الآلام فى حياة أولاد الله
(1) الآلام والدينونة يقودان للتوبة (ع1-6): 1فَإِذْ قَدْ تَأَلَّمَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا بِالْجَسَدِ، تَسَلَّحُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهَذِهِ النِّيَّةِ. فَإِنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِى الْجَسَدِ كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ، 2لِكَىْ لاَ يَعِيشَ أَيْضًا الزَّمَانَ الْبَاقِىَ فِى الْجَسَدِ لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لإِرَادَةِ اللهِ. 3لأَنَّ زَمَانَ الْحَيَاةِ الَّذِى مَضَى يَكْفِينَا، لِنَكُونَ قَدْ عَمِلْنَا إِرَادَةَ الأُمَمِ، سَالِكِينَ فِى الدَِّعَارَةِ وَالشَّهَوَاتِ، وَإِدْمَانِ الْخَمْرِ، وَالْبَطَرِ، وَالْمُنَادَمَاتِ، وَعِبَادَةِ الأَوْثَانِ الْمُحَرَّمَةِ، 4الأَمْرُ الَّذِى فِيهِ يَسْتَغْرِبُونَ أَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَرْكُضُونَ مَعَهُمْ إِلَى فَيْضِ هَذِهِ الْخَلاَعَةِ عَيْنِهَا، مُجَدِّفِينَ. 5الَّذِينَ سَوْفَ يُعْطُونَ حِسَابًا لِلَّذِى هُوَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ. 6فَإِنَّهُ لأَجْلِ هَذَا بُشِّرَ الْمَوْتَى أَيْضًا، لِكَىْ يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلَكِنْ لِيحْيُوا حَسَبَ اللهِ بِالرُّوحِ.
ع1: هذه النية : إحتمال الآلام.
يواجه المسيحيون أتعابًا ليس فقط فى ضبط شهواتهم ولكن فى احتمال استهزاء الأشرار الذين كانوا يشتركون معهم فى الشهوات. لذا يشجعهم بطرس الرسول بأن المسيح احتمل آلامًا كثيرة لأجل فدائنا، فنقتدى به عالمين أن أى آلام نتحملها تجعلنا نتوقف ونسأم من الخطية، فالآلام تشجعنا على التوبة.
ع2: يشعر الإنسان المسيحى أن العمر محدود، فتدفعه التوبة إلى ترك شهوات الأشرار والاهتمام بتنفيذ وصايا الله ومشيئته.
ع3: ينبهنا بطرس الرسول إلى ضياع عمرنا الماضى فى الخطايا المختلفة، فيكفى ما حدث ولنحاول الآن استغلال العمر للحياة مع الله. ويوضح مجموعة من الخطايا الظاهرة التى اشترك فيها المؤمنون سابقًا مع الوثنيين وهى :
الدعارة : الفجور والمغالاة فى الزنا.
الشهوات : النجاسة أو محبة الأطعمة والممتلكات…
إدمان الخمر : أى الإستمرار فى السُكْر.
البطر : التذمر والتمرد.
المنادمات : مجالسة الأشرار والاشتراك فى أفعالهم.
عبادة الأوثان : بكل ما تشمل من شهوات شريرة مصاحبة.
ع4: يتعجَّب الأشرار من المؤمنين لأنهم تابوا عن الشهوات التى كانوا يصنعونها معهم وأيضًا عن الإندفاع والتمادى فى كل صور الفجور، مما يدفع هؤلاء الأشرار لشتيمة المؤمنين واتهامهم بخطايا لم يفعلوها.
ع5: يوضح الرسول أن الأمم الأشرار سيحاسبون عن كل أفعالهم الشريرة يوم الدينونة. ويقول هذا ليثبِّت المؤمنين فى التوبة ورفض الشهوات الشريرة.
ع6: لأجل هذا : من أجل يوم الدينونة العظيم الذى سيحاسب الله فيه الإنسان على كل ما فعله من شر.
الموتى : الذين آمنوا بالمسيح ثم ماتوا.
يدانوا حسب الناس : يدينهم الأشرار ويضطهدونهم حتى الموت.
ليحيوا حسب الله : الحياة بعد الموت فى فردوس النعيم ثم ملكوت السموات.
حتى لا يدان الناس فى يوم الدينونة، بشَّر الرسل فى كل مكان فآمن الكثيرون واحتملوا آلامًا من الأشرار حتى استشهدوا، وهذه هى دينونة الناس التى تأتى على الجسد فقط. ولكن هؤلاء المؤمنين الموتى يحيون بالروح مع الله فى فردوس النعيم.
? لا تتضايق عندما تحلّ بك بعض الآلام، بل اجعلها سبب لتذكر خطاياك فتتوب عنها، عالمًا أن حياتنا فى الأرض قصيرة لتسرع إلى انتهاز الفرص والإقتراب إلى الله.
(2) فضائل التائبين (ع7-11):
7وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَىْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ. 8وَلَكِنْ، قَبْلَ كُلِّ شَىْءٍ، لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ شَدِيدَةً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ تَسْتُرُ كَثْرَةً مِنَ الْخَطَايَا. 9كُونُوا مُضِيفِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِلاَ دَمْدَمَةٍ. 10لِيكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ، بِحَسَبِ مَا أَخَذَ مَوْهِبَةً، يَخْدُِمُ بِهَا بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كَوُكَلاَءَ صَالِحِينَ عَلَى نِعْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ. 11إِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ، فَكَأَقْوَالِ اللهِ، وَإِنْ كَانَ يَخْدُِمُ أَحَدٌ، فَكَأَنَّهُ مِنْ قُوَّةٍ يَمْنَحُهَا اللهُ، لِكَىْ يَتَمَجَّدَ اللهُ فِى كُلِّ شَىْءٍ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى لَهُ الْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، آمِينَ.
ع7: إذ نتذكر نهاية حياتنا ويوم الدينونة نتيقظ روحيًا، وهذا هو التعقل فننتبه ونهتم بصلواتنا التى تقرِّبنا من الله وهى أيضًا كل حياتنا فى السماء، أى بالصلوات نستعد لحياتنا الأبدية.
ع8: إذ نحب الله بكثرة الصلوات، يَتَوَلَّد فينا شعور بمحبة نحو الآخرين، فنهتم بخدمتهم وإن رأينا خطاياهم لا ندينهم بل نستر عليهم.
ع9: ينتج عن محبة الإخوة الاهتمام بإضافة الغرباء، ولا نصنعها كواجب ثقيل فنتذمر عليها بل بمحبة وفرح لأننا بهذا نضيف المسيح، كما أضاف إبراهيم الغرباء فاكتشف أنه أضاف الله والملائكة (تك18).
ع10: لو تميز أحد المؤمنين بموهبة مثل الوعظ أو القدرة على تدبير احتياجات المحتاجين، فلا يتكبر بل يشعر أن هذه الموهبة نعمة من الله وهو وكيل عليها لاستخدامها فى خدمة الكنيسة.
ع11: لأن المواهب من الله، فيلزم للواعظ أن يتكلم بكلام الكتاب المقدس وفكر الكنيسة وليس أفكاره الشخصية. ومن يخدم أى خدمة فليعتمد على الصلاة لينال قوة الله منها وليمجد الخدام الله ويشكرونه قبل وبعد خدمتهم لأنه هو الفاعل فى الخدمة.
? محبتك للناس تكشف مدى محبتك لله، فالمحبة هى عملك الوحيد فى العالم. إهتم أن تستر على خطايا الناس وتلتمس لهم الأعذار وتساعدهم بكل طاقتك، لأن إمكانياتك هى هبة من الله تزداد على قدر ما تستخدمها فى الإهتمام بالآخرين.
(3) مكافأة المتألمين (ع12-19):
12أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تَسْتَغْرِبُوا الْبَلْوَى الْمُحْرِقَةَ الَّتِى بَيْنَكُمْ حَادِثَةٌ، لأَجْلِ امْتِحَانِكُمْ، كَأَنَّهُ أَصَابَكُمْ أَمْرٌ غَرِيبٌ، 13بَلْ كَمَا اشْتَرَكْتُمْ فِى آلاَمِ الْمَسِيحِ، افْرَحُوا، لِكَىْ تَفْرَحُوا فِى اسْتِعْلاَنِ مَجْدِهِ أَيْضًا مُبْتَهِجِينَ. 14إِنْ عُيِّرْتُمْ بِاسْمِ الْمَسِيحِ فَطُوبَى لَكُمْ، لأَنَّ رُوحَ الْمَجْدِ وَاللهِ يَحُِلُّ عَلَيْكُمْ. أَمَّا مِنْ جِهَتِهِمْ فَيُجَدَّفُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَتِكُمْ فَيُمَجَّدُ. 15فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِى أُمُورِ غَيْرِهِ. 16وَلَكِنْ إِنْ كَانَ كَمَسِيحِى فَلاَ يَخْجَلْ، بَلْ يُمَجِّدُ اللهَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. 17لأَنَّهُ الْوَقْتُ لاِبْتِدَاءِ الْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ اللهِ. فَإِنْ كَانَ أَوَّلاً مِنَّا، فَمَا هِىَ نِهَايَةُ الَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ إِنْجِيلَ اللهِ؟ 18وَإِنْ كَانَ الْبَارُّ بِالْجَهْدِ يَخْلُصُ، فَالْفَاجِرُ وَالْخَاطِئُ أَيْنَ يَظْهَرَانِ؟ 19فَإِذًا، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ، فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِى عَمَلِ الْخَيْرِ.
ع12: يطمئن الرسول المؤمنين وسط الآلام التى تقابلهم ممن يضطهدونهم. فإن كانت الإضطهادات تظهر كبلوى تحرق وتدمِّر الكثير من جوانب حياتهم، فلا ينزعجوا لأن هذا أمر متوقع من العالم الشرير الذى يضطهد أولاد الله.
ع13: يبشرهم بأنهم كما اشتركوا فى احتمال الآلام والإضطهادات من أجل المسيح سيشتركون فى أمجاده الأبدية، والتفكير فى هذه الأمجاد يعطيهم فرحًا وسط آلامهم.
ع14: يستكمل تشجيعه للمؤمنين المُضطهَدَين بأن الإهانات التى يتعرضون لها تجعلهم مستحقين لنوال نعمة أكبر من الروح القدس الذى يعزيهم ويشعرهم بوجوده معهم ويعدهم أيضًا بأمجاد سماوية. وهكذا إن كانت الإهانات تبدو تجديفًا على المسيح من جهة الأشرار، ولكنها تُعتبَرَ مجدًا وإكليل بركة للمؤمنين المتألمين، إذ يتمجد المسيح بسبب احتمالهم لهذه الآلام لأجله.
ع15: ينهى المؤمنين عن الآلام التى تصيبهم بسبب خطاياهم، لأنه ينبغى أن يسلكوا بالبر ويبتعدوا عن الخطايا الظاهرة مثل القتل أو السرقة أو أى أفعال شريرة يرفضها المجتمع ويعاقب عليها، حتى ولو كانت خطايا صغيرة مثل التدخل فى الشئون الخاصة للآخرين مما يزعجهم ويثيرهم علينا، فينبغى إحترام الحرية الشخصية لكل إنسان، لأن هذه الآلام هى التى يتعرض لها الأشرار بسبب شرورهم وهى مرفوضة من الله ولا تُعتبَرَ من أجل الله.
ع16: لكن إن تألم المؤمن بسبب كونه مسيحى ويسلك فى وصايا الله، فهذه الآلام تُعتَبرَ من أجل الله ويسنده فيها ويكافئه عليها.
ع17: يشجعنا الرسول على الإلتزام بحياة البر ورفض الخطايا بتذكر عدل الله الذى يعاقب الأشرار، وسيبدأ تأديبه بشعبه اليهودى بخراب هيكل الله فى أورشليم الذى أنبأهم به المسيح (مت23: 38). فإن كان الله يبدأ بتأديب أولاده اليهود لعدم إيمانهم بالمسيح، فكم يكون تأديبه وعقابه للوثنيين الأشرار الرافضين الإيمان به والمتماديين فى خطاياهم.
ع18: يستكمل تذكيرهم بعدل الله الذى يستلزم أن يجاهد المؤمنون الأبرار بنعمة إلههم حتى يخلِّصهم. وطبعًا الأشرار والفجار لن يكون لهم مكان فى الملكوت بل ينتظرهم العذاب الأبدى. وهو يظهر نفس المعنى الموجود فى (أم11: 31).
ع19: فى نهاية تشجيعه للمؤمنين المتألمين بسبب إيمانهم، يدعوهم إلى الإتكال على الله صانع الخيرات الذى لا ينسى محبتهم واحتمالهم ويكافئهم بالأمجاد السماوية.
? عندما تصيبك ضيقات وآلام دون أن تخطئ، فاقبلها من الله واثقًا من تقديره لاحتمالك وناظرًا إلى المكافأة الأبدية، فلا تسئ لمن يسيئون إليك بل تصلى من أجلهم.