إضـــافـــة الغــربــــــاء
(1) غايس السالك بالحق ومضيف الغرباء (ع1-8): 1اَلشَّيْخُ، إِلَى غَايُسَ الْحَبِيبِ الَّذِى أَنَا أُحِبُّهُ بِالْحَقِّ.
2أَيُّهَا الْحَبِيبُ، فِى كُلِّ شَىْءٍ أَرُومُ أَنْ تَكُونَ نَاجِحًا وَصَحِيحًا، كَمَا أَنَّ نَفْسَكَ نَاجِحَةٌ. 3لأَنِّى فَرِحْتُ جِدًّا، إِذْ حَضَرَ إِخْوَةٌ وَشَهِدُوا بِالْحَقِّ الَّذِى فِيكَ، كَمَا أَنَّكَ تَسْلُكُ بِالْحَقِّ. 4لَيْسَ لِى فَرَحٌ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا: أَنْ أَسْمَعَ عَنْ أَوْلاَدِى أَنَّهُمْ يَسْلُكُونَ بِالْحَقِّ.
5أَيُّهَا الْحَبِيبُ، أَنْتَ تَفْعَلُ بِالأَمَانَةِ كُلَّ مَا تَصْنَعُهُ، إِلَى الإِخْوَةِ وَإِلَى الْغُرَبَاءِ، 6الَّذِينَ شَهِدُوا بِمَحَبَّتِكَ أَمَامَ الْكَنِيسَةِ. الَّذِينَ، تَفْعَلُ حَسَنًا، إِذَا شَيَّعْتَهُمْ كَمَا يَحِقُّ للهِ، 7لأَنَّهُمْ، مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ، خَرَجُوا وَهُمْ لاَ يَأْخُذُونَ شَيْئًا مِنَ الأُمَمِ. 8فَنَحْنُ يَنْبَغِى لَنَا أَنْ نَقْبَلَ أَمْثَالَ هَؤُلاَءِ، لِكَىْ نَكُونَ عَامِلِينَ مَعَهُمْ بِالْحَقِّ.
ع1: يلقب القديس يوحنا نفسه بالشيخ لأنه كبير فى السن وباعتبار رتبته الكهنوتية، فكلمة شيخ معناها باليونانية “ابرسفيتيروس” وهى رتبة كهنوتية. ويرسل هذه الرسالة إلى أحد تلاميذه يسمى غايس ويعلن محبته له ويميزها بأنها محبة بالحق أى بالله، فهى أسمى من كل أنواع المحبة البشرية العادية.
ع2: كان غايس يعانى من بعض المتاعب الصحية، فأظهر يوحنا مشاعره الأبوية نحوه فى تمنيات الشفاء الجسدى والنجاح فى كل أعماله ونواحى حياته كما أن حياته الروحية ناجحة، حيث تأكد ذلك من الأخبار التى وصلته من المؤمنين أعضاء الكنيسة الذين يعرفون غايس.
لذلك نرى أمومة الكنيسة فى صلاتها ليس فقط من أجل أرواحنا بل أيضًا من أجل المرضى والمسافرين والمنتقلين أحبائهم … فهى تشعر بأولادها وتشاركهم فى كل ظروفهم.
? إهتم أن تشارك من حولك فى ظروفهم المختلفة سواء الفرح أو الحزن وتقف بجانبهم وتساعدهم خاصة فى الضيقات وتعبر عن مشاعرك نحوهم بكلمات مشجعة، فهذا يعطيهم راحة نفسية ويساعدهم على النمو الروحى.
ع3: أخبر بعض المؤمنين القديس يوحنا عن غايس أنه يحيا مع المسيح ويسكن فيه وظهر ذلك فى سلوكه الروحى المستقيم.
ع4: تظهر أبوة يوحنا الروحية فى أن أعظم فرح يشعر به هو سلوك أولاده، أى المؤمنين بالكنيسة، فى حياة روحية مستقيمة وسلوك مسيحى. فالأبوة الحقيقية ليست فرح بالإنجازات المادية بل بخلاص نفوس الأبناء وسلوكهم المسيحى.
ع5: الإخوة : المؤمنين الأعضاء معه فى الكنيسة.
الغرباء : المبشرين الذين يزورون الكنيسة للخدمة والتبشير.
يمتدح غايس من أجل اهتمامه بمحبة المؤمنين معه فى الكنيسة ومشاركته لهم فى الأفراح والأحزان وسد كل احتياج لهم ومعاملته الطيبة لهم، وبالإضافة إلى اهتمامه بإضافة المبشرين بالمسيحية الذين يزورون الكنيسة للمساعدة فى الخدمة والتبشير، فقد تميز بالمحبة والقلب المفتوح للكل.
ع6: الكنيسة : فى أفسس حيث يقيم يوحنا.
رجع المبشرون من عند غايس الذى أضافهم ثم زوَّدهم باحتياجات الرحيل وودَّعهم بالصلوات والمحبة، فلما وصلوا إلى أفسس التى يرعاها ق. يوحنا شهدوا أمامه بمدى كرم ومحبة واهتمام غايس بهم.
ع7: اسمه : اسم المسيح.
الأمم : البلاد التى يبشرون بالمسيح فيها.
يزيد مدح يوحنا الرسول لغايس لأنه اعتبر كثيرًا عفة هؤلاء المبشرين، الذين يخدمون مجانًا وبالتالى كانوا محتاجين إلى الضروريات التى سدّها غايس لينطلقوا فى خدمتهم المجانية بلا عائق.
ع8: الحق : استضافة الغرباء والإهتمام باحتياجات المبشرين من أجل الله.
يشجع الرسول ليس فقط غايس بل كل المؤمنين على الإهتمام بالخدام والمبشرين لأنهم يخدمون الله بلا مقابل فيلزم الاهتمام بتدبير احتياجاتهم.
(2) ديوتريفس المتكبر المقاوم للكنيسة (ع9-11) :
9كَتَبْتُ إِلَى الْكَنِيسَةِ، وَلَكِنَّ دِيُوتْرِيفِسَ، الَّذِى يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَّوَلَ بَيْنَهُمْ، لاَ يَقْبَلُنَا. 10مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، إِذَا جِئْتُ، فَسَأُذَكِّرُهُ بِأَعْمَالِهِ الَّتِى يَعْمَلُهَا، هَاذِرًا عَلَيْنَا بِأَقْوَالٍ خَبِيثَةٍ. وَإِذْ هُوَ غَيْرُ مُكْتَفٍ بِهَذِهِ، لاَ يَقْبَلُ الإِخْوَةَ، وَيَمْنَعُ أَيْضًا الَّذِينَ يُرِيدُونَ، وَيَطْرُدُهُمْ مِنَ الْكَنِيسَةِ. 11أَيُّهَا الْحَبِيبُ، لاَ تَتَمَثَّلْ بِالشَّرِّ بَلْ بِالْخَيْرِ، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ هُوَ مِنَ اللهِ، وَمَنْ يَصْنَعُ الشَّرَّ فَلَمْ يُبْصِرِ اللهَ.
ع9: يخبر غايس أنه كتب رسالة إلى الكنيسة التى غايس عضو فيها (هذه الرسالة غير موجودة بالكتاب المقدس، وقد تكون لحل مشكلة أو لتأكيد تعاليم سابقة ذُكِرَت فى الرسائل الأخرى وقد فُقِدَت هذه الرسالة)، وأوصى فى هذه الرسالة بأن يهتموا بالمبشرين الذين يزورونهم مع توصيات أخرى، ولكن ديوتريفس الذى كان خادمًا فى هذه الكنيسة مع غايس تكبَّر ورفض بكبريائه توصيات راعى الكنيسة وهو يوحنا وفى معارضته حاول السيطرة على الكنيسة بآرائه الخاصة.
ع10 : تمادى ديوتريفس فى شره، فاستهزأ بالقديس يوحنا وأدانه وتكلَّم بأقوال شريرة عليه ومنع إضافة المبشرين الذين أوصى ق. يوحنا بإكرامهم بل وطردهم من الكنيسة وحاول منع باق المؤمنين من إكرامهم معلنَّا تسلطه ورئاسته التى يحاول فرضها على الكنيسة من أجل كبريائه. وهنا يظهر حزم القديس يوحنا الذى كان ينوى زيارة هذه الكنيسة، فيعلن أنه أثناء زيارته سيعاتب ديوتريفس ويوبخه لمنع شره وإعثاره للآخرين.
? تميز القديس يوحنا بالمحبة ولكن عند الإحتياج كان حازمًا. فقدَّم محبتك للآخرين بالحنان أو بالحزم حسبما يوافق خلاص نفوسهم حتى لو كان هذا ضد طبعك. أطلب معونة الله ليعطيك أن تُعَبِّر عن محبتك بالحنان والتشجيع أو بالحزم والتوبيخ.
ع11 : يظهر سبب حزمه مع ديوتريفس وهو إيقاف شره وعدم إعثاره للآخرين، فيطلب من غايس ألا يتمثل به فى شره بل يستمر فى عمل الخير وإضافة الغرباء فهذا دليل بنوته لله صانع الخيرات، أما من يصنع الشر فهو يعلن بذلك بنوته لإبليس وانفصاله عن الله الذى لم يعُد يراه فى حياته.
(3) ديميتريوس الأمين والتقليد (ع12-15):
12دِيمِتْرِيُوسُ مَشْهُودٌ لَهُ مِنَ الْجَمِيعِ، وَمِنَ الْحَقِّ نَفْسِهِ، وَنَحْنُ أَيْضًا نَشْهَدُ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ شَهَادَتَنَا هِىَ صَادِقَةٌ. 13وَكَانَ لِى كَثِيرٌ لأَكْتُبَهُ، لَكِنَّنِى لَسْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ بِحِبْرٍ وَقَلَمٍ.
14وَلَكِنَّنِى أَرْجُو أَنْ أَرَاكَ عَنْ قَرِيبٍ فَنَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ. 15سَلاَمٌ لَكَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكَ الأَحِبَّاءُ. سَلِّمْ عَلَى الأَحِبَّاءِ بِأَسْمَائِهِمْ.
ع12: حتى يشجع غايس، يمتدح خادمًا أمينًا معه فى الكنيسة وهو ديميتريوس ويعلن أن الله يشهد لأمانته ببركة عمله فيه وفضائله الروحية. وكذا القديس يوحنا يشهد له بل وأكثر من هذا جميع الناس سواء المؤمنين أو غير المؤمنين يشهدون بمحبته وسلوكه الحسن.
? قدم محبتك للكل من أجل الله ودقِّق فى تصرفاتك فتكسب الكثيرين ويباركك الله بنعم أكثر.
ع13، 14: يكرر هنا ما قاله فى الرسالة الثانية وهو أن لديه تعاليم كثيرة ليس هناك مجال لكتابتها فى هذه الرسالة ولكن سيعلمها له ولباقى الخدام والمؤمنين عندما يقابلهم فى زيارته المقبلة لهم. وهذه التعاليم هى ما نسميها بالتقليد الكنسى أى التعاليم الرسولية الغير مُدَوَّنَة بالكتاب المقدس وسلَّمها الرسل لأبنائهم الأساقفة والكهنة على مدى الأجيال حتى الآن وتتمسك بها الكنيسة الآن بكل تدقيق.
ع15: يختم الرسالة بخلاصة عمل نعمة الله فى أولاده وهى السلام الذى يملأ الإنسان سعادة وفرح، فيرسله إلى غايس وكل المؤمنين الأحباء معه فى الكنيسة، ويرسل أيضًا سلام كل المؤمنين الذين مع القديس يوحنا إليهم، فالمحبة تربط المؤمنين فى الكنائس المختلفة فيرسلون السلام والتحية بعضهم لبعض.