زكا–مثل الأمناء–دخول المسيح أورشليم
- خلاص زكا (ع1 -10):
1- ثم دخل واجتاز فى أريحا. 2- وإذا رجل اسمه زكا، وهو رئيس للعشـارين، وكـان غنيا. 3- وطلب أن يرى يسوع مَنْ هو، ولم يقدر من الجمع، لأنه كان قصير القامة. 4- فركض متقدما، وصعد إلى جُمَّيْزَةٍ لكى يراه، لأنه كان مزمعا أن يمر من هناك. 5- فلما جاء يسوع إلى المكان، نظر إلى فوق فرآه، وقال له: “يا زكا، أسرع وانزل، لأنه ينبغى أن أمكث اليوم فى بيتك.” 6- فأسرع ونزل وَقَبِلَهُ فَرِحًا. 7- فلما رأى الجميع ذلك، تذمروا قائلين: “إنه دخل ليبيت عند رجـل خاطئ.” 8- فوقف زكا وقال للرب: “ها أنا يا رب أعطى نصف أموالى للمساكين، وإن كنت قد وشيت بأحد، أرد أربعة أضعاف.” 9- فقال له يسوع: “اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضا ابن إبراهيم. 10- لأن ابن الإنسان قد جاء لكى يطلب ويخلّص ما قد هلك.”
ع1: دخل المسيح أريحا وحوله الجموع، فسمع به رجل من أعظم أغنياء أريحا وهو زكا ومعنى إسمه زكى، ووظيفته رئيس للعشارين، أى دفع الضرائب عن أريحا وكل ما حولها من قرى ثم يقوم بجمع هذه الضرائب الرومانية بتعسف وظلم، فيجمع أضعافها، فاتصف بالقسوة والظلم مع الغنى الكثير.
وكان يعمل رئيساً للعشارين، أى مسئولاً عن مجموعة من جامعى الضرائب، وكان العشارون يجمعون أكثر مما يحق لهم فاتصفوا بالطمع والغنى والقسوة فى جمع الضرائب، فكم يكون رئيسهم من الغنى والشر والبعد عن الله.
وانبهر زكا بما سمعه عن تعاليم المسيح ومعجزاته، فاشتاق أن يراه، وهذا يظهر أن لله مكاناً فى كل قلب مهما بدا بعيداً.
وحاول زكا أن يرى يسوع ولكنه لم يستطع لكثرة الزحام ولأنه كان قصير القامة، فازدادت صعوبة اختراقه الجموع ليرى يسوع.
وإذ فشلت كل محاولات زكا، اهتدى إلى فكرة، وهى تسلق شجرة سيمر المسيح بجوارها، فأسرع يجرى متناسياً مركزه وغناه، وسبق الجموع حتى وصل إلى شجرة جميز بعيدة فى الطريق الذى سيمر به، وتسلق الشجرة مثل صبى، متنازلاً عن مكانته فى المجتمع، وانتظر مروره.
لقد ظهر واضحاً إيمان زكا فى جهاده وسعيه ليرى المسيح، وفى اتضاعه وتنازله عن مكانته ومحاولته التغلب على كل الصعاب سواء كثرة الزحام أو قصر القامة.
وزكا يمثل كل الخطاة المنغمسين فى الشر ولكن صوت الله داخلهم يناديهم، فإذا تجاوبوا بإيمان يظهر سعيهم فى البحث عن المسيح.
وشجرة الجميزة ترمز للصليب، وتسلقها يعنى إحتمال الآلام ليرى الإنسان المسيح فى حياته. وترمز أيضاً إلى الكنيسة التى يمسك بها المؤمن فيرى المسيح، ولابد أن يرتفع عن الأرضيات إلى السمائيات بالتجرد والترك ومحبة الصلاة والتأمل، فيستطيع أن يرى الله.
ع5:لم تشغل الجموع المسيح عن النظر إلى زكا، لأنه يبحث عن البعيدين وكل إنسان له استعداد للتوبة، بل وهبه نعمة الدخول إلى بيته وطلب منه الإسراع فى ذلك. ولم يدخل فقط بل أقام وبات هناك.
إن تقدمت خطوة نحو المسيح، فثق أنه يراك ويقدر جهادك ويساعدك ويهبك بركات كثيرة.
ع6: فرح زكا جداً ونزل وفتح بيته ليستقبل المسيح فيه.
ع7: كان زكا رمزاً للشر فى المدينة، فاندهشت الجموع من دخول المسيح إليه واختلاطه به. أما المسيح فكان يبحث عن أولاده التائبين مهما احتمل من سمعة سيئة ليخلصهم.
هذا هو شعور الخادم الذى لا يبحث عن رأى الناس فيه، بل عن رأى الله وخلاص النفوس مهما احتمل من الآم واتهامات.
ع8: لم يقف إيمان زكا على محاولة رؤية المسيح، بل إذ منحه نعمة الدخول إلى بيته تحركت مشاعره بالتوبة، وعبر عنها عملياً برفض محبة المال، فوعد بتوزيع نصف أمواله على المحتاجين، بالإضافة إلى توبته عن كل ظلم عمله مع أى إنسان، فطبق الشريعة بتعويضه أربعة أضعاف.
لتكن توبتك عملية بإصلاح آثار خطاياك والسير فى الفضيلة المعاكسة للخطية التى سقطت فيها.
ع9-10:أعلن المسيح فرحة بخلاص زكا وأسرته، فقد صار إبناً حقيقاً لإبراهيم بإيمانه العملى بعد أن كان إبناً بالإسم فقط لأنه يهودى. وأعلن أيضاً هدف تجسده وهدف كل خدامه، وهو البحث عن الخطاة البعيدين ليتوبوا ويخلصوا من العذاب الأبدى لأنهم كلهم أولاد الله.
(2) مثل الأمناء (ع11 –27):
11- وإذ كانوا يسمعون هذا، عاد فقال مثلا، لأنه كان قريبا من أورشليم، وكانوا يظنون أن ملكوت الله عتيد أن يظهر فى الحال. 12- فقال: “إنسان شريف الجنس ذهب إلى كورة بعيدة ليأخذ لنفسه مُلْكًا ويرجِع. 13- فدعا عشرة عبيد له وأعطاهم عشرة أَمْنَاءٍ، وقال لهم: “تاجروا حتى آتى.” 14- وأما أهل مدينته فكانوا يبغضونه، فأرسلوا وراءه سفارة قائلين: “لا نريد أَنَّ هذا يملِكُ علينا.” 15- ولما رجع، بعدما أخذ الْمُلْكَ، أمر أن يُدْعَى إليه أولئك العبيد الذين أعطاهم الْفِضَّةَ، ليعرف بما تاجر كل واحد. 16- فجاء الأول قائلا: “يا سيد، مَنَاكَ ربح عشرة أَمْنَاءٍ.” 17- فقال له: “نِعِمَّا أيها العبد الصالح، لأنك كنت أمينا فى القليل، فليكن لك سلطان على عشر مدن.” 18- ثم جاء الثانى قائلا: “يا سيد، مَنَاكَ عمل خمسة أَمْنَاءٍ.” 19- فقال لهذا أيضا: “وكن أنت على خمس مدن.” 20- ثم جاء آخر قائلا: “يا سيد، هوذا مَنَاكَ الذى كان عندى موضوعا فى منديل، 21- لأنى كنت أخاف منك، إذ أنت إنسان صارم، تأخذ ما لم تضع، وتحصد ما لم تزرع.” 22- فقال له: “من فمك أدينك أيها العبد الشرير. عرفت أنى إنسان صارم، آخذ ما لم أضع، وأحصد ما لم أزرع. 23- فلماذا لم تضع فِضَّتِى على مائدة الصيارفة، فكنت متى جئت أستوفيها مع ربا؟ 24- ثم قال للحاضرين: خذوا منه الْمَنَا وأعطوه للذى عنده العشرةُ الأَمْنَاءُ. 25- فقالوا له: يا سيد، عنده عشرةُ أَمْنَاءٍ. 26- لأنى أقول لكم إن كل من له يُعْطَى، ومن ليس له، فالذى عنده يؤخذ منه. 27- أما أعدائى، أولئك الذين لم يريدوا أن أَمْلِكَ عليهم، فَأْتُوا بهم إلى هنا، واذبحوهم قدامى.”
ع11: يسمعون هذا يقصد حديثه بخصوص زكا.
فى الحال سريعاً فيقيم مملكته فى أورشليم، ويهزم الرومان لأنهم ظنوا أن المسيا ملك أرضى.
بينما كان المسيح متجهاً مع تلاميذه إلى أورشليم، كانوا يتوقعون أن يملك ملكاً أرضياً فى أورشليم، فانتهز المسيح هذه الفرصة ليحدثهم عن الإستعداد لملكوت الله الحقيقى فى الأبدية.
ع12: الإنسان الشريف الجنس هو المسيح لأنه الإله الحقيقى الذى تجسد لأجل خلاصنا.
كورة بعيدة أى السماء ليستعد ملكه ومجده.
يرجع يعود فى مجيئه الثانى ليدين العالم كله.
ع13: عشرة عبيد يمثلون كل أولاد الله المؤمنين به فى العالم لأن عدد عشرة هو عدد الكمال.
عشرة أمناء: أمناء جمع مناً وهو عملة فضية تساوى 100 درهم. وعدد 100 يرمز للكمال العظيم، فالمنا إذاً يرمز إلى كلمة الله ومواهبه العظيمة التى وهبها لنا.
تاجروا حتى آتى حتى يرجع إليهم فى مجيئه الثانى يوم الدينونة ويجازى كل واحد بحسب أعماله.
تاجروا استخدموا إمكانياتكم التى وهبتها لكم وجاهدوا روحياً لتحصلوا على ثمار روحية من عبادات وفضائل وخدمات مختلفة.
ع14: أهل مدينته يرمزون لأبنائه البشر المخلوقين على صورته ومثاله الرافضين إياه، ويرمزون بالأكثر إلى اليهود الذين ولد منهم ورفضوا بشارته.
سفاره (سفراء) أى اليهود الذين اضطهدوا الرسل وكل من يكرز بالمسيح بعد صعوده.
ع15: لما رجع المجئ الثانى للمسيح.
بعد ما أخذ الملك بعد ملكه فى السماء، أى ارتفاعه بالصعود حتى مجيئه الثانى.
يدعى إليه يجمع أولاده ليحاسبهم فى يوم الدينونة.
الفضة الإمكانيات التى أعطاها لكل واحد، أو كلمة الله التى دفعتهم للجهاد الروحى.
ليعرف ليعلن بره ويكافئه أو شره ويجازيه.
بما تاجر مدى جهاده الروحى وما وصل إليه.
بعد إتمام الفداء على الصليب وتقييد إبليس، وبعد زمان هذه الحياة يأتى يوم الدينونة الذى يحاسب فيه البشر على مدى أمانتهم فى حياتهم الأرضية.
ع16: الأول كل واحد يحاسب وحده، ولا يعتمد على علاقاته بالآخرين حتى يتم العدل الإلهى.
مناك باتضاع نسب المنا إلى الله وليس إلى نفسه، وبالتالى ما وصل إليه من نمو روحى هو من الله ولم ينسب لنفسه تعبه وجهاده الروحى.
عشرة كمال الربح.
الذى ربح العشرة أمناء يرمز لخدام الله الذين تعبوا كثيراً من أجله، وعملت فيهم كلمة الله بقوة وكمال، أو أى إنسان مسيحى عاش بالبر والتقوى سواء كان فى العالم أو حياة الرهبنة.
ع17: مدح المسيح الذى ربح عشره أمناء ووصفه بالصلاح والأمانة، وكافأه بأن يتسلط على عشرة مدن أى عشرة نفوس، وهى النفوس التى ربحها بخدمته فتتمتع معه بالنعيم الأبدى. فالخادم ليس له هدف من ممتلكات هذا العالم بل هدفه الوحيد هو خلاص النفوس، فيكون فى السماء متقدماً كرئيس على غيره وقريباً من الله يتمتع بمجده، فهو يقود غيره فى تسبيح الله وخدمته مثل رؤساء الملائكة أو رتبة الرئاسات فى الملائكة.
ع18-19: الذى ربح خمسة أمناء يرمز للإنسان التقى، الذى بكلمة الله قدَّس حواسه الخمسة، فكافأه الله بسلطان على خمسة مدن أى كل حواسه بمعنى التمتع بالنعيم الأبدى، ويكون فى السماء متقدماً وقائداً لمجموعة من النفوس فى تسبيح الله، ولكن فى مركز أقل من الأول لأن جهاد الأول كان أكبر، فاستحق مكانه أفضل وتمتع أزيد بالله.
ويلاحظ فى هذا المثل أن كل العبيد أخذوا مناً واحداً، وتميز الواحد عن الآخر بمقدار أمانته باستثمار كلمة الله وإمكانياته.
أما فى مثل الوزنات المذكور فى (مت25: 14-30)، فإمكانيات الله المعطاة لكل واحد تختلف عن الآخر، وبالتالى يُحاسب كل واحد حسبما أخذ، ليعلمنا أن نكون أمناء فيما أخذناه، فسنحاسب عليه كثيراً كان أو قليلاً، فلا نتكبر إن كنا قد أخذنا كثيراً أو نحزن وتصغر نفوسنا إن كنا قد أخذنا قليلاً، فالعبرة فى الأمانة وليست فى كثرة أو قلة إمكانياتنا.
ع20-21: الذى وضع المنا فى منديل هو الإنسان الشرير الذى انهمك فى خطايا العالم، وأغلق على كلمة الله ومنعها من أن تعمل فيه، وإذ فصل نفسه عن كلمة الله، فَقَدَ إحساسه الروحى لأجل تكاسله فى الجهاد حتى أنه لم يتب بل أدان الله بأنه صارم ومستغل وظالم يأخذ ما لم يضع.
ويلاحظ أنه ذكر محاسبة ثلاثة فقط من عبيده وليس العشرة، فهم عينه تظهر أنواع البشر وطريقة محاسبة الله لهم.
ع22-23: أجابه الله الديان بشدة وعدل أن من فمك أدينك، فما دمت تعلم أنى منتظر فائدة وربح من المنا الذى أعطيته لك، فلماذا لم تتاجر به، بأمانتك فى تنفيذ الوصايا أو الخدمة والبحث عن النفوس البعيدة أو أقل جهاد فى محاولة تنفيذ الوصية؛ لأن الصيارفة كانوا يعطونهم المال ثم يستردونه مع فوائد (ربا)، فأقل تجارة هى وضع المال عند الصيارفة لتربح ولو شيئاً قليلاً. أى أن هذا الإنسان رفض أى جهاد روحى منغمساً فى شهواته الشريرة.
ع24-26: أمر المسيح أن يؤخذ المنا، أى كلمة الله، من العبد الشرير وتُعطى للذى ربح عشرة أمناء، وهو الخادم الذى دخل الملكوت ومعه نفوس كثيرة، فأعطاه أيضاً مجداً وكرامه زائدة فى الملكوت، التى كان سيتمتع بها صاحب هذا المنا.
ويعلق المسيح بأن من له محبة وأمانة فى طاعة الوصية يعُطَى ويُزاد من الله فى هذه الحياة وفى الدهر الآتى، أما من ليس له محبة وطاعة للوصية، فكل ما منحه الله إياه يؤخذ منه ويلقى فى العذاب الأبدى.
ع27: كل البشر الذين رفضوا بخطاياهم أن يملك المسيح عليهم، سيدانون أمام مجده يوم الدينونة، ويذبحون أى يموتون ليس مرة واحدة بل يعانون الموت والعذاب إلى الأبد فى النار الأبدية.
لقد أعطاك الله أمانة مثل باقى أولاده، فليتك تكون أميناً فى وقتك وقدراتك ومواهبك، وتعلَّم من المجاهدين حولك، حتى تتحمس مثلهم فتختبر عشرة الله على الأرض، ثم تفرح بالأكثر فى السماء.
(3) دخول المسيح أورشليم (ع28 – 40):
ذكرت هذه الأحداث أيضاً فى (مت21: 1- 16 ؛ مر11: 1-10؛ يو12: 12-19)
28- ولما قال هذا، تقدم صاعدا إلى أورشليم. 29- وإذ قَرُبَ من بيت فاجى وبيت عَنْيَا، عند الجبل الذى يدعى جبل الزيتون، أرسل اثنين من تلاميذه 30- قائلا: “اِذهبا إلى القرية التى أمامكما، وحين تدخلانها، تجدان جحشا مربوطا لم يجلس عليه أحد من الناس قط، فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا به. 31- وإن سألكما أحد: لماذا تحلانه؟ فقولا له هكذا: إن الرب محتاج إليه.” 32- فمضى المرسلان، ووجدا كما قال لهما. 33- وفيما هما يحلان الجحش، قال لهما أصحابه: “لماذا تحلان الجحش؟” 34- فقالا: “الرب محتاج إليه.” 35- وأتيا به إلى يسوع، وطـرحا ثيابهـما على الجحـش، وأركبا يسـوع. 36- وفيما هو سائر، فرشوا ثيابهم فى الطريق. 37- ولما قَرُبَ عند منحدر جبل الزيتون، ابتدأ كل جمهور التلاميذ يفرحون، ويسبّحون الله بصوت عظيم، لأجل جميع القوات التى نظروا، 38- قائلين: “مبارك الملك الآتى باسم الرب، سلام فى السماء، ومجد فى الأعالى. 39- وأما بعض الفريسيين من الجمع، فقالوا له: “يا معلم، انتهر تلاميذك.” 40- فأجاب وقال لهم: “أقول لكم إنه إن سكت هؤلاء، فالحجارة تصرخ.”
ع28-29: تقدم المسيح مع تلاميذه صاعداً إلى أورشليم لأنها مبينة على جبل، ليتمم هناك خلاص البشرية بموته على الصليب.
بيت فاجى مدينة بالقرب من أورشليم كان يسكنها الكهنة.
بيت عنيا مدينة قريبة من أورشليم كانت مسكناً للشعب. فالمسيح أتى لخلاص الكل، ويشارك فى خدمتك الكل.
جبل الزيتون يقع بجوار أورشليم، ويشير إلى الكنيسة المغروس فيها أولاده المؤمنين الممتلئين سلاماً لأن شجر الزيتون يرمز للسلام، كما يعطون زيتاً هو عمل الروح القدس الساكن فيهم ويفيض منهم، فالمسيح يقترب من الكنيسة التى يعلن فيها خلاصه.
وقد أرسل إثنين من تلاميذه ليشاركاه فى عمل الخلاص حتى لو كان عملاً صغيراً، فالله يفرح به.
إثنثن عدد يمثل الحب، إذ يجعل الله الإثنين واحداً فى سر الزيجة.
والخلاصة ان الله يفرح بالحب المقدم من أولاده.
ينبغى أن ترتفع عن الأرضيات لتشارك المسيح آلامه فتفرح بخلاصه.
ع30: القرية التى أمامكما: هى بيت فاجى.
جحشاً مربوطاً: الذى لم يجلس عليه أحد، ويرمز للبشرية البعيدة عن الله التى لم يملك الله عليها بل تهيم فى شهواتها الخاصة ولم تتحمل آلام الجهاد الروحى. وفى إنجيل متى ومرقس يذكر أنه جحش وأتان أى أنثى الحمار، أما فى إنجيل لوقا فركز على الجحش وأهمل الكلام على الأتان التى كانت معه.
حلاه طلب من تلميذيه أن يحلا الجحش بمعنى أن يحلاه من رباطات العالم ليملك عليه المسيح.
ع31: إن سألكما أحد لماذا تحلانه سيعترض أصحاب الجحش أو جيرانهم على حل الجحش، وهم يرمزون للمعترضين على خلاص أولاد الله عندما يتركون شهواتهم الشريرة، ولكن طلب المسيح لهذه النفوس ومساندته تسكتهم.
الرب محتاج إليه ما أعظم اتضاع المسيح، الذى يعلن إحتياجاته للجحش، فهو محتاج بحبه الأبوى أن يخلص البشرية.
ع32-34: فى طاعة واتكال على الله، نفذ التلميذان ما أمرهما به المسيح رغم صعوبة ذلك بالمنطق البشرى، إذ يُعتبرا سارقان فى نظر أصحاب الجحش، ولكن إذ أطاعا وقالا كلمات المسيح أن الرب محتاج إليه تركوا لهما الجحش. فيبدو أن الله قد أعطى علامة لأصحاب الجحش حتى لا يعترضوا على أخذه، والعلامة هى كلمة الرب محتاج إليه. وقد يكون أصحابه من معارف المسيح ومحبيه.
ليتك تطيع الوصية مهما بدت صعبة، واثقاً من بركتها ومعونة الله وصدقها.
ع35: إذ أتيا بالجحش إلى يسوع، خلع التلميذان ثيابهما ووضعاها عليه ليسهل على المسيح ركوبه. وخلع الثياب معناه الخضوع، فكان العبد يخلع ثوبه لمن إشتراه معلناً خضوعه له.
إن المحبة تجعل الإنسان يتخلى حتى عن ثيابه، أى احتياجاته الضرورية، وهو يشعر أن ما يتنازل عنه هو تقدمة صغيرة، فتتبارك حياته كلها بالمسيح.
ع36: تسابق التلاميذ والجموع فى فرش ثيابهم على الطريق لتطأهم أقدام الجحش الذى يركبه المسيح، فمن ناحية، تعلن الجموع خضوعها واحتياجها للمسيح الملك العظيم أن يملك عليها، ومن ناحية أخرى صارت أقدام الجحش (الذى يرمز للبشرية البعيدة عندما ملك عليها المسيح) بركة لكل الناس كما يحدث مع أولاد الله القديسين الذين صاروا نوراً للعالم.
ع37-38: القوات التى نظروا المعجزات العظيمة التى عملها المسيح طوال حياته وخاصة القوية مثل إقامة الموتى.
الملك الآتى بإسم الرب المسيا المنتظر الآتى ليملك على قلوب أولاده.
لما وصل إلى جبل الزيتون، الذى يرمز إلى الكنيسة، انطلقت صرخات أولاده بالتهليل طالبين خلاصه وملكه على قلوبهم لإيمانهم بمعجزاته العظيمة ولمشاركة السماء والملائكة التى تمجده.
ع39-40: اغتاظ الفريسيون من تمجيد اليهود للمسيح كملك عظيم وطلبوا منه ان يسكتهم، فرد عليهم بأنهم إن سكتوا ستنطق الحجارة.
الحجارة تصرخ عندما أظلمت عيونهم عن رؤيته كملك على قلوبهم وصلبوه، فنطقت الحجارة بان تشققت الصخور.
والحجارة ترمز للأمم الذين يعبدون الأحجار (الأصنام)، فقلوبهم كالحجارة بعيدة عن الله ولكن إن سكت اليهود ورفضوا الإيمان فستؤمن الأمم وتمجد الله.
وهذا ما حدث أثناء بشارة الرسل مثل بولس الرسول.
(4) بكاء المسيح على أورشليم (ع41– 44):
41- وفيما هو يقترب، نظر إلى المدينة وبكى عليها، 42- قائلا: “إنك لو عَلِمْتِ أنت أيضا حتى فى يومك هذا ما هو لسلامك، ولكن الآن قد أُخْفِىَ عن عينيك. 43- فإنه ستأتى أيام ويحيط بك أعداؤك بِمِتْرَسَةٍ، وَيُحْدِقُونَ بك، ويحاصرونك من كل جهة، 44- ويهدمونك وبنيك فيك، ولا يتركون فيك حجرا على حجر، لأنك لم تعرفى زمان افتقادك.”
ع41: نظر المسيح إلى أورشليم، ورأى بسابق علمه الإلهى عصيانها عليه وصلبه ومقاومة الكهنة والفريسيين للتبشير بإسمه على يد الرسل، وفى النهاية خرابها على يد تيطس القائد الرومانى عام 70م وقتل من فيها، وهو لا يريد هلاكها، لذا حزن عليها وعبر عن مشاعره كإنسان بالبكاء وهذه هى المرة الثانية التى فيها يبكى يسوع، فالأولى كانت عند قبر لعازر، أما المرة الثالثة ستأتى داخل بستان جثسيمانى قبل القبض عليه مباشرة.
ع42: لو علمت: ليتك تعلمين.
ما هو لسلامك أى الإيمان بالمسيح لتنالى السلام.
أخفى عن عينيك أخفيت عن نفسك الإيمان بسبب خطاياك.
نادى المسيح أورشليم بحزن بأنها لا تعلم الطريق إلى سلامها الحقيقى، فقد ظنته فى الكبرياء والشهوات المادية التى أخفت الحقيقة عنها، وهى أن السلام فى الإيمان بالمسيح والخضوع له لتنال خلاصها.
ع43-44: متراس حواجز وحوائط توضع حول أورشليم لعرقلة ومنع هروب اليهود منها أثناء الحصار.
يصف المسيح ما سيحدث عند خراب أورشليم بيد الرومان الذين سيحاصرونها حتى تسقط فى أيديهم، ويقتحمونها ويقتلون اليهود الذين فيها ويهدمون الهيكل وكل أبنيتها، لأنها لم تنتهز الفرص التى أرسلها الله إليها بالتوبة حتى افتقدها أخيراُ بإبنه الوحيد لكنها قامت عليه وصلبته.
ليتك لا تضيع فرص افتقاد الله لك بالتوبة، فتنجو من كل الشرور وتحتفظ بسلامك وفرحك الداخلى.
(5) تطهير الهيكل وتعليم المسيح فيه (ع45– 48):
ذكرت هذه الحادثة أيضاً فى (مت21: 12- 13؛ مر11: 15- 19؛ يو 2: 13 – 16)
45- ولما دخل الهيكل، ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه، 46- قائلا لهم: “مكتوب إن بيتى بيت الصلاة، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص.” 47- وكان يعلّم كل يوم فى الهيكل، وكان رؤساء الكهنة والكتبة، مع وجوه الشعب، يطلبون أن يهلكوه. 48- ولم يجدوا ما يفعلون، لأن الشعب كله كان متعلقا به يسمع منه.
ع45: رغم رؤية المسيح لكل عناد اليهود وما سيفعلون به فى آلامه وصلبه، لم يتوقف عن العمل الإيجابى. وعندما دخل إلى هيكل سليمان يوم الإثنين، أى اليوم التالى لدخوله أورشليم (مع ملاحظة أن لوقا لا يهتم بترتيب الحوادث مثل مرقس البشير)، وجد انشغال الكهنة وخدام الهيكل فى ساحاته بالتجارة والمكاسب المادية، وبالتالى انشغال الشعب كله بالماديات، تاركين العبادة الروحية. فبدأ يخرج كل هؤلاء التجار خارج ساحات الهيكل.
ع46: أعلن المسيح للكهنة ولكل الشعب أن هيكل الله مخصص للصلاة، أما انشغالهم واستغلالهم الهيكل للتجارة جعله مثل مغارة لصوص، إذ سرقوا القلوب من محبة الله وعبادته إلى الإنهماك فى محبة الماديات.
إحذر أن تستغل ذهابك إلى الكنيسة فرصة لأى أعمال أخرى أو لقاءات بشرية تشغلك عن محبة الله وإلا فستصير لصاً فى نظره.
ع47: لم يكتفِ المسيح بطرد الأشرار من الهيكل، بل أخذ ينادى بتعاليمه الروحية المشبعة فى الهيكل كل يوم، لعله ينقذ بعض النفوس من الهلاك الآتى، ولكن للأسف قاومه رؤساء الكهنة والكتبة ورؤساء الشعب بدلاً من أن يساعدوه، وذلك لأنهم كانوا يبحثون عن مراكزهم وكرامتهم فلم يستفيدوا من تعاليمه ويتوبوا.
ع48: لم يجدوا ما يفعلونه لم يجدوا سبباً يقبضون به عليه أو يوقفوا به تعاليمه.
رغم حقد قلوبهم وكلماتهم المقاومة للمسيح، استمرت الجموع متعلقة به وبكلامه المحيى وفشلت كل مقاومتهم.
استمر فى عمل الخير مهما قاومك الأشرار، فالله سيسندك ويعطيك نعمة فى أعين الناس.