أيوب يشهد بكماله
مقدمة :
فى حوار أيوب الأخير المذكور فى (ص26- 31) اكتشفنا تفاصيل كثيرة عن فضائل أيوب، خاصة فى (ص29، 31). وهى متعددة الجوانب وتشمل نقاوة القلب ونقاوة السلوك؛ حتى ظهر فى النهاية كماله.
(1) طهارة أيوب (ع 1-12)
1- عهدا قطعت لعيني فكيف أتطلع في عذراء. 2- و ما هي قسمة الله من فوق و نصيب القدير من الأعالي. 3- أليس البوار لعامل الشر و النكر لفاعلي الإثم. 4- أليس هو ينظر طرقي ويحصي جميع خطواتي. 5- أن كنت قد سلكت مع الكذب أو أسرعت رجلي إلى الغش. 6- ليزني في ميزان الحق فيعرف الله كمالي. 7- إن حادت خطواتي عن الطريق و ذهب قلبي وراء عيني أو لصق عيب بكفي. 8- ازرع و غيري يأكل و فروعي تستأصل. 9- إن غوي قلبي على امرأة أو كمنت على باب قريبي. 10- فلتطحن امرأتي لآخر و لينحن عليها آخرون. 11- لان هذه رذيلة و هي إثم يعرض للقضاة. 12- لأنها نار تأكل حتى إلى الهلاك و تستأصل كل محصولي.
ع1 : الفضيلة الأولى التى تُظهر طهارة أيوب هى عهد قطعه مع الله ألا ينظر نظرة شريرة إلى أية فتاة. ويظهر هنا تدقيق أيوب، الذى عاش بروح العهد الجديد حين أعلن المسيح فى عظته على الجبل” أن من نظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه”(مت5: 28)
والعهد الذى قطعه أيوب يبين ما يلى:
- أهمية الوعود والعهود الروحية، التى تساعد الإنسان فى جهاده الروحى.
- التزام أيوب بالتداريب الروحية. 3- أمانته نحو زوجته.
4- طهارة حواس أيوب. 5- احترام أيوب للآخرين.
ع 2، 3: البوار: الفساد والخراب
النكر: عاقبة شنيعة، أو كارثة ناتجة من فعل شنيع يرفضه الله بشدة. فالنُكر هو الأمر المنكر، أى ما يستنكره الله.
وضع أيوب أمام عينيه مخافة الله، الذى يرفض الشر، فقال ما هو قسمة، أو نصيب الأشرار عند الله القدير إلا الخراب وتوقع الكوارث، مثلما حدث مع أهل سدوم لكثرة شرهم
(تك19: 24)، فالله يطيل أناته على الأشرار ليتوبوا، ولكن يؤدبهم ويعاقبهم على الأرض؛ لعلهم يرجعون إليه، فيقبلهم فى الحياة الأخرى. وبالطبع مخافة الله جعلت أيوب يبتعد عن كل خطية.
ع4: يؤكد أيوب أهمية مخافة الله، الذى يشعر بحضوره دائماً، فيعلن أن الله يراقب تصرفاته وتصرفات جميع البشر، بل يحصى كل خطوة، أو عمل يعمله الإنسان ليجازيه عليه خيراً كان أم شراً. لذا فالإنسان الحكيم – مثل أيوب – يبتعد عن الشر ويلتزم بالخير؛ لينال رضى الله.
ع5، 6: ينفى أيوب عن نفسه أن يكون قد سقط فى خطية الكذب؛ لأنها تغضب الله وتخدع الأخرين وتجعل صاحبها معوجاً فقد سلك أيوب بالصدق طوال حياته، ويطلب من الله أن يضعه فى ميزان الحق ويفحصه، ليرى صدقه وطهارة لسانه، فيعرف الله كماله؛ أى يشهد بكماله، فهذا يبين مدى ثقة أيوب فى أمانته وصدقه.
ع7، 8: ينفى أيضاً أيوب عن نفسه أنه انحرف عن طريق الله، أو اشتهت عينه أى شر، وتحرك قلبه ومشاعره وراء هذا الشر، أو تصرف وقام بأى عمل شرير؛ لأن الكف يرمز للأعمال.
فنلاحظ هنا أن أيوب يحاسب نفسه بتدقيق على مستوى عالى، هو مستوى العهد الجديد، فهو يحاسب عينيه ومشاعره وليس فقط أعماله الظاهرة.
وفى ثقة يقول إن كنت قد أخطأت فى أى شئ مما سبق، فأنا أستحق أن أحرم ثمار تعبى وأخسر فروعى، أى إمكانياتى.
وبالفعل فإن أيوب لم يحرم من ممتلكاته وأبنائه بسبب شروره، ولكن الله حفظ له كل الخيرات، ثم بعد هذا جربه ليمتحن إيمانه، وعندما صبر وثبت فى الإيمان وصار أكثر نقاوة، إذ تخلص من بعض البر الذاتى الذى حاربه، كافأه الله ببركات مضاعفة، تظهر واضحة فى الأصحاح الأخير من هذا السفر.
ع 9، 10: يرفض أيوب بشدة خطية الزنا، ويقول إن كنت يوماً قد اشتهيت إمرأة قريبى، – ويقصد أيه إمرأة متزوجة من المحيطين به – أو كنت على باب قريبى، أى اختبأت ودبرت وسيلة للزنا مع إمرأة قريبى. فيقصد هنا أنه إن كان قد اشتهى، أو دبر طريقاً للزنا، ولم يقل إن كنت قد زنيت، فمجرد الشهوة، أو نية الخطأ يعتبرها أيوب خطأ فظيعاً يستحق العقاب. فأيوب هنا أيضاً يحاسب نفسه على مستوى العهد الجديد، الذى يحاسب أيضاً على النية والفكرة والنظرة.
يعلن أيوب بثقة أنه إن كان قد فعل شراً مما سبق، فهو يستحق أن تطحن امرأته لآخر، أى تصير جارية يمتلكها غيره، وتعمل أعمالاً لصالحه ويعمل بها ما بدا له، ويضطجع معها آخرون، أى يزنوا معها. فهذا تأكيد أنه لم يزنِ، أو سار ولو خطوات قليلة فى هذا الطريق.
ع11، 12: يقرر أيوب أن خطية الزنا رذيلة واثم يستحق أن يعرض للقضاة وينال فاعله عقاباً شديداً ( لا 20: 10) مع مراعاة أن أيوب سبق نزول الشريعة بسنين كثيرة، لكنه يتكلم بصوت الله الذى فى داخله، أى الضمير.
ويضيف أيوب أن خطية الزنا تشبه ناراً تأكل حتى تفنى صاحبها، إذ تحرق روحه وتعذبه، ثم فى الحياة الأخرى تنتظره النار التى لا تطفأ، أى العذاب الأبدى؛ لأنها تثير غضب الله بشدة، كما أحرق الله سدوم وعمورة بسبب زناهم.
كذلك خطية الزنا تجعل الإنسان يخسر خيراته المادية، فهى تستأصل كل محصوله، والله يسمح بهذا تأديباً له لعله يتوب.
ليتك تهتم بمحاسبة نفسك لتتوب عن خطاياك، حتى لو لم تكن الخطية قد خرجت وظهرت للناس، فحتى لو كانت فى الفكر، أو القلب ليتك تستأصلها سريعاً بالتوبة؛ لتتخلص منها ولا تتمادى فتظهر فى أفعالك.
(2) عمله الخير مخافة لله (13 – 23):
13- إن كنت رفضت حق عبدي و أمتي في دعواهما علي. 14- فماذا كنت اصنع حين يقوم الله و إذا افتقد فبماذا أجيبه. 15- أوليس صانعي في البطن صانعه و قد صورنا واحد في الرحم.
16- إن كنت منعت المساكين عن مرادهم أو أفنيت عيني الأرملة. 17- أو أكلت لقمتي وحدي فما أكل منها اليتيم. 18- بل منذ صباي كبر عندي كاب و من بطن أمي هديتها. 19- إن كنت رأيت هالكا لعدم اللبس أو فقيرا بلا كسوة. 20- إن لم تباركني حقواه و قد أستدفا بجزة غنمي. 21- إن كنت قد هززت يدي على اليتيم لما رأيت عوني في الباب. 22- فلتسقط عضدي من كتفي و لتنكسر ذراعي من قصبتها. 23- لان البوار من الله رعب علي و من جلاله لم استطع.
ع 13- 15 : أمتى : جاريتى
كان أيوب يعامل عبيده وجواريه بالعدل، ولا يحرمهم من حقوقهم، بل أكثر من هذا إن كان لهم شكوى ضده، كان يحترمها ويفحصها؛ ليعطى كل شخص حقه؛ لأنه كان يتذكر دائماً أنه سيقف أمام الله الديان، الذى سيحاسبه عن كل أعماله. فلكيما يخلص فى يوم الدينونة ينبغى أن يكون عادلاً فى حياته، خاصة مع الضعفاء مثل العبيد. من هذا يتضح اهتمام ايوب بمخافة الله، التى يضعها أمام عينيه دائماً.
كذلك يشعر أيوب بالمساواة بينه وبين عبيده، فهم جميعاً بشر خلقهم الله، فينبغى أن يعاملهم بالعدل ولا يسئ إليهم، وهذه النظرة ناضجة روحياً، كأنه يحيا فى تعاليم المسيح فى العهد الجديد، بأن ليس عند الله فرق بين العبد والحر( غل3: 28).
ويظهر أيضاً اتضاع أيوب أن يعتبر نفسه مثل عبيده، رغم أنه يمتلكهم ومن حقه أن يتصرف فيهم كأحد ممتلكاته، ولكن أيوب باتضاعه اعتبر نفسه وعبيده فى مقام واحد، وأعطاهم حق الشكوى منه.
ع16، 18: مرادهم: رغبتهم
يظهر حنان أيوب ورحمته، ليس فقط فى إنصاف الضعفاء مثل العبيد، بل أيضاً كان يهتم بتلبية رغبات المساكين، مثل الفقراء وكل المحتاجين.
وهولاء الضعفاء كانوا يخجلون أن يطلبوا منه، فمثلاً لو نظرت إليه أرملة يفهم من نظرة عينيها احتياجها. فيسرع لمساعدتها حتى دون أن تطلب بشفتيها، فهو رقيق المشاعر جداً.
وكان أيوب يهتم بطعام اليتامى، الذين ليس لهم احتياجاتهم الضرورية، فلا يأكل دون أن يطمئن على إطعامهم، بل كان يأكل معهم؛ ليشعرهم بمحبته ومشاركته لهم فى حياتهم.
لقد تعود أيوب عمل الرحمة منذ صغره وكان يهتم باليتامى، وكان يهتم بهم من طفولتهم؛ حتى شيخوختهم، فكان يعتنى بهم كأب فى رعاية لكل احتياجاتهم. ومن جهة الأرامل كان يساعدهن ويرشدهن.
ع19- 22: حقواه: خصره، أى وسطه ( حيث يلبس الحزام) وما أسفله..
جزة غنمى: صوف غنمى.
عضدى: الجزء الأعلى من الذراع بين الكتف والمرفق ( الكوع ).
قصبتها: عظام الذراع.
هززت يدى: ظلمت.
يؤكد أيوب اهتمامه بعمل الرحمة وإحساسه بالمحتاجين، فلم يهمل أى فقير عريان إلا واهتم بكسائه خاصة فى فصل الشتاء ، فقدم له ثوباً من الصوف يدفئه.
وكان أيوب يهتم بحقوق الأيتام، فلا يظلم أحداً منهم، فإن جلس بين القضاة عند باب المدينة وأراد القضاة مجاملته ومعاونته بإصدار أى حكم فى صالحه دون وجه حق، فكان يرفض ويصر على إعطاء الحق لصاحبه.
ولثقة أيوب فى التزامه بعمل الرحمة والحنان على الآخرين والعدل فى كل أحكامه يقول، أنه إن لم يفعل هذا فلتسقط عضده من كتفه، أى تصاب بالشلل، وينكسر ذراعه من قصبته، أى ينخلع ذراعه من مكانه ويفقد قدرته على الحركة. والمعنى الرمزى أنه إن لم يفعل أيوب الرحمة والعدل، فلتعجز يديه عن كل عمل. ويعتبر أيوب نفسه عضواً فى جسد البشرية، فإن ترك مساعدة إخوته المحتاجين فقد انفصل بهذا عن باقى المجتمع المحيط به، كما ينفصل الذراع عن الكتف.
ع23: البوار: الخراب والفساد
جلاله: عظمته
إن التزام أيوب بعمل الخير كان بسبب إحساسه بحضرة الله معه، فكان يشعر بعظمة الله أمامه، ويخاف أن يخطئ لئلا يصبه الخراب، فهو يتقى الله فى كل أعماله.
? إن عمل الخير هو دليل بنوتك لله ومخافتك له، فأنت تشعر بالمحتاجين؛ لأنهم إخوتك. إحرص على مساعدة كل من يطلب منك ما دام فى يدك أن تساعده.
(2) إيمان أيوب بالله ( ع24- 28)
24- إن كنت قد جعلت الذهب عمدتي أو قلت للإبريز أنت متكلي. 25- إن كنت قد فرحت إذ كثرت ثروتي و لان يدي وجدت كثيرا. 26- إن كنت قد نظرت إلى النور حين ضاء أو إلى القمر يسير بالبهاء. 27- و غوي قلبي سرا و لثم يدي فمي. 28- فهذا أيضا إثم يعرض للقضاة لأني أكون قد جحدت الله من فوق.
ع 24، 25 : الإبريز: الذهب الخالص
يستنكر أيوب على نفسه أن يكون اتكل على ممتلكاته من الذهب والإبريز، أو يكون سبب سعادته وفرحه هو كثرة أمواله، وما يستطيع أن يحصل عليه من ممتلكات؛ لأن اتكاله هو على الله مصدر حياته وقوته. بل كان يستخدم المال لعمل الخير وإرضاء الله.
وقد وصل أيوب لهذا الإيمان القوى والتخلى عن الماديات ليس بقرار، أو وليد لحظة، بل بتداريب كثيرة، فنما إيمانه وازداد تجرده، فرغم كثرة ممتلكاته لم يتعلق قلبه بها. وهذا بالطبع ساعده فى قبول التجربة واحتماله؛ لأنه كان قد تدرب على الترك والتجرد طوال حياته.
ع 26 ،27: ضاء : أضاء
لثم: قبل
يعلن أيوب رفضه عبادة الأوثان ومن أقدم هذه العبادات عبادة الأجرام السماوية، مثل الشمس والقمر والنجوم. فيقول أنه لم يعبد الشمس حين أشرقت وأضاءت المسكونة. وكذلك لم يعبد القمر، حينما ظهر بجماله وبهائه فى السماء. بل كان ينظر إليها كمخلوقات منيرة تمجد الله خالقها. فهو يعبد الله خالق ورب كل المخلوقات.
ويؤكد أيوب أنه لم تخطر على باله فكرة عبادة الأوثان، ولم يستطع الشيطان أن يغويه فى السر، أو العلن، ولم يعبر عن خضوعه لهذه العبادات الوثنية لتقبيل يديه. إذ كان المعتاد تقبيل الصنم(امل 19: 18) وفى حالة الأجرام السماوية التى لا يصل إليها أحد يخضعون لها بتقبيل أياديهم.
ع28: أخيراً يقرر أيوب أنه لم ينكر الله ويتعلق قلبه بالمال، أو عبادة الأوثان، بل تعلق قلبه فقط برب الخليقة كلها، أى الله الذى عبده وحده؛ لأن من يفعل هذا يعرض نفسه للعدل والقضاء الإلهى.
? إن كنت تؤمن بالله فلا ينزعج قلبك بأى مكسب أو خسارة. أثبت فى صلواتك وقراءاتك كل يوم، فتحيا مع الله فى كل خطواتك.
(4) محبة أيوب للجميع ( ع29- 40)
29- إن كنت قد فرحت ببلية مبغضي أو شمت حين أصابه سوء. 30- بل لم ادع حنكي يخطئ في طلب نفسه بلعنة. 31- إن كان أهل خيمتي لم يقولوا من يأتي بأحد لم يشبع من طعامه.
32- غريب لم يبت في الخارج فتحت للمسافر أبوابي. 33- إن كنت قد كتمت كالناس ذنبي لإخفاء إثمي في حضني. 34- إذ رهبت جمهورا غفيرا و روعتني إهانة العشائر فكففت و لم اخرج من الباب. 35- من لي بمن يسمعني هوذا إمضائي ليجبني القدير و من لي بشكوى كتبها خصمي.
36- فكنت احملها على كتفي كنت اعصبها تاجا لي. 37- كنت اخبره بعدد خطواتي و أدنو منه كشريف. 38- إن كانت ارضي قد صرخت علي و تباكت اتلامها جميعا. 39- إن كنت قد أكلت غلتها بلا فضة أو أطفأت انفس أصحابها. 40- فعوض الحنطة لينبت شوك و بدل الشعير زوان تمت أقوال أيوب.
ع29، 30: حنكى: فمى
تظهر محبة أيوب لجميع الناس أنه كان يحب حتى من يبغضه. وإن حلت بعدوه تجربة لا يشمت به وكان قلبه ولسانه متعففاً عن كل شئ نحو مبغضيه، فلا يقول كلمة ردية، أو لعنة على من يكرهه. فأيوب يعيش بمستوى العهد الجديد، إذ يحتفظ بسلامه ويحتمل بغضة الآخرين ويحبهم، وهو بهذا يسمو على مستوى الناموس الذى يقول ” تحب قريبك وتبغض عدوك ” (مت 5: 43).
ع 31: تظهر أيضاً فضيلة إطعام الجائعين التى تميز أيوب، ويشهد بها كل من سكنوا معه فى بيته، سواء أقربائه، أو عبيده، فكان لا يرد إنساناً جائعاً، بل يهتم أيضاً بإشباعه وليس فقط إطعامه، أى أنه كان سخياً فى إشباعه لكل محتاج.
ع32: الفضيلة الثالثة التى تحلى بها أيوب نحو جميع الناس أنه اهتم بإضافة الغرباء والمسافرين، الذين يمرون على مدينته، فهو يحب ويكرم كل من يمر به، حتى لو لم يكن يعرفه، مثلما أضاف ابراهيم الله والملاكين ( تك 18) وكما يوصينا معلمنا بولس الرسول بإضافة الغرباء ( عب 13: 2).
ع33، 34: الفضيلة الرابعة التى ظهرت فى أيوب فى معاملته مع كل من حوله أنه كان يعترف بخطأه إن أخطأ فى حق أى أحد. وهذا دليل على:-
- إتضاعه.
- عدم الرياء فهو يظهر ما فى باطنه، وهذا عكس ما اتهمه به صوفر (ص 20: 12)
- شجاعته حتى لو كان أمام جمهور كبير، أو عشيرة ضخمة.
- احتماله الإهانة من أجل إعلان الحق.
فأيوب كان قوياً يعلن خطأه ويخرج من بيته ويعلن الحق أمام الجميع ولا يكف عن الكلام خشية من أحد ومحتملاً أى متاعب.
ع35- 37: أعصبها تاجاً: يضع الورقة المكتوب عليها براءته داخل قطعة قماش ويلفها من أمام جبهته وحول رأسه فتصير كأنها تاج.
بكل شجاعة وثقة يقدم أيوب دعواه التى ذكرها فى الآيات السابقة من هذا الأصحاح، ويوقع عليها بإمضائه. وينادى : “من يسمعنى فإنى أريد من الله أن يسمعنى ويجيب علىًّ إن كان فىّ أى شر”. وهذا الكلام يعنى أحد آمرين:-
- إما ثقة أيوب فى سلوكه بالبر ويرد على الظلم الذى ظلمه به أصدقاؤه.
- أو مغالاة من أيوب فى إثبات بره، فيعتبر هذا كبرياء وبر ذاتى.
وينادى أيوب أى إنسان يريد أن يقدم شكوى ضده، فهو يقبل أى شكوى حقيقية. ورد فعله لها أحد أمرين:-
- إن كان قد أخطأ أيوب فى شئ فهو مستعد أن يحمل هذه الشكوى على كتفه، أى يتحمل عقاب خطأه.
- وإن كانت الشكوى باطلة وظهرت براءته، فهو يضع هذه البراءة على جبهته داخل عصابة ويلبسها كتاج.
إن أيوب مستعد أن يفحصه أى إنسان له شكوى عليه، ومستعد أن يقدم له تقريراً عن كل خطوة قام به فى حياته، إذ أن أيوب يثق أنه رجل شريف وبار فى كل حياته.
ع38 –40: أتلامها: الخطوط التى يصنعها المحراث فى الأرض، ويضع الفلاح فيها البذور.
الحنطة: القمح
الزوان: النباتات الغريبة
فى الختام يعلن أيوب براءته من أى شر، فيقول إن أرضه إن وجدت فيه شراً ستصرخ عليه أتلامها على خطاياه؛ لأنه اقتناها بالظلم واغتصبها من غيره.
ويقول أيوب أنه إن كان لم يشترِ هذه الأرض بفضته، أو إذا كان قد قتل أصحاب الأرض واغتصبها، كما فعلت إيزابل بنابوت اليزرعيلى (امل21) فإن هذه الأرض بدلاً من أن تنتج لأيوب قمحاً وشعيراً، تعطيه أشواكاً وزواناً.
بهذا أنهى أيوب كلامه ودفاعه عن نفسه أمام أصدقائه، ولن يتكلم بعد ذلك إلا عندما يعترف بخطأه أمام الله فى الأصحاح الأخير من هذا السفر.
? إن الله هو خالق كل البشر وتستطيع أن تراه فى وجوههم حتى لو كانوا يسئيون إليك. وتقدر أن تكرم الله بإظهار محبتك لكل من حولك، فتفرح قلب الله وتكسب نفوساً كثيرة.