ظهور المسيح لتلميذى عمواس وكل تلاميذه والصعود
ذكر أحداث القيامة فى (مت28؛ مر16؛ يو20)
- القبر الفارغ (ع1 -12):
1- ثم فى أول الأسبوع، أول الفجر، أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذى أعددنه، ومعهن أناس. 2- فوجدن الحجر مدحرجا عن القبر. 3- فدخلن، ولم يجدن جسد الرب يسوع. 4- وفيما هن محتارات فى ذلك، إذا رجلان وقفا بهن بثياب براقة. 5- وإذ كن خائفات ومنكسات وجوههن إلى الأرض، قالا لهن: “لماذا تطلبن الحى بين الأموات؟ 6- ليس هو ههنا، لكنه قام. اُذكرن كيف كلمكن وهو بعد فى الجليل 7- قائلا: إنه ينبغى أن يسلم ابن الإنسان فى أيدى أناس خطاة، وَيُصْلَبَ، وفى اليوم الثالث يقوم. 8- فتذكرن كلامه. 9- ورجعن من القبر، وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله. 10- وكانت مريم المجدلية ويونا ومريم أم يعقوب والباقيات معهن اللواتـى قلن هذا للرسل. 11- فتراءى كلامهن لهم كَالْهَذَيَانِ، ولم يصدقوهن. 12- فقام بطرس وركـض إلى القبر، فانحنى ونظر الأكفان موضوعة وحدها، فمضى متعجبا فى نفسه مما كان.
ع1: بعد أن استرحن يوم السبت وبدأ غروب اليوم الجديد، أكملت النسوة إعداد الأطياب والحنوط، وفى أول الفجر أى ظهور نور اليوم الجديد ذهبن إلى القبر، وذهب معهن مجموعة من المقربين إلى المسيح لزيارته ووضع الأطياب والحنوط على جسده كعادة اليهود فى إظهار محبتهم للمنتقلين.
ع2-3: إذ اقتربن من القبر، لاحظن رفع الحجر عن باب القبر، ففرحن واندهشن فى نفس الوقت متسائلات ياترى من دحرجه؟ ولكن زادت الحيرة والدهشة عند دخولهن إلى القبر إذ وجدَّنه فارغاً ليس فيه جسد المسيح، فغطاهن الحزن والحيرة.
ع4-7: وسط هذا الحزن، فوجئت النسوة بظهور ملاكين نورانيين بشكل براق ومبهر، فخفن ونظرن إلى الأرض، وهنا بادرهن الملاكان بإعلان قيامة المسيح من الأموات، بل سألاهن باستنكار كيف يطلبن المسيح الإله الحى بين الأموات، إذ هو لابد أن يقوم وقد مات فقط لأجلنا ليميت الخطية ولكن سيقوم فى اليوم الثالث كما أنبأ تلاميذه عندما كان يتحاور معهم فى الجليل، بأنه يتألم ويصلب ويموت ثم يقوم فى اليوم الثالث.
ع8-10: تذكرت النسوة، وهن مريم المجدلية ويونا زوجة خوزى وكيل هيرودس، وهى من النساء الشريفات الغنيات، ومريم أم يعقوب خالة المسيح أخت العذراء مريم ومعهن مجموعة من النسوة التابعات للمسيح؛ هؤلاء قد استرجعن كل تعاليم المسيح عن آلامه وموته وقيامته، فصدقن كلام الملاكين وأسرعن إلى تلاميذ المسيح وكل تابعيه المجتمعين فى بيت مارمرقس.
ع11: رغم أنهن كن عدداً كبيراً وشهدن بشهادة واحدة، ظن التلاميذ أنهن مختلات عقـلياً ولم يصدقوهن لصعوبة المفاجأة.
ع12: اندفع بطرس كعادته ليرى بنفسه ما سمعه من النسوة، وكان معه يوحنا كما يذكر فى إنجيله (يو20: 3)، فتأكد من فراغ القبر فمضى متعجباً محتاراً.
ويذكر لوقا أن بطرس رأى الأكفان موضوعة وحدها، ليؤكد أن جسد المسيح لم يُسرق كما ادعى رؤساء الكهنة بل قام من الأموات، لأن الذى يسرق بالطبع سيحمل الجسد بأكفانه ليهرب سريعاً.
لا ترفض كلام الكتاب المقدس أو تعاليم الكنيسة إذا كانت صعبة عليك وتعتبرها غير مناسبة للواقع الذى تحيا فيه، بل صلِ وأطلب معونة الله فيرشدك لتقبل الكلام وتحيا فيه.
(2) ظهوره لتلميذى عمواس (ع13-35):
13- وإذا اثنان منهم كانا منطلقيْن فى ذلك اليوم إلى قرية، بعيدة عن أورشليم ستين غلوة، اسمها عِمْوَاسُ. 14- وكانا يتكلمان بعضهما مع بعض عن جميع هذه الحوادث. 15- وفيما هما يتكلمان ويتحاوران، اقترب إليهما يسوع نفسه، وكان يمشى معهما. 16- ولكن أُمْسِكَتْ أعينهما عن معرفته. 17- فقال لهما: “ما هذا الكـلام الذى تتطارحـان به وأنتـما ماشـيان عابسيْن؟” 18- فأجاب أحدهما، الذى اسمه كَِلْيُوبَاسُ، وقال له: “هل أنت متغرب وحدك فى أورشليم، ولـم تعلم الأمور التى حدثت فيها فى هذه الأيام؟” 19- فقال لهما: “ومـا هى؟” فقالا: “المختصة بيسوع الناصرى، الذى كان إنسانا نبيا مقتدرا فى الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب، 20- كيف أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت، وصلبوه. 21- ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدى إسرائيل، ولكن مع هذا كله، اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك. 22- بل بعض النساء منا حيرننا، إذ كن باكرا عند القبر، 23- ولما لم يجدن جسده، أتين قائلات أنهن رأين منظر ملائكة قالوا إنه حى. 24- ومضى قوم من الذين معنا إلى القبر، فوجدوا هكذا كما قالت أيضا النساء؛ وأما هو، فلم يروه.” 25- فقال لهما: “أيها الغبيان، والبطيئا القلوب فى الإيمان بجميع ما تكلم به الأنبياء. 26- أما كان ينبغى أن المسيح يتألم بهذا، ويدخل إلى مجده؟” 27- ثم ابتدأ من موسى، ومن جميع الأنبياء، يفسر لهما الأمور المختصة به فى جميع الكتب. 28- ثم اقتربوا إلى القرية التى كانا منطلقيْن إليها، وهو تظاهر كأنه منطلق إلى مكان أبعد. 29- فألزماه قائليْن: “امكث معنا لأنه نحو المسـاء، وقد مال النهار.” فدخل ليمكث معهما. 30- فلما اتكأ معهما، أخذ خبزا وبارك وَكَسَّرَ وناولهما. 31- فانفتحت أعينهما وعرفاه، ثم اختفى عنهما. 32- فقال بعضهما لبعـض: “ألم يكن قلبنـا ملتهبا فينا، إذ كان يكلمنا فى الطريق، ويوضح لنا الكتب؟” 33- فقاما فى تلك الساعة، ورجعا إلى أورشليم، ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم. 34- وهم يقولون: “إن الرب قام بالحقيقة، وظهر لسمعان.” 35- وأما هما، فكانا يخبران بما حدث فى الطريق، وكيف عرفاه عند كسر الخبز.
ع13: أشار مرقس الإنجيلى إلى هذه الحادثة (مر16: 12)، وهى أن إثنين من المقربين والتابعين للمسيح وهما كليوباس والثانى يقال انه لوقا نفسه ولاتضاعه لم يذكر إسمه أو هو أحد الرسل، وهذان الإثنان ليسا من الأحد عشر تلميذا.
بعد قضاء ثلاثة أيام فى أورشليم متأثرين بأحداث الصلب والموت، ثم معرفة أخبار القبر الفارغ وظهور الملائكة مبشرة بالقيامة، تحير هذان التلميذان وفضلا فى النهاية أن يعودا إلى حياتهما الأولى بعد انتهاء قصة يسوع فى نظرهما. فذهبا إلى قريتهما عمواس، وهى تبعد حوالى 12 كيلو مترًا من أورشليم، أى حوالى ساعتين مشياً، وكان ذلك فى يوم أحد القيامة نفسه فى وقت المساء.
ع14: كان شغلهما الشاغل هو إنتهاء قصة المسيح يسوع وكل ما حدث من آلام له.
ع15-16: يتكلمان ويتحاوران فى أمر يسوع، هل هو المسيا لما عمله من معجزات ولكن كيف صلبوه ومات، وهل يا تُرى قد قام كما يقولون؟
أمسكت أعينهما لم يعرفاه لتغير شكله ولم يساعدهما على معرفته، حتى تكون له فرصة أن يقنعهما بأدلة من الأسفار المقدسة أنه المسيا المنتظر.
اقترب المسيح من التلميذين كأنه أحد المشاة فى الطريق، وسار معهما وكان هذا أمراً عادياً أن يتكلم المشاة فى الطريق مع بعضهم ليهونوا على أنفسهم طول المسافة. وظناه شخصاً عادياً ولم يعرفاه لأنه لم يرد فى ذهنهم احتمال قيامته من الأموات.
ع17-18: تتطارحان: تتكلمان وتتجادلان فيه.
عابسين: ظهر على وجهيهما علامات الحزن لما حدث مع يسوع نتيجة محبتهما له.
متغرب وحدك: ظناه أحد اليهود الذى جاء ليعيد فى أورشليم ثم يرجع إلى مدينته، ولا يعرف أحداً فى المدينة لأن الكل يتحدثون عما حدث مع يسوع.
سأل المسيح التلميذين عن الحوار الحزين الذى يتكلمان فيه قاصداً أن يدخل معهما فى الحديث ليقودهما إلى الإيمان، فرد عليه أحدهما، وهو كليوباس الرسول، بتعجب كيف كان فى أورشليم وخارجاً منها فى أحد الطرق ولم يعرف ما حدث فيها، وهل هو غريب لا يعرف أحداً فيها؟
ع19-21: أمام الله شهدا أنه كان باراً مرسلاً من الله.,
جميع الشعب اقتنعت جموع اليهود بعظمته وسلطانه وبره.
رؤساء الكهنة لأنهم هم الذين شكوه لبيلاطس، وهيجوا الشعب لصلبه.
حكامنا بيلاطس وهيروس.
يفدى إسرائيل يحرره من عبودية الرومان كما كان يظن اليهود أن المسيح ملك أرضى.
سألهم المسيح عن هذه الأحداث ليكشف ضعف إيمانهما ويعالجه، فأعلنا إيمانهما الضعيف بالمسيح أنه مجرد نبى قوى يعلم تعاليم مؤثرة ويعمل معجزات، وكانا يودان أن يكون هو المسيا المخلص ولكن بعد هياج رؤساء الكهنة والحكام عليه صلبوه ومات، وهكذا انتهت القصة فى نظر هذين التلميذين، إذ تأكد موته بمرور ثلاثة أيام عليه فى القبر.
ع22-24: سرد التلميذان ما حدث فى هذا اليوم، وهو زيارة بعض النسوة للقبر، فوجدنه فارغاً وظهرت ملائكة لهن تخبرهن بقيامته وتأكد بعض التلاميذ من عدم وجود جسده فى القبر مثل بطرس ويوحنا. وهكذا أظهرا شكهما وضعف إيمانهما، فلم يريا فى القبر الفارغ إلا التأكد من موت المسيح ولم يؤمنا بقيامته.
ويظهر من حديثهما إنهما لم يسمعا من المريمات كيف رأين المسيح القائم، فقد رأته المجدلية وحدها وكذلك المجدلية ومعها مريم الأخرى.
قد تكون عرفت الكثير عن المسيح كمعلومات، ولكن هل تؤمن بها عملياً فى حياتك أم مازال المسيح فى نظرك مجرد معلم لتعاليم صالحة؟
وهل ما تطلبه منه هو طلبات مادية باعتباره ملك أرضى فى نظرك، أم تطلبه ملكاً روحياً على قلبك، يرفعك عن كل شر ويمتعك بعشرته.
ع25-27: الغبيان لجهلهما ضرورة تألم المسيح وموته قبل قيامته، وفهمهما الخاطئ مثل باقى اليهود أن المسيح ملك أرضى.
البطيئا القلوب فى الإيمان ضعيفان فى إيمانهما.
ما تكلم به الأنبياء نبوات الأنبياء عن المسيا المنتظر.
يدخل إلى مجده قيامته بعد فدائه البشرية، ثم صعوده إلى السموات.
موسى أسفار موسى الخمسة.
أوضح المسيح سبب المشكلة وهو ضعف إيمانهما، وأعلن الحقيقة وهى ضرورة تألم المسيح قبل أن يتمجد، وبدأ يشرح نبوات العهد القديم من أيام موسى وكيف تمت فى حياته على الأرض وآلامه وموته، ليجذب قلوبهم إلى الإيمان؛ ورغم قبولهما كلامه لم يصلا إلى مستوى الإيمان به ومازالا لا يعرفاه.
ع28-29: استمر الحديث ما يقرب من الساعتين ووصلوا أخيراً إلى قرية عمواس، وكان الليل قد أقبل فتظاهر المسيح أنه مستمر فى المشى إلى مكان أبعد من عمواس. وهنا ظهرت فضيلة المحبة عند هذين التلميذين، إذ أرادا استضافته فى بيتهما لأنه من الصعب المشى ليلاً فى هذه الطرق، وحاول المسيح أن يعتذر لكى لا يثقل عليهما أما هما فتشددا فى استضافته، وهكذا ظهرت محبتهما القوية.
قدم محبتك لكل من تقابله، تحظى بمعاينة المسيح. كما حدث مع أبينا إبراهيم ومع تلميذى عمواس، إذ اكتشفوا أنهم استضافوا الله.
ع30-31: بعد دخولهما البيت أعدا طعام العشاء، وعند البدء فى الأكل أخذ المسيح خبزاً وباركه وكسره بنفس الطريقة التى كان يبارك بها الطعام وهو بين الجموع وتلاميذه، ولعله عند رفع يديه المباركة رأيا أثار المسامير فيها فتأكدا من شخصيته، وعرفان أنه هو المسيح. وهنا اختفى المسيح عن أعينهما، لأنه بهذا الجسد الممجد يستطيع أن يدخل ويخرج والأبواب مغلقة وينطلق من أى مكان إلى آخر بسرعة.
ع32: ملتهباً فينا حساساً وقادراً على فهم أن من يقول كل هذه الأدلة ويعلم هذه التعاليم لا يكون إلا المسيح يسوع، الذى تعودنا سماع كلامه الحلو.
عاتبا التلميذان نفسيهما، كيف لم يعرفا المسيح طوال الطريق رغم حديثه الجميل المقنع.
ع33-35: الأحد عشر يقصد التلاميذ الإثنى عشر بعد هلاك يهوذا الإسخريوطى.
الذين معهم بعض الرسل والتابعين المقربين للمسيح.
بالحقيقة صار مؤكداً قيامة المسيح.
من فرحتهما قاما حالاً وسارا فى الطريق ليلاً رغم خطورة ذلك، حتى وصلا إلى أورشليم. وفى بيت مارمرقس، وجدوا الأحد عشر تلميذاً ومجموعة من الرسل مجتمعين يتحدثون بتأكيد عن قيامة المسيح، خاصة وأنه ظهر لبطرس بالإضافة لظهوره للمجدلية ولمنظر القبر الفارغ، فأخبراهما أيضاً بظهوره لهما وبتفاصيل التعرف عليه عند كسر الخبز، ففرح الجميع وتثبت إيمانهم أكثر من ذى قبل.
اهتم أن تفرح قلوب من حولك وتثبت إيمانهم، وثق أنك تنال أولاً ثباتاً فى إيمانك وفرحاً عظيماً كنعمة من الله.
(3) ظهوره لتلاميذه (ع36-49):
36- وفيما هم يتكلمون بهذا، وقف يسوع نفسـه فى وسطهـم، وقال لهم: “سلام لكم.” 37- فَجَزِعُوا وخافوا، وظنوا أنهم نظروا روحا. 38- فقال لهم: “ما بالكم مضطربين، ولماذا تخطر أفكار فى قلوبكم؟ 39- اُنظروا يدىَّ ورجلىَّ، إنى أنا هو، جُسُّونِى وانظروا، فإن الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لى.” 40- وحين قال هذا، أراهم يديه ورجليه. 41- وبينما هم غير مصدقين من الفرح، ومتعجبون، قال لهم: “أعندكم ههنا طعام؟” 42- فناولوه جزءا من سمك مشوى، وشيئا من شهد عسل. 43- فأخذ وأكل قدامهم. 44- وقال لهم: “هذا هو الكلام الذى كلمتكم به وأنا بَعْدُ معكم، أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عنى فى ناموس موسى والأنبياء والمزامير.” 45- حينئذ فَتَحَ ذهنهم ليفهموا الكتب. 46- وقال لهم: “هكذا هو مكتوب، وهكذا كان ينبغى أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات فى اليوم الثالث. 47- وأن يُكْرَزَ باسمه بالتوبة ومغفرة الِخطايا لجميع الأمم مُبْتَدَأً من أورشليم. 48- وأنتم شهود لذلك. 49- وها أنا أرسل إليكم موعد أبى، فأقيموا فى مدينة أورشليم إلى أن تُلْبَسُوا قوة من الأعالى.”
ع36-37: يتكلمون بهذا حديثهم عن القبر الفارغ وظهورات المسيح الأربعة التى حدثت يوم القيامة نفسه، أولاً للمجدلية ثم للمجدلية ومريم الأخرى، وثالثاً لبطرس ورابعاً لتلميذى عمواس.
وقف يسوع وجدوه فجأة وسطهم، وهذا هو الظهور الخامس والأخير فى يوم القيامة.
سلام لكم كما اعتادوا أن يسمعوا منه طوال حياته معهم بصوته اللطيف، إذ هو مصدر السلام لهم دائماً.
إذ بدأ الإيمان يدخل قلوبهم من خلال رؤية القبر الفارغ وظهوره لبعض التلاميذ، أراد المسيح ان يثبت إيمانهم، فظهر لهم وهم مجتمعون فى العلية ببيت مارمرقس الرسول. فخافوا جداً عندما رأوه إذ ظنوه خيالاً، أو على الأقل معظمهم كان متشككاً، لأنه من الشائع ظهور أرواح بعض المنتقلين بعد موتهم، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه أرواح المنتقلين بل أحياناً تكون أرواح شياطين.
ع38-40: أعلن لهم المسيح أنه عارف بما فى قلوبهم (وهى أفكار الشك)، كما تعودوا منه فى حياته على الأرض معهم أن يعرف ما فى قلوبهم قبل أن يقولوه.
ثم قدم لهم دليلاً آخر ليتعرفوا عليه، إذ أراهم آثار المسامير فى يديه ورجليه، ليتأكدوا أنه هو يسوع المصلوب لأجلهم، وطلب منهم أن يلمسوه ليتأكدوا أنه ليس مجرد خيال بل جسد حقيقى. كل هذا ليطمئنهم، مع أن جسده ليس له لحم وعظام مادية لأنه جسد نورانى قادر على اختراق الأماكن وهى مغلقة.
وسمح لهم أن يلمسوه ويظهر أمامهم بشكل ملموس ليطمئنهم، وكل هذا بقوته الإلهية.
وقد احتفظ المسيح بآثار الجراحات فى جسده النورانى ليؤكد لتلاميذه أنه هو، ولتكون علامات حب إلى الأبد ظاهرة أمامنا ودليل على رحمته وفدائه.
ع41-43: ثم قدم دليلاً ثالثاً على قيامته لتلاميذه بأن طلب طعاماً ليأكل ليس لأنه جائع ولكن ليطمئنهم أنه إنسان حقيقى كما عرفوه وليس مجرد روح. فأحضروا له بعض الطعام الموجود فى البيت، وهو سمكاً وشهداً، وهذا ما يناسب القيامة فالسمك يشير للحياة والسباحة ضد تيار العالم والشهد يرمز لحلاوة الحياة مع المسيح القائم. وأكل المسيح أمامهم، وهكذا ثبت إيمان المتشككين.
ما أجمل أن تطيل أناتك على الآخرين، كما يطيل المسيح أناته عليك وتقدم لهم أدلة متوالية من حبك حتى تريح قلوبهم.
ع44-46: إذ اطمأنت قلوبهم وآمنوا به، استمر المسيح يثبت إيمانهم ويقويه أيضاً بشرح نبوات العهد القديم عنه وكيف أنه حدثهم عن ذلك أثناء حياته معهم على الأرض، وأنبأهم بآلامه وموته وقيامته التى يرونها الآن.
إنه يشرح مرة ومرات نفس الكلام ولا يمل منهم لأنه يحبهم، وهذا ما يحدث معنا فى حياتنا الشخصية. وقد فهموا أخيراً قصة الفداء العجيب والقيامة، وأن المسيح ملك روحى وليس أرضياً كما ظن اليهود وظنوا هم أيضاً معهم.
ع47: أضاف المسيح أن هذه القيامة هى موضوع كرازتهم التى سيقومون بها فى أورشليم لليهود ثم لكل العالم، ليتمتع البشر جميعا ببشرى الخلاص، ويتوبوا عن خطاياهم فتغفر لهم، ويصيروا أبناء للكنيسة والميراث الأبدى.
ع48: ظهر المسيح لتلاميذه لأنهم مستعدون للإيمان به، فهم يحبونه وبالتالى سيشهدون بقيامته فى كرازتهم للعالم كله.
ولم يظهر لبيلاطس أو لرؤساء الكهنة لأنهم رافضون للإيمان به.
ع49: أرسل إليكم تظهر هنا مساواة الإبن للآب فى إرساله الروح القدس.
موعد الآب وعد الآب هو إرسال الروح القدس للسكن فى المؤمنين بالمسيح كما أعلن يسوع ذلك (يو14: 16،26).
أقيموا فى مدينة أورشليم لا تخرجوا للتبشير فى العالم، ولكن ليس معنى هذا عدم ذهابكم إلى الجليل أو أى مدينة فى اليهودية ثم العودة إلى أورشليم. وقد حدث هذا فعلاً لأن المسيح ظهر لهم بعد القيامة فى الجليل.
لكى يستطيع التلاميذ والرسل أن يكرزوا بقيامة المسيح، يحتاجون إلى قوة من الله، ولهذا يهبهم روحه القدوس ليسكن فيهم سكنى دائمة. ولذا طلب المسيح منهم ألا يبرحوا أورشليم ويتحركوا للكرازة فى العالم إلا بعد أن يحل عليهم الروح القدس كوعد الله الآب لهم.
عندما تتقدم لأى خدمة، أطلب معونة الله بصلوات كثيرة واطمئن أنه يسندك بروحه القدوس.
(4) صعوده إلى السماء (ع50-53):
50- وأخرجهم خارجا إلى بيت عَنْيَا، ورفع يديه وباركهم. 51- وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم، وَأُصْعِدَ إلى السماء. 52- فسجدوا له، ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم. 53- وكانوا كل حين فى الهيكل يسبحون ويباركون الله، آمين.
ع50-51: ظهر المسيح مرات كثيرة لتلاميذه بعد قيامته وثبت إيمانهم، ورتب معهم كل تفاصيل العبادة والخدمة فى كنيسته، ووعدهم بنوال الروح القدس للكرازة بقيامته، وأخيراً خرج بهم إلى جبل الزيتون، حيث إعتاد أن يجتمع بهم بالقرب من بيت عنيا، وباركهم للمرة الأخيرة بالجسد ثم صعد أمام عيونهم إلى السماء.
من بيت عنيا، أى بيت العناء، ومن الجبل الذى يرمز إلى الجهاد الروحى، تستطيع أن تصعد مع المسيح إلى السماء. إحمل صليبك واحتمل ضيقات وآلام التوبة والجهاد الروحى والخدمة، يرتفع قلبك إلى السماء وأنت على الأرض وتذوق حلاوة الأبدية عربون لميراث الملكوت.
ع52: رغم فقدانهم رؤية المسيح بالجسد، وخشوعهم الذى ظهر فى سجودهم أمام صعـوده إلى السماء، لكن قلوبهم كانت قد امتلأت إيماناً، فرجعوا إلى أورشليم فرحين بأن معلمهم هو الله الذى فى السماء، وسيرسل لهم روحه القدوس ليبقى معهم إلى الأبد.
ع53: رغم إيمان التلاميذ بالمسيح، وأن كل ما فى الهيكل والعهد القديم رموز له، لكنهم استمروا يتابعون صلواتهم وتسابيحهم فى الهيكل مع باقى اليهود، عالمين أن الله سيهبهم قوة ليكرزوا لإخوتهم اليهود فى الهيكل، ليتمتعوا جميعاً بالإيمان بالمسيح.