكُمْ مِنْ هُنَا. وَعِنْدَمَا يُطْلِقُكُمْ يَطْرُدُكُمْ طَرْداً مِنْ هُنَا بِالتَّمَامِ. 2تَكَلَّمْ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ أَنْ يَطْلُبَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ صَاحِبَتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ». 3وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. وَأَيْضاً مُوسَى كَانَ عَظِيماً جِدّاً فِي أَرْضِ مِصْرَ فِي عُِيُونِ عَبِيدِ فِرْعَوْنَ وَعُيُونِ الشَّعْبِ.
دار هذا الحديث بين الله وموسى قبل استدعاء فرعون لموسى أثناء ضربة الظلام، ويقدم تفاصيل للقاء موسى الأخير مع فرعون المذكور فى نهاية (ص10).
ع1: بعد ضربة الظلام، كلّم الله موسى وطمأنه أن الضربة المقبلة هى الضربة الأخيرة وستكون قاسية جداً لدرجة أن فرعون سيخرجهم بسرعة من مصر ويطردهم من شدة خوفه من إلههم. وقد قال الرب ذلك لموسى حتى يقويه فلا ينزعج من تهديدات فرعون الآتية أو المذكورة فى نهاية الأصحاح السابق بأنه سيقتله لو رآه مرة ثانية.
ع2: لقد أذَّل المصريون بنى إسرائيل وسلبوهم أجرتهم بتسخيرهم فى أعمال البناء، فأراد الله أن يرد لهم شيئًا من حقوقهم المادية عند المصريين، فأوصاهم أن يستعيروا من أصدقائهم المصريين مسبوكات من الذهب والفضة. وهذه ليست سرقة لأن الله هو الذى أمر بذلك وهى تنفيذ لوصاياه لكى يؤدب المصريين على جشعهم وطمعهم واستغلالهم لشعبه.
? لا تكن ظالمًا وقاسيًا على غيرك لأن الله العادل يراك وسيقتصّ منك فى الوقت المناسب بل قد يُقوِّى الضعيف الذى ظلمته عليك.
ع3: أعطى الله نعمة لشعبه فى عيون المصريين فأحبوهم من ناحية وخافوا منهم ومن آلهتهم من ناحية أخرى، فعندما طلبوا منهم الذهب أعطوهم فى الحال مع علمهم أنهم مرتحلون عن مصر، أى حاولوا استرضاءهم بأى شكل فأعطوهم ما أرادوا من الذهب والفضة، أما موسى فخافه عبيد فرعون وكبار رجال الدولة.
يتشكك البعض فى أن كاتب السفر هو موسى النبى إذ يذكر هنا “الرجل موسى” ولم يقل أنا ولكن الحقيقة أنه يتكلم باتضاع قائلاً الرجل ثم يعلن عظمة عمل الله معه.
(2) التهديد بضربة الأبكار (ع4-8):
4وَقَالَ مُوسَى: «هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِنِّي نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَخْرُجُ فِي وَسَطِ مِصْرَ 5فَيَمُوتُ كُلُّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بِكْرِ فِرْعَوْنَ الْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّهِ إِلَى بِكْرِ الْجَارِيَةِ الَّتِي خَلْفَ الرَّحَى وَكُلُّ بِكْرِ بَهِيمَةٍ. 6وَيَكُونُ صُرَاخٌ عَظِيمٌ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ وَلاَ يَكُونُ مِثْلُهُ أَيْضاً. 7وَلَكِنْ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُسَنِّنُ كَلْبٌ لِسَانَهُ إِلَيْهِمْ لاَ إِلَى النَّاسِ وَلاَ إِلَى الْبَهَائِمِ. لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمِصْرِيِّينَ وَإِسْرَائِيلَ. 8فَيَنْزِلُ إِلَيَّ جَمِيعُ عَبِيدِكَ هَؤُلاَءِ وَيَسْجُدُونَ لِي قَائِلِينَ: اخْرُجْ أَنْتَ وَجَمِيعُ الشَّعْبِ الَّذِينَ فِي أَثَرِكَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ أَخْرُجُ». ثُمَّ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ فِي حُمُوِّ الْغَضَبِ.
ع4، 5: عندما دعا فرعون موسى وناقشه فى الخروج من مصر ولكن بدون الماشية، رفض موسى هذا الإقتراح وكلمه بقوة وحزم وأعلن له كما أمره الرب الضربة العاشرة وهى ضربة الأبكار التى فيها يخرج الله فى شكل ملاك فى نصف الليل فيقتل كل بكر فى جميع بيوت المصريين سواء بكر الملك أو بكر العبد والجارية وكذلك أبكار البهائم.
? بكر المصريين يرمز إلى بكر الشر أى أكبر وأفظع الشر الذى فيك ونصف الليل يرمز إلى الظلمة حيث تنتشر الخطية. إقطع رأس الخطية ومصدرها لتستريح منها، فلا مهادنة مع إبليس.
ع6: ستكون هذه الضربة مفزعة وفوق احتمال المصريين وستعم فى جميع البيوت، فيكون صراخ فى جميع بيوت المصريين.
? إن سمح الله لك بضيقة، فلا تكتفِ بالصراخ من وجعها بل ارجع إلى الله بالتوبة فيسامحك ويشفيك من أوجاعها.
ع7: لا يسنن كلب لسانه : لا يؤذيهم أحد.
أعلن موسى أيضًا أن الله سيميز شعبه فلا يصيبهم هم وبهائمهم أى أذى بل يكونون فى سلام بالرغم من التعب الشديد الذى للمصريين.
ع8: حمو الغضب : غضب شديد وهو غضب مقدس هنا لأنه يعلن قوة الله.
أعلن موسى أيضًا لفرعون أنه سيرسل عبيده ويترجونه ويسجدون أمامه لعله يرضى أن يخرج من مصر هو وبنى إسرائيل. أى أن فرعون سيوافق ويخضع ويلتمس رضا موسى من كثرة الخوف الذى فيه. والمقصود بسجود عبيده هو خوفهم من موسى وليس لعبادته.
وبعدما هدَّد موسى فرعون بكلام حازم وقوى، غضب فرعون وقال له كما ذُكِرَ فى نهاية (ص10) لا تظهر ثانية أمامى وإلا سأقتلك، فوافق موسى وقال له فعلاً لن ترانى لأنه يعرف أنه سيموت. ثم خرج بغضب وقوة من عند فرعون.
(3) عناد فرعون (ع9، 10):
9وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «لاَ يَسْمَعُ لَكُمَا فِرْعَوْنُ لِتَكْثُرَ عَجَائِبِي فِي أَرْضِ مِصْرَ». 10وَكَانَ مُوسَى وَهَارُونُ يَفْعَلاَنِ كُلَّ هَذِهِ الْعَجَائِبِ أَمَامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِهِ.
ع9: نبَّه الله موسى لعناد فرعون فأعلمه أنه سيرفض كلامه، وهو يسمح بهذا لكى يتمجد وتظهر قوته فوق كل آلهة المصريين.
? لا تنزعج من تكبر الأشرار وقوتهم، فالله يطيل أناته عليهم ثم يؤدبهم، واعلم أنهم يقاومون الخير الذى فيك لأنهم أشرار … فاثبت فى إيمانك لتنال المجازاة الأبدية.
ع10: هذه خلاصة ردود أفعال فرعون لكل الضربات وهى أنه ما زال يعاند ولا يريد الخضوع لله.