المسيح يهدينا للحياة الأبدية
(1) الإيمان بالمسيح (ع1-5): 1كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ، فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ، يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا. 2بِهَذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. 3فَإِنَّ هَذِهِ هِىَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً، 4لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ، يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهَذِهِ هِىَ الْغَلَبَةُ الَّتِى تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا. 5مَنْ هُوَ الَّذِى يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِى يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟
ع1: الذى يؤمن بالمسيح المتجسد ويظهر إيمانه عمليًا بمحبته للآخرين، فهذا يستحق أن يُدعَى ابن الله، إذ نال سر المعمودية ويعيش بالطبيعة الجديدة كابن لله بمحبته للكل.
ومن صار ابن الله فهو يحب الله أباه، ومن يحب الله الآب الوالد فهو بالطبع يحب المولود منه أى المسيح، فهو لا يؤمن به خوفًا منه فقط مثل الشياطين بل يحبه، فدليل بنوته لله محبته للمسيح.
ع2: إن أحببنا المسيح رأس الكنيسة، فبالتالى نحب جسده أى إخوتنا. والذى يؤكد أن محبتنا للإخوة محبة روحية حقيقية وليس مجرد عواطف بشرية مؤقتة هو محبتنا لله أبونا، وإن أحببناه نحفظ وصاياه ونتمسك بها، ومن أهم هذه الوصايا محبتنا للآخرين (مت22: 39).
ع3: محبتنا للآخرين هى خلاصة حفظ وصايا الله والدليل على محبتنا له. وتنفيذ هذه المحبة ليس صعبًا لأن المسيح قدَّم نفسه مثالا لنا فى محبة الآخرين ببذله حياته على الصليب، وبنعمة روحه القدوس يعطينا أن نحب الآخرين فنشفق حتى على من يسيئون إلينا ويعادوننا.
ع4، 5: إيماننا بالمسيح وهبنا بنوته بالمعمودية وصار لنا الطبيعة الجديدة التى تغلب شر العالم بالحب لكل أحد حتى لمن يسئ إلينا.
? لا تضطرب من إساءات الآخرين بل اطلب معونة الله وثق أنه سيسندك ويعطيك قلبًا شفوقًا عليهم، فتغلب شرهم بمحبتك وتكسب خلاص نفسك بل وتجذبهم للمسيح.
(2) الشهادة للمسيح (ع6-10):
6هَذَا هُوَ الَّذِى أَتَى بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لاَ بِالْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ بِالْمَاءِ وَالدَّمِ. وَالرُّوحُ هُوَ الَّذِى يَشْهَدُ، لأَنَّ الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ. 7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِى السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. 8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِى الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِى الْوَاحِدِ. 9إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هَذِهِ هِىَ شَهَادَةُ اللهِ الَّتِى قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ابْنِهِ. 10مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِى نَفْسِهِ. مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّهَادَةِ الَّتِى قَدْ شَهِدَ بِهَا اللهُ عَنِ ابْنِهِ.
ع6: شهادة المسيح أى خلاصه المُقَدَّم لنا هو من خلال الإيمان بدمه المسفوك على الصليب الذى ننال فعله فينا بسر المعمودية. فالمسيح لم يأتِ بماء فقط مثل معمودية يوحنا المعمدان أو أى معموديات سابقة، مثل تعميد اليهود الدخلاء عند انضمامهم إلى اليهودية، ولكن أتى بماء المعمودية ودمه على الصليب. والروح القدس يشهد للمسيح عندما يعطينا الخلاص الذى تم على الصليب من خلال أسرار الكنيسة فى المعمودية وباقى الأسرار، فهو الحق المُعطَى للبشرية فى الكنيسة.
وخرج دم وماء من جنب المسيح عندما طعنوه وهو على الصليب دليل على ناسوته، فهو ابن الله المتجسد، وهذا ينفى البدع التى ترفض ناسوت المسيح التى ظهرت فى القرن الأول مثل بدعة الدوسيتيين.
ع7: الذين يشهدون فى السماء لخلاص المسيح المقدم للبشرية هم الثلاثة أقانيم، الآب والابن (الكلمة) والروح القدس، كما ظهروا عند عماد المسيح على يد يوحنا المعمدان وهذه الأقانيم الثلاثة هى صفات لإله واحد. وهذه الآية من أوضح الآيات التى تثبت الثالوث القدوس.
ع8: ظهر على الصليب ثلاثة شهود بإتمام الخلاص، الروح الإنسانية المتحدة باللاهوت التى أسلمها المسيح عند موته، والدم والماء اللذان خرجا من جنبه عندما طعنوه، فالثلاثة هم واحد أى المسيح الذى مات لأجل فدائنا، وننال الثلاثة الذين يشهدون فى سر المعمودية، فعندما نعتمد يأخذ الروح القدس الخلاص الذى أتمه دم المسيح على الصليب فيقدس ماء المعمودية لنولد منها بطبيعة جديدة.
ع9: إن كنا نقبل شهادة الناس كما يعلمنا الناموس أنه “على فم شاهدين أو على فم ثلاثة شهود يقوم الأمر” (تث19: 15)، فبالأولى نقبل شهادة الله بأقانيمه الثلاثة عند عماد المسيح وعند موته على الصليب كما ذكرنا فى الآية السابقة.
ع10: الشهادة فى نفسه : الروح القدس العامل فى الإنسان الذى يدعوه للإيمان بالمسيح.
يدعو الروح القدس كل البشر للإيمان بالمسيح، وعندما يؤمنون ويعتمدون يسكن فيهم فى سر الميرون ويثبت إيمانهم. أما من يرفض شهادة الله أى الروح القدس ولا يؤمن بالمسيح فهو يصف الله بالكذب.
? الروح القدس يدعوك للإيمان بالله فى كل خطوات حياتك اليومية، فلا تضطرب بل صدَّق الله واتكل عليه فتتمتع ببركاته فى حياتك.
(3) الحياة الأبدية (ع11-21):
11وَهَذِهِ هِىَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهَذِهِ الْحَيَاةُ هِىَ فِى ابْنِهِ. 12مَنْ لَهُ الابْنُ، فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ، فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.
13كَتَبْتُ هَذَا إِلَيْكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ لِكَىْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَىْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ. 14وَهَذِهِ هِىَ الثِّقَةُ الَّتِى لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ، يَسْمَعُ لَنَا. 15وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبْنَا يَسْمَعُ لَنَا، نَعْلَمُ أَنَّ لَنَا الْطَّلِبَاتِ الَّتِى طَلَبْنَاهَا مِنْهُ. 16إِنْ رَأَى أَحَدٌ أَخَاهُ يُخْطِئُ خَطِيَّةً لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ، يَطْلُبُ، فَيُعْطِيَهِ حَيَاةً لِلَّذِينَ يُخْطِئُونَ لَيْسَ لِلْمَوْتِ. تُوجَدُ خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ. لَيْسَ لأَجْلِ هَذِهِ أَقُولُ أَنْ يُطْلَبَ. 17كُلُّ إِثْمٍ هُوَ خَطِيَّةٌ، وَتُوجَدُ خَطِيَّةٌ لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ. 18نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ. 19نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِى الشِّرِّيرِ. 20وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ، وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِى الْحَقِّ فِى ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلَهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. 21أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ، آمِينَ.
ع11: غرض شهادة الله بأقانيمه الثلاثة ومن خلال الكنيسة بالأسرار المقدسة هو أن ننال الحياة الأبدية. وهذه الحياة الأبدية نختبرها جزئيًا بعمل المسيح فينا على الأرض وتكمل فى السماء باتحادنا به وتمتعنا بعشرته. فالحياة الأبدية هى الخلاص الذى نناله فى المسيح.
ع12: من يؤمن بالمسيح الابن ويحيا له ينال الحياة الأبدية، ومن يرفض الإيمان والحياة مع المسيح ليس له مكان فى ملكوت السموات.
ع13: غرض هذه الرسالة هو الإيمان بالمسيح والثبات فيه لننال الحياة الأبدية المُعَدَّة لنا.
ع14، 15: إيماننا بالمسيح يسندنا حتى نطلب من الله كل ما نريد واثقين أنه يستجيب لنا، بشرط أن تكون هذه الطلبات بحسب مشيئته أى تتفق مع خلاصنا وحصولنا على الأبدية.
ع16: الخطية التى ليست للموت هى أى خطية مهما كانت شنيعة ما دام الإنسان مستعدًا أن يتوب عنها، فنصلى من أجله حتى يتوب وينال الغفران والخلاص والحياة الأبدية. ولكن من يخطئ خطية للموت، أى أنه مصرّ على الخطية ويرفض التوبة عنها، فلن تفيده الصلاة. والرسول لم يأمر بعدم الصلاة لأجله ولكن تركها لحرية المصلى حسب تقديره أن هناك دوافع تدفعه للإصرار يمكن أن تزول بالصلاة أو أنه متمادى فى الشر. ولكن عمومًا نحن لا نعلم الإصرار التام على الشر إلا بعد موت الإنسان المخطئ، مثل المنتحرين الذين ترفض الكنيسة الصلاة عليهم أو الذين أنكروا الإيمان وماتوا وهم منكرونه. لذا نظلّ نصلى من أجل كل الخطاة ما داموا أحياء لعلهم يتوبون.
ع17: إثم : إعتداء على حقوق الغير كما فى الأصل اليونانى.
خطية : عصيان ومخالفة لكلام الله.
كل إساءة للآخرين هى ضعف محبة ويمكن الرجوع عنها بالتوبة فنخلص من الموت الأبدى.
ع18: الذى نال الطبيعة الجديدة بالمعمودية ويحيا كابن لله بمحبته له وللآخرين، فهذه المحبة تحفظه من شرور الخطايا ولا يستطيع الشيطان أن يسقطه فيها.
ع19: نحن المؤمنون بالمسيح ونحيا فى الكنيسة ونحب الكل نتمتع ببنوتنا وعشرتنا بالله وسلوكنا مختلف عن أولاد العالم الخاضعين لإبليس والسالكين فى الشر.
ع20: هدف تجسد المسيح هو أن ينير عيوننا الداخلية بتغييره لطبيعتنا فى سر المعمودية، فنعرف الحق أى نؤمن به ونحبه ونحب الآخرين، فيكون لنا نصيب فى الحياة الأبدية معه.
ع21: يذكِّرنا الرسول ببنوتنا لله لنحفظ حياتنا فى الإيمان به ومحبته، فنبتعد عن عبادة الأصنام التى هى تعلقات العالم المختلفة مثل المال والمركز والشهوات المختلفة، وبهذا نبتعد عن الشيطان بكل صوره وخداعاته.
? لا تنسَ هدفك وسط زحام مشاغل الحياة، فهدفك الوحيد هو الأبدية، وطريقك إليها هو محبة المسيح بارتباطك بالكنيسة ومحبتك لكل أحد.