إخراج الماء من الصخرة وهزيمة عماليق
(1) الماء فى حوريب (ع1-7):
1ثُمَّ ارْتَحَلَ كُلُّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَرِّيَّةِ سِينٍ بِحَسَبِ مَرَاحِلِهِمْ عَلَى مُوجِبِ أَمْرِ الرَّبِّ وَنَزَلُوا فِي رَفِيدِيمَ. وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِيَشْرَبَ الشَّعْبُ. 2فَخَاصَمَ الشَّعْبُ مُوسَى وَقَالُوا: «أَعْطُونَا مَاءً لِنَشْرَبَ!» فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «لِمَاذَا تُخَاصِمُونَنِي؟ لِمَاذَا تُجَرِّبُونَ الرَّبَّ؟» 3وَعَطِشَ هُنَاكَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَاءِ وَتَذَمَّرَ الشَّعْبُ عَلَى مُوسَى وَقَالُوا: «لِمَاذَا أَصْعَدْتَنَا مِنْ مِصْرَ لِتُمِيتَنَا وَأَوْلاَدَنَا وَمَوَاشِيَنَا بِالْعَطَشِ؟» 4فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ: «مَاذَا أَفْعَلُ بِهَذَا الشَّعْبِ؟ بَعْدَ قَلِيلٍ يَرْجُمُونَنِي!» 5فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُرَّ قُدَّامَ الشَّعْبِ وَخُذْ مَعَكَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. وَعَصَاكَ الَّتِي ضَرَبْتَ بِهَا النَّهْرَ خُذْهَا فِي يَدِكَ وَاذْهَبْ. 6هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى الصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ فَتَضْرِبُ الصَّخْرَةَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ لِيَشْرَبَ الشَّعْبُ». فَفَعَلَ مُوسَى هَكَذَا أَمَامَ عُيُونِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. 7وَدَعَا اسْمَ الْمَوْضِعِ «مَسَّةَ وَمَرِيبَةَ» مِنْ أَجْلِ مُخَاصَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ أَجْلِ تَجْرِبَتِهِمْ لِلرَّبِّ قَائِلِينَ: «أَفِي وَسَطِنَا الرَّبُّ أَمْ لاَ؟».
ع1: بحسب مراحلهم : إرتحل بنو إسرائيل كمجموعات، كل مجموعة تنصب خيامها بجوار الأخرى وعندما ينتقلون من مكان لمكان ينتقلون مجموعة تلو الأخرى وكذلك بحسب الأماكن التى مروا بها وأمرهم الله أن ينتقلوا من مكان إلى مكان.
رفيديم : معناها راحات وتوجد فى وسط برية سيناء نحو الجنوب.
إنتقل بنو إسرائيل من برية سين جنوبًا نحو مكان يسمى رفيديم وكان قاحلاً ليس فيه ماء.
ع2: تذمر الشعب على موسى لعطشهم وطالبوه هو وهارون بإحضار ماء، فوبخهم من أجل تذمرهم على الله بعد أن رأوا عجائب عظيمة مثل الضربات العشر وعبور البحر الأحمر وتحويل الماء المر إلى ماء عذب فى مارة وإرسال المن والسلوى….
ع3: سقط الشعب ليس فقط فى التذمر بل فى اليأس أيضًا لأجل قسوة العطش، ولكن للأسف لم يرفعوا صلواتهم لله إذ شعروا أنهم سيموتون عطشًا.
ع4: من شدة هياج الشعب وتذمره، خاف موسى وصرخ إلى الله لينقذه من أيديهم لأنهم كادوا يقتلونه رجمًا بالحجارة. وهذا يظهر إيمان موسى بالتجائه إلى الله ولكن يوجد عنده بعض ضعف الإيمان لأجل خوفه من الشعب.
? إلتجئ إلى الله فى كل ضيقاتك مهما كانت قاسية وحتى لو قام كل الناس عليك وثق أنه قادر على إنقاذك ويصنع معجزات لأجلك.
ع5: استجاب الله لموسى ووعده بحل المشكلة وذلك بأن يمر أمام الشعب ومعه عصاه ليطمئنوا أن الله معه، لأن الله قد فعل معجزات كثيرة بهذه العصا، وأمره أن يأخذ معه من شيوخ بنى إسرائيل ليكونوا شهودًا على المعجزات التى ستحدث وهى خروج الماء من الصخرة الصماء.
ع6: الصخرة : كانت صخرة يعرفها موسى وهى إما أن تكون بجوار العليقة أو أن عمود النار كان يقف بجوارها.
حوريب : اسم للمنطقة التى يقع فيها جبل سيناء.
أمر الله موسى بضرب الصخرة فيخرج ماء، ففعل ذلك وخرج الماء أمام شيوخ إسرائيل.
وترمز الصخرة للمسيح الذى يروى عطشنا بمياه روحه القدوس. والعصا ترمز للصليب الذى احتمله المسيح لأجلنا، فالعصا ضربت الصخرة وكذلك المسيح بصلبه نلنا الروح القدس.
وترمز العصا أيضًا إلى الناموس الذى أتمه المسيح ثم مات وفدانا، وترمز أيضًا للحربة التى طعن بها المسيح على الصليب وخرج من جنبه دم وماء.
ع7: مريبة : مخاصمة.
مسة : تجربة.
وقد دُعَىِ مكان آخر بهذا الاسم فى قادش (عد20: 13) لمشابهة ما حدث هناك بهذه الحادثة.
دعا موسى المكان الذى خرج فيه الماء من الصخرة بمسة ومريبة، ليذكر الشعب أنهم سقطوا فى التجربة وتذمروا وخاصموا الله ولكن الله بحنانه أعطاهم ماء.
? تذكر خطاياك كل حين لتتوب دائمًا فتشكر الله وتنال مراحمه.
(2) الانتصار على عماليق (ع8-13):
8وَأَتَى عَمَالِيقُ وَحَارَبَ إِسْرَائِيلَ فِي رَفِيدِيمَ. 9فَقَالَ مُوسَى لِيَشُوعَ: «انْتَخِبْ لَنَا رِجَالاً وَاخْرُجْ حَارِبْ عَمَالِيقَ. وَغَداً أَقِفُ أَنَا عَلَى رَأْسِ التَّلَّةِ وَعَصَا اللهِ فِي يَدِي». 10فَفَعَلَ يَشُوعُ كَمَا قَالَ لَهُ مُوسَى لِيُحَارِبَ عَمَالِيقَ. وَأَمَّا مُوسَى وَهَارُونُ وَحُورُ فَصَعِدُوا عَلَى رَأْسِ التَّلَّةِ. 11وَكَانَ إِذَا رَفَعَ مُوسَى يَدَهُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ يَغْلِبُ وَإِذَا خَفَضَ يَدَهُ أَنَّ عَمَالِيقَ يَغْلِبُ. 12فَلَمَّا صَارَتْ يَدَا مُوسَى ثَقِيلَتَيْنِ أَخَذَا حَجَراً وَوَضَعَاهُ تَحْتَهُ فَجَلَسَ عَلَيْهِ. وَدَعَمَ هَارُونُ وَحُورُ يَدَيْهِ الْوَاحِدُ مِنْ هُنَا وَالآخَرُ مِنْ هُنَاكَ. فَكَانَتْ يَدَاهُ ثَابِتَتَيْنِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. 13فَهَزَمَ يَشُوعُ عَمَالِيقَ وَقَوْمَهُ بِحَدِّ السَّيْفِ.
ع8، 9: عماليق : هم نسل أليفاز بن عيسو وكان بينهم وبين نسل يعقوب عداوة ربما لأجل سرقة يعقوب البكورية من جدهم عيسو. وكانوا يسكنون جنوب فلسطين وسوريا واغتاظوا عندما رأوا بركة الله فى عدد بنى إسرائيل فهاجموهم.
يشوع : هو ابن نون من سبط أفرايم ومعنى اسمه الله يخلص، وكان واحدًا من الجواسيس الذين أرسلهم موسى لتجسس أرض الميعاد (عد13، 14) وصار خليفة لموسى فى قيادة الشعب وإدخالهم أرض الميعاد (عد13: 8).
هجم عليهم فى برية سيناء لأول مرة جيش رجاله طوال القامة فكانوا يسمونهم عماليق. فأرسل موسى ليشوع ليقود الجيش ويحارب عماليق، أما هو فصعد على تل ليصلى من أجلهم وأمسك بيده عصا الله ليثبت إيمان الشعب بالله الذى صنع معه معجزات كثيرة بهذه العصا وحتى يطلب منه التدخل للانتصار على عماليق.
? اقتران جهادك الروحى مع صلاتك يضمنان لك النصرة، فلا تخشَ من أعداءك مهما كانوا جبابرة ما دمت أمينًا فى أعمالك وتصلى.
ع10: حور : أحد تلاميذ موسى المقربين وهو من سـبط يهوذا، وهو جد بصلئيل الذى قاد الصناع الذين عملوا خيمة الاجتماع (خر31: 1)، ويظن البعض أنه زوج مريم أخت موسى.
أطاع يشوع موسى وقاد الشعب لمحاربة عماليق، أما موسى فصعد على التل ومعه أخوه هارون وأحد تلاميذ موسى الأتقياء وهو حور ليعاوناه فى الصلاة.
ويظهر من هذا معانى روحية هامة هى :
- أهمية الصلاة المصاحبة للجهاد الروحى.
- اشتراك الشعب مع القائد أو الخادم فى الصلاة وكل عمل روحى فهذا التعاون يشجع النفوس ويفرح الله بهذه الوحدانية.
- رغم قوة القائد أو الخادم ولكنه محتاج لمساعدة خدام آخرين له وهما هارون وحور بالإضافة ليشوع وكل من يحارب معه.
? ما أحلى أن يجتمع الأخوة معًا للصلاة فالله يفرح بصلاة الجماعة أكثر من صلاة الفرد، لذا ليتك تهتم بصلاة جماعية فى بيتك إن لم يكن كل يوم فعلى الأقل كل أسبوع.
ع11: فى الصلاة رفع موسى يديه فكان على شكل صليب وبالصليب والصلاة انتصر إسرائيل على عماليق. وبعدما تعب ارتخت يداه قليلاً فقوى عماليق على إسرائيل، فتشدد ورفع يديه ثانية فاستعاد إسرائيل انتصاره على الأعداء ثم إذا تعب وارتخت يداه يعود عماليق فيغلب. وسمح الله بهذا ليعلن أهمية اقتران الصلاة بالصليب الذى كان موسى على شكله عند رفع يديه للصلاة.
ومن هذا يظهر أن موسى هنا كان رمزًا للمسيح فيما يلى :
- رفع موسى يديه للصلاة مثل المسيح الذى رفع يديه على الصليب.
- ظهر ضعف موسى الجسدى فاحتاج لهارون وحور ليسندا يديه، والمسيح فى بستان جسثيمانى عندما كان يعتصر من الألم كإنسان ظهر له ملاك ليقويه.
- العصا فى يد موسى كانت راية للشعب لتثبيت إيمانهم والصليب هو إشارة الغلبة للمسيحيين.
- ظل موسى باسطًا يديه حتى غروب الشمس مثل المسيح الذى ظل مصلوبًا حتى مات الساعة التاسعة وأنزلوا جسده عند غروب الشمس.
- كان موسى بين هارون وحور، والمسيح صلب بين لصين.
- كان موسى بصلاته شفيعًا عن شعبه أمام الله والمسيح هو الشفيع الوحيد الكفارى عن خطايا شعبه.
ع12: عندما تعب موسى من كثرة الصلاة، أجلساه على حجر ودعَّم هارون وحور يديه كل واحد من ناحية. وهذا يؤكد أهمية المثابرة فى الصلاة وكذلك أهمية عمل كل فرد فى الكنيسة، فبدون حور وهارون لم تتم النصرة وليس فقط بدون موسى.
ع13: فى النهاية تم انتصار إسرائيل على عماليق، فخاف الأعداء واستمر إسرائيل بطريقه فى برية سيناء.
(3) تذكار الإنتصار (ع14-16):
14فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اكْتُبْ هَذَا تِذْكَاراً فِي الْكِتَابِ وَضَعْهُ فِي مَسَامِعِ يَشُوعَ. فَإِنِّي سَوْفَ أَمْحُو ذِكْرَ عَمَالِيقَ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ». 15فَبَنَى مُوسَى مَذْبَحاً وَدَعَا اسْمَهُ «يَهْوَهْ نِسِّي». 16وَقَالَ: «إِنَّ الْيَدَ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ. لِلرَّبِّ حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ».
ع14: طلب الله من موسى أن يكتب هذا الانتصار فى كتاب حتى يتذكر إسرائيل دائمًا قوة الله المساندة. ويؤكد على يشوع أهمية هذا الانتصار وذلك لأن الله يعلم أن يشوع سيكون القائد بعد موسى فيشجع الشعب ألا يخافوا من سكان أرض كنعان الأقوياء عندما يدخلوها. وعماليق يرمز للشيطان، فوعد الله بهزيمته وإفناءه حتى لا يخاف شعبه من الشياطين الأعداء مهما كانوا أقوياء وليعن عقاب الأشرار المصرّين على شرهم فلابد أن يهلكوا مثل عماليق.
? تذكر وعود الله فلا تنزعج من تهديدات الأعداء وقوتهم.
ع15: عبر موسى عن شكره لله ببناء مذبح وتقديم ذبائح لله عليه وسماه “يهوة نسى” أى الله علمى ورايتى لأنه انتصر وارتفع اسم الله على عماليق وعلى كل الأعداء.
ع16: اليد : يد عماليق.
كرسىّ الرب : شعب إسرائيل.
لأن عماليق هاجم شعب الله، فقد هاجم الله نفسه لذا قام عليه الله بحرب امتدت سنينًا كثيرة حتى فنى عماليق أيام داود، فمن يقدر أن يقف أمام الله ؟!
? لا تعصَ الله أو تتحداه بخطاياك لئلا يغضب عليك ولا تتمادَ فيها لئلا تهلكك، وإن أخطأت أسرع إلى التوبة.