الإيمان بالله والاستعداد لمجيئه الثانى
(1) هدف الرسالة (ع 1، 2) :1هَذِهِ أَكْتُبُهَا الآنَ إِلَيْكُمْ رِسَالَةً ثَانِيَةً أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، فِيهِمَا أُنْهِضُ بِالتَّذْكِرَةِ ذِهْنَكُمُ النَّقِى، 2لِتَذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِى قَالَهَا سَابِقًا الأَنْبِيَاءُ الْقِدِّيسُونَ، وَوَصِيَّتَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ، وَصِيَّةَ الرَّبِّ وَالْمُخَلِّصِ.
ع1: يوضح بطرس الرسول أن هذه هى الرسالة الثانية له وأن هدفها مع الرسالة الأولى هو تذكيرهم بوصايا الله والاهتمام بحياتهم الروحية ومجئ المسيح الثانى. ويظهر لطف بطرس الرسول فى مدح قارئى الرسالة بوصف أذهانهم بالنقاوة مما يشجعهم على الإهتمام بكلامه وقبوله.
ع2: الوصايا التى يذكرهم بها بطرس الرسول هى تعاليم الأنبياء فى العهد القديم ووصايا المسيح فى العهد الجديد.
? إمتدح من تكلمه لتفتح قلبه حتى يسمع كلامك خاصة لو كان عتابًا أو توبيخًا، واعلم أن كلمات المديح قبل أن تريح سامعيك تعطيك أنت نفسك راحة وفرح.
(2) إنكار مجئ المسيح الثانى والرد عليه (ع 3-10):
3عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلاً: أَنَّهُ سَيَأْتِى فِى آخِرِ الأَيَّامِ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَنْفُسِهِمْ، 4وَقَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ مَوْعِدُ مَجِيئِهِ؟ لأَنَّهُ مِنْ حِينَ رَقَدَ الآبَاءُ كُلُّ شَىْءٍ بَاقٍ هَكَذَا مِنْ بَدْءِ الْخَلِيقَةِ.» 5لأَنَّ هَذَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ بِإِرَادَتِهِمْ: أَنَّ السَّمَاوَاتِ كَانَتْ مُنْذُ الْقَدِيمِ وَالأَرْضَُ بِكَلِمَةِ اللَّهِ قَائِمَةً مِنَ الْمَاءِ وَبِالْمَاءِ، 6اللَّوَاتِى بِهِنَّ الْعَالَمُ الْكَائِنُ حِينَئِذٍ فَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَهَلَكَ. 7وَأَمَّا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ الْكَائِنَةُ الآنَ فَهِىَ مَخْزُونَةٌ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ عَيْنِهَا، مَحْفُوظَةً لِلنَّارِ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَهَلاَكِ النَّاسِ الْفُجَّارِ.
8وَلَكِنْ، لاَ يَخْفَ عَلَيْكُمْ هَذَا الشَّىْءُ الْوَاحِدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ. 9لاَ يَتَبَاطَأُ الرَّبُّ عَنْ وَعْدِهِ كَمَا يَحْسِبُ قَوْمٌ التَّبَاطُؤَ، لَكِنَّهُ يَتَأَنَّى عَلَيْنَا، وَهُوَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَهْلِكَ أُنَاسٌ، بَلْ أَنْ يُقْبِلَ الْجَمِيعُ إِلَى التَّوْبَةِ. 10وَلَكِنْ سَيَأْتِى كَلِصٍّ فِى اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِى فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِى فِيهَا.
ع3: ينبه إلى ظهور أناس غير مؤمنين فى نهاية الأيام ويقصد بها الفترة منذ أيام المسيح حتى مجيئه الثانى، وهم أناس منغمسون فى شهواتهم فيتطاولون باستهزاء على الله وكنيسته.
ع4: يستنكر هؤلاء الأشرار فكرة مجئ المسيح الثانى بدليل أن الأرض وما عليها ثابت على مدى السنين، فلن تفنى أو تتغير كما قال المسيح عند مجيئه الثانى بل أن كل الآباء والجدود قد ماتوا ولم تتغير الأرض وما عليها.
ع5: يرد بطرس الرسول على غير المؤمنين بمجئ المسيح بأدلة هى :
1- الخليقة : لم تكن السموات والأرض موجودة وخلقها الله بكلمته من الماء الذى كان يملأ كل مكان، ثم فصل الله بين مياه ومياه فصنع السموات من فوق ثم أظهر اليابسة وسط المياه فصارت أرضاً (تك1: 9، 10)، وكما خلقها الله يستطيع أن يزيلها ويغيِّرها فى مجيئه الثانى.
ع6: اللواتى : السموات والأرض.
2- الطوفان : الدليل الثانى على مجئ المسيح وتغيُّر السماء والأرض أنه حدث أيام الطوفان إنفجار ينابيع الغمر من الأرض وانفتاح طاقات السماء بالأمطار الغزيرة فغرق العالم كله والبشرية (تك 7 : 11).
ع7: وأما السموات والأرض الحالية فستبقى محفوظة بكلمة الرب أيضًا إلى يوم الدينونة حين يهلك الله الفاجرين.
ع8: 3- الزمن : يقدم دليلاً ثالثًا على ضرورة مجئ المسيح الثانى بأن الزمن عندنا كبشر محسوب ونعتبره قصيرًا أو طويلاً، فنقول أنه مرت سنوات طويلة منذ خلقة العالم ولم يتغير شئ، ولكن الله ليس عنده زمن بل ألف سنة تساوى يوم كما ذُكِرَ نفس المعنى فى المزمور (مز 90 : 4)، وبالتالى فإن وعده بمجيئه الثانى سيتم حتمًا مهما طال الزمن.
ع9: ما يظنه الناس تباطؤًا من الله حتى شكوا فى كلامه وإتمامه هو فى الحقيقة طول أناة منه حتى يعطى فرصة أكبر للتوبة ليخلِّص كل أولاده من الهلاك.
ع10: يعلن حقيقة هامة وهى أن يوم الدينونة سيأتى فجأة كما يهجم اللص ليسرق دون أن يعرف أحد ميعاد هجومه. وستحدث فى هذا اليوم أصوات قوية يسميها ضجيج وتنحل العناصر المكونة للمواد المختلفة وتحترق، كما ثبت علميًا إمكانية تفتيت الذرة فى القرن العشرين. وتحترق الأرض، كما استطاعت بعض الدول إحداث حرائق ضخمة بالقنابل الحديثة المدمرة، وستحترق السموات بما تشمل من كواكب مختلفة. وليس المقصود طبعًا بالسموات عرش الله بل سماء الكواكب.
? لا تدع عقلك يتشكك فى كلام الله، فالإيمان يعلو على العقل. حاول أن تفهم بعقلك ولكن لا تعارض كلام الله فى الكتاب المقدس.
(3) الإستعداد للمجئ الثانى (ع 11-18):
11فَبِمَا أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَنْحَلُّ، أَىَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِى سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟ 12مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِىءِ يَوْمِ الرَّبِّ، الَّذِى بِهِ تَنْحَلُّ السَّمَاوَاتُ مُلْتَهِبَةً، وَالْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً تَذُوبُ. 13وَلَكِنَّنَا، بِحَسَبِ وَعْدِهِ، نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ.
14لِذَلِكَ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ أَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ هَذِهِ، اجْتَهِدُوا لِتُوجَدُوا عِنْدَهُ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ، فِى سَلاَمٍ. 15وَاحْسِبُوا أَنَاةَ رَبِّنَا خَلاَصًا، كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، 16كَمَا فِى الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ، الَّتِى فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ كَبَاقِى الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ.
17فَأَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ قَدْ سَبَقْتُمْ فَعَرَفْتُمُ، احْتَرِسُوا مِنْ أَنْ تَنْقَادُوا بِضَلاَلِ الأَرْدِيَاءِ، فَتَسْقُطُوا مِنْ ثَبَاتِكُمْ. 18وَلَكِنِ انْمُوا فِى النِّعْمَةِ، وَفِى مَعْرِفَةِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَهُ الْمَجْدُ الآنَ وَإِلَى يَوْمِ الدَّهْرِ، آمِينَ.
ع11: حيث أن السماء والأرض تنحلان وتتغيران، يدعونا الرسول أن نستعد لمجئ الرب الثانى بما يلى :
1- السيرة المقدسة : أى السلوك بالبر والنقاوة وتنفيذ وصايا الله عالمين أن حياتنا مقدسة ومكرسة له فلا ننشغل بشرور العالم.
ع12: 2- إشتهاء الملكوت : لأن السموات والأرض ستحترقان أى تزولان، فلا نتعلَّق بالماديات بل نشتهى أن ننطلق من سجن الجسد لأننا لا نستطيع أن نكتفى بعشرته على الأرض ونشتاق أن نتمتع بالوجود الدائم معه فى الملكوت.
ع13: 3- الرجاء : إن كان العالم مملوءًا بالشر ونحن نجاهد للتمسك بالبر وسط شروره، ولكن لنا رجاء فى ملكوت السموات الذى لا يوجد فيه إلا البر.
ع14: 4- الطهارة : نستعد بتنقية قلوبنا من تعلقات العالم، فنكتسب السلام الداخلى ويسكن المسيح فينا إستعدادًا لسكناه الدائم والكامل فى الملكوت.
ع15: 5- إستغلال العمر : إن حياتنا فرصة يعطينا الله إياها بطول أناته لنتوب عن خطايانا ونعمل الخير إستعدادًا للملكوت، كما أكَّد بولس الرسول نفس هذه المعانى حتى نستعد للملكوت (1تس5: 6)، (1تس 4 : 13-18)، (1كو51-58).
ع16: ينبه بطرس الرسول إلى أن رسائل بولس الرسول تحوى كلامًا فلسفيًا يحرفه بعض الأشرار ويفسرونه بشكل خاطئ مما يؤدى لهلاك نفوسهم، وبالتالى يلزم الإلتزام بتفسير الكنيسة لرسائل بولس وكل الكتاب المقدس ولا يندفع أى شخص فى تفسير خاص به لئلا ينحرف.
ع17: 6- الإحتراس من الضلال : أى التعاليم المنحرفة للمعلمين الكذبة والخضوع للكنيسة لنثبت فى إيماننا المستقيم الذى تعلمناه وعرفناه منها.
ع18: 7- النمو الروحى : الإهتمام بالنمو الروحى فى معرفة المسيح من خلال الكتاب المقدس وكل تعاليم الكنيسة واختباره من خلال الصلوات والجهاد الروحى والخدمة.
? تذكر دائمًا أنك ستترك هذه الحياة لتستعد للأبدية فتهتم بصلواتك وقراءاتك كل يوم، وإن اخطأت تسرع للتوبة فتتمتع برؤية الله دائمًا.