إنسان الخطية والثبات فى الإيمان
(1) إنسان الخطية وتأجيل ظهوره (ع 1-8):
1ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، مِنْ جِهَةِ مَجِىءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، 2أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعًا عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ، وَلاَ بِكَلِمَةٍ، وَلاَ بِرِسَالَةٍ، كَأَنَّهَا مِنَّا: أَىْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ. 3لاَ يَخْدَعَنَّكُمْ أَحَدٌ عَلَى طَرِيقَةٍ مَا، لأَنَّهُ لاَ يَأْتِى إِنْ لَمْ يَأْتِ الاِرْتِدَادُ أَوَّلاً، وَيُسْتَعْلَنَ إِنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، 4الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إِلَهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إِنَّهُ يَجْلِسُ فِى هَيْكَلِ اللهِ كَإِلَهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ. 5أَمَا تَذْكُرُونَ أَنِّى، وَأَنَا بَعْدُ عِنْدَكُمْ، كُنْتُ أَقُولُ لَكُمْ هَذَا؟ 6وَالآنَ تَعْلَمُونَ مَا يَحْجِزُ حَتَّى يُسْتَعْلَنَ فِى وَقْتِهِ. 7لأَنَّ سِرَّ الإِثْمِ الآنَ يَعْمَلُ فَقَطْ، إِلَى أَنْ يُرْفَعَ مِنَ الْوَسَطِ الَّذِى يَحْجِزُ الآنَ، 8وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الأَثِيمُ، الَّذِى الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ.
ع1،2 : روح : إنسان يحدد ميعاد المجئ الثانى.
كلمة : خبر يصل إليكم.
رسالة كأنها منا : خطاب مكتوب من معلمين كذبة وليس من الرسل.
بخصوص يوم المجئ الثانى واجتماع البشر أمام المسيح، ينبه بولس أهل تسالونيكى إلى عدم تصديق الإشاعات والتعاليم الكاذبة التى تحدد الميعاد. ويقصد بهذا تثبيتهم فى الإيمان وإبعاد الرعب عنهم ليتفرغوا للعبادة والقيام بمسئولياتهم بهدوء، لأن بعض المعلمين الكذبة استغلوا كلام بولس فى الرسالة الأولى عن الإستعداد للمجئ الثانى فحددوا ميعادًا له.
ليتنا لا ننشغل بميعاد المجئ الثانى فقد يسبقه انتهاء عمرنا بالموت وهذا يمكن أن يحدث فى أى وقت. فلنهتم إذًا بالإستعداد للأبدية بالتوبة وعمل الخير خاصة مع من يسيئون إلينا.
ع3 : يؤكد بولس تحذيره من خداع المعلمين الكذبة عن تحديد ميعاد للمجئ الثانى، ويعطى علامتين واضحتين تحدثان قبل مجئ المسيح وهما :
- إرتداد عام، أى أن كثير من المؤمنين ينكرون ويرجعون عن إيمانهم بالمسيح وليس نفر قليل كما يحدث فى جميع العصور.
- ظهور إنسان الخطية ويقصد به ضد المسيح الذى يلقبه بابن الهلاك الذى ينتظره عذاب أبدى فظيع لأنه يعثر ويبعد الكثيرين عن الإيمان.
ع4 : من صفات إنسان الخطية أنه يقاوم الله ويتعالى على كل ما يدعى إلهًا أو معبودًا، هذا الشخص الأثيم يجلس فى هيكل الله ويمنع عبادته، ويدّعى أنه إله وأن مقامه فوق مقام الإله الحقيقى مطالبا لنفسه بالكرامة والطاعة الخاصة بالله وحده.
ع5 : قد سبق الرسول بولس وأخبرهم بهذا الكلام عندما كان عندهم، فيحثهم على تذكر ما قيل لهم من قبل.
ع6 : ما يحجز : العوائق التى يضعها الله لمنع ظهور إنسان الخطية.
الله لا يسمح لإنسان الخطية، أى ضد المسيح، أن يظهر حتى يأتى الوقت المحدد فى فكر الله، وذلك ليعطينا فرصة للإستعداد والثبات فيه وانتشار الإيمان فى العالم كله؛ حتى إذا قام إنسان الخطية وأعلن نفسه أنه هو الله وانتشر خبره فى العالم كله لا يهتز المؤمنون بالمسيح أو ينساقون وراءه.
ع7 : سر الإثم : الشيطان الذى يعمل فى الخفاء فى قلوب الناس ليبعدهم عن الله.
يرفع من الوسط الذى يحجز الآن : يزيل الله ما يمنع ضد المسيح من الظهور أى يسمح له بالظهور.
يعلن ق. بولس أنه وإن كان إنسان الخطية يمنعه الله من الظهور الآن، ولكن سمح الله للشيطان أن يعمل محاولا إبعاد أولاده عنه بالشرور المختلفة ولكن فى نفس الوقت قوة الله تسندهم وتثبتهم. فالآن فرصة لاكتشاف حيل إبليس ومقاومتها حتى إذا ظهر ضد المسيح الذى سيعطيه الشيطان كل قوته نكون أقوياء ولا نضل وراءه.
ع8 : الأثيم : إنسان الخطية أى ضد المسيح.
بعد ظهور ضد المسيح ليضلّ الناس، سيظهر المسيح فى مجيئه الثانى ويلقيه فى العذاب الأبدى.
(2) الشيطان يعمل من خلال الأثيم (ع 9-12) :
9الَّذِى مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، 10وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِى الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا. 11وَلأَجْلِ هَذَا، سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَىْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ.
ع9: يرسل الشيطان عملاءه لمساعدة الأثيم أى “ضد المسيح” بكل قوة، فيعمل معجزات مدهشة ولكنها كاذبة، مثل التى قام بها سحرة فرعون.
ع10: سيحاول ضد المسيح أن يغرى بالشر أولئك الذين مصيرهم الهلاك، الذين ينجذبون إلى تعاليم ذلك الأثيم بعد أن رفضوا التعليم الحق الآتى من عند الله.
ع11، 12: سيسمح الله للشيطان أن ينشر الضلال والخداع، فيصدقه الأشرار والغير ثابتين فى الإيمان أو السطحيون فى علاقتهم مع الله ويتبعوا ضد المسيح. أما أى إنسان مهما كان ضعيفًا وتمسك بالكنيسة والتوبة فسيخلصه الله ويدين كل من صدق تعاليم ضد المسيح وفرح بها.
تمسك بتعاليم الكنيسة وخضوعك لأب اعترافك حتى لا يبهرك الشر أو يخدعك أى تعليم غريب. وعلى قدر اهتمامك بالصلاة سيكشف لك الله الشر ويبعدك عنه.
(3) الثبات فى الإيمان (ع 13-17):
13وَأَمَّا نَحْنُ، فَيَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَشْكُرَ اللهَ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمَحْبُوبُونَ مِنَ الرَّبِّ، أَنَّ اللهَ اخْتَارَكُمْ مِنَ الْبَدْءِ لِلْخَلاَصِ، بِتَقْدِيسِ الرُّوحِ وَتَصْدِيقِ الْحَقِّ. 14الأَمْرُ الَّذِى دَعَاكُمْ إِلَيْهِ بِإِنْجِيلِنَا، لاِقْتِنَاءِ مَجْدِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 15فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ الَّتِى تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا. 16وَرَبُّنَا نَفْسُهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، وَاللهُ أَبُونَا الَّذِى أَحَبَّنَا وَأَعْطَانَا عَزَاءً أَبَدِيًّا وَرَجَاءً صَالِحًا بِالنِّعْمَةِ، 17يُعَزِّى قُلُوبَكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ فِى كُلِّ كَلاَمٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ.
ع13 : تقديس الروح : تخصيص الحياة بواسطة الروح القدس لتكون لله.
تصديق الحق : الإيمان بالمسيح.
يشكر الرسول الله على إيمان أهل تسالونيكى ويطمئنهم أنهم مختارون من الله وعرفوا الإيمان حتى لا ينزعجوا من أخبار إنسان الخطية.
ع14: الأمر الذى دعاكم إليه : الإيمان بالمسيح وتقديس الحياة له.
إنجيلنا : بشارتنا لكم.
مجد ربنا : البركة فى الحياة على الأرض ثم الملكوت الأبدى.
يوضح أهمية الخلاص الذى دعاهم إليه ببشارته حتى ينالوا ملكوت السموات.
ع15: يحثهم الرسول على الثبات والتمسك بالتعاليم الذى تسلموها وعدم التزعزع عند سماع التعليم الذى أدخله المعلمون الكذبة وأزعجهم وهو أن يوم الرب قد حضر.
وفى الترجمة الأصلية للإنجيل “تمسكوا بالتقاليد التى تسلمتموها”، وهذا يدل على أهمية التقليد الشفاهى الذى تتمسك به الكنيسة، ويتضح ذلك أيضًا من قول الرسول فى نفس العدد “سواء كان بالكلام أم برسالتنا”. و”الكلام” هو غير المكتوب، أى التقليد الشفاهى والذى يضاف إلى ما هو مكتوب فى رسالته.
ع16، 17: هنا يأتى اسم الرب يسوع أولا، مما يدل على ألوهية المسيح وتَسَاوى الأقانيم.
يعلن ق. بولس أن الله الذى ساند أهل تسالونيكى فى الضيقات وأعطاهم رجاء فى الملكوت الذى سيكافئهم فيه على احتمالهم، سيظل معهم يفرح قلوبهم ويثبتهم فى الإيمان أمام التعاليم الكاذبة المحيطة بهم وينميهم فى عمل الخير.
- أنظر إلى عمل الله ومساندته لك حتى يتقوى قلبك بالشكر له وتنمو فى محبتك وخدمتك لمن حولك، وبهذا تكون محصنًا أمام الشرور والأفكار الغريبة التى ينادى بها الشيطان.