الله الديان
(1) إدانة الآخرين (ع 1-3 ):
1لِذَلِكَ أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِى مَا تَدِينُ غَيْرَكَ، تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ، أَنْتَ الَّذِى تَدِينُ، تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا! 2وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ دَيْنُونَةَ اللهِ، هِىَ حَسَبُ الْحَقِّ عَلَى الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ. 3أَفَتَظُنُّ هَذَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِى تَدِينُ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ، وَأَنْتَ تَفْعَلُهَا، أَنَّكَ تَنْجُو مِنْ دَيْنُونَةِ اللهِ؟
إنتهى الإصحاح السابق بتعرض الأمم لدينونة الله بسبب شرورهم، ولذلك فكم وكم بالأولى سيتعرض اليهود، الذين يعرفون شريعة الله، للدينونة أكثر من الأمم بسبب سقوطهم فى نفس الشرور.
ع1: يبدأ القديس بولس بتوجيه كلامه لكل إنسان يظن أن معرفته وفهمه لشريعة الله تضعه فى مرتبة أعلى من الناس، فيدينهم ويحكم على الآخرين بالذنب وكأنه قاضٍ على أخطائهم، بينما يلتمس لنفسه عشرات الأعذار عندما يسقط فى نفس الأخطاء. وأيضاً يحذرنا من أن الذى يدين يفعل تلك الأمور، أى أن من يدين غيره سيسقط حتماً فى نفس الخطية يوماً ما لأنه لم يتضع. لذلك جاءت الآية صريحة “أنت بلا عذر”، وستتعرض للدينونة يا من تدين غيرك.
ع2: هنا يذكرنا القديس بولس بمعلومة نعملها جميعاً، وهى أن دينونة الله هى بالحق، أى أنه يحكم ليس حسب الظاهر فقط بل يفحص القلب أيضاً، عالماً دوافع كل إنسان للخطية، واضعاً فى اعتباره الظروف والبيئة التى نشأ فيها الخاطئ، مدركاً مقدار المعرفة الروحية لكل شخص وهل صنع الخطية بإرادة وقصد أم نتيجة ضعف. وبذلك يكون مقدار عقاب الله للخطية الواحدة مختلف من شخص لآخر.
ع3: هنا يذكر بولس الرسول سلوك خاطئ يعرفه علماء النفس باسم “الإسقاط النفسى”، وفيه يخدر الإنسان الخاطئ ضميره المذنب بكثرة الكلام على أخطاء الآخرين.
? لذا أيها الحبيب لا تظن أنك بلا خطية فتدين الآخرين. فهل تعلم أن عدم دفع العشور هو خطية سرقة، أو من نظر إلى إمرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه، وأن الإجهاض هو قتل. بل أن النميمة نفسها تعتبر قتل معنوى لمن تدينه لأنك تشوه صورته أمام الناس. لذلك أيها الحبيب، فبدلاً من أن تقضى ساعات فى نميمة على الآخرين، حاسب نفسك بالأولى لمدة دقائق يومياً على ما فعلته طوال النهار، وبهذا تنجو من دينونة الله. وإن رأيت أخاك ساقطاً، قل لنفسك لعله هو يتوب عنها وأنا أسقط فيها غداً.
(2) دينونة الله (ع 4-11 ):
4أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ، غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْـفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّـوْبَةِ؟ 5وَلَكِنَّكَ، مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ، تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِى يَوْمِ الْغَضَبِ، وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ، 6الَّذِى سَيُجَازِى كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ. 7أَمَّا الَّذِينَ بِصَبْرٍ فِى الْعَمَلِ الصَّالِحِ يَطْلُبُونَ الْمَجْدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْبَقَاءَ، فَبِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 8وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ التَّحَزُّبِ وَلاَ يُطَاوِعُونَ لِلْحَقِّ، بَلْ يُطَاوِعُونَ لِلإِثْمِ، فَسَخَطٌ وَغَضَبٌ، 9شِدَّةٌ وَضِيقٌ، عَلَى كُلِّ نَفْسِ إِنْسَانٍ يَفْعَلُ الشَّرَّ، الْيَهُودِىِّ أَوَّلاً ثُمَّ الْيُونَانِىِّ. 10وَمَجْدٌ وَكَرَامَةٌ وَسَلاَمٌ لِكُلِّ مَنْ يَفْعَلُ الصَّلاَحَ، الْيَهُودِىِّ أَوَّلاً ثُمَّ الْيُونَانِىِّ، 11لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ.
ع4: هل من كثرة لطف وطول أناة الله على خطاياك، تستهين بمراحمه أى يختفى خوفه من قلبك !!!؟
ع5: هل يزداد قلبك قسوةً واستمرارًا فى الخطية يوماً بعد يوم، وبذلك تضيف إلى رصيد خطاياك كل يوم خطايا جديدة؟
لذا انتبه أيها الحبيب، لأن الله سيعلن غضبه على هؤلاء الذين لم يستغلوا فترة رحمته وزمن مغفرته طوال حياتهم على الأرض. فعندما تنتهى حياتهم، حينئذ سينالـون عقاباً عـادلاً من الله (رؤ20: 11-15).
? لعلك علمت الآن أيضاً أيها الحبيب لماذا يصبر الله على الأشرار الذين يضايقونك، ولا يعاقبهم الآن لتزول أذيتهم عنك؟ فالسبب هو أن طول أناة الله تشمل البشرية كلها، بما فيهم أنت أيضاً، حتى يعطى الجميع فرصة متكافئة للتوبة.
ع6: هذه الآية صريحة ومعلنة بقوة أن الإيمان الفكرى النظرى وحده لا يكفى لنوال الخلاص، بل لابد من الأعمال الصالحة والتى ستكون هى مقياس المجازاة، حيث أن الله يطلب منا إيماناً مترجماً إلى أعمال صالحة (عقيدة الإيمان والأعمال)، وهذا رد على بعض البدع التى تنادى بكفاية الإيمان وحدة للخلاص. (مت 16: 27، 2كو 5: 10، يع 2: 17-24، رؤ 2: 23).
ع7: هنا يؤكد القديس بولس على أهمية الأعمال مرة أخرى، موضحاً مكافأة هؤلاء الذين يداومون على العمل الصالح بكل صبر بلا فتور أو ملل، راغبين ليس فى مجد وكرامة ومراكز العالم الزائلة الزائفة، بل المجد الحقيقى فى الحياة الأبدية، عندما يمسح الله كل دمعة من عيونهم ويكللهم بأكليل المجد والكرامة، ويشبعهم بما لم تره عين ولم تسمع به أذن.
ع8: يعود بنا القديس بولس مرة أخرى إلى أهل التحزب، وهم من الحزب اليهودى المتعصب، الذين لا يسيرون وراء الحق بل يميلون بقلوبهم وسلوكهم وراء الخطية، هؤلاء سيجنون سخط وغضب الله عليهم. ويوضح أن سبب الشر هو الابتعاد عن الله (لا يطاوعون الحق)، كما أن مصدر الصلاح هو الإيمان والطاعة لله.
ع9: هنا يقدم الأشرار من اليهود عن الأشرار من الأمم فى نوال العقاب، لأن اليهود أخذوا امتيازات أكثر من الأمم فى المعرفة الروحية.
ع10: يقدم بولس الرسول الصالحين من اليهود عن الصالحين التائبين من الأمم فى المجد والكرامة، لأنهم عرفوا الله من قبلهم، فتعبوا ونموا روحيا أكثر من الأمم الراجعين إلى الله.
ع11: الله لا يحابى أحدا. فمن أخذ من الله معرفة روحية أكثر، يُعاقَب أكثر إن كان شريرا، ويُكافأ أكثر إن كان بارا، من أجل سعيه وراء المعرفة وتنفيذ الحق.
? تشبه بالله فى عدم المحاباة. فإن احتكم إليك أحد فى مشكلة ما، فاحكم حسب الحق، ولا تحابى لأقاربك أو أصدقائك. فكم تهدمت زيجات كثيرة لأن كل طرف وأهله لم يحكم بالعدل، ولم يعترف بأخطائه، ملقيا بكل اللوم والإدانة على الطرف الآخر.
(3) الضمير والناموس (ع 12-16 ):
12لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ، وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِى النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ. 13لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ، بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ. 14لأَنَّهُ، الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوا بِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِى النَّامُوسِ، فَهَؤُلاَءِ، إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُ، هُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ، 15الَّذِينَ يُظْهِرُونَ عَمَلَ النَّامُوسِ مَكْتُوبًا فِى قُلُوبِهِمْ، شَاهِدًا أَيْضًا ضَمِيرُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ فِيمَا بَيْنَهَا، مُشْتَكِيَةً أَوْ مُحْتَجَّةً، 16فِى الْيَوْمِ الَّذِى فِيهِ يَدِينُ اللهُ سَرَائِرَ النَّاسِ، حَسَبَ إِنْجِيلِى، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.
ع12: بعد أن تحدث القديس بولس عن عدل الله، أجاب لنا عن تساؤل حير الناس طويلا، وهو كيف سيدين الله الأمم على الرغم من أنهم لم يستلموا الناموس أى شريعة موسى مثل اليهود؟ بل ما ذنب أطفال ولدوا لآباء أمميين، وتربوا بعيدا عن معرفة ناموس موسى؟ والإجابة أن الله قد زود الأمم بناموس طبيعى، الذى هو الضمير. فكل إنسان يولد بالفطرة مزودًا بهذا الناموس الأخلاقى، وليس ناموس موسى المكتوب فى الواقع إلا إبرازاً لناموس الضمير المكتوب على صفحات القلوب. لذلك فبينما يُحاكم اليهودى المخطئ وفقاً لناموس موسى، يُحاكم الأمم الذين بدون ناموس، أى بلا ناموس موسى، وفقاً لناموس الضمير. وكلمة “فبدون الناموس يهلك” تعنى أن الناموس الموسوى لن يكون شاهداً عليه.
ع13: بديهى أن الذين يعرفون ويفهمون وصايا الناموس ليس هم الأبرار كما كان اليهود يظنون، بل الذين ينفذون وصايا الناموس، سواء ناموس موسى أو ناموس الضمير.
ع14: الأمم الذين ليس عندهم ناموس موسى، متى نفذوا الوصايا التى فى ناموس موسى بالطبيعة أى بتلقائية ذاتية من داخل ضمائرهم، وصاروا مطيعين لله، يصير ضميرهم هو ناموسهم، لأن الضمير هو صوت من الله فى الإنسان.
ع15: بهذا يكون القديس بولس قد امتدح بعض الأمميين، الذين بأعمالهم الصالحة، قد أظهروا وبرهنوا أن ناموس الله الطبيعى مكتوب على قلوبهم بشكل أعمق من كتابته على لوحين حجريين لليهود.
شاهدا أيضاً ضميرهم: فكما سيكون ناموس موسى هو الشاهد على اليهودى يوم الدينونة، هكذا سيكون ضمير الأممى شاهداً على أفكار قلبه، التى إنقسمت إلى فريقين:
- فريق مشتكى (accuse) ، أى يؤنب الإنسان على الأعمال الخاطئة.
- فريق محتج (excuse) ، أى يلتمس العذر للإنسان على أعماله الخاطئة.
ولعل هذا هو الصراع الأزلى فى الإنسان ما بين الخير والشر. والضمير هنا هو الشاهد على الإنسان، من الذى انتصر، أفكار الخير المشتكية، أم أفكار الشر المحتجة؟
ع16: هذه المحاكمة ستكون يوم الدينونة عندما يدين الله السرائر، أى أسرار القلوب والخطايا الخفية، ولكن بقانون أعظم الذى هو حسب وصايا إنجيل يسوع المسيح.
? إن كنت قد تمتعت بمعرفة المسيح ووصاياه، فاهتم أن تحيا فيه لئلا تدان فى اليوم الأخير، خاصة عندما تجد بعض من غير المسيحيين قد طبقوا هذه الوصايا بإرشاد ضميرهم.
(4) دينونة اليهود (ع 17-24 ):
17هُوَذَا أَنْتَ تُسَمَّى يَهُودِيًّا، وَتَتَّكِلُ عَلَى النَّامُوسِ، وَتَفْتَخِرُ بِاللَّهِ 18وَتَعْرِفُ مَشِيئَتَهُ، وَتُمَيِّزُ الأُمُورَ الْمُتَخَالِفَةَ مُتَعَلِّمًا مِنَ النَّامُوسِ. 19وَتَثِقُ أَنَّكَ قَائِدٌ لِلْعُمْيَانِ، وَنُورٌ لِلَّذِينَ فِى الظُّلْمَةِ 20وَمُهَذِّبٌ لِلأَغْبِيَاءِ، وَمُعَلِّمٌ لِلأَطْفَالِ، وَلَكَ صُورَةُ الْعِلْمِ وَالْحَقِّ فِى النَّامُوسِ. 21فَأَنْتَ إِذًا، الَّذِى تُعَلِّمُ غَيْرَكَ، أَلَسْتَ تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ الَّذِى تَكْرِزُ أَنْ لاَ يُسْرَقَ، أَتَسْرِقُ؟ 22الَّذِى تَقُولُ أَنْ لاَ يُزْنَى، أَتَزْنِى؟ الَّذِى تَسْتَكْرِهُ الأَوْثَانَ، أَتَسْرِقُ الْهَيَاكِلَ؟ 23الَّذِى تَفْتَخِرُ بِالنَّامُوسِ، أَبِتَعَدِّى النَّامُوسِ تُهِينُ اللهَ؟ 24لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ.
ع17: يسخر بولس الرسول من ازدواجية المسيحيين من أصل يهودى، فهم يعلِّمون شيئاً ويفعلون شيئا آخر، فلم يتكلوا على دم المسيح الفادى بل على أنهم يهود من الشعب المختار، الذى أفرزه الله شعبا مخصصا له، وميزه بين جميع شعوب الأرض بأن أعطاه الناموس المكتوب بأصبع الله على لوحى الشريعة.
ع18: يوبخ أيضا اتكالهم على معرفتهم لله، وتمييزهم للأمور المتخالفة، أى قضايا الدين الصعبة، مثل حب الله ومخافته، الرحمة والتساهل، الحزم والقسوة… إلخ.
ع19: بكثرة المعرفة صرت قائدا للعميان، أى الجهلاء فى العلم الروحى، ونور للذين فى الظلمة، أى الأمم الأحياء فى ظلمة الخطية.
ع20: يستكمل الرسول بولس توبيخه لليهود من أجل مظهريتهم، إذ اليهـودى يعتبر نفسه:
مهذب للأغبياء: أى معلم للذين يجهلون معرفة الله ويرشدهم إلى الحق.
معلم للأطفال: حيث كانت تقام فصول فى المجمع لتعليم الصغار.
صورة العلم والحق: يهتم اليهودى أن تكون صورته من الخارج تدل على أنه عظيم فى العلم والحق.
ع21-22: يا للرياء والخداع الذى به تخدع نفسك والآخرين. فأنت تأمر الناس بالامتناع عن فعل الخطايا كالسرقة والزنا، وتستكره، أى تدعو إلى كراهية الأوثان، ولكنك تستبيح السرقة والزنا وسرقة الأوثان الغالية الموجودة فى هيكل الوثنيين.
ع23: أنت تفتخر أنك تعرف وتحترم الناموس، ولكنك بالتعدى على وصايا الناموس وعدم تنفيذها، تهين الله شخصياً لأنك لا تقيم وزناً لكلامه.
ع24: تكون النتيجة النهائية لهذا، أن غير المؤمنين يجدفون، أى ينكرون الدين الذى شرعة الله، بل ويرفضون الله نفسه بسبب تصرفاتكم.
- إفحص نفسك يا أخى لئلا تكون معثراً لغيرك، وما تعلمه للآخرين، تأكد أنك تحاول تطبيقه أولاً فى حياتك، فيكون تعليمك أعمق وأكثر قوة وإقناعاً لسامعيك.
(5) الختان لا يبرر (ع 25-29 ):
25فَإِنَّ الْخِتَانَ يَنْفَعُ إِنْ عَمِلْتَ بِالنَّامُوسِ. وَلَكِنْ إِنْ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ، فَقَدْ صَارَ خِتَانُكَ غُرْلَةً! 26إِذًا؛ إِنْ كَانَ الأَغْرَلُ يَحْفَظُ أَحْكَامَ النَّامُوسِ، أَفَمَا تُحْسَبُ غُرْلَتُهُ خِتَانًا؟ 27وَتَكُونُ الْغُرْلَةُ الَّتِى مِنَ الطَّبِيعَةِ، وَهِىَ تُكَمِّلُ النَّامُوسَ، تَدِينُكَ أَنْتَ الَّذِى فِى الْكِتَابِ وَالْخِتَانِ تَتَعَـدَّى النَّامـُوسَ؟ 28لأَنَّ الْيَهُودِىَّ فِى الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا، وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِى فِى الظَّاهِرِ فِى اللَّحْمِ خِتَانًا، 29بَلِ الْيَهُودِىُّ فِى الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِىُّ، وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ، هُوَ الْخِتَانُ الَّذِى مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ، بَلْ مِنَ اللهِ.
هنا يصحح القديس بولس مفهوم الختان الحقيقى لدى اليهود. فالختان هو عملية الطهارة عند الأطفال الذكور، حيث تنص شريعة موسى على نزع لحم الغرلة منهم بسكين فى ثامن يوم ولادتهم. وقد أمر الله أبونا إبراهيم وأولاده وكل شعب إسرائيل بالختان، لتكون علامة فى جسدهم تميزهم كشعب الله عن شعوب الأمميين. وقد كان اليهود يتكلون على الختان، ويعتبرونه وسيلة تبررهم؛ فصحح لهم القديس بولس هذا المفهوم.
ع25: إن الختان ينفع اليهودى إن عمل وصايا الناموس، ولكن إذا كان متعدياً أى غير منفذ للوصايا، فقد صار كإنسان أممى لا يعرف الله أى أعزل (غير مختتن).
ع26: إن كان الأممى الأغرل ينفذ الناموس، فحقاً يحسب وكأنه من أولاد الله المختتنين.
ع27: يكون الأغرل، الذى ينفذ وصايا الناموس بدافع من ضميره دياناً لليهودى المختتن، الذى يعرف وصايا الله ولا ينفذها.
ع28: إذاً من هو اليهودى الحقيقى؟ بالطبع هو الذى يمدحه الله.
إذ كلمة يهودى بالعبرية تعنى (مدح)، وعلى أى شئ يمدحه الله؟ بالطبع ليس على ختان الجسد.
ع29: من يمدحه الله هو من يكون قلبه مختوناً، أى منزوع عنه الخطية والإثم بسكين الروح القدس، وليس فقط جسده هو المختون حسب وصية الكتاب. هذا هو اليهودى الحقيقى، الذى يسعى لمدح الله وليس مدح الناس.
? خلاصة القول أيها الحبيب، لا تتكل على بعض المظاهر الخارجية فى العبادة الشكلية ليمدحك الناس، بل لتقترن عبادتك الظاهرة بالعبادة القلبية ونقاوة القلب.
ولا تفتخر أنك مصرى من أبناء الشهداء، وأن بلدك قد زارتها العائلة المقدسة، وأن بها الكثير من الأديرة والمزارات، بل انظر هل أعمالك تمجد الله وتفرح قلبه وقلب هؤلاء الشهداء؟؟