إقامة لعازر
(1) موت لعازر (ع 1-7):
1- وكان إنسان مريضا، وهو لعازر من بيت عَنْيَا، من قرية مريم ومرثا أختها. 2- وكانت مريم، التى كان لعازر أخوها مريضا، هى التى دهنت الرب بطـيب، ومسحـت رجلـيه بشـعرها. 3- فأرسلت الأختان إليه قائلتين: “يا سيد، هوذا الذى تحبه مريض.” 4- فلما سمع يسوع، قال: “هذا المرض ليس للموت، بل لأجل مجد الله، ليتمجد ابن الله به.” 5- وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر. 6- فلما سمع أنه مريض، مكث حينئذ فى الموضع الذى كان فيه يومين. 7- ثم بعد ذلك، قال لتلاميذه: “لنذهب إلى اليهودية أيضا.”
تمهيد:
معجزة إقامة لعازر من بين الأموات، هى معجزة انفرد بها إنجيل يوحنا. ولعل القارئ العزيز يسأل: ما سر هذا الانفراد للقديس يوحنا؟! والإجابة: إن القديس يوحنا كتب إنجيله فى نهاية القرن الأول، وبعد حوالى 50 عاما من كتابة باقى الأناجيل. وبالتالى، اختار أحداثا أخرى لم يركز عليها باقى الإنجيليين، مثل: شفاء مريض بيت حسدا، وخلق عينين للمولود أعمى. واختيار القديس يوحنا لهذه المعجزات بالذات له مدلول آخر، وهو ليس إبراز شخص المسيح كإنسان له قدرة، بل كإله له سلطان؛ وهو أسلوب تميز به إنجيل يوحنا منذ أول كلماته. أما سؤال: لماذا ذكر مرقس شيئا لم يذكره يوحنا، أو ذكر لوقا شيئا لم يذكره متى؟ فإجابته: إن كل ما كتبه الإنجيليين الأربعة، لم يكن على سبيل الحصر، بدليل ما قاله القديس يوحنا نفسه: “وأشياء أُخَرُ كثيرة صنعها يسوع، إن كتبت واحدة واحدة، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة” (ص 21: 25).
ع1-2: لعازر شخصية محبوبة للرب، له المجد، مع أختاه. وكان منزله بمثابة محطة، يستريح فيها المسيح أثناء تجواله. واسم “لعازر” معناه: “الله الذى آزر”. وقرية “بيت عَنْيَا” معناها: “بيت العناء”، وتبعد عن أورشليم حوالى 3كم.
والإشارة إلى مرض لعازر هنا، هى مقدمة لباقى أحداث الأصحاح.
وقصة دهن مريم بالطيب للمسيح، تأتى بالتفصيل فى (ص 12: 3-8).
ع3: كان المسيح فى عبر الأردن، عندما أرسلت إليه الأختان، بدالة الحب والصداقة الأسرية، برجاء شفاء أخوهما. ولم يكن المسيح محتاجا لمن يذكره بأنه يحب لعازر. ولكن، ما ذكرته الأختان، وهذه الكلمات هى نوع من الترجى الشفاعى، ليأتى المسيح بسرعة أكثر.
ونتعلم من مريم ومرثا، مما صنعتاه بإرسال رسول إلى المسيح، أن نرسل صلواتنا إليه من أجل أحبائنا المرضى، ليس فقط الذين نعرفهم على وجه الخصوص، ولكن لكل المرضى على وجه العموم.
ع4: “ليس للموت”: إجابة المسيح هنا دليل على لاهوته، فهو يجيب صاحب الرسالة العاجلة، على مسمع من تلاميذه، بأن “هذا المرض ليس للموت”، ودليل أيضا على علمه السابق بكل ما سيأتى من أحداث هذه القصة. بل يكرر السيد ما قاله سابقا فى (ص9: 3) قبل شفاء المولود أعمى؛ وهو أن كلا المرضين كانا بترتيب إلهى يُستعلن من خلاله قدرة الابن على خلق العينين والإقامة من الأموات.
ع5-6: “كان يسوع يحب”: هو مثال لحب المسيح لكل خليقته، وخاصة هذه القلوب والاعين المتعلقة به.
وقد ذكر القديس يوحنا هنا هذا الحب، ويؤكده، حتى لا يسرع القارئ ويقول: كيف يهمل السيد المسيح رسالة الرسول الهامة بمرض حبيبه لعازر، ويمكث لمدة يومين بعيدا ومتباطئا؟! فالمسيح يحب، وهذه حقيقة. وعلينا أن نتعلم أمورا روحية حسنة، وهى حكمة الله فى تدبير الأوقات؛ فصلواتنا مرفوعة لديه فور النطق بها. ولكن الاستجابة وتوقيتها، تتوقف على حكمة الله فى تدبير الأوقات “لكل شىء زمان، ولكل أمر تحت السموات وقت” (جا 3: 1)، والتأخر أحيانا يأتى بفوائد أكثر… وقد يكون اختبارا لإيمان وثقة الإنسان فى الله…
ونتعلم أيضا ألا ندين الناس إذا تأخـروا فى السـؤال عنا، لعـل كان لديهم من الأمور الهامة ما يشغلهم عنا، بل نلتمس لهم الأعذار.
ع7: واستجاب قلب المسيح المحب، فى الوقت الذى رآه مناسبا. فبعد اليومين، توجه إلى بيت عَنْيَا فى اليهودية، تاركا بيت عبرة فى عبر الأردن، آخذا معه تلاميذه الذين سيصبحون شهودا لهذا الحدث العظيم.
(2) خوف التلاميذ من زيارة اليهودية (ع 8-16):
8- قال له التلاميذ: “يا معلم، الآن كان اليهـود يطلبـون أن يرجمـوك، وتذهب أيضا إلى هناك؟” 9- أجاب يسوع: “أليست ساعات النهار اثنتى عشرة؟ إن كان أحد يمشى فى النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم. 10- ولكن، إن كان أحد يمشى فى الليـل يعثر، لأن النـور ليس فيه.” 11- قال هذا، وبعد ذلك قال لهم: “لعازر حبيبنا قد نام؛ لكنى أذهب لأوقظه.” 12- فقال تلاميذه: “يا سيد، إن كان قد نام، فهو يُشفَى. 13- وكان يسوع يقول عن موته، وهم ظنوا أنه يقول عن رقاد النوم. 14- فقال لهم يسوع حينئذ علانية: “لعازر مات. 15- وأنا أفرح لأجلكم إنى لم أكن هناك لتؤمنوا، ولكن لنذهب إليه.” 16- فقال توما الذى يقال له التوأم للتلاميذ رفقائه: “لنذهب نحن أيضا لكى نموت معه.”
ع8: لا زالت أحداث عيد التجديد، وحديث السيد عن الرعية والراعى، ومحاولة اليهود رجم الرب يسوع أو القبض عليه، ماثلة أمام أعين التلاميذ. ولهذا، جاء استفسارهم الاعتراضى عن الذهاب لليهودية، وخوفهم على المسيح، وعلى أنفسهم، من بطش اليهود.
ع9-10: ما قاله المسيح للتلاميذ فى هذين العددين، هو على سبيل المثل الإيضاحى؛ فالمسيح هو نور النهار، وساعات النهار هى زمن خدمته المحددة على الأرض. وبالتالى، لا داعى للخوف، ما دام الوقت نهارا وأنا معكم. وقد أوضح المسيح ذلك عندما قال: “النور معكم زمانا قليلا بعد، فسيروا فى النور ما دام لكم النور” (ص 12: 35)، وكأنه يقول لا تخافوا، فلن يستطيع أحد أن يؤذيكم، لأنى أولا أنا معكم، ثانيا ليس لأحد سلطان علىّ لأن ساعتى لم تأت بعد، فاجعلوا حالكم كمن يسافر نهارا وهو لا يخشى شيئا، قبل أن يأتى الظلام.
ع11: “لعازر حبيبنا”: يعبر المسيح هنا عن علاقة الحب التى تربطه بلعازر، وقد ضم لها التلاميذ أيضا.
ولكن المعنى الروحى، أن المقصود لم يكن لعازر وحده، فالمسيح يحبك أنت، ويحبنى أنا أيضا، ويحب كل أولاده. ألم ينادنا جميعا فى سفر نشيد الأناشيد باسم “حبيبتى”؟ قد تدعو الله فى صلاتك “حبيبى”. ولكن، هل تسمعه أيضا وهو يدعوك حبيبا، وكم يكون صداها فى نفسك؟ بل هو أيضا يدعوك حبيبا أمام تلاميذه وكل قديسيه.
“قد نام”: استخدم المسيح هذا التعبير، ليعلمنا أن الموت الذى يأتى على أبنائه بالجسد، ليس هو موتا، بل نوما هادئا يعقبه قيامة وحياة أبدية.
ولهذا، فالكنيسة فى الصلاة على الراقدين تقول: “ليس موتا لعبيدك بل هو انتقال.” ولكن الموت عند المسيح، يعنى الهلاك نتيجة عدم الإيمان به، أو رفض وصاياه، أو كبرياء الإنسان، أو رفض الأسرار الكنسية، فهذا هو الموت الحقيقى الذى لا يعقبه حياة، بل دينونة.
“أذهب لأوقظه”: إشارة لعمله اللاهوتى فى إقامة لعازر من الموت. وهذه الإشارة لم يفهمها التلاميذ، لكنهم سيدركون معناها بعد معجزة القيامة.
ع12-14: فهم التلاميذ كلام المسيح حرفيا، دون الوصول لقصده. ولما كانت رغبتهم القلبية، لا زالت لا تريد الذهاب إلى اليهودية، قدموا نومه كدليل على بداية شفائه… وهو ما يحدث فعلا فى كثير من الأمراض، مثل الحمى، فبداية النوم لفترة طويلة تسبق الشفاء… وأمام هذا الابتعاد عن الفهم، أعلن المسيح صراحة قصده السابق، وهو إعلان موت لعازر بالجسد.
ع15: “أنا افرح لأجلكم”: لم يفرح السيد بموت لعازر، بل من أجل علمه بما سيحدث، فإن إقامة لعازر ستكون سببا كبيرا فى تدعيم إيمان التلاميذ أمام أحداث الصليب، والتى اقتربت جدا. كذلك، فهناك الكثيرين، بجانب التلاميذ، سوف يؤمنون بالمسيح بعد هذه المعجزة… ويوضح أيضا سبب فرحه… بانه لم يكن هناك وقت مرضه، وذلك لأن المعجزة كانت ستكون أقل شأنا، وشاهد التلاميذ أمثلة متكررة لها… ولكن التأثير سيصير أعظم عندما يقام من مات له أربعة أيام.
ع16: الحديث هنا جانبى بصوت خفيض من توما – الذى يُعرف بشكه وقلقه – للتلاميذ. وكأن توما يقول إن المعلم لم يسمع لنصحنا، وتوسلنا إليه. وبالتالى، فالنتيجة الحتمية هى قبض اليهود عليه وعلينا، وموتنا جميعا معا.
وما فعله توما حينذاك، يفعله كثيرين أيضا من هؤلاء الذين يسبق عقلهم إيمانهم. وبدلا من أن يصدقوا خبر الإيمان، يشككون البسطاء فى إيمانهم، بسخريتهم مثلا من المعجزات، أو قدرة الله، أو سلطان القديسين.
يا إلهى، لا تجعل من عقولنا موانعا وسدودا تمنع تيار الإيمان، بل افتح قلوبنا، فنقبل ونُخبر أيضا بعظيم أعمالك.
(3) المسيح هو القيامة والحياة (ع 17-29):
17- فلما أتى يسوع، وجد أنه قد صار له أربعة أيام فى القبر. 18- وكانت بيت عنيا قريبة من أورشليم نحو خمس عشرة غلوة. 19- وكان كثيرون من اليهود قد جاءوا إلى مرثا ومريم ليعزوهما عن أخيهما. 20- فلما سمعت مرثا أن يسـوع آت لاقته، وأما مـريم فاسـتمرت جالسـة فى البيت.21- فقالت مرثا ليسوع: “يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخى. 22- لكنى الآن أيضا، أعلم أن كل ما تطلب من الله، يعطيك الله إياه.” 23- قال لها يسـوع: “سـيقوم أخوك.” 24- قالت له مرثا: “أنا أعلم أنه سـيقوم فى القيامة فى اليـوم الأخـير.” 25- قال لها يسوع: “أنا هو القيامة والحياة، من آمن بى ولو مات فسيحيا. 26- وكل من كان حيا وآمن بى، فلن يموت إلى الأبد. أتؤمنين بهذا؟” 27- قالت له: “نعم ياسيد، أنا قد آمنت انك أنت المسيح ابن الله الآتى إلى العالم.” 28- ولما قالت هذا مضت، ودعت مريم أختها سرا، قائلة: “المعلـم قد حضر، وهـو يدعـوك.” 29- أما تلك، فلما سمعت، قامت سريعا وجاءت إليه.
ع17-19: “أربعة أيام”: هى المدة ما بين إبلاغ المسيح لتلاميذه بنوم لعازر، وتركه عبر الأردن إلى اليهودية. وبيت عَنْيَا تبعد عن أورشليم حوالى 45 دقيقة سيرا على الأقدام. ومثل عادة معظم المجتمعات حتى الآن، فقد اجتمع العديد من أهل القرية لعزاء مريم ومرثا فى بيتهما.
ع20: يُفهم من النص أن المسيح لم يذهب إلى بيت لعازر، بل إن هناك رسولا أخبر مرثا، التى خرجت مسرعة لمقابلة المسيح خارجا، وتركت مريم بين المعزّين، ومريم لم تعرف، وإلا كانت قد خرجت هى الأخرى معها. وتتضح عدم معرفتها من (ع28)، عندما أخبرتها مرثا لاحقا “المعلم قد حضر”.
ع21-22: بتلقائية وببساطة، تكلمت مرثا بما تشعر به، فقد عبّرت عن أسفها بعدم وجود المسيح وقت مرض أخوها، فهى تعلم أن حبه لشخص لعازر من جهة، واعتباره نبيا بارا صنع معجزات شفاء كثيرة قبلا، وأن كل ما يطلبه من الله يستجاب له من جهة أخرى، كان كفيلا بشفائه ومنع موته. وقولها: “الآن أيضا”، كان يعنى انتظارها شيئا من المسيح، وهو غالبا إقامة أخيها، ولكنها غير واثقة من ذلك، بدليل باقى حديثها.
ولعل أهم ما نتعلمه هنا من مرثا، بساطة الحديث وصراحته، وهى عناصر هامة كثيرا ما تخلو منها صلواتنا. فيجب علينا أن نتحدث مع الله بكل ما نشعر به، سواء ضيقا أو طلب معونة، أو شكر على ما جاد به علينا؛ فالصدق والصراحة أساس للصلاة المقبولة.
ع23-24: مقابلة جديدة يقدمها القديس يوحنا، كما اعتاد على إبراز الفرق الكبير بين ما يقصده الله، وبين ما يفهمه الإنسان. فالمسيح هنا يوضح أن لعازر سيقوم بالحقيقة، لأن القيامة والحياة هى من خصائص وسلطان الابن الوحيد، اللتين يمنحهما لمن يريد من ذاته. أما مرثا، فلم تفهم هذا البعد اللاهوتى فى شخص المسيح بعد. ولهذا إجابته، بما هو راسخ فى أذهان كل الناس، بأن أخوها “سيقوم” أيضا كما الجميع، “فى اليوم الاخير”، أى يوم القيامة العامة لكل الناس.
(4) إقامة لعازر (ع 30-46):
30- ولم يكن يسوع قد جاء إلى القرية، بل كان فى المكان الذى لاقته فيه مرثا. 31- ثم إن اليهود الذيـن كانوا معها فى البيت يعزونها، لما رأوا مريم قامت عاجلا وخرجت، تبعوها قائلين: “إنها تذهب إلى القبر لتبكى هناك.” 32- فمريم لما أتت إلى حيث كان يسوع ورأته، خرت عند رجليه قائلة له: “يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخى.” 33- فلما رآها يسوع تبكى، واليهود الذين جاءوا معها يبكون، انزعج بالروح واضطرب. 34- وقال: “أين وضعتموه؟” قالوا له: “يا سيد، تعال وانظر.” 35- بكى يسوع. 36- فقال اليهود: “انظروا كيف كان يحبه!” 37- وقال بعض منهم: “ألم يقدر هذا، الذى فتح عينىِ الأعمى، أن يجعل هذا أيضا لا يموت؟” 38- فانزعج يسوع أيضا فى نفسه، وجاء إلى القبر، وكان مغارة وقد وضع عليه حجر. 39- قال يسوع: “ارفعوا الحجر.” قالت له مرثا أخت الميت: “يا سيد، قد أنتن، لأن له أربعة أيام.” 40- قال لها يسوع: “ألم أقل لك إن آمنت ترين مجد الله؟” 41- فرفعوا الحجر، حيث كان الميت موضوعا. ورفع يسوع عينيه إلى فوق، وقال: “أيها الآب، أشكرك لأنك سمعت لى. 42- وأنا علمت أنك فى كل حين تسمع لى. ولكن، لأجل هذا الجمع الواقف، قلت ليؤمنوا أنك أرسلتنى.” 43- ولما قال هذا، صرخ بصوت عظيم: “لعازر، هلم خارجا.” 44- فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات باقمطة، ووجهه ملفوف بمنديل. فقال لهم يسوع: “حلوه، ودعوه يذهب.” 45- فكثيرون من اليهود الذين جاءوا إلى مريم، ونظروا ما فعل يسوع، آمنوا به. 46- وأما قوم منهم، فمضوا إلى الفريسيين، وقالوا لهم عما فعل يسوع.
ع25: يجيب المسيح هنا مصححا للمفاهيم، ومعلنا عن لاهوته فى قدرته الذاتية، إنه هو “القيامة” ومصدر “الحياة”. والقيامة ممكنة فى أى وقت بحسب مشيئته وقدرته، وليست فى اليوم الأخير فقط كما هو فى أذهان الناس، وكل من يموت بالجسد، مثل لعازر، ولكنه “آمن” به “فسيحيا”، أى تكون له الحياة الأبدية. فالموت الجسدى لا يمس الروح بشئ، ولكن موت الروح – بالخطية – يعتبر عدم إيمان بالمسيح. وبالتالى، لن تكون له قيامة الحياة، بل الدينونة الأبدية.
وهذا الإيمان، يجعلنا ندرك سر عدم خوف آباؤنا الشهداء من الموت. فالموت من أجل اسم المسيح، اعتبروه بداية للحياة، وعربونا للقيامة الحقيقية.
“أنا هو القيامة والحياة”: تعبير مملوء رجاء لكل نفس لا زالت تئن من موت الخطية. فالمسيح يعلن لها أنه سر قيامتها وحياتها، إن أرادت القيامة من موتها.
تعالوا إذن نقدم هذا المسيح المقيم لكل نفس بعيدة عن كنيسته فنتمتع بمعجزات قيامة يومية فى كنيسته بعودة كل من “كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد” (لو 15: 24، 32).
ع26: يضيف الإيمان بالمسيح ميزة أخرى لمن آمن به، وهى عدم الموت الأبدى، وذلك فى استكمال لمعنى الآية السابقة. فليس فقط من كان ميتا سيحيا، بل إن من هو حى “فلن يموت إلى الأبد”. وهذه التكملة، تجعلنا ندرك الفرق بين مفهوم الموت عند العالم من جهة، وعند الله وأولاده من جهة أخرى، كما سبق إيضاحه فى (ع25).
“أتؤمنين بهذا؟”: نفس السؤال سأله المسيح للمولود أعمى (ص 9: 35). وكان المسيح يؤكد، مرارا وتكرارا، أن الإيمان بشخص المخلّص، هو أساس الخلاص والشفاء والعطايا، التى أهمها جميعا، القيامة وعدم الموت.
ع27: يأتى إعلان إيمان مرثا هنا، مقابلا لإعلان بطرس فى (مت 16: 16) فى أن المسيح هو الابن المتجسد، والآتى إلى العالم من أجل خلاصه.
ويعلق القديس يوحنا ذهبى الفم أن مرثا مثل بطرس، لا تستطيع وحدها أن ترقى إلى هذا المستوى من الإعلان، بل إن الروح القدس أعلن على لسان مرثا، كما أعلن على لسان بطرس. أما الإيمان اليقينى بشخص ربنا يسوع المسيح، كابن الله المخلّص، فقد استُكمل بعد القيامة، واستُعلن بعد حلول الروح القدس على التلاميذ.
ع28-29: “دعت مريم أختها سرا”: أى أن مرثا عادت إلى المنزل، وأبلغت أختها بحضور المسيح. وكلمة “سرا”، فلعلها لم ترد إزعاج المعزّين. وفى رأى آخر، خشت أن يكون هناك أعداء للمسيح وسط المعزّين لم تشأ أن تخبرهم بقدومه. أما مريم، فلما سمعت، كانت استجابتها سريعة.
وهذا ما نحتاجه جميعا، أن تكون استجابتنا سريعة لنداءات المسيح لنا، فكثيرا ما نخطئ بتأجيل الاستجابة، فتضيع العديد من فرص التمتع بلقاء شخص المسيح الحبيب.
ع30-32: لم يدخل المسيح القرية أو بيت لعازر، فقد كان هدفه واضحا، وهو إقامة لعازر، وليس التعزية فى موته. وخروج مريم مع مرثا من البيت، كان ملفتا لنظر اليهود والمعزّين، فقاموا هم بدورهم تابعين لهما، ظانين ذهابهما للقبر مثل عادة الكثيرين فى البكاء عند القبور. ولعل هذا كان تدبيرا إلهيا أن يخرج المعزّين ورائهما، حتى يشاهدوا هذه المعجزة الفريدة. وعندما قابلت مريم المسيح، تحدثت بمثل ما قالت مرثا قبلا (ع21). ولكن سجودها عند رجليه، هو دليل على إكرامها جدا لشخص المسيح، وأيضا انسحاقها بالحزن على عدم وجوده قبل وفاة أخيها.
ع33-35: كان منظر بكاء مريم والمعزّين المجتمعين معها منظرا مؤثرا للغاية، خاصة وأنه كان يمس إنسانا قريبا من قلب المسيح. ولما كان المسيح إلها كاملا، بقدرته أن يقيم لعازر، إلا أنه أيضا إنسانا كامل،ا يحمل كل المشاعر الرقيقة بداخله. وتعبير “انزعج بالروح”، يفيد باليونانية لم يكن راضيا أو مرتاحا. وكلمة “اضطرب”، تفيد باليونانية أيضا معنى القشعريرة.
وهى صورة توضح معنى إحساس المسيح بنا، فهو رقيق القلب، يشعر بآلام أولاده، يتألم ويتضايق ويشاركهم أحزانهم (إش 63: 9). وهذا فى حد ذاته، يعطى عزاءً لكل من هو فى تجربة أو ضيق.
ولعلنا نتعلم أيضا من هذا الموقف، المشاركة الإيجابية المسيحية لمن هم فى ضيقة أو حزن شديد “بكاء مع الباكين” (رو 12: 15)، ولا نستهين أو نقلل من مشاعر الناس عند بكائهم، بل بكائنا نحن أيضا ليس خطأ، طالما لم يتعد حدود إيماننا ورجائنا فى القيامة بعد الموت. فالحزن الخاطئ، والذى يحذرنا منه الله، هو حزن من لا رجاء لهم (1 تس 4: 13).
“بكى يسوع”: جاءت تعبيرا عن كل ما جاش فى قلبه، وحنو مشاعره.
ولعلنا نذكر الكلمات التى تصلى بها الكنيسة فى أوشية المرضى: “رجاء من ليس له رجاء، معين من ليس له معين، عزاء صغيرى القلوب، ميناء الذين فى العاصف.”
ع36-38: يستكمل القديس يوحنا وصف المشهد لنا، فينقل تعليقات الجمع. فالبعض، عندما رأوا دموع الرب يسوع، تأثروا بدرجة حب الرب لشخص لعازر. والبعض الآخر، حمل كلامه تشكيكا فى قدرة المسيح، بمعنى أنه لو كان صحيحا ما سمعوه عن تفتيحه لعينى أعمى، أفلم يكن قادرا أيضا على إنقاذ وشفاء صديقه بالأولى؟!
“انزعج يسوع أيضا”: شعر بعدم ارتياح، نتيجة المناخ المحيط بصفة عامة، وبسبب اقترابه من مكان القبر، وكذلك أحاديث اليهود فى (ع36، 37). وكان القبر عبارة عن مغارة فى الصخر، كاعيتاد الناس فى دفن موتاهم، إما فى مغائر طبيعية أو منحوتة، ويغلقونها بعد ذلك بحجارة.
ع39: “ارفعوا الحجر”: هل الذى استطاع أن يقيم الميت بالكلمة، لم يكن فى مقدوره أيضا أن يحرك الحجر؟! ولكن، هذا هو أسلوب الله الذى يسمح للإنسان بالمشاركة فى العمل. فما هو فى قدرة الإنسان، لا يفعله الله. وإشراك الإنسان حدث أيضا فى ملء الأجران بالماء فى عُرس قانا الجليل (ص 2: 7)، وحدث أيضا فى جمع السلال فى معجزة إشباع الجموع (مت 15: 37؛ مر 8: 8).
وإشراك الله للإنسان، تجعل منه شاهدا لعمل الله وتدابيره. وهى ميزة يتمتع بها من يعمل فى حقل خدمة الرب، إذ يعاين أعماله عن قرب، ويشترك فيها. كذلك نتعلم، وإن كان الخلاص عملا إلهيا فى المقام الأول، إلا أن الإنسان أيضا له دور فى هذا الخلاص بأعماله، ومشاركة نعمة الله المخلصة بجهاده.
“له أربعة أيام”: أى استحالة القيامة بعد التحلل والتعفن. وما جدوى رفع الحجر إلا إثارة أحزان لا داعى لها؟
أما المعنى الروحى، فالحديث هنا عن الإنسان الذى مات فى الخطية، حتى تحللت إرادته أمامها، وصارت أعمال شهوات الجسد نتنة؛ فحتى هذا الإنسان الذى يظن الجميع إنه لا قيامة له، له قيامة بالتوبة التى تحوّل عفن ونتن الخطية إلى طيب غالى الثمن.
ع40: فى (ع4)، يشير السيد إلى أن مرض لعازر ليس للموت، بل لمجد الله. وهنا، يعلن السيد المسيح، وبقوة، هذا المجد، أو على الأقل أحد صور مجد الله فى القدرة المطلقة، وانتصار الابن على الموت، فى مقدمة لقيامته هو. وأما تعبير “إن آمنت”، فإن المسيح يربط معاينة المجد بشرط الإيمان. فبدون إيمان، لا يمكن إرضاؤه. ولهذا يقول القديس متى: “ولم يصنع هناك – الناصرة – قوات كثيرة لعدم إيمانهم” (13: 58).
ع41-42: قاموا برفع الحجر، ومشاعر الفضول تغلبهم فيما هو مُزْمَع أن يتم؛ فتأرجح المشاعر هنا بين الشك واليقين عند الناس، نكاد نقول شيئا طبيعيا، مع عدم الإعلان النهائى للاهوت المسيح، ووجود مؤيدين مؤمنين ومعارضين فى الجمع المحيط. يتوجه المسيح بعد ذلك لحديث مع الله الآب، والغرض من هذه الصلاة أو الحديث المسموع، هو “ليؤمنوا أنك أرسلتنى”. فالمسيح يريد استغلال هذا الحدث الفريد، لإعلان ما سبق إعلانه كثيرا فى إنجيل يوحنا، فى أنه من الآب وفى الآب، والإرادة واحدة بينهما، وليرد على من قالوا سابقا إنه ببعلزبول يصنع معجزاته (مت 12: 24؛ مر 3: 22؛ لو 11: 15). فهنا، يعلن أن الأساس هو الله وإرادته العاملة فى ابنه.
وهناك غرض آخر لنا نحن، وهو أن المسيح يعلمنا مبدأ الصلاة الدائمة، وخاصة قبل الشروع فى أى عمل. والمسيح يقدم أيضا فى صلاته عنصر الشكر، الذى تعلمنا الكنيسة دائما أن نبدأ به كل صلواتنا.
“سمعت لى… كل حين تسمع لى”: يبرز هذا القول التوافق الدائم والمستمر بين طِلبة الابن واستجابة الآب، فعمل الابن الأول هو الطلب من أجل خليقته، من خلال دمه المبذول، والآب الواحد مع الابـن فى الإرادة والجوهـر، يقبل دائما طلبته. ويؤكد المسـيح هذا المعنى فى حديثه مع تلاميذه “مهما سألتم باسمى، فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن، إن سألتم شيئا باسمى فإنى أفعله” (ص 14: 13، 14).
ع43: “صرخ بصوت عظيم”: خرج صوت المسيح عظيما مدويا، يزلزل أركان الهاوية، ويأمرها بفتح أبوابها لخروج روح لعازر منها، ويهزم الموت الجاسم على كل البشر. وأمر لعازر بالقيامة، ولم يأمره أن يقوم باسم الآب، ليبيّن أن ما يفعله الآب، يفعله الابن أيضا بنفس القدرة والسلطان.
ع44: يا ترى، كم كانت دهشة وذهول الحاضرين أمام هذا الميت القائم، بعد عفن وتحلل دام “أربعة أيام”؟! إلا أن المسيح يتدخل بصوته مرة أخرى لإفاقة الجمع من ذهوله، ويأمر بعضا منهم أن يحلّوه ويدعوه يمضى.
وكما سبق وأعطى المسيح دورا للإنسان فى رفع الحجر، فها هو أيضا يتعهد النفس القائمة من موت الخطية فى عهدة الكنيسة كهنة وخداما. فقد قام بعمله الكفارى معها، ومنحها مغفرة الخطايا والقيامة، ولكنه ترك جزء من العمل على عاتق الكنيسة، التى تتابع فى رعايتها إتمام عمل الطبيب الشافى. فعند إقامته الصبية، أمر أن تُعطَى لتأكل (لو 8: 55). وـقد أودع المسـيح كل طعامه الروحى فى كنيسته، فمن تاب ولم يتناول باستمرار من طعام الحياة، يموت إلى الأبد (ص 6: 53).
ع45-46: لا زال الموقف كما هو بين من يقبل عمل الله ويؤمن به، وبين من يشاهد وينكر. وهو ما قاله المسيح فى إنجيل معلمنا لوقا: “ولا إن قام واحد من الأموات يصدقون” (16: 31). فالمجموعة الأولى، سرت قيامة لعازر كالتيار فى أجسادهم، فعظم إيمانهم بالمسيح. أما الآخرون، فكان انتمائهم الأرضى وخوفهم على مصالحهم، حائلا وقف دون إيمانهم بهذا الحدث العظيم.
يا إلهى، افتح بصيرتى وقلبى لأرى أعمالك، ولا تجعل من عقلى أو أهواء قلبى عائقا يقلل من إيمانى بكل أعمالك.
(5) التآمر بعد المعجزة (ع 47-57):
47- فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعا، وقالوا: “ماذا نصنع؟ فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. 48- إن تركنـاه هـكذا، يؤمن الجميع به، فيأتى الرومانيـون ويأخـذون موضعنا وأمتنا.” 49- فقال لهم واحد منهم، وهو قيافا، كان رئيسا للكهنة فى تلك السنة: “أنتم لستم تعرفون شيئا. 50- ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب، ولا تهلك الأمة كلـها.” 51- ولم يقل هذا من نفسه، بل إذ كان رئيسا للكهنة فى تلك السنة، تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة. 52- وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد. 53- فمن ذلك اليوم، تشاوروا ليقتلوه. 54- فلم يكن يسوع أيضا يمشى بين اليهود علانية، بل مضى من هناك إلى الكورة القريبة من البرية، إلى مدينة يقال لها “أفرايم”، ومكث هناك مع تلاميذه. 55- وكان فصح اليهود قريبا، فصعد كثيرون من الكور إلى أورشليم قبل الفصح، ليطهّروا أنفسهم. 56- فكانوا يطلبون يسوع، ويقولون فيما بينهم وهم واقفون فى الهيكل: “ماذا تظنون، هل هو لا يأتى إلى العيد؟” 57- وكان أيضا رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمرا أنه إن عرف أحد أين هو، فليدل عليه لكى يمسكوه.
ع47-48: كان هدف الكهنة والفريسيون واضحا فى التخلص من شخص الرب يسوع، الذى جذب إليه الجميع، وانحسرت بسببه شهرتهم وسطوتهم على الشعب. فلهذا، وبسبب قوة هذه المعجزة، جمعوا مجمعا والنية مسبقة فى التخلص من المسيح (راجع ص 5: 18؛ ص 7: 1، 25، 30، 44؛ ص 8: 40،59؛ ص 10: 31-33، 39).
ولم يكن أمامهم سوى صياغة الأسباب التى تعضد قرارهم، وتبرره أمام أنفسهم وأمام الشعب. فتفتق ذهنهم إلى سبب سياسى واهٍ جدا، وهو أن تبعية الجموع للمسيح، ستستفز الرومان وتثير القلاقل، فتكون النهاية هى إبادة الأمة اليهودية. إلا أن أكثر ما يدينهم، هو اعترافهم نفسه بأن السيد يصنع آيات كثيرة. وبدلا من أن يقودهم هذا إلى الإيمان به، طلبوا أن يقتلوه.
ولعل خطية تبرير الأحكام والتصرفات، نقع نحن فيها أيضا، كما صنع الكهنة والفريسيون، ونهتم بما نخدّر به ضمائرنا ويحسّن من صورتنا أمام الناس، متناسيين الله الديّان الحقيقى، فاحص قلوب وأفكار كل البشر… طوباهم الذين اهتموا بتبرير ضمائرهم أمام الله فقط… “طوبى لمن لم يقض عليه ضميره ولم يسقط من رجائه” (سيراخ 14: 2).
ع49-50: كان قيافا رئيسا للكهنة، وكان قريبا بالجسد لحنّان رئيس الكهنة الأسبق. وكانت مدة رئاسة قيافا للكهنوت 11 عاما، عاصر فيها كل أحداث السيد المسيح، وكان معروفا فى التاريخ اليهودى إنه جاهل وقاس القلب.
“أنتم لستم تعرفون شيئا”: هكذا بدأ قيافا حديثه، محتميا فى منصبه السامى فى أعين الباقين، وكمقدمة إيحائية أن ما سوف يدلى به هو رأى الله، لأنه من فم الكاهن تطلب الشريعة. فتقدم، كرجل دين وسياسة، مقدما ما يريح الضمائر “إنه خير أن يموت إنسـان واحـد – حتى لو كان بارا – عن الأمة بأسرها.” وما قدمه قيافا هنا، كان الصيغة التى يبحث عنها الجميع من أجل إراحة ضمائرهم.
ع51-52: لم يكن قيافا نبيا بالحقيقة، بل وضع الله على لسانه ما يشير إلى قصد الله وتعيينه السابق، فقد استخدمه الله هنا للإعلان عن مجريات الأمور. أما ما جاء فى (ع52)، وهو الموت عن باقى العالم لجمع أبناء الله، فهذا خارج حديث قيافا، وهو استطراد للقديس يوحنا، يستكمل به إعلان قصد الله بأن موت المسيح لم يكن لفداء الأمة اليهودية فقط، بل لفداء العالم كله؛ وهذا ما جاء على لسان المسيح نفسه فى (ص 10: 16) “ولى خراف أخر ليست من هذه الحظيرة، ينبغى أن آتى بتلك أيضا.”
ع53: هذه كانت نهاية جلسة الكهنة والفريسيون، فالقرار صار واضحا، وما تبقى هو التشاور فى كيفية التنفيذ والقبض على المسيح.
ع54: انتهت الجلسة، وتناقلت الأخبار، وعلم الكثيرون بقرار المجمع السرى. ولما كانت ساعة المسيح لم تأت بعد، وهو العالم الوحيد لوقتها، آثر السيد الحكمة عن إعلان نفسه، فمضى بعيدا عن مكان الأحداث الملتهبة، وذهب إلى مدينة أفرايم، وهى مدينة تُعرف باسم “الطيبة” الآن، وتبعد نحو 20كم شرق أورشليم ونواحى برية الأردن.
ع55: يبدأ القديس يوحنا هنا فى نقلنا إلى الفصل الأخير من إنجيله، فهو يعد القارئ بالمشهد الأول للفصح الأخير، بتدفّق اليهود من جميع أنحاء اليهودية إلى أورشليم، قبل الفصح نفسه بأيام، وذلك حتى يستعدون للفصح بتقديم ذبائح التطهير، لأن الناموس منع المنجسين من لمس خروف الفصح أو أكله، فالتطهير كان لازما، وخاصة لكل من تنجس.
أخى الحبيب… كان اليهود حريصين على طاعة الله بوجوب التطهير قبل الاقتراب من خروف الفصح، الذى هو رمز لذبيحة المسيح الحقيقية… فماذا عن أناس منا يقتربون لجسد إلهنا الحقيقى، والتناول منه، دون أن يتطهروا أيضا بالتوبة الحقيقية الروحانية، وبممارسة سر الاعتراف الذين ينالون فيه حلا وغفرانا وتطهيرا، ليس بماء أو برش دم حيوان، بل بالروح القدس الله المحى والمطهر؟!
ع56-57: فى هذين العددين فريقان يطلبان الرب يسوع، وإن اختلفت النوايا والمقاصد؛ فالفريق الأول: هو الشعب البسيط، الذى يتلهف لرؤية هذا البار الذى صنع كل هذه الآيات، وخاصة آية إقامة لعازر من الأموات. أما الفريق الثانى: فكان دافعه هو التربص من أجل القبض عليه، تمهيدا لمحاكمته وقتله. وهذه الآية توضح الحكم الذى استقر عليه المجمع فى (ع53).