مثل قاضى الظلم – الفريسى والعشار – محبة المال – شفاء الأعمى
- مثل قاضى الظلم (ع1 -8):
1- وقال لهم أيضا مثلا فى أنه ينبغى أن يُصَلَّى كل حين ولا يُمَلَّ، 2- قائلا: “كان فى مدينة قاضٍ لا يخاف الله ولا يهاب إنسانا. 3- وكان فى تلك المدينة أرملة، وكانت تأتى إليه قائلة: أنصفنى من خَصمى. 4- وكان لا يشاء إلى زمان. ولكن، بعد ذلك قال فى نفسه: وإن كنت لا أخافُ الله ولا أهاب إنسانا، 5- فإنى، لأجل أن هذه الأرملة تزعجنى، أنصفها، لئلا تأتى دائما فتقمعنى.” 6- وقال الرب: “اسمعوا ما يقول قاضى الظلم. 7- أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهارا وليلا، وهو متمهل عليهم؟ 8- أقول لكم إنه ينصفهم سريعا. ولكن، متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض؟”
ع1: الإنسان البشرى يتشكك من استجابة صلاته أو يمل منها لضعف محبته لله، وقد يرفض اللجاجة فى الصلاة بفلسفة عقلية أن الله يعرف كل شئ فلماذا التكرار، فأراد المسيح أن يظهر أهمية الإلحاح على الله فى الصلاة، لأن هذا ينمى إيمان الإنسان ويظهر مدى محبته له.
ع2-3: قاضى المسئول عن الحكم بالعدل وإنصاف المظلومين.
لا يخاف الله ليس هناك فى قلبه دافع للتمسك بالعدل ليرضى الله.
لا يهاب إنسان لا يعمل حساباً لرأى المجتمع، وبالتالى ليس هناك ما يدعوه للعدل من أجل الرأى العام.
أرملة تمثل الإنسان الذى بلا سند فيسهل ظلمها.
كانت تأتى تكرار التجائها إلى القاضى لطلب معونته بالحكم العادل.
انصفنى من خصمى كان لها خصم مستمر فى أخذ حقوقها.
المثل يقول أن هناك قاضى ظالم فى إحدى المدن، لا يعمل حساباً لله أو الناس، إذ أنه متكبر ولا يراعى أحداً. وفى نفس المدينة توجد أرملة، أى إنسانة ضعيفة بلا سند، تطلب من هذا القاضى أن ينصفها ويعطيها حقها الضائع.
ع4-5: لا يشاء إلى زمان أهمل دعواها ولم يحكم بالعدل.
تزعجنى كثرة إلحاحها يضايقنى.
تقمعنى تضغط على بلجاجتها.
لأجل إلحاح المرأة، إضطر هذا القاضى الظالم أن ينصفها حتى لا تزعجه، وليس عطفاً عليها أو تمسكاً بالعدل.
ع6-7: اسمعوا ما يقول لاحظوا ما قاله هذا القاضى أنه ينصف الأرملة لكثرة لجاجتها.
أفلا ينصف يرجع إليهم حقوقهم المسلوبة من إبليس خصمهم، فيهبهم سلامه ويخلصهم من الخطية، بل يدوسوا قوة الشيطان.
مختاريه أولاد الله الذين اختارهم من العالم لأجل تجاوبهم معه.
الصارخين صلوات حارة قوية.
نهاراً وليلاً اللجاجة والإستمرار فى الصلاة.
متمهل عليهم الله يؤجل الاستجابة لفترة حتى يعطى العطية فى أحسن وقت لكيما ينمى إيمان ومحبة أولاده وجهادهم ولكنه لا ينساهم، بل لابد أن ينصفهم فى النهاية ويهبهم عطاياه الجزيلة.
إن كان قاضى الظلم يستجيب لإلحاح المرأة المظلومة، فبالأولى الله العادل المحب يستجيب لأولاده عندما يلحون عليه فى الصلاة لينقذهم من الأشرار ومن حروب إبليس.
ع8: أقول لكم تأكيد للكلام التالى.
سريعاً لن يتأخر عن الميعاد المناسب بحسب حكمته لفائدة أولاده، بل فى أحسن وقت يهبهم عطاياه خاصة إذا نظرنا إلى فترة العمر القصيرة بالقياس بالأبدية.
يؤكد المسيح هنا أهمية إرتباط اللجاجة فى الصلاة بالإيمان، ويتساءل هل فى مجيئه الثانى سيجد إيماناً قوياً عند الكثيرين أى صلوات حارة بلجاجة؟
كن مؤمناً بسماع الله لصلواتك حتى لو تمهل فى الاستجابة، وداوم على الصلاة لتعلن محبتك وتمسكك به.
(2) الفريسى والعشار (ع9 –14):
9- وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار ويحتقرون الآخرين، هذا المثل: 10- “إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسى والآخر عشار. 11- أما الفريسى، فوقف يصَلّى فى نفسه هكذا: اللهم أنا أشكرك إنى لست مثل باقى الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار. 12- أصوم مرتين فى الأسبوع، وأُعَشِّرُ كل ما أقتنيه. 13- وأما العشار، فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء، بل قرع على صدره قائلا: اللهم ارحمنى أنا الخاطئ. 14- أقول لكم إن هذا نزل إلى بيته مبررا دون ذاك، لأن كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع.”
ع9: يحتقرون الآخرين الذين يتكبرون يقعون بسهولة فى إدانة بل احتقار الآخرين.
واجه المسيح مجموعة من المتكبرين يسلكون فى الحياة الروحية بتدقيق ولكنهم يشعرون ببرهم الذاتى، فأعطاهم مثلاً يعلمهم من خلاله أهمية الاتضاع.
ع10: يُظهر المثل أن الكل بشر فى نظر الله أيا كان مركزهم، ولكن التقييم يكون بحسب حياتهم الروحية واتضاعهم. كان غرض الإثنين هو الصلاة، وهذا غرض مقدس، ولكن الأهم هو كيفية الصلاة.
أحدهما كان من فئة الفريسيين المتمسكين بالشريعة ولكن يشعرون بتميزهم وبرهم عن الآخرين، أما العشار فكان سلوكه فى الحياة شرير مرتبط بمحبة المال والقسوة على الآخرين، ولكن الجزء الحسن هو أنه أراد أن يصلى وتكون له علاقة مع الله.
ع11: مثل باقى الناس يضع نفسه فى مرتبه عالية وباقى الناس فى مرتبه حقيرة لأجل شرورهم.
بدأ الفريسى صلاته بالشكر، وهو أمر جميل، ولكن ظهر من شكره أنه يشعر بأفضليته، بل إدانته لعموم الناس الساقطين فى الخطايا مثل السرقة والظلم والزنا، بل أكثر من هذا أدان بالتحديد إنساناً مثله، وهو العشار الذى دخل ليصلى معه.
ع12: أكمل الفريسى صلاته منتفخاً ببره الذاتى فى إتمام الوصايا مثل الصوم وتقديم العشور.
ع13: أما الشخص الآخر وهو العشار فشعر بخطاياه الكثيرة، وأنه غير مستحق للصلاة والوجود فى بيت الله، لذا وقف من بعيد ينظر إلى الهيكل بخشوع واتضاع، بل قرع صدره معلنا ندمه وتوبته على كل خطاياه السابقة، طالباً باتضاع رحمة الله وغفرانه معترفاً بخطاياه بقوله أنا الخاطئ.
يرمز الفريسى للأمة اليهودية المتكبرة بمعرفتها عن الله وشرائعه، أما العشار فيرمز للأمم الخطاة الآتين باتضاع للمسيح فينالون الخلاص دون المتكبرين من اليهود.
ع14: أقول لكم تأكيد لأهمية الكلام التالى.
هذا العشار.
ذاك الفريسى.
جاء رد السماء بغفران خطايا العشار المتضع وتبريره من كل خطية، أما الفريسى المتكبر فرفضت صلاته بل صارت دينونة له وتثبيتاً لخطاياه على رأسه.
ثم يعلق المسيح إلهنا على المثل بأن من يرفع نفسه ويتكبر يرفضه الله وينزله إلى الجحيم، أما من يتضع فى توبة وانسحاق يكرمه الله ويرفعه ليتمتع معه فى الملكوت السماوى.
أنظر إلى خطاياك وضعفك فتتضع أمام الله، ويدفعك هذا لعلاقة قوية معه تعوض فيها ما فاتك، بل وتنظر إلى فضائل المحيطين بك لتقتدى بهم.
(3) إهتمام المسيح بالأطفال (ع15 – 17):
ذكر هذا الحديث أيضاً فى (مت19: 13-15؛ مر10: 13-16)
15- فقدموا إليه الأطفال أيضا ليلمسهم. فلما رآهم التلاميذ انتهروهم. 16- أما يسوع فدعاهم، وقال: “دعوا الأولاد يأتون إلىَّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله. 17- الحق أقول لكم، من لا يقبل ملكوت الله مثل ولد فلن يدخله.”
ع15: أراد بعض الناس من الجموع أن ينال أطفالهم بركة من المسيح، فقدموهم إليه ليلمسهم، أما التلاميذ فشعروا أن مكانة المسيح أعظم من أن يهتم بالأطفال، فحاولوا إبعادهم حتى لا يشغلوا معلمهم عن تعاليمه وشفائه للمرضى بهذا الأمر التافه.
ع16: اهتم المسيح بالأطفال، ونبه تلاميذه ليتركوا الأطفال يقتربون إليه وباركهم، بل أعلن حقيقة هامة وهى تميز الأطفال فى طباعهم عن الكبار، وأن من لهم هذه الطباع من البراءة والمحبة للآخرين وتقدير إهتمام من حولهم (مثلما يفرح الطفل بمحبة والديه وعطاياهم له)، هم المؤهلون لدخول ملكوت السموات.
ولم يقل لهؤلاء الأطفال بل لمثل هؤلاء، أى من له طباع الأطفال من الكبار وليس فقط الأطفال.
وينبغى أن نهتم بالضعفاء فهم أيضاً محتاجون مثل الأطفال.
ع17: ذكرت أيضاً فى (مت18: 3)
أكد المسيح أهمية أن نكتسب طباع الأطفال كشرط لدخول الملكوت.
تأمل صفات الأطفال القريبين منك وحاول أن تتعلم منهم شيئاً، فقد وضعهم الله فى طريقك ليس فقط لتعلمهم بل لتتعلم منهم أيضاً.
(4) محبة المال ودخول ملكوت السموات (ع18– 30):
ذكر هذا الحديث أيضاً فى (مت19: 16-29؛ مر10: 17-27، 32-34)
18- وسأله رئيسٌ قائلا: “أيها المعلم الصالح، ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية؟” 19- فقال له يسوع: “لماذا تدعونى صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا واحد، وهو الله. 20- أنت تعرف الوصايا: لا تزن، لا تقتل، لا تسرق، لا تشهد بالزور، أكرم أباك وأمك.” 21- فقال: “هذه كلها حفظتها منذ حداثتى.” 22- فلما سمع يسوع ذلك، قال له: “يعوزك أيضا شىء، بع كل ما لك ووزع على الفقراء، فيكون لك كنز فى السماء، وتعال اتبعنى.” 23- فلما سمع ذلك حَزِنَ، لأنه كان غنيا جدا. 24- فلما رآه يسوع قد حزن، قال: “ما أعسر دخول ذوى الأموال إلى ملكوت الله. 25- لأن دخول جمل من ثقب إبرة، أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله.” 26- فقال الذين سمعوا: “فمن يستطيع أن يخلُص؟” 27- فقال: “غير المستطاع عند الناس، مستطاع عند الله.” 28- فقال بطرس: “ها نحن قد تركنا كل شىء وتبعناك.” 29- فقال لهم: “الحق أقول لكم إِنْ ليس أحد ترك بيتا أو والدين أو إخوة أو امرأة أو أولادا من أجل ملكوت الله 30- إلا ويأخذ فى هذا الزمان أضعافا كثيرة، وفى الدهر الآتى الحياة الأبدية.”
ع18: تقدم شاب يهودى كما تذكر أناجيل متى ومرقس، وكان رئيس مجمع من مجامع اليهود، وسأل المسيح كيف يرث الحياة الأبدية، وحدثه بإحترام قائلاً أيها المعلم الصالح.
ع19: قبل أن يرد المسيح على سؤاله سأله لماذا تدعونى صالحاً، هل هى كلمات التعظيم التى يقولها البعض دون فهم، أم أنك تعنى إنى الله لأنه لا يوجد أحد صالح إلا الله وحده. فيقصد المسيح هنا أن يواجه الشاب نفسه هل يؤمن بلاهوت المسيح فيطلب منه أن يعرفه طريق ملكوت المسوات، أم هو فى نظره مجرد معلم من معلمى اليهود، أم أنه يجربه هل سيرشده إرشادات بحسب شريعة موسى أو مخالفة لها، ليصطاد عليه خطأ.
ع20: لم يقل المسيح وصايا جديدة لأنه أتى ليكمل وليس لينقض، وأشار على هذا الرئيس بأن يحفظ الوصايا العشر، ولتأكيد أنه يقصد هذه الوصايا وليست وصايا أخرى جديدة يعلمها المسيح، أعطاه أمثلة لها وهى “لا تزنِ لا تقتل…”.
ع21: أجاب الرئيس بسرعة معلناً حفظه للوصايا منذ طفولته، وهو يقصد الحفظ الذهنى والتطبيق الحرفى وليس كل أعماق الوصايا بدليل ظهور تعلقه بالماديات بعد ذلك أكثر من محبة لله، وهذا مخالف لروح الوصايا.
ع22: طلب منه المسيح أن يبيع ممتلكاته ويوزع ثمنها على الفقراء، ويتبع المسيح معتمداً عليه فقط وليس على أمواله. وقد وجه المسيح نظر هذا الرئيس إلى الكنز السماوى الذى يناله بعمل الرحمة أفضل من الممتلكات الأرضية.
ع23: كشف المسيح خطية هذا الرئيس، وهى محبة المال، وقد حزن قلبه لأنه لا يستطيع أن يبيع الأموال والممتلكات لأجل الله، وبهذا حكم على نفسه أنه غير مستحق لملكوت السموات.
إسأل نفسك هل أنت مستعد، ولو بالنية فقط، أن تترك كل ما عندك وتحتفظ بإيمانك بالله، أم إنك تكسر الوصايا وقلبك متعلق بالماديات؟ إن التطبيق العملى لترك محبة المال هو ترك جزئى وتدريجى وإعطاء العشور بل أكثر منها، وعمل الرحمة مع الجميع.
ع24: أعلن المسيح خطورة مشكلة التعلق بالمال الذى يمنع دخول الملكوت، لأن الأغنياء غالباً ما يعتمدون على أموالهم ويتعلقون بها. فما أعسر دخولهم إلى ملكوت السموات! والحل الوحيد هو أن يتكلوا على الله فقط ويستخدمون أموالهم فى إحتياجات معيشتهم وعمل الخير، ولا يضطربون إذا فقدوا الكثير منها. إذا فالمقصود ليس عدم دخول الأغنياء إلى الملكوت، بل المتكلين والمتعلقين بأموالهم.
ع25: لإظهار إستحالة دخول المتكلين على أموالهم إلى الملكوت، أعطى تشبيهاً بأن مرور جمل من ثقب إبرة أسهل من دخول متكل على ماله إلى الملكوت أى أنه مستحيل أن يدخل.
ع26-27: شعر السامعون بصعوبة التنازل عن محبة المال، ولكن المسيح شجع جميع الأغنياء بقوله أنه لا يوجد مستحيل عند الله، فبمعونته يستطيع الأغنياء أن يتخلصوا من تعلقهم بالمال.
ع28: فهم التلاميذ أهمية أن يترك الأغنياء عنهم محبة المال، لذا قال بطرس نيابة عن التلاميذ إننا قد تركنا كل شئ وتبعناك، وهم لم يتركوا إلا الشباك البالية ومراكب الصيد وأعمال بسيطة هى حرفهم.
ع29-30: أجاب المسيح مظهراً إهتمامه بأى شئ يتركه الإنسان لأجله، سواء كان ممتلكات مادية أو علاقات عاطفية من إرتباطات بالأهل والأصدقاء والأحباء لأجل الإرتباط بمحبة الله وخدمته. فالله يعوضه بأضعافها فى هذه الحياة، أى يعطيه احتياجاته المادية وصحته ويعطيه نعمة فى أعين الكل. مثل الراهب الذى يترك عدد محدود من الأقرباء، فينفتح قلبه بالحب للجميع ويصير الكل أحباءه، وهكذا الخادم الذى يتنازل عن بعض وقته وراحته وتمتعه بعلاقته مع المقربين لأجل خدمة المسيح، يكسب نفوساً كثيرة ويصير الكل أحباءه ثم ينال ما لا يُعبر عنه وهو سعادة الأبدية.
أنظر إلى نعم الله التى تنالها بالسلام والفرح والبركات الكثيرة، فتتنازل بسهولة عن أى شئ لأجل محبته.
(5) إخبار تلاميذه بآلامه (ع31– 34):
ذكر أيضاً فى (مت20: 17-19؛ مر10: 32-34)
31- وأخذ الاثنى عشر وقال لهم: “ها نحن صاعدون إلى أورشليم، وسيتم كل ما هو مكتوب بالأنبياء عن ابن الإنسان. 32- لأنه يُسَلَّمُ إلى الأمم، وَيُسْتَهْزَأُ به ويُشتم ويُتفل عليه. 33- ويجلدونه ويقتلونه، وفى اليوم الثالث يقوم.” 34- وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئا، وكان هذا الأمر مُخْفًى عنهم، ولم يعلموا ما قيل.
ع31: انفرد المسيح بتلاميذه ليخبرهم عن آلامه التى يحتملها لأجل فداء العالم، هذه الآلام التى تنبأ عنها الأنبياء، وبدأ يشرح لهم هذه النبوات، وأن ذلك سيتم قريباً لأنهم كانوا متجهين نحو أورشليم حيث سيتم كل هذا. وإن كان المسيح قد تكلم عن الترك والتجرد، فهو يقدم نفسه مثلاً عملياً فى الترك حتى الموت من أجل محبته لنا.
ع32-33: شرح لهم كيف سيقبض عليه الرومان، أى الأمم، ويستهزئون به ويضربونه ثم يقتلونه، ولكنه سيقوم من الأموات فى اليوم الثالث.
إن كانت هناك آلام تقابلك، فثق أنه يعقبها بركات، وعلى قدر صعوبة الآلام تزداد البركات.
ع34: أراد المسيح بهذا أن يعدهم لإستقبال آلامه ولكنهم لم يفهموا، لأن ذهنهم كان مرتبطاً بأن المسيح سيكون ملكاً أرضياً، ولكن بعد قيامته تذكروا كل ما قاله لهم وآمنوا.
وقد سمح المسيح بأن يكون هذا مخفياً عنهم حتى لا ينزعجوا ويخافوا، ولكن تذكر كلامه بعد القيامة يساعدهم على الإيمان.
(6) شفاء الأعمى فى طريق أريحا (ع35 – 43):
ذكرت هذه المعجزة أيضاً فى (مت20: 29-34؛ مر10: 46-52)
35- ولما اقترب من أريحا، كان أعمى جالسا على الطريق يستعطى. 36- فلما سمع الجمع مجتازا، سأل ما عسى أن يكون هذا. 37- فأخبروه أن يسوع الناصرى مجتاز. 38- فصرخ قائلا: “يا يسوع ابن داود ارحمنى.” 39- فانتهره المتقدمون ليسكت. أما هو، فصرخ أكثر كثيرا: “يا ابن داود ارحمنى.” 40- فوقف يسوع، وأمر أن يُقَدَّمَ إليه. ولما اقترب، سأله 41- قائلا: “ماذا تريد أن أفعل بك؟” فقال: “يا سيد، أن أبصر.” 42- فقال له يسوع: “أبصر، إيمانك قد شفاك.” 43- وفى الحال أبصر، وتبعه وهو يمجد الله؛ وجميع الشعب إذ رَأَوْا، سبحوا الله.
ع35-37: كان المسيح فى طريقه إلى أورشليم، فمر بمدينة أريحا وهناك وجد أعمى جالساً على الطريق يستعطى. وكان المسيح قاصداً أن يمر فى هذا الوقت ليشفيه، فهو يعمل الخير فى كل وقت حتى وهو سائر فى الطريق.
وسمع الأعمى ضجيج جموع مقبله عليه، فسأل ما هذا فأخبروه أن يسوع المسيح ومعه الجموع مقبلون عليه.
ليتك تنتهز كل فرصة لعمل الخير حتى وأنت فى الطريق أو فى أى مكان تدخل إليه، فصلى فى كل مكان وقدم كلمات مشجعة لمن تقابله وساعد كل من يطلب منك.
ع38-39: آمن الأعمى بأن هذا هو المسيا المنتظر إبن داود، وطلب منه أن يرحمه ومن كثرة صراخه حاولت الجموع المتقدمة إسكاته حتى لا يزعج المسيح، أما هو فازداد صراخاً وتضرعاً نحو المسيح معلناً إيماناً قوياً لا يمكن إيقافه.
إن الأعمى يرمز للبشرية التى فقدت قدرتها على رؤية الله، ولكن إذا آمنت بالمسيح وتضرعت نحوه بإيمان واتضاع، فإنها تنال الإستنارة الروحية وتعود تتمتع برؤية الله من خلال أسرار الكنيسة.
أما الجموع المتقدمة فترمز لمعطلات الإيمان من شهوات العالم وانشغالاته وكل الشكوك، ولكن الله يسمح بها لاختبار الإيمان، ثم يفيض حينئذ ببركات وفيرة على أولاده.
ع40-42: وقف المسيح وطلب أن يرى الأعمى، فاقتربوا به إليه فسأله المسيح ماذا تريد أن أفعل لك، حتى يؤكد أهمية الإرادة الإنسانية والجهاد الروحى الظاهر فى الصراخ المستمر. فقال الأعمى أنه محتاج أن يشفيه ليبصر، فأمر المسيح بسلطان لاهوته أن يبصر، فانفتحت عيناه فى الحال، وأعلن المسيح الحقيقة واضحة أن إيمان الأعمى الذى دفعه فى جهاد الصراخ المستمر وطلبه للشفاء هو الذى جعل المسيح يهبه نعمة البصر.
ع43: لقد استنار قلب الأعمى بالإيمان قبل أن تستنير عيناه الجسديتان، وعندما منحه المسيح الشفاء تبعه مع الجموع وهو يشكر الله، وصار شكره هذا دافعاً لتمجيد وتسبيح الجموع كلها للمسيح.
أشكر الله فى كل حين على عطاياه وفى أوقات الضيقة أيضاً، فتصير نوراً فى العالم تشجع الكل على حياة الشكر.