تملك أستير وأمانة مردخاى
(1) البحث عن ملكة (ع1-4):
1- بعد هذه الأمور لما خمد غضب الملك احشويروش ذكر وشتي و ما عملته و ما حتم به عليها. 2- فقال غلمان الملك الذين يخدمونه ليطلب للملك فتيات عذارى حسنات المنظر.
3- وليوكل الملك وكلاء في كل بلاد مملكته ليجمعوا كل الفتيات العذارى الحسنات المنظر الى شوشن القصر الى بيت النساء إلى يد هيجاي خصي الملك و حارس النساء و ليعطين أدهان عطرهن. 4- و الفتاة التي تحسن في عيني الملك فلتملك مكان وشتي فحسن الكلام في عيني الملك فعمل هكذا.
ع1: حُتم : تقرر وقضى عليها به، أى عزلها.
إن كان الملك أحشويروش قد أقام وليمة بعد استقراره فى الملك، فى السنة السادسة من تملكه، فيبدو أنه أثناء الوليمة أخذ قراراً لمحاربة اليونان.
بعد انقضاء الوليمة استعد أحشويروش بجيش عظيم وأسطول ضخم وهاجم اليونان، ولكنه هزم وتدمر أسطوله، فعاد متضايقاً جداً وأصيب بخيبة أمل.
أثناء فترة محاربة اليونان وهزيمته أمامهم، نسى غضبه على وشتى التى رفضت طاعته والحضور أثناء الوليمة، بل على العكس تذكر حياته الأولى مع وشتى، التى يبدو أنه كان يحبها، كما يذكر يوسيفوس المؤرخ. ولعل أحشويروش ندم على استبعاده لوشتى وظهر ذلك فى كلامه مع خصيانه ورؤسائه المقربين إليه، إذ شعر أنه قد أخذ قراراً متسرعاً وهو تحت تأثير الخمر وأنها لم تخطئ، بل كان تصرفها حكيماً، ولكنه وجد صعوبة فى التراجع عن عزلها.
ع2، 3: شعر غلمان الملك، أى مشيريه وهم الرؤساء السبعة، الذين أشاروا عليه بعزل وشتى، أنه بدأ يميل إليها وقد يعيدها لمكانها كملكة، وبالطبع إن رجعت، ستغضب عليهم وتعمل على عزلهم، لذا قدموا إليه اقتراحاً لاختيار زوجة جديدة للملك لم يكن معتاداً فى المملكة الفارسية، إذ كان المعتاد أن يختار الملك زوجة له من بنات الرؤساء من تحسن فى عينيه.
كان اقتراح الغلمان هو جمع أجمل فتيات عذارى من كل أرجاء المملكة واختيار أفضلهن، وتسليمهن ليد هجاى خصى الملك المسئول عن بيت نساء الملك، حتى يعدهن بالأدهان المعروفة، ويختار منهن الملك زوجة له. وهذا الاقتراح سيضمن اختيار أفضل فتيات المملكة وأكثرهن جمالاً، وهذا يشبع شهوة أحشويروش، الذى تميز بمحبته للشهوات المادية. ويظهر أيضاً أن الرؤساء تنازلوا على أن تكون زوجة الملك إحدى بناتهن، وتركوا الأمر مفتوحاً لاختيار أجمل فتاة فى المملكة كلها، فليس لهم مصلحة شخصية فى الاقتراح، بل يريدون أفضل شئ للملك.
كل هذا كان بتدبير الله حتى يمكن اختيار أستير، التى ليس لها علاقة برؤساء المملكة، فتخلص شعبها فى الوقت الذى يتعرضون فيه للهلاك.
ع4: تدخل الله وحسن الاقتراح فى عينى الملك أحشويروش، فوافق عليه، وعندئذ خرج وكلاء من عنده فى كل أرجاء المملكة لاختيار أجمل الفتيات، حتى يأخذ منهن زوجة له.
إن العالم يخطط تخطيطات كثيرة لمصلحته، ولكن الله يستخدم كل هذا لخيرك، فينقذك من كل شر، ويحفظك فى أمان، وتتمتع بحبه ورعايته. فلا تضطرب مهما تقلب العالم المحيط بك. فقط كن متسمكاً بالله، الذى يرعاك ولايمكن أن يتركك أبداً.
(2) اختيار أستير ملكة (ع5-20):
5- كان في شوشن القصر رجل يهودي اسمه مردخاي ابن يائير بن شمعي بن قيس رجل يميني.
6- قد سبي من أورشليم مع السبي الذي سبي مع يكنيا ملك يهوذا الذي سباه نبوخذنصر ملك بابل. 7- و كان مربيا لهدسة اي استير بنت عمه لأنه لم يكن لها أب و لا أم و كانت الفتاة جميلة الصورة و حسنة المنظر و عند موت أبيها و أمها اتخذها مردخاي لنفسه ابنة. 8- فلما سمع كلام الملك و امره و جمعت فتيات كثيرات إلى شوشن القصر الى يد هيجاي اخذت أستير الى بيت الملك إلى يد هيجاي حارس النساء. 9- و حسنت الفتاة في عينيه و نالت نعمة بين يديه فبادر بأدهان عطرها وأنصبتها ليعطيها اياها مع السبع الفتيات المختارات لتعطى لها من بيت الملك و نقلها مع فتاياتها الى احسن مكان في بيت النساء. 10- و لم تخبر استير عن شعبها و جنسها لان مردخاي أوصاها أن لا تخبر. 11- و كان مردخاي يتمشى يوما فيوما امام دار بيت النساء ليستعلم عن سلامة أستير و عما يصنع بها.12- و لما بلغت نوبة فتاة ففتاة للدخول الى الملك أحشويروش بعد أن يكون لها حسب سنة النساء اثنا عشر شهرا لانه هكذا كانت تكمل ايام تعطرهن ستة اشهر بزيت المر و ستة اشهر بالأطياب و أدهان تعطر النساء. 13- و هكذا كانت كل فتاة تدخل الى الملك و كل ما قالت عنه اعطي لها للدخول معها من بيت النساء الى بيت الملك. 14- في المساء دخلت و في الصباح رجعت الى بيت النساء الثاني الى يد شعشغاز خصي الملك حارس السراري لم تعد تدخل إلى الملك الا إذا سر بها الملك و دعيت باسمها. 15- و لما بلغت نوبة أستير ابنة أبيحائل عم مردخاي الذي اتخذها لنفسه ابنة للدخول الى الملك لم تطلب شيئا الا ما قال عنه هيجاي خصي الملك حارس النساء و كانت استير تنال نعمة في عيني كل من رآها. 16- و أخذت أستير الى الملك أحشويروش الى بيت ملكه في الشهر العاشر هو شهر طيبيت في السنة السابعة لملكه. 17- فأحب الملك أستير أكثر من جميع النساء ووجدت نعمة و إحسانا قدامه أكثر من جميع العذارى فوضع تاج الملك على رأسها و ملكها مكان وشتي. 18- و عمل الملك وليمة عظيمة لجميع رؤسائه و عبيده وليمة أستير و عمل راحة للبلاد وأعطى عطايا حسب كرم الملك.19- و لما جمعت العذارى ثانية كان مردخاي جالسا بباب الملك. 20- و لم تكن استير اخبرت عن جنسها و شعبها كما اوصاها مردخاي و كانت أستير تعمل حسب قول مردخاي كما كانت في تربيتها عنده.
ع5، 6: يمينى : أى من سبط بنيامين؛ لأن بنيامين معناه ابن اليمين.
يخبرنا السفر هنا عن شخصية هامة ستلعب دوراً كبيراً فى هذا السفر وهى شخصية مردخاى، الذى سبق أن ذكرنا فى الأصحاح الأول أنه كان يشغل وظيفة كبيرة فى قصر الملك بعاصمته شوشن القصر، وهو بمثابة وزير.
مردخاى هذا يهودى من سبط بنيامين كان قد أتى مع السبى البابلى الذى سبى فيه الملك يكنيا (يهوياكين) ويسمى بالسبى العظيم، الذى قام به نبوخذنصر عام 597 ق.م
(2أى36: 10). وإن كان عمر مردخاى يتراوح ما بين سنة إلى خمس سنوات، أى أتى طفلاً مع والديه، فيكون عمره عام 486 ق.م – عندما تملك أحشويروش – قد تجاوز المئة عام ويكون تقريباً عمره مئة وسبعة عشر عاماً، أى كان شيخاً كبيراً. وكلمة مردخاى اسم فارسى دعاه به الملك غالباً، كما كانت العادة فى الدولة الفارسية، وهو مشتق من اسم الإله البابلى مرودخ.
تبين أحداث السفر تقوى مردخاى هذا، التى تظهر فى صلاته (ص4). وهناك رأى بأنه قد عاد مع زربابل إلى أورشليم عام 536 ق.م وهو المذكور فى (عز2: 2) وشارك فى بناء الهيكل، ثم عاد إلى شوشن القصر عندما توقف بناء الهيكل، إذ شعر أنه يستطيع أن يخدم شعبه بوظيفته ومركزه الكبيرين فى القصر الملكى.
عند ذكر نسب مردخاى فى (ع5)، ذكر بعض وليس كل أسماء أجداده، ليبين لنا أنه من سبط بنيامين، أى يهودى له نسب معروف، وهذا يبين تقواه واهتمامه بنسبه؛ لأن اليهود الأتقياء كانوا يهتمون بأنسابهم، إذ كانوا ينتظرون المسيا الذى من نسل داود. وعندما عاد اليهود من السبى بينوا أنسابهم ومن لم يبين نسبه لم يعتبر يهودياً.
ع7: هدسة : اسم عبرى معناه شجر الآس، أى نبات الريحان العطرى ذو الرائحة الجميلة.
أستير : اسم فارسى تسمت به اشتق من الإله الفارسى “استار” وغالباً الذى دعاها بهذا هو هجاى ومعنى الاسم كوكب.
ولدت أستير – التى كانت تدعى هدسة – فى السبى وغالباً فى مدينة شوشن القصر، ومات والداها وهى مازالت طفلة صغيرة، فاعتنى بها مردخاى ابن عمها ورباها كابنة له، وكان قد تجاوز المئة عام حين اتخذها ابنة. وهذا يبين أن قلب مردخاى مملوء بالرحمة، فأشفق على هذه الطفلة اليتيمة ورباها وكانت جميلة جداً، فنمت وهى تشعر أن ليس لها أب إلا مردخاى، فأحبته وأطاعته فى كل نصائحه لها. وهذا كان تدبيراً إلهياً، حتى أنها عندما تصير ملكة تدين بالعرفان والشكر لهذا الرجل الرحيم الحنون.
ع8: خرج وكلاء الملك فى كل بلاد المملكة للبحث عن الفتيات الجميلات، وخاصة فى عاصمة المملكة شوشن القصر. فجمعوا فتيات كثيرات وبينهن كانت أستير. وتم تقديمهن لهيجاى حارس النساء، وهى وظيفة كبيرة فى بيت النساء، فكان عليه أن يختار من بين الفتيات أجملهن وأفضلهن والعناية بهن؛ ليختار منهن الملك زوجة له.
ع9: فحص هيجاى ومعاونوه الفتيات اللاتى جمعن من أرجاء المملكة، فاختار من بينهن أفضل سبع فتيات، وكانت بينهن أستير. فوضع السبع فتيات فى مكان خاص للعناية الزائدة بهن. وأعطى لمعاونيه الأدهان اللازمة لكل واحدة ونالت أستير نصيبها من هذه الأدهان، التى ستتعطر وتعد بها، بالإضافة إلى أنصبتها من الطعام والشراب.
ع10: أطاعت أستير مردخاى مربيها فى عدم الإفصاح عن جنسها، إذ أن اليهود كانوا شعباً ذليلاً وأيضاً كانت أستير فارسية المولد، فأعلنت أنها فارسية ولم تعلن أصلها اليهودى؛ لئلا يحتقرها الملك ومعاونوه. وهذا يبين مدى طاعة أستير لمردخاى، ويبين أيضاً حكمة مردخاى.
ويقول التقليد اليهودى أن أحشويروش سألها عن أصلها وجنسها – عندما أراد تمليكها – ولكنها بلباقة ونعمة من الله استطاعت أن تشغله عن سؤاله بأسئلتها عن وشتى الملكة السابقة، فنسى أحشويروش سؤاله وهو منبهر بجمالها وحديثها العذب وصوتها الجميل.
ع11: بعد دخول أستير إلى بيت النساء، الذى لم يكن مسموحاً للعاملين بالقصر الملكى أن يدخلوه، ظلت مشاعر أبوة مردخاى نحو أستير. فكان يتمشى قريباً من بيت النساء، ويسأل عن أخبار أستير من البوابين والحراس، ليطمئن عليها دون أن يشعر أحد بانتسابها إليه. كل هذا يظهر مدى أمانة مردخاى فى رعاية أستير وإخلاصه ومحبته، فهو يرمز للمسيح الراعى الصالح الذى يهتم بخرافه.
ع12: كانت فترة إعداد الفتيات اللاتى يتم إعدادهن لاختيار ملكة منهن فترة طويلة، تمتد لإثنى عشر شهراً. الستة أشهر الأولى منها، تعطر الفتاة بزيت المر، وذلك لعلاج كل مشاكل البشرة، وحتى يكتسب الجلد طراوة ونعومة ورائحة ذكية. أما الستة أشهر التالية فكان يتم إعدادهن بالأطياب والأدهان ذوات الرائحة الذكية التى تدوم لمدة طويلة وتثبت فى الجلد؛ حتى يكمل جمالهن ورائحتهن الذكية.
فى نفس هذه الفترة كن يتعلمن اللغات الأساسية المتداولة فى المملكة الفارسية، بالإضافة إلى قوانين وشرائع المملكة، وبروتوكول التعامل مع الملك ومعاونيه، وكل من ستتعامل معهم الملكة. وكانت أستير متميزة فى هذا الإعداد كله، فأضافت إلى جمال الصورة الذكاء والحكمة مما زاد إعجاب هيجاى وكل مساعديه بها.
ع13: عندما كانت تأتى نوبة دخول أية فتاة للملك، كان يعطى كل ما تطلبه إضافياً، سواء من العطور، أو الزينة؛ لتظهر بأبهى جمال أمام الملك.
ع14: كانت الفتاة تقضى ليلة مع الملك، فيضاجعها وتصير إحدى سراريه، أى إحدى جواريه التى تزوجها، ثم بعد هذا تعود إلى بيت السرارى تحت يد شعشغاز خصى الملك المسئول عن بيت السرارى، ولا تقابل الملك ثانية، إلا إذا طلبها بالإسم ولا تصير زوجة لآخر؛ لأنها أصبحت سرية للملك. هذه كانت عادة ملوك فارس.
ع15: فى فترة إعداد الفتيات تألقت أستير بجمالها وحكمتها؛ حتى أعجب بها كل من قابلها، أو اشترك فى إعدادها. ثم جاءت نوبة دخولها إلى الملك، فلم تطلب أية إضافة من هيجاى واتكلت على الله، الذى كان بالطبع تصلى له – كما علمها مردخاى منذ طفولتها – فزادها الله جمالاً وحكمة من عنده شعر بها الجميع.
اتكل على الله فى كل أمور حياتك وثق أنه قادر أن يبارك فيما عندك ويمتعك به ويعطيك نعمة فى أعين من حولك، فيشعروا بمهابة وبركة فيك لا يعرفون سببها وسموها؛ لأنها من الله.
ع16، 17: طيبيت : هو الشهر العاشر فى السنة العبرية، ويقابل شهرى ديسمبر ويناير من السنة الميلادية الحالية.
دخلت أستير على الملك فى الشهر العاشر من السنة السابعة لملك أحشويروش. وعندما جالسها الملك انبهر بجمالها وحكمتها اللذين فاقا بكثير جداً جمال وحكمة كل من رآهن من الفتيات. فقرر تتويجها ملكة فارس، فصارت ملكة من هذه الساعة. وألبسها تاج الملك، بعد أن ظلت المملكة بدون ملكة لمدة أربع سنوات؛ إذ أن وشتى عزلت فى السنة الثالثة لملك أحشويروش (ص1: 36(19)).
من المتوقع أن أستير تكون قد صلت كثيراً قبل أن تدخل إلى الملك، كما تعلمت من مردخاى، فدخلت إليه باتضاع ولطف زادها جمالاً، إذ كانت تشعر أنها تؤدى واجباً أرشدها إليه معلمها ومربيها مردخاى. وتكلمت بأمانة ومحبة مع الملك مع حكمة وقوة انصهرت مع اتضاعها الشديد فصارت عظيمة جداً وجذابة أمام أحشويروش. فاستسلم لنعمة الله التى فيها وشعر أنها أفضل فتاة تصلح أن تكون ملكة.
ويظهر تدبير الله هنا فى اختيار عدد كبير من الفتيات؛ ليظهر تألق أستير بينهن ويتعلق قلب الملك بها، حتى أنه فى الوقت المحدد يتأثر بكلامها وينقذ الله بها شعبه، كما سنرى فى (ص5).
والشهر العاشر التى دخلت فيه أستير للملك يرمز لإكمالها الوصايا العشر، أى تمسكها بوصايا الله. والسنة السابعة هى التى استراح الله فيها من خلقة العالم. وهكذا استراح الملك لأستير واختارها ملكة، ويستريح الله لحافظى وصاياه، فيعطيهم ملكاً أبدياً فى السموات.
ع18: احتفالاً بتتويج أستير ملكة، عمل أحشويروش وليمة للعرس دعى فيها رؤساء مملكته، وغالباً حضرت أستير هذه الوليمة؛ لأنه يود تتويجها ملكة. وأعطى الملك راحة للبلاد بإجازة من الأعمال والوظائف المختلفة، وقد يكون صاحب هذا الإفراج عن بعض المسجونين، ورفع بعض الضرائب، كما أعطى الملك هدايا وعطايا للشعب وللعاملين بقصره بسخاء، حسب كرم الملك.
ع19: بعد تتويج أستير، جمعت جميع الفتيات زميلاتها اللاتى تم إعدادهن، وأقمن ببيت السرارى. وقد يكون جمعهن تم فى وليمة للاحتفال بهن أيضاً كسرارى، كجزء من كرم الملك.
أما مردخاى فعاد للالتزام بمكان وظيفته، وهو حراسة باب الملك وكل ما يؤدى إلى مخدع ومجلس الملك، بعد أن اطمأن على تتويج أستير.
ع20: ظلت أستير بعد تتويجها ملكة تعيش كزوجة مؤمنة بالله – كما علمها مردخاى – فتصلى، وتهتم بالاغتسال والتطهير كشريعة موسى. ولم تتأثر بعادات الفرس وعبادتهم للآلهة الوثنية. فكانت تمارس حياتها الروحية فى مخدعها بهدوء وتشكر الله الذى أوصلها إلى هذا المكان العظيم، معلنة خضوعها لجميع وصاياه.
وكانت أستير حريصة وملتزمة بطاعتها لمردخاى فى عدم الإفصاح عن جنسها اليهودى، كما أوصاها مردخاى.
(3) مردخاى يكشف المؤامرة (ع21-23):
21- في تلك الأيام بينما كان مردخاي جالسا في باب الملك غضب بغثان و ترش خصيا الملك حارسا الباب و طلبا ان يمدا أيديهما الى الملك أحشويروش. 22- فعلم الأمر عند مردخاي فأخبر استير الملكة فأخبرت أستير الملك بإسم مردخاي. 23- ففحص عن الأمر و وجد فصلبا كلاهما على خشبة و كتب ذلك في سفر اخبار الأيام أمام الملك
ع21: كان مردخاى أميناً فى عمله، كحارس للأبواب، يراقب كل ما يحدث بين الحراس فاكتشف مؤامرة قام بها اثنان من خصيان الملك، يعملان فى حراسة أبواب الملك. إذ غضبا على الملك وأداناه ودبرا مؤامرة ليقتله. وغالباً كان هذا بتشجيع من هامان، الذى كان بمثابة رئيس وزراء فى القصر الملكى، أى الرجل الأول بعد الملك، مما شجعهما على مؤامرتهما، استناداً على أن هامان سيحميهما.
طبعاً كانت هذه خيانة عظيمة من هذين الخصيين، فبدلاً من أن يحرسا الملك أرادا قتله. وقد سبق ذكر هذه المؤامرة بالتفصيل فى (ص1: 12-17) وتذكر هنا تفاصيل أخرى لهذه المؤامرة.
ع22: عندما اكتشف مردخاى هذه المؤامرة دفعه إخلاصه وأمانته فى عمله كحارس الملك أن يبلغ الملك ليحترس لحياته. وحتى يصل الخبر بسرعة للملك وبطريقة سرية لا يشعر بها هذان الخصيان ولا من يحيط بهم من الحراس، أبلغ مردخاى عن طريق أحد الخصيان العاملين فى بيت النساء، وهو بدوره أبلغ أستير الملكة، التى بدورها أوصلت الخبر إلى الملك بأن مردخاى يحذره من المؤامرة المدبرة ضده.
ع23: أمر أحشويروش بفحص الأمر فوراً عن طريق حرسه الخاص المخلصين له. فتحقق من وجود هذه المؤامرة، فتم القبض على الخصيين. وكما يخبرنا الأصحاح الأول بأنهما وضعا تحت التعذيب؛ حتى اعترفها بجريمتهما وحينئذ أمر الملك بإهلاكهما بصلب كل واحد على خشبة. وهى ميتة صعبة يقتل بها أشر المجرمين. ويخبرنا الأصحاح الأول أيضاً بغضب هامان على مردخاى عندما علم أنه هو الذى اكتشف المؤامرة، وهذا يؤكد أن هامان كان بشكل مستتر وراء هذه المؤامرة.
إن اكتشفاف المؤامرة يظهر قوة ملاحظة مردخاى ودقته وحكمته فى المحافظة على حياة الملك، بالإضافة إلى شجاعته ومخاطرته بحياته لإنقاذ الملك، رغماً عن أنف هامان. إن كان مردخاى قد أسرع فى توصيل الخبر للملك لإنقاذ حياته وبطريقة حكيمة، فكن أنت أيضاً مسرعاً فى عمل الخير ومساندة كل من يحتاج، فتقدم محبة لله الذى قدم حياته لأجلك على الصليب.
