التلمذة الروحية ورفض تعاليم الهراطقة
(1) رفض كلام الهراطقة (ع1-8):
1وَلَكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِى الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ، 2فِى رِيَاءِ أَقْوَالٍ كَاذِبَةٍ، مَوْسُومَةً ضَمَائِرُهُمْ، 3مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِى الْحَقِّ. 4لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَىْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ، 5لأَنَّهُ يُقَدَّسُ بِكَلِمَةِ اللهِ وَالصَّلاَةِ. 6إِنْ فَكَّرْتَ الإِخْوَةَ بِهَذَا، تَكُونُ خَادِمًا صَالِحًا لِيسُوعَ الْمَسِيحِ، مُتَرَبِّيًا بِكَلاَمِ الإِيمَانِ وَالتَّعْلِيمِ الْحَسَنِ الَّذِى تَتَبَّعْتَهُ. 7وَأَمَّا الْخُرَافَاتُ الدَّنِسَةُ الْعَجَائِزِيَّةُ فَارْفُضْهَا، وَرَوِّضْ نَفْسَكَ لِلتَّقْوَى. 8لأَنَّ الرِّيَاضَةَ الْجَسَدِيَّةَ نَافِعَةٌ لِقَلِيلٍ، وَلَكِنَّ التَّقْوَى نَافِعَةٌ لِكُلِّ شَىْءٍ، إِذْ لَهَا مَوْعِدُ الْحَيَاةِ الْحَاضِرَةِ وَالْعَتِيدَةِ.
ع1: الروح القدس يعلم الأنبياء بأمور مستقبلية، وهكذا علم بولس الرسول بوضوح وتنبأ بأنه فى الأزمنة الأخيرة، ويقصد بها الأزمنة التى تمتد من صعود المسيح إلى مجيئه الثانى، ينحرف أناس عن الإيمان المستقيم المسلم للقديسين ويتبعون الشياطين التى تضلهم عن طريق المسيح.
ع2: موسومة: مكوية بالنار مثل الجلد فيفقد إحساسه، والمقصود أن ضمائرهم تفقد إحساسها كأنها مكوية بالنار.
هؤلاء القوم المنحرفون سيخدعون البسطاء بتمثيلهم حياة التقوى، بينما فقدت ضمائرهم أى إحساس بالمسئولية فينادون بتعاليم كاذبة.
ع3: نادى الهراطقة (الغنوسيون وأتباع مانى) بالامتناع عن الزواج، باعتبار أن العلاقات الزوجية دنسة، واعتبروا أنه لا يليق بالكاملين أن يتناولوا اللحوم وبعض الأطعمة الأخرى. أما المسيحيون فيؤمنون بقداسة الزواج والعلاقات الجسدية، وكذا كل الأطعمة هى عطية من الله فيأكلونها بشكر.
ع4، 5: نحن نؤمن بأن الله خلق كل شئ حسنا (تك 1: 31)، وليس فى خليقته ما هو دنس، وقبل أن نأكل نصلى ونتذكر مباركة الله للأطعمة كما جاء فى الكتاب المقدس ثم نأكل ونشكر الله.
ع6: إن الراعى الصالح هو الذى يحدث الرعيَّة ويذكرهم بالحقائق الإيمانية الصحيحة التى سبق وأن تعلموها. فبالتزامك هذا بتذكير المؤمنين، تكون خادما صالحا ليسوع المسيح، حيث أنك نشأت على الإيمان المستقيم والتعاليم الصحيحة بعيدًا عن الأضاليل.
ع7: الخرافات الدنسة العجائزية : أفكار وثنية أو يهودية يتناقلها كبار السن عن آبائهم، وهى كلها أمور خاطئة وتافهة تشغل وتعطل الإنسان عن حياته الروحية، أى تدنس فكره بأفكار بلا قيمة.
روِّض : جاهد بتداريب روحية للنمو فى الفضيلة.
ينبه الرسول تيموثاوس إلى عدم الإنشغال بأفكار الوثنيين أو اليهود البعيدة عن الحق، ويهتم بهدفه وهو الحياة الروحية، فيدرب نفسه للنمو فيها.
ع8: العتيدة : الحياة الأبدية.
الرياضة البدنية نافعة للجسد فقط، أما التقوى ومخافة الله فنافعة لكيان الإنسان كله، أى الروح والجسد معًا، إذ تطهر جسده وتقدس فكره وتوجه إرادته للخير وتعده للحياة الأبدية.
? قد ينقل المجتمع أفكار خاطئة إليك، فافحص كل شئ هل يتفق مع إيمانك وتعاليم الكنيسة أم لا ؟ ولا تنشغل عن هدفك وهو محبة الله، فتتقدم فى كل حين.
(2) الرجاء (ع9-11):
9صَادِقَةٌ هِىَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ. 10لأَنَّنَا لِهَذَا نَتْعَبُ وَنُعَيَّرُ، لأَنَّنَا قَدْ أَلْقَيْنَا رَجَاءَنَا عَلَى اللهِ الْحَىِّ، الَّذِى هُوَ مُخَلِّصُ جَمِيعِ النَّاسِ وَلاَ سِيَّمَا الْمُؤْمِنِينَ؛ 11أَوْصِ بِهَذَا وَعَلِّمْ.
ع9: الكلمة الصادقة والمستحقة كل قبول هى أن التقوى نافعة لكل شئ، ولها المواعيد الحاضرة والمستقبلة وتعطى رجاء فى الحياة الحاضرة وتقود إلى حياة أبدية سعيدة.
ع10: يحتمل المؤمن التعب والإهانة من أجل التمسك بحياة التقوى، ولكن رجاءه فى المسيح الذى يسنده أثناء الضيقات يعزى قلبه لأن الله يسند كل من يلتجئ إليه فى الضيقة وخاصة المؤمنين.
ع11: ينبه تيموثاوس إلى تعليم الشعب كل ما سبق فى هذا الأصحاح.
? على قدر ما تنظر إلى الله، تستطيع أن تواجه الضيقات وتحتملها لأنه سيسندك ويخفف عنك عندما تشعر بوجوده معك، ويكافئك فى النهاية ببركات لا يعبر عنها. فتذكر دائمًا أن الله معك ولا يتركك ما دمت تريده.
(3) القراءة والتلمذة (ع12-16):
12لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِى الْكَلاَمِ، فِى التَّصَرُّفِ، فِى الْمَحَبَّةِ، فِى الرُّوحِ، فِى الإِيمَانِ، فِى الطَّهَارَةِ. 13إِلَى أَنْ أَجِىءَ، اعْكُفْ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ. 14لاَ تُهْمِلِ الْمَوْهِبَةَ الَّتِى فِيكَ، الْمُعْطَاةَ لَكَ بِالنُّبُوَّةِ، مَعَ وَضْعِ أَيْدِى الْمَشْيَخَةِ. 15اهْتَمَّ بِهَذَا، كُنْ فِيهِ، لِكَىْ يَكُونَ تَقَدُّمُكَ ظَاهِرًا فِى كُلِّ شَىْءٍ. 16لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ، وَدَاوِمْ عَلَى ذَلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هَذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا.
ع12: هنا يقدم بولس الرسول لتيموثاوس تلميذه وصايا تمس جهاده الروحى وهى :
لا يستهن أحد بحداثتك : كان تيموثاوس فى بداية أسقفيته صغير السن، لذلك يشجعه الرسول بألا يهتم بهذا، إذ معه قوة المسيح ويمارس خدمته الرعوية بثقة.
قدوة فى الكلام : فتظهر كلمات الله على فمه وأسلوبه فيكون متزن ومدقق.
التصرف : سلوكه يكون مسيحيًا بحسب وصايا الله.
المحبة : تظهر محبته للجميع وخاصة من يسيئون إليه.
الروح : تظهر روحانياته فى عبادته وسلوكه.
الإيمان : فى تعاليمه وأمام المواقف الصعبة والضيقات.
الطهارة : نقاوة كلامه وتصرفاته من كل غرض شرير.
ع13: يوصى تيموثاوس أن يهتم بقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه، والذى سيظهر تأثيره فى وعظه وتعليمه للشعب، ويواظب على ذلك حتى يقابل بولس الذى سيكمل تعليمه وإرشاده.
ع14: الموهبة : نعمة سر الكهنوت بكل ما تحمل من مواهب مثل الوعظ والتعليم.
النبوة : كانت هناك نبوة عن تيموثاوس أنه سيصير أسقفًا وراعيًا لشعب الله.
أيدى المشيخة : عند رسامته أسقفًا، وضع بولس والأساقفة الذين معه أياديهم عليه. وهذا يظهر أن سيامة الكهنوت تكون بوضع يد الأساقفة على المقدمين لهذه الرتبة.
يدعوه لاستخدام مواهب الله المعطاة له فى الكهنوت، الذى أكده الله بنبوة من قبل، حتى يتمتع بعمل الله ويفيد كل من يرعاهم.
ع15: يوصيه أن يهتم بخدمته ويكون فيها وحدها، أى لا ينشغل بأى أعمال أخرى لأنه مكرس لله، وبهذا يتقدم فى حياته الروحية وخدمته.
ع16: يوصيه أيضًا بالتلمذة الروحية والتعلم الدائم من الكتاب المقدس وتعاليم الرسول له والاستفادة من كل الناس، وعلى قدر اهتمامه بالتعلم سيكسب خلاص نفسه وخلاص نفوس من يرعاهم.
? إن كان الأسقف محتاجًا للمداومة على التلمذة والقراءة والتعلم كل أيام حياته، فبالأولى أنت محتاج لهذا مهما كان سنك أو خبرتك، لأنك بهذا الاتضاع وبحثك عن معرفة الله، يعمل فيك بروحه القدوس ويرشدك، فتتلذذ بعشرته والذين حولك يتعلمون من روحانياتك ويقبلون إلى الله. فاهتم ليس فقط بالقراءة بل أيضًا بملاحظة فضائل الآخرين حتى الأطفال لتتعلم من كل إنسان.